لبنان
تخوف أميركي من قوة حزب الله
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على التحرك الأميركي والفرنسي باتجاه لبنان ومطالبته بتغيير سياسة الحكومة من أجل تقديم دعم مالي وسياسي له.
"الأخبار": بومبيو يرد على نصرالله محدّداً مواصفات «حكومته» اللبنانية
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أن بين تصريح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو وزيارة قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي لبيروت، عاشت السياسة اللبنانية على وقع تحليل الخطاب والزيارة. أميركا لا تريد أن تخسر لبنان لصالح حزب الله، لكنها في الوقت عينه تريد أن تكون لها «حكومتها» في بيروت. حكومة سبق أن حددت مواصفاتها السفيرة دوروثي شيا، قبل أن يعلن بومبيو أمس رغبته في «دعم اللبنانيين لتأليف حكومة ناجحة»!
أزمة الكهرباء لم تنته بعد. وعدُ وزير الطاقة بتحسن التغذية بدءاً من وصول باخرة الفيول الأولى لم يتحقق. مراكز رسمية ووزارية كانت أمس عاجزة عن أداء مهامها بسبب انقطاع الكهرباء. صارت الساعة مربوطة على توقيت بواخر الفيول التي تتأخر أو تعرقل وصولها إجراءات خارجية وداخلية.
العتمة التي سيطرت على لبنان يوماً إضافياً، لم تحجب أمس التحركات الأميركية ربطاً بالملف اللبناني. أمس بدا الأميركيون غير بعيدين عن مضمون التحذير الذي وجّهه لهم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه أول من أمس. نصر الله كان توجه إلى واشنطن بالقول: «سياستكم بخنق لبنان ستقوّي حزب الله وتضعف حلفاءكم ونفوذكم، ولن يجد الناس أمامهم ملاذاً إلا المقاومة وحلفائها». والإدارة الأميركية لم تتأخر بالرد. وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ركّز على الفصل بين مواجهة الحزب وإبداء الاستعداد لمساعدة لبنان. فقال: «الولايات المتحدة ستساعد لبنان على الخروج من أزمته طالما أنه لا يتحول لبنان إلى دولة وكيلة لإيران». قال أيضاً إن الدعم سيستمر طالما أن لبنان ينفّذ الإصلاحات وأن حزب الله لا يسيطر على الحكم. في الوقت عينه، وفي إشارة تكشف مرة جديدة العوائق التي تضعها الولايات المتحدة الأميركية أمام خروج لبنان من أزمته، أعلن بومبيو أن بلاده ستمنع إيران من تصدير النفط إلى لبنان. وغلّف وزير الخارجية الأميركي موقفه هذا بالعقوبات على الجمهورية الإسلامية، علماً بأن حلفاء واشنطن يشترون المحروقات من إيران، وعلى رأسهم تركيا، العضو في حلف شمال الاطلسي، والتي تربطها بالولايات المتحدة علاقات قوية.
موقف آخر لا يقل خطورة أطلقه بومبيو أيضاً، أكّد فيه ما قالته السفيرة دوروثي شيا قبل أسبوعين، يوم أعلنت ما يشبه «الفرمان» القاضي بإسقاط الحكومة الحالية. فبعد أن حدّدت شيا مواصفات الحكومة التي تفضّلها بلادها لحكم لبنان (حكومة اختصاصيين)، قال بومبيو أمس إن بلاده ستستمر بالضغط على حزب الله ومساعدة الشعب اللبناني لإقامة حكومة ناجحة».
اليوم الأميركي الطويل لم يقتصر على تصريح بومبيو. في لبنان كان المشهد متناقضاً. مطار بيروت استقبل رجل الأعمال قاسم تاج الدين، الموقوف في الولايات المتحدة منذ آذار 2017، والذي تتهمه الحكومة الأميركية بتمويل حزب الله. وعجزت واشنطن عن تقديم أي دليل على اتهاماتها بحق تاج الدين، ما دفع بالقضاء الأميركي إلى عقد صفقة معه يعترف بموجبها بالتحايل على العقوبات بهدف الاستيراد من الولايات المتحدة، ما سمح بإصدار حكم بحقه بالسجن 5 سنوات وتغريمه 50 مليون دولار. وقد أفرج القضاء الاميركي عن تاج الدين لأسباب صحية، خشية تعرض حياته للخطر نتيجدة فيروس كورونا. وفيما ربط كثيرون الإفراج عنه بتهريب العميل عامر الفاخوري من بيروت، أو إفراج إيران عن المدان بالتجسس لحساب الاستخبارات الأميركية، اللبناني نزار زكا، إلا أن وكلاء الدفاع عن تاج الدين نفوا ذلك، فيما أكّد أفراد من عائلته أنه كان يرفض أن يكون جزءاً من عملية تبادل بين واشنطن من جهة، وطهران أو حزب الله من الجهة الأخرى.
في المقابل، استقبل المطار قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال كينيث ماكينزي، على رأس وفد عسكري. ماكينزي قام بجولة برفقة السفيرة الأميركية دوروثي شيا على الرؤساء الثلاثة وقائد الجيش. عنوان الزيارة كان التعارف بعد تعيينه في منصبه الجديد. وقد أعاد الزائر التأكيد على دعم الجيش في كل لقاءاته. في بيان السفارة الأميركية، إشارة إلى أن الزيارة ليوم واحد «شملت لقاءات مع القادة السياسيين والعسكريين اللبنانيين الكبار، بمن فيهم ممثلون عن وزارة الدفاع والجيش اللبناني، إضافة إلى لقاءات في السفارة الأميركية ومحطة قصيرة عند نصب تذكارية تكرّم ذكرى أولئك الذين لقوا حتفهم في خدمة بلدهم».
الرئيس ميشال عون نوّه، في اللقاء، بـ«التعاون القائم بين الجيشين اللبناني والأميركي في مجالات التدريب والتسلّح»، متمنياً «تطوير التعاون العسكري بين البلدين». كما أكد ماكينزي من جهته «استمرار دعم القيادة العسكرية الأميركية للجيش اللبناني الذي يدافع عن استقلال لبنان وسيادته».
أما زيارة ماكينزي إلى السراي الحكومي، فقد أسهمت في لقاء الرئيس حسان دياب مع السفيرة الاميركية، وهو الأول منذ اعتراض دياب على حركتها السياسية وإشارته في جلسة مجلس الوزراء في ٢ تموز إلى ممارسات دبلوماسية فيها خروقات كبيرة للأعراف الدولية، والدبلوماسية.
من جهة أخرى، حضّ وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان السلطات اللبنانية على الشروع في إصلاحات للحصول على دعم مالي من «المجتمع الدولي» وإنقاذ اقتصاد البلاد من الانهيار، مشيراً إلى أنّه سيزور بيروت «في غضون أيام». وقال لودريان في مجلس الشيوخ الفرنسي: «هناك اليوم خطر انهيار. يجب على السلطات اللبنانية أن تستعيد زمام الأمور، وأسمح لنفسي أن أقول لأصدقائنا اللبنانيين: نحن حقاً مستعدّون لمساعدتكم، لكن ساعدونا على مساعدتكم».
وذكّر الوزير الفرنسي بأنّ حكومة الرئيس حسّان دياب تعهّدت بإجراء سلسلة إصلاحات في «مهلة مئة يوم من نيلها الثقة. وقال: «هذه الإصلاحات لم تُجر. نعلم ما يجب القيام به بالنسبة إلى الشفافية، وتنظيم قطاع الكهرباء، ومكافحة الفساد، وإصلاح النظام المالي والمصرفي. لكن لم يتحرّك ساكن».
ولاحقاً قال لودريان أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ إنّ «من الواضح تماماً عدم وجود وعي كاف لدى مجمل الشركاء السياسيين لخطر الانهيار». وشدّد لودريان على أنّ «فرنسا والمجتمع الدولي من حولها لن يتمكّنا من القيام بأي شيء إن لم يتّخذ اللبنانيون المبادرات التي لا غنى عنها لإنعاشهم». وقال لودريان إنّه بعد التظاهرات التي جرت في الخريف، والتي طغى فيها الطابع الاجتماعي على الطابع الطائفي، «تعود المواجهات الطائفية مع مخاطر انجراف كبرى تثير قلقاً بالغاً».
"النهار": الليرة في الميزان
بدورها صحيفة "النهار" اعتبرت أن انخفاض سعر صرف الليرة اللبنانية في مقابل الدولار الاميركي، المستمر منذ فترة والى مدة زمنية غير منظورة حاليا، دفع المؤسسات العالمية، ووسائل الاعلام، الى تسليط الضوء على لبنان. فبعدما نشرت صحيفة “الدايلي تلغراف” قبل يومين تحقيقاً بعنوان “لبنان يوشك على الانهيار الاقتصادي مع توقف محادثات الانقاذ”، وقبلها صحيفة “الموند” تقريرًا بعنوان “لبنان ينزلق الى الهاوية”، نقل أمس عن تقرير لـ “بنك اوف اميركا” توقع ان يلامس سعر صرف الدولار الخمسين الف ليرة اذا تعثرت مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي.
“النهار” التي تتابع الملف ليس من باب التخويف، بل من باب الدفع في اتجاه البحث عن حلول، وبعدما اطلقت نداء”صحة اللبنانيين في خطر” في 17 حزيران، قبل اعلان المستشفيات التوقف عن استقبال الا الحالات الطارئة، تضيء اليوم على تقريرين لوكالة “رويترز”، يظهران واقعاً مأسوياً، لحض المسؤولين على الاسراع في توحيد الرؤى والخطط للانقاذ المالي.
تتفرّس عيناً عامر في جريدة ورقية عن بعد التقطت صوراً لقطع من اللحم والدجاج، لكن الصورة بالنسبة إليه ليست واقعاً ولن تساعده حتى على استنشاق رائحة ما تحويه. يستدين عامر الدهن ربطة الخبز التي ارتفع سعرها من 1500 ليرة إلى 2000 ليرة، ويغازل ابن مدينة طرابلس صور اللحم كقطعة أصبحت نادرة ليحتفظ بها في ذاكرته أو كتحفة في متحف آثار، إذ ليس متاحاً له ولعائلته التلاحم معها بعد اليوم في ظل أسوأ أزمة اجتماعية ومالية يمر بها لبنان.
يكابد عامر (55 عاما) أوجاعاً مزمنة ويحمل أدوية عدة بين يديه في حي الشعراني أحد أكثر الأحياء فقراً في مدينة طرابلس.
ومتندرا على شهور قليلة سابقة، يشرح لفريق “رويترز” حالة العجز المعيشي التي بلغتها عائلته مستعيدا الذاكرة القريبة قبل شهرين قائلاً: “آخر مرة اشترينا لحمة كان في شهر رمضان… لم نعد نشتري ولا لحمة ولا دجاجاً، صرنا نشاهدهم بالمجلات والجريدة ونستحليهم”.
ولعامر الذي يتكئ على عصاه ويكشف بعد كل سؤال عن عملية في ظهره وتقرحات أصابت قدميه بسبب مرض السكري أربعة أولاد يعيشون في منزل يحتاج إلى ترميم. ويقول” تغيرت حياتنا وأصبحنا على باب الله الكريم… فالحياة صارت صعبة كثيرا، والدولة عاجزة عن أي حل ولا تعمل شيء، تتفرج على العالم والناس وهم يعانون الأمرين”.
وفقد عشرات الآلاف أعمالهم أو جزءاً من دخلهم مع إغلاق معظم المحال التجارية أبوابها وموجة الغلاء غير المسبوقة في بلد يكاد يكون خالياً من الموارد الأولية ويستورد معظم منتجاته بالدولار من الخارج.
ووصف بوجار هوكسا من منظمة كير الدولية في لبنان ما تمر به البلاد بأنه “أزمة إنسانية” وحث المجتمع الدولي على التدخل وقال لـ”رويترز”: “نتحدث عن مئات الآلاف من الناس الذين هم على حافة الهاوية”.
ويروي عمر الحكيم الذي يعمل حارساً في ورشة بناء في حي القبة أنه مع أولاده الستة يعيشون في غرفة واحدة براتب 600 ألف ليرة أي ما بات يوازي اليوم 60 دولاراً شهريا فقط. وفي اشارة الى أحد أولاده النائم على الأرض، يقول الحكيم إن أبناءه عاطلون عن العمل وتراوح أعمارهم بين 11 و22 عاماً.
ويلجأ فقراء طرابلس إلى الاستدانة من محال صغيرة في الأحياء القريبة، لكن هذه المحال الصغيرة أصبحت بدورها تعاني على جبهتين بعد أن تراكمت ديون الزبائن الذين لا يستطيعون السداد. وفي الوقت الذي يغذي الفقر المتسارع مشاعر الغضب واليأس والخوف من انفجار اجتماعي، يبدو أن جهود النخبة الحاكمة في لبنان لإنقاذ البلاد من انهيار مالي بمساعدة صندوق النقد الدولي تسير في الاتجاه العكسي.
وفي لبنان الذي اشتهر وسط بلدان الشرق الأوسط بأنه سويسرا الشرق، بات الفقر ينذر بعواقب وخيمة يتبدى في صور مواطنين يستجدون في الشوارع أو ينبشون القمامة بحثاً عن شيء يصلح للأكل أو يقايضون أثاث بيوتهم بالطعام.
لجأت سيدة لبنانية إلى مقايضة السكر والحليب والصابون بفستان طفلة، وسعت أخرى الى الحصول على بضائع معلبة مقابل معدات رياضية.
والآن تقدم سيدة تبلغ من العمر 65 عاما خدماتها في الحياكة مقابل الطعام، لأن زبائنها لم يعودوا قادرين على دفع المال لها.
وأصبحت المقايضة عبر موقع “فايسبوك” هي الملاذ الأخير لبعض اللبنانيين بعدما أدى الانهيار المالي بالأسعار الى ان ترتفع بشكل حاد هذه السنة.
وقالت سهام، وهي أم في السابعة والعشرين من عمرها كانت تعرض جهازاً لغسل زجاجات رضيعها مقابل الطعام: “شغلة كتير حلوة للناس اللي مثلا بحاجة لأغراض ما قادرة تشتريها بالوضع اللي البلد اللي نحنا فيه الدنيا هلا”.
واضطر الكثير من اللبنانيين إلى اللجوء للجمعيات الخيرية أو المبادرات الخاصة من أجل العيش والبقاء، وقت تواجه البلاد أزمة على نطاق غير مسبوق.
"البناء":بومبيو مستفَّزاً من كلام نصرالله: سنساعد لبنان ولن نتركه يتحوّل تابعاً لإيران
أما صحيفة "البناء" لفتت الى أنه في تل أبيب منشغلون بتجاهل كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله دعوة وزارة الطاقة في كيان الاحتلال لتلزيم التنقيب في بلوكات قرب المياه الإقليميّة للبنان، وقلق من أن يكون وراء الصمت ما يخيف، وفي واشنطن منشغلون بما بشّر به السيد نصرالله من فرص للسيطرة على تداعيات مسار الانهيار، عبر ثنائية تحرير سوق المشتقات النفطية من الارتباط بالدولار والحفاظ على احتياطات المصرف المركزي لسنوات،
تتيح تحرير الودائع تدريجاً، من جهة، ومن جهة موازية تحويل تراجع سعر الصرف لليرة أمام الدولار إلى فرصة لموسم سياحي ونهوض زراعيّ وصناعي قرّر حزب الله قيادته، كما قال السيد نصرالله، والقلق الأميركيّ من تجاوز لبنان خطر السقوط الذي يجب أن يخضعه للشروط الأميركية، تخطى ذلك للقلق من خطر أن يتحقق الإنقاذ عبر العلاقة مع إيران، التي لن تمرّ بالضرورة بقرارات حكوميّة بل بفتح الحكومة الباب لشركات تجارية للاستيراد الحر في سوق المحروقات، وقيام شركات جاهزة للمجازفة بالتعرّض للعقوبات الأميركية، ولا تعتمد المعاملات المصرفية، بعملية استيراد المشتقات براً وبحراً من إيران، بالليرة اللبنانية وتسديد موجبات المالية العامة عليها من ضرائب وجمارك وبيعها بسعر منافس لشركات التوزيع والمحطات الراغبة مقابل التعامل النقدي، ما يجعل عملية التتبع وإنزال العقوبات أشد تعقيداً، وهو ما أثار غضب وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، ليتحدّث عن نية تقديم المساعدة الأميركية للبنان في مواجهة الضائقة المالية، وعدم ترك لبنان يتحول تابعاً لإيران في إشارة لكلام السيد نصرالله، بصورة بدا خلالها أن كلمات نصرالله قد حققت هدفاً جانبياً هو استدراج بومبيو إلى ملعب التنافس مع حزب الله وإيران، وهو ما قالت مصادر متابعة إنه كان موضوع ترقب من المعنيّين للردّ الأميركي على طروحات نصرالله، وتوقعت أن يلحق وزراء ومسؤولون في الخليج بمواقف تشبه موقف بومبيو.
بالتوازي شكل وصول رجل الأعمال اللبناني المتّهم بتمويل حزب الله، قاسم تاج الدين، إلى بيروت بعد الإفراج عنه من قبل السلطات الأميركية، حدثاً لبنانياً بالنسبة لخصوم حزب الله الذين راهنوا على سياسة أميركيّة صارمة مع حزب الله، فأصابهم الإحباط مما شعروا به من أن التحريض الأميركي أقرب للتوريط، وأن تحريم التعامل مع حزب الله يسري عليهم وليس على الأميركيين، ولو تحت الطاولة وبطريقة غير مباشرة، في ظل تحليلات قالت إن الإفراج عن تاج الدين كان تتمة التفاهم على الإفراج عن المتهم بالعمالة للمخابرات الأميركية، اللبناني نزار زكا الذي كان موقوفاً في طهران.
في الشأن السياسي الداخلي، هدأت عواصف الفناجين التي احتلت الأسبوع الماضي، وكان عنوانها الشأن الحكومي ومشاريع التغيير، وبدت الحكومة ورئيسها على ثقة بثبات الحلفاء وراءها، وعلى ثقة ببدء ظهور نتائج قراراتها في مواجهة اضطرابات سوق القطع وارتفاع الأسعار في الأسواق الاستهلاكيّة، بينما حسم الرئيس السابق سعد الحريري الشك باليقين بقوله، لن تروني قريباً في السراي، بعد شائعات عن تفاهمات في طريق النضوج تضمن عودته إلى رئاسة الحكومة، بينما أعاد قرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالطعن بقانون آلية التعيين أمام المجلس الدستوري، التساؤلات إلى ساحة العلاقة بين مكوّنات الحكومة من جهة، وخصوصاً التيار الوطني الحر ورئيس مجلس النواب نبيه بري، التي شهدت نقلة نوعية عبر عنها الطرفان بحماسة، بانتظار أن تكشف الأيام المقبلة دقة ما قالته مصادر متابعة عن أن الطعن هو البديل التوافقي عن رد القانون إلى مجلس النواب، وترك المجلس الدستوري يقرر بحيادية ما يراه لطي صفحة التباين حول القانون.
وغداة الرسائل التي وجّهها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للولايات المتحدة الاميركية بسبب حصارها الاقتصادي والمالي على لبنان وتدخّل سفيرتها في بيروت بالشؤون الداخلية، حطّ قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال كينيث ماكينزي في بيروت وذلك في زيارة له بذكرى تفجير مقرّ المارينز في العام 1982.
والتقى ماكينزي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بعبدا ترافقه السفيرة دوروثي شيا. وأكد ماكينزي من بعبدا مجدداً على أهمية الحفاظ على أمن واستقرار لبنان وسيادته، وشدّد على الشراكة القوية بين الولايات المتحدة والجيش اللبناني. كما التقى رئيسي المجلس النيابي نبيه بري ومجلس الوزراء حسان دياب.
ورافق الجنرال ماكينزي مسؤولو وضباط المنطقة المركزية الوسطى، والملحق العسكري الأميركي روبرت ماين. وبحسب بيان السفارة الأميركيّة فإن «هذه الزيارة ليوم واحد إلى لبنان شملت لقاءات مع كبار القادة السياسيين والعسكريين اللبنانيين، بمن فيهم ممثلون عن وزارة الدفاع والجيش اللبناني، بالإضافة إلى لقاءات في السفارة الأميركية، ومحطة قصيرة عند النصب التذكاري تكريماً لذكرى أولئك الذين لقوا حتفهم في خدمة بلدهم».
في المقابل تجمّع عدد من المواطنين على طريق المطار، احتجاجاً على زيارة ماكينزي لبنان وقد أطلق المشاركون شعارات مؤيدة للمقاومة ومنددة بالسياسة الأميركية في لبنان بالإضافة الى التنديد بالعدو الإسرائيلي.
إلى ذلك، بقيت الرسائل التي وجهها السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير محل اهتمام ومتابعة ورصد الاوساط السياسية والاقتصادية المحلية وسفارات بعض الدول الغربية والعربية والخليجية في بيروت. لا سيما تحذير السيد نصرالله الأميركيين بأن تماديهم في حصار لبنان سيؤدي الى إضعاف حلفاء واشنطن في لبنان ودفع أغلب اللبنانيين للجوء الى حزب الله لإنقاذهم اقتصادياً.
ولوحظ توقف السفيرة الاميركية في بيروت عن إطلاق التصريحات الإعلامية بعد استدعائها من قبل وزارة الخارجية والقرار القضائي بحقها، لفتت مصادر مطلعة على موقف حزب الله لــ»البناء» إلى أن «الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله تضمّن رسائل حاسمة باتجاهات عدة لا سيما للولايات المتحدة الاميركية التي تمادت مؤخراً في اعتداءاتها على لبنان على الصعد الدبلوماسية والأمنية والاقتصادية والمالية وصلت حد الخنق الكامل للمجتمع اللبناني وللدولة اللبنانية»، ولفتت الى أن «كلام السيد شكل خريطة طريق ردعية لمواجهة الحرب الاقتصادية والمالية الأميركية عبر إعلان مقاومة اقتصادية مضادة عمادها تنمية القطاعات الإنتاجية كالصناعة والزراعة وبالتالي تحقيق اكتفاء ذاتي يقلص حاجة لبنان للاستيراد من الخارج ويخفف الضغط على عملة الدولار». وأضافت أن «ما شاهدناه خلال الأسابيع الأخيرة هو هيمنة أميركية واسعة على لبنان عبر سياسة الخنق والحصار وتهديد بعض الدول لثنيها عن مساعدة لبنان، فأميركا تريد انهيار المجتمع بشكل كامل الأمر الذي يتطلب رداً مباشراً من قبل أحزاب وقوى المقاومة وكل الشعب اللبناني الذي بات مقتنعاً أكثر من أي وقت مضى بأن الأميركي هو أساس الخراب ليس في لبنان فقط بل في المنطقة ككل». ورأت المصادر أن «الحملة على حزب الله تهدف الى إظهار الحزب على أنّه سبب تردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في لبنان لقلب البيئة اللبنانية عليه والشيعيّة تحديداً، وبالتالي إضعافه ودفعه للانكفاء عن القضايا الداخلية ونزع الغطاء السياسي الذي يوفره الحزب وحلفاؤه للحكومة الحالية تمهيداً لإسقاطها في الشارع وتعميم الفراغ في المؤسسات، وبالتالي تغيير موازين القوى الداخلية، لذلك أراد السيد نصرالله التأكيد على أن المسؤول عن انهيار البلد ليس المقاومة بل البيئة السياسية الطائفية التقليدية التي حكمت البلد عبر عقود إضافة الى سياسات أميركا تجاه لبنان التي ضاعفت الأزمة أكثر الى حدود الانفجار الاجتماعي».
وواصل المسؤولون الأميركيون حملتهم على حزب الله، حيث رأى وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو أن «حزب الله» منظمة إرهابية ودعا كل الدول لتصنيفه إرهابياً. ورد بومبيو على السيد نصرالله بشكل غير مباشر مشيراً الى أن «الولايات المتحدة ستساعد لبنان للخروج من أزمته»، وقال: «لا نقبل أن يتحول لبنان دولة تابعة لإيران، ونحاول منع إيران من بيع النفط الخام لحزب الله».
وبالتوازي برز موقف فرنسي على لسان وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان حيث عبر عن قلقه العميق إزاء تدهور الاوضاع في لبنان، وقال: «إنني قلق للغاية بشأن الوضع اللبناني، وحزين. نصف السكان اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر. وكان هناك تعهدات من قبل الحكومة اللبنانية، ولكن هذه الإصلاحات لم تحصل».
إقرأ المزيد في: لبنان
31/10/2024