لبنان
المطالب المعيشية تزداد وسط تصاعد حركة الشارع
ركّزت الصحف اللبنانية الصادرة صبيحة اليوم من بيروت على تأزم الوضع الإقتصادي الذي بات ينخُر كل القطاعات والمرافق ما جعل البلد ينحدر نحو الشلل. وأمام هذا الواقع من المطلوب فيه قديم حلول للحد من الإنحدار، تزايد إقفال الطرقات ساحلاً وبقاعاً وشمالاً اعتراضاً على الارتفاع الجنوني في سعر صرف العملة، وما يرتّبه من زيادة جنونية في الأسعار، ما جعل السكان ممنوعين من شراء حاجياتهم إلا وفق أعداد محددة من السلع إن وجدت.
المحال التجارية إقفل معظمها، ما يعيد الى الأذهان أهوال الحرب الأهلية، في ظل التقنين وشح الفيول والمازوت وانقطاع في خدمات الاتصالات والإنترنت حتى في مؤسسات رسمية.
"الأخبار": لبنان في صلب الانهيار: الحكومة تتلهّى بجنس شركة التدقيق
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أن المظاهِر الكارثية للواقع الذي يعيشه اللبنانيون تؤكّد أن البلاد ليست في طريقها إلى الانهيار، بل هي في صلبه، وسطَ اشتداد المواجهة حول تموضع لبنان والحصار الذي يتعرّض له، فيما الحكومة عاجزة عن فعل أي شيء.
لبنان فقدَ توازنه. عبارة تختَصِر المشهد الذي انزلقت البلاد إليه، على المستويات كافة، وسطَ تصاعُد التحذيرات الخارجية، آخرها من وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان الذي شدّد أمس على أن «الوضع في لبنان مثير للقلق، والوضع الاجتماعي يزيد من مخاطِر العنف». وليسَ أدلّ على وصول المأزق إلى مستوى غير مسبوق، سوى مسارعة سفراء الدول في بيروت إلى عقد اجتماعات لافتة تقول مصادِر مطلعة أنها «تأتي في سياق التباحث في التوترات المتزايدة على الساحة اللبنانية وحجم الخطر، إلى جانِب ما يُمكن أن يعكسه من تأثيرات على دول محيطة»، إذ لم يسبِق للصراع حول تموضع لبنان أن اكتسب هذه الأبعاد الخطيرة منذ العام 2005، حيث استقبل السفير السعودي وليد البخاري، يومَ أمس، السفير الإماراتي حمد الشامسي والسفيرة الأميركية دوروثي شيا والسفير البريطاني كريستوفر رامبلينغ. تأتي لقاءات هؤلاء، على وقع تزايد مؤشرات البؤس الاجتماعي التي تحوّل الشوارع يومياً الى قنابل موقوتة، يُخشى انفجارها أمنياً، عدا عن التوجس من سعي طرف ما إلى توظيف الغضب الشعبي في حسابات سياسية.
ولم يُعد ممكناً قراءة التفاصيل اليومية التي يعيشها المواطنون من خارِج مسار الانهيار. المتاريس التي ترتِفع مقطّعة أوصال الطرقات اعتراضاً على الوضع المعيشي، مظهر من مظاهر الفوضى الأهلية التي دخلت فيها البلاد، ومن المرجّح أن تتوسع في المرحلة المقبلة. وهو ما لا يُمكن فصله أيضاً عن المسرح السياسي الذي يشهد معارك داخل الحكومة التي يتقاتل «أهلها» على كل الملفات «السيادية» والاقتصادية والمالية والاجتماعية، أو خارجها بين مختلف التيارات والأحزاب التي أعاد الصراع حول هوية لبنان إحياء مشاريعها التقسيمية أو المتآمرة على المقاومة، ولا سيما بعدَ رفع عنوان «التوجه الى الشرق» في معرض البحث لبدائل من الدولار الذي تستخدمه الولايات المتحدة الأميركية لتجويع لبنان مقابل السلاح، فضلاً عن المعارك الدائرة بين الحكومة والقطاع المصرفي والبرلمان.
مع ذلك، تقِف الدولة عاجزة عن فعل أي شيء. عاجزة عن حماية الناس ولقمة عيشهم وأمنهم الغذائي والاستشفائي والتعليمي، فيخرج المسؤولون فيها للتباكي على الماضي أو الإرث الثقيل الذي كانوا شركاء في صناعته، بدلاً من الذهاب الى اتخاذ قرارات صادمة تفتح ثغرة في جدار اليأس. ويُترجم هذا العجز إخفاقاً في اعتماد أرضية موحدة لأرقام الخسائر المالية أو توزيعها في معرض التفاوض مع صندوق النقد الدولي على برنامج تمويل إنقاذي أصبحَ بعيد المنال، وهو ما عبّرت عنه بصراحة وزيرة الدفاع زينة عكر حين قالت «إن المجتمع الدولي يُقفِل علينا كل شيء». مع ذلك، الحكومة تقف مكانها، لا تريد التحرك نحو خيارات جديدة مخافة إغضاب الغرب، لكنها في المقابل لم تقُم بالحد الأدنى المطلوب منها لإقناع هذا الغرب بمساعدتها، أقله حتى يكون لديها حجة لفتح أبواب جديدة وإدارة ظهرها لمن يريد إطباق الخناق على لبنان. حتى إن من بين وزرائها من يشارِك في الحصار عبرَ قرارات معيشية مجحفة، كما فعل وزير الاقتصاد راوول نعمة في موضوع الخبز، حيث وقّع أمس قرار رفع سعر الربطة 900 غرام لتصبح 2000 ليرة لبنانية، أو قرارات تؤكد القبول بالسطوة الأميركية كما حصل مع قرار القاضي محمد مازح وحالة الاستنفار الرسمية ضده مرضاة للسفيرة الأميركية دوروثي شيا.
أمس، حملَ الإخفاق على كل المستويات موجة جديدة من إقفال الطرقات ساحلاً وبقاعاً وشمالاً، اعتراضاً على الارتفاع الجنوني في سعر صرف العملة، وما يرتّبه من زيادة جنونية في الأسعار، ما جعل السكان ممنوعين من شراء حاجياتهم إلا وفق أعداد محددة من السلع إن وجدت، ولدى المحال التجارية التي باتَ بعضها يفضّل الإقفال راهناً، ما يعيد الى الأذهان أهوال الحرب الأهلية، في ظل التقنين وشح الفيول والمازوت وانقطاع في خدمات الاتصالات والإنترنت حتى في مؤسسات رسمية.
وفي ظل عودة الحديث عن تطيير الحكومة، نظراً إلى غيابها النافر عن واقع ما يحدث، لا يزال مجلس الوزراء يعيش ارتدادات الجلسة الأخيرة، نتيجة الانقسام بشأن عمليات التدقيق المالي المقرّرة في مصرف لبنان، بعد أن اعترض وزراء حزب الله وحركة أمل على طلب الحكومة تكليف شركة «كرول» القيام بعمليات تدقيق جنائي في البنك المركزي لارتباطها بأجهزة أمنية إسرائيلية، في مقابل إصرار رئيسي الجمهورية والحكومة عليها، وسطَ توجيه اتهامات لرئيس مجلس النواب نبيه برّي بأنه يتحّجج بذلك منعاً لإجراء أي تحقيق جدي بشأن الخسائر. لكن حتّى وإن كان ذلك صحيحاً، يبقى من غير المفهوم تمسّك الرئيس ميشال عون بها، رغم كل التقارير التي وصلت الى المعنيين حول شبهات عمل الشركة. كما من غير المفهوم في المقابل عدم تقديم وزير المال غازي وزني لبديل جدي، يستطيع القيام بتحقيق جنائي في دفاتر مصرف لبنان، بدل الاكتفاء بترشيح شركات تتولى حصراً التدقيق المالي العادي، لا التحقيق الجنائي.
"البناء": الشأن المعيشيّ يطغى على خطط الإصلاح والملفات السياسيّة.. وتصاعد حركة الشارع
بدورها صحيفة "البناء" لفتت الى تقدّم الشأن المعيشي في لبنان إلى الواجهة، ليس بتأثير تفاقم الأوضاع فقط، أو المخاطر التي تنذر بها وحسب، بل لأن الجمود يحكم المسارات الموازية، التي كانت موضع رهان في السابق، فوفقاً لمصادر مالية متابعة للخطة الحكومية، فإن الخطة فقدت الكثير من زخمها بعد التباينات في الأرقام بين الحكومة ومصرف لبنان وجمعية المصارف، وتحول هذا التناقض إلى أزمة مع خروج تقرير لجنة المال والموازنة النيابية بأرقام في منتصف الطريق بين الحكومة والمصارف، بصورة تعني ضمناً إسقاط أرقام الحكومة، وقالت المصادر إن الحكومة تواجه بالتوازي تجميد التفاوض عملياً مع صندوق النقد الدولي، الذي يتذرّع وفده المفاوض بالتباينات كسبب للعجز عن المضي قدماً، كما يتذرع بتفكك الوفد المفاوض مع استقالة المستشار هنري شاوول ومن بعده مدير عام المالية ألان بيفاني، كتعبير عن مشهد مرتبك في الوضع الحكومي في المفاوضات، بصورة جعلت مفاوضي الصندوق يتحدثون بلغة فوقية عنوانها «رتبوا أموركم وبعدها تعالوا لنكمل التفاوض».
على الصعيد المعيشيّ رغم السلة الاستهلاكية التي يتم تمويلها على سعرين للدولار، هما 1500 ليرة للمشتقات النفطية والخبز والدواء، و3800 ليرة للمواد الغذائية والاستهلاكية الأساسية، فإن التجار يقومون بالتسعير على أساس سعر الدولار في السوق السوداء الذي بلغ الـ 9000 ليرة أمس، مع خلو الكثير من المحال التجارية من البضائع وقيام أصحابها بتقنين بيعها للمواطنين، بحيث لا يستطيع المواطن شراء أكثر من كميّة محددة من كل صنف، تختلف من تاجر لآخر، ويطال ذلك السلع الأساسية وغيرها، من الرز والسكر والبن وحليب الأطفال وصولا للتبغ الأجنبي والمحلي، الذي بات يباع بكوتا لا تزيد عن أربع علب للمشتري الواحد، بينما طغت زيادة سعر الخبز التي مضى بتنفيذها وزير الاقتصاد رغم ما أشيع عن طلب تجميدها من قبل رئيس الحكومة، ما طرح تساؤلات حول أداء الوزير الذي دعا الناس من قبل للامتناع عن شراء البيض لفرض تخفيض الأسعار بدلاً من القيام بواجبه كوزير بفرض الالتزام بالأسعار الرسمية، وتجلّى التصاعد في الغضب الشعبي، تحت تأثير غلاء الرغيف وانفلات سعر الصرف، وأزمات فقدان المواد من الأسواق، بتجمّعات احتجاجيّة متفرقة في العديد من المناطق، وبقطع طرقات بعضها تقليديّ ومنظم، وبعضها الآخر دخل حديثا على الخريطة ويشكل تعبيراً عفوياً عن الغضب الذي زاد مفاعيله الوضع الذي يزداد سوءاً لتزويد المناطق بالكهرباء في ظل أزمة فيول، قال وزير الطاقة إنها في طريق الحل.
وفيما تتصاعد الاحتجاجات الشعبية على تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية من ارتفاع سعر صرف الدولار وأسعار المواد الغذائية الأساسية والتقنين الظالم في الكهرباء والمحروقات وغيرها من الأزمات الخانقة، جاء قرار وزير الاقتصاد راوول نعمة برفع سعر ربط الخبز الى 2000 ليرة ليزيد الطين بلة ويرفع من سخط وغضب المواطنين الذين نزلوا الى الشوارع وقطعوا الطرقات في مختلف المناطق اللبنانية ما أدى الى زحمة سير خانقة واشكالات بين المواطنين من المحتجين والمارة، فاختلط حابل المحتجين الحقيقيين مع نابل طابور المستغلين، ولم يعد بالإمكان التمييز بينهم ما يجعل الشارع مفتوحاً على الاحتمالات كافة لا سيما استغلال جهات خارجية للغضب الشعبي لإحداث توترات وفتن طائفية ومذهبية.
وبرز تحذير وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان أمس، من أنّ «الوضع في لبنان أصبح مزعجاً»، وأكد أن «تفاقم الوضع الاجتماعي ينذر بالعنف». وقال لو دريان: «على الحكومة اللبنانية تنفيذ إصلاحات حتى يتسنى للمجتمع الدولي مد يد المساعدة».
وحذرت مصادر مطلعة من اتجاه الوضع في الشارع الى مزيد من التأزم مع ارتفع أسعار المواد الغذائية والخبز وتقنين المحروقات، مشيرة لـ«البناء» الى أن «السياسة الأميركية مستمرة في سياساتها التدميرية للبنان لخنقه الى الحد الأقصى في موازاة ضخ طروحات تفاوضية بملفي النفط وفلسطين»، مضيفة أن «سياسة العقوبات الاميركية بلغت ذروتها لاخضاع لبنان، فهي تستخدم كل أنواع الضغوط المالية والاقتصادية والسياسية والاعلامية لتجويع الشعب ليخرج الى الشارع ثم تعمل على استغلال مطالبه في المفاوضات»، محذرة من «مخطط أميركي لتكرار مشهد 17 تشرين الماضي»، وتساءلت المصادر: ماذا تنظر الحكومة؟ هل يمكن المراهنة على صندوق النقد الدولي بعد موقف رئيسته الأخير الذي نعى المفاوضات؟ ولماذا لم تضع الحكومة خيارات بديلة كالتوجه شرقاً لا سيما العروض الصينية والايرانية وتعمل على تنفيذها سريعاً قبل حدوث الانهيار الأخير؟
وقد أفادت معلومات «البناء» أن «بواخر وسفن ايرانية تستعد للانطلاق الى لبنان محملة بالمواد الغذائية والمحروقات وغيرها، على أن تصل الى لبنان خلال أسبوعين وذلك في اطار الدعم الايراني للبنان لكسر الحصار المفروض عليه من قبل الاميركيين»، مشيرة الى «اتصالات لتلقف هذه المساعدات على المستوى الرسمي».
وأشارت مصادر «البناء» الى أن «المفاوضات مع صندوق النقد وصلت الى طريق مسدود لا سيما بعد استقالة مدير عام المالية ألان بيفاني والخلافات الحادة بين الحكومة من جهة ومصرف لبنان وقطاع المصارف من جهة ثانية بدعم من لجنة المال التي أنهت تقريرها وسلمته الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ما ينذر بتوقف المفاوضات، مستبعدة أن يقرر الصندوق مساعدة لبنان في ظل هذا الخلاف والانقسام حول الأرقام والتخبط الرسمي وعدم إنجاز الإصلاحات اللازمة حتى الآن».
وأعاد صندوق النقد مطالبة الحكومة في جلسته السادسة عشرة مع الوفد اللبناني المفاوض أمس، بتنفيذ الاصلاحات المطلوبة في اسرع وقت ممكن. ووفق المعلومات فإنّ الجلسة شهدت امتعاضًا من قبل رئيس وفد الصندوق المفاوض مع لبنان الذي أبلغ الوفد اللبناني انه وبعد 6 اسابيع من التفاوض، لم نحرز أي تقدم ولم نتمكن من الانتقال الى المرحلة الثانية. واضاف: «ما فيكن تكفوا هيك»، لا جدية في تنفيذ الخطة المالية، ولا جدية في الاصلاحات، ومن دون جدية لا معنى للمفاوضات».
وأشارت مصادر نيابية لـ«البناء» الى «أن تقرير لجنة المال بات بعهدة الرئيس بري وسيحتفظ به ولن يتم اعلانه او مناقشته في الهيئة العامة بانتظار أن تسلمه اللجنة للحكومة لكي تجري الأخيرة مقارنة بين التقريرين وتقرر كيفية التعامل معه، فإما أن تأخذ بتقرير لجنة المال وإما تضيف تعديلات على خطتها أو تقريرها».
واذا لم يقبل وزير المال غازي وزني استقالة مدير عام وزارة المالية التي بقيت معلقة على قرار الحكومة النهائي التي أرجأته الى جلسة لاحقة، كشف وزني انه حاول على مدى ساعة إقناع بيفاني بالتراجع عن استقالته يوم تقدم بها، وقال: «لا خلاف سياسياً ولا تباين في وجهات النظر المالية، وهو صديق وأكنّ له كل الاحترام، علما ان استقالته ستؤثر في عامل الثقة في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي».
"النهار": تحذيرات الدول و"الصندوق" تسابق الإنهيار المتدحرج
كتبت صحيفة "النهار" تقول: تجاوزت التداعيات الخطيرة اقتصادياً واجتماعياً وخدماتياً للإنهيار المالي المتدحرج الذي تتسارع فصوله عبر يوميات الدولار الملتهب في السوق السوداء، لتلامس مواقف الدول والمنظمات المالية الدولية حيث رصدت عودة التحذيرات الخارجية من الواقع الإنهياري في لبنان على نحو مثير للقلق الشديد حيال مجريات المرحلة المقبلة. وإذ استوقفت الأوساط السياسية حركة مكوكية لافتة للسفير السعودي وليد بخاري في لقاءات يعقدها مع مروحة واسعة من السياسيين والديبلوماسيين، أدرجت هذه الحركة في إطار استشعار المملكة العربية السعودية وشركائها من الدول المعنية بمراقبة الوضع في لبنان الخطورة التصاعدية للتراجعات المالية والاقتصادية والعجز الحكومي الفاضح عن لجمها وتالياً التشاور على نحو عاجل مع الأصدقاء والشركاء في ما يمكن القيام به حيال السيناريوات التي ترتبها أخطار الإنهيار من دون تحديد إطار معين بعد لمآل هذا التحرك.
وذهبت بعض المعطيات الى إمكان أن يكون الواقع المتدهور بدأ يفرض طرح البحث في الواقع الحكومي، فيما تمثل العامل الخطير الذي سجل في الساعات الأخيرة في تجاوز سعر صرف الدولار في السوق السوداء سقف الـ9500 ليرة بما ينذر بمزيد من التفلت وسط عجز كامل عن ضبطه ولجم اندفاعاته وهو عجز صار مسلّماً به فيما تلفح البلاد نيران الغلاء المتصاعد على وقع تسعير السلع وفق دولار السوق السوداء.
ومع عودة بروز مسألة الخلاف الداخلي على أرقام الخسائر المالية في ظل الوقائع التي أعلنها أمس رئيس لجنة المال والموازنة النيابية ابرهيم كنعان والتي اتسمت بأهمية لجهة إظهار الفارق الكبير بين ارقام الخطة الحكومية وارقام لجنة تقصي الحقائق، اتخذ موقف جديد لفرنسا دلالات بارزة، اذ عبّر وزير الخارجية الفرنسي جان - إيف لودريان عن قلق بلاده من الأزمة في لبنان ورأى أن السُخط الاجتماعي يمكن أن يؤدي إلى تصاعد العنف.
وقال لودريان أمام جلسة في البرلمان: "الوضع ينذر بالخطر في ظل وجود أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية وإنسانية تتفاقم الآن بفعل مخاطر جائحة فيروس كورونا". وأضاف: "الأزمة الاجتماعية المتفاقمة… تخاطر بزيادة احتمالات تفجر أعمال العنف"، مشيراً الى العنف بين فصائل دينية في الآونة الأخيرة".
وخلص الى أنه يتعين على الحكومة تنفيذ إصلاحات كي يتسنى للمجتمع الدولي مد يد المساعدة للبنان، معلناً أنه سيزور لبنان قريبا لإبلاغ السلطات ذلك بشكل واضح.
في غضون ذلك، التقى السفير السعودي وليد بخاري في مقر اقامته باليرزة السفيرة الأميركية دوروثي شيا، ثم السفير البريطاني كريس رامبلنغ، وكذلك سفير دولة الامارات العربية المتحدة حمد الشامسي.
وتزامن ذلك مع معلومات أوردتها وكالة "رويترز" نقلاً عن عدد من المسؤولين اللبنانيين الحاليين والسابقين والديبلوماسيين والمسؤولين الدوليين وخبراء الاقتصاد والمحللين، مفادها أن المحادثات مع صندوق النقد الدولي لانتشال لبنان من أزمته الاقتصادية تشرف على الانهيار وأن الوقت بدأ ينفد.
وقال ناصر سعيدي وزير الاقتصاد السابق وهو من أركان مصرف لبنان سابقاً عن المحادثات مع صندوق النقد الدولي إنها "بلغت طريقا مسدوداً".
ونقلت الوكالة عن المصادر التي اشترطت عدم كشف هويتها، أن الطبقة السياسية، التي يتكتل أفرادها وفق أسس طائفية وعائلية أبعد ما تكون عن الاتفاق على نهج مشترك، لا تزال تتشبث بمصالحها الخاصة بل أن الجدل بينها يصل إلى حد الاختلاف على ما إذا كان لبنان قد أفلس فعلاً.
وقد استقال اثنان من أعضاء فريق التفاوض اللبناني خلال شهر واحد نتيجة ما وصفاه بمحاولات لتخفيف خسائر مالية هائلة في خطة الحكومة.
وقال مسؤول كبير مطلع على المحادثات: "هم لا يتفاوضون على برنامج" مع صندوق النقد الدولي. ولاحظ أن "لا يوجد توافق (لبنانياً) على التشخيص. لذا ما الذي يمكن أن يتفاوضوا عليه؟".
وقال ديبلوماسي غربي بان "ثمة خطراً حقيقياً أن يحدث انفجار"، مشيراً الى أن ثلث مليون شخص فقدوا وظائفهم منذ تشرين الأول الماضي عندما تفجرت احتجاجات على الطبقة السياسية وأدت إلى استقالة الحكومة".
وعقد الوفد اللبناني المفاوض برئاسة وزير المال الدكتور غازي وزني أمس اجتماعه الـ16 مع وفد صندوق النقد الدولي في حضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وفريق من المصرف المركزي.
وأفادت وزارة المال ان الاجتماع تناول موضوع كيفية مقاربة خسائر النظام المالي وضرورة تنفيذ الحكومة الإصلاحات المطلوبة بأسرع وقت ممكن، على أن تستكمل المشاورات في الأسبوع المقبل.
واسترعى الانتباه تسريب معلومات عن الاجتماع مفادها أن الفريق المفاوض في صندوق النقد الدولي أبدى استياء بالغاً من عدم تمكن الجانب اللبناني من توحيد موقفه حيال الأرقام المالية للأزمة الواردة في خطة الحكومة وأن هذا الاستياء جرى التعبير عنه عقب نقاش تناول موضوع الأرقام مع حاكم مصرف لبنان الذي جدّد التمسك بأرقام المصرف وليس بأرقام الحكومة، ولكنه أبدى استعداده للتسليم بأرقام الحكومة من غير أن يقنع ذلك فريق صندوق النقد. كما أن فريق الصندوق انتقد المراوحة والجمود في عملية الاصلاحات وأن رئيس الفريق أبدى امتعاضاً مشيراً الى أنه بعد ستة أسابيع من المفاوضات لم يحرز أي تقدم ولم يتم الانتقال بعد الى المرحلة الثانية.