لبنان
باسيل: الفتنة ممنوعة واجتماع بعبدا يساهم في درئها
أكد رئيس التيار الوطني الحر وتكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل أن "البلد يمرّ من قطوع الى قطوع، وآخر قطوع هو محاولة إسقاط الحكومة، في سياق المؤامرة الاقتصاديّة التي يتعرّض لها لبنان، التي كنّا توقّعنا حصولها وسمّيناها 13 تشرين اقتصاديّة".
ورأى باسيل في كلمة متلفزة أنه "من الطبيعي أنّ المنظومة المتحكّمة بالبلد منذ 1990 تتصدّى للتغيير، وهذه المنظومة كانت قطعت السيولة الماليّة لتطلق شرارة الحراك الشعبي في 17 تشرين، ومع تراجع الحراك الصادق قرّرت أن تتلاعب بسعر صرف الليرة، وايقاف "حنفية" الدولار، لتعيد نفس السيناريو الذي أسقط حكومة عمر كرامي"، مشددا على أنه "كلّما مست الحكومة بالمنظومة، سيتكرّر نفس السيناريو، مثلما جنّ جنونهم في التعيينات المالية الأخيرة".
وذكر أن "على الحكومة ان تبقى جاهزة لتمنع سقوط التغيير، أولا بصمودها وبأعمالها لتحفاظ على ثقة اللبنانيين وثقة الجهات الداعمة لها وثانيا بتأمين الاستقرار الأمني والنقدي، وثالثا بتنفيذ الاصلاحات البنيويّة المطلوبة"، مضيفا أنه "على الرغم من كل ملاحظاتنا وحثنا للحكومة على زيادة انتاجيّتها، نحن لسنا مستعدين لأن نسحب الثقة عنها طالما هي تنجز والبديل غير متوفّر، ولسنا مستعدين لوضع البلد بالفراغ والمجهول من جديد، كما حصل مع الحكومة السابقة".
وشدد باسيل على أن "تأمين الاستقرار الأمني يكون من خلال ضرب كل من يحاول ان يخرّب السلم الأهلي ويسبّب الفتنة، فالذي جرى في بيروت وطرابلس يجب ان يكون درسا كبيرا للجميع بأن الفتنة ممنوعة"، معتبرا أن "الفتنة السنيّة الشيعيّة لا يجوز التحريض عليها بحديث الـ 1400 سنة على لسان الطفيليين وهي ستفشل طالما يرفضها الكبار".
وقال إن "الفتنة المسيحية الاسلامية ممنوعة، وخطوط التماس لن تعود، وليست مظاهر الحماية الذاتيّة المزيفة التي تمنعها بل التفاهمات العميقة التي تشهد عليها كنيسة مار مخايل؛ ولن تقوى على إسقاطها أيّ قوّة بهدف إسقاط الوحدة، ومن يحرّض للتعويض عن ضعفه لن نردّ عليه لأنّنا حريصون على أهله أكثر منه"، مشيرا الى أن "العيش الواحد في الجبل مقدّس بالنسبة لنا، ولن تقوى عليه حادثة قبرشمون؛ ومع صدور القرار الظني ظهرت الحقيقة المعروفة، لكن هذا الامر يدفعنا لمزيد من التسامح"،.
ولفت إلى أن "هناك أهميّة لدعوة رئيس الجمهورية الى الاجتماع في بعبدا درءا للفتنة بكل ابعادها حتّى ولو اختلفنا سياسيا، أفلا نلتقي على منع الفتنة عن بلدنا؟".
واشار باسيل إلى أن " تأمين الاستقرار النقدي يكون من خلال إجراءات مسؤول عنها مصرف لبنان ولا تُختصر بضخ محدود للدولارات "بتروح ضيعان" بلا وقف التلاعب بالدولار والغاء "الدولرة" تدريجياً والاتكال على العملة الوطنية، والحدّ من الحاجة للدولار بتخفيف الإستيراد وترشيده وزيادة الانتاج والتصدير وجذب الاستثمارات"، لافتا الى أن "الاجراءات الممكنة تتضمّن حصر الصرف بالمصرف المركزي للمواد الأساسية، وحصره بالمصارف التجاريّة للسلع الغذائية والمواد الضرورية للإنتاج، والزام المصدّرين بتحويل ثمن صادراتهم للمصارف، ووقف الدعم المعمّم للمحروقات والقمح لئلا تذهب الأموال لغير اللبنانيين واستبدالها بقسائم دعم"، مؤكدا أن " لا يكفي أن تكون الحكومة غير فاسدة، ولكن مطلوب منها محاربة الفاسدين وهو ما لم يظهر بعد".
باسيل قال : "جيّد أن الحكومة اقرّت الخطة الكهربائية التي إذا نُفّذت، تؤدّي الى 24/24 وتصفير العجز؛ ولكن على الحكومة أن تلزّم المعامل الكهربائية ومعامل التغويز وتعيّن مجلس ادارة كهرباء لبنان وتعدّل قانون الكهرباء، لتتمكن من تعيين الهيئة الناظمة"، مشددا على أنه "يجب ان يبدأ تأسيس الصندوق السيادي الائتماني لاستثمار أصول الدولة، وتلزيم تنفيذ هذه العملية لاستشاريين عالميين، لأن لا حل لتعويض الخسائر الكبيرة إلاّ من خلال هذا الصندوق"، لافتا الى أن " الاصلاحات المالية في الموازنة المقبلة اساسية لتصغير العجز، خاصةً عن طريق ضبط التهريب والجمارك وتسكير بعض المؤسسات ووقف الهدر".
وأكد أنه "يجب بدء تنفيذ خطة الحكومة مع إجراء التصحيحات اللازمة، مع تحديد نهائي للخسائر بالتزامن مع تنفيذ قرار مجلس الوزراء بإجراء التدقيق التشريحي على حسابات مصرف لبنان، وهنا نستغرب التأخير غير المبرّر وكأنّه إخفاء لما سيظهر، وإنّ عدم اطلاق هذه العمليّة هو أكبر فضيحة بحق هذه الحكومة"، لافتا الى أننا " دخلنا الى هذا النظام سنة 2005 بعد رحيل الوصاية وعودة القرار الحرّ للبنانيين لنقدر ان نغيّر من الداخل ديمقراطيا، ولكننا لسنا الأكثرية، ولا نستطيع ان نأخذ وحدنا القرارات لصالحنا، لذلك نحن بحاجة دائماً الى أكثر من فريق ليكون معنا لنحصل على أكثرية".
وأضاف باسيل: "يسألنا التياريون، بقلق او زعل، لماذا نترك وحدنا ولا يقفون معنا بالملفات الأساسية كالكهرباء والنفط والفيول وسوكلين ومرفأ بيروت والاتصالات والموازنة والجمارك والحدود، وكنّا نجيب بضرورة تفهّم أسباب حلفائنا، ولكن اليوم مع اشتداد الظروف، "ما عاد فينا نطلب من الناس ان تتتفهم اكثر".
كما قال: "كنّا نقول في السابق ان أولويّتنا هي بناء الدولة وبالتالي محاربة الفساد، وهم يقولون أن اولويّتهم المقاومة لحماية الدولة، وبالتالي للتمكّن من بنائها لاحقاً، أمّا الآن فالخطر الوجودي يطال الدولة وبناءها، والمقاومة وحماية لبنان، فماذا يبقى من أولويّة على ذلك"، مضيفا: " ماذا يجب ان يحدث أكثر لكي نتخذ القرار بتغيير السياسات القديمة؟ ولكي لا أُفهم خطأ، أنا اتكلّم حصرا عن السياسة المالية والاقتصادية، وربطاً عن الفساد، الذي أوصلنا الى الانهيار ولا أتكلّم عن اسرائيل والارهاب أو عن السياسة الداخلية".
ولفت باسيل إلى أن "الخيار هو بين المنظومة والبلد، فطبعاً نختار ان ننقذ البلد ونعمّره ولا يمكن ذلك بالنكد السياسي والشائعة والتنمرّ، وهي آخر موضة. نعمّر البلد بالعمل وليس بالكذب وعرقلة المشاريع، فالمشكلة هي بالعقلية السياسية التي تعتبر ان إنجاز أي مشروع من قبل غيرها هو خسارة سياسيّة لها فتعرقله"، مؤكدا أنه " لطالما استنجدنا بالناس ليساعدونا على السياسيين الذين عرقلوا مشاريع البلد على مدى سنين، من المحكمة الخاصة بالجرائم المالية، الى الكهرباء، الى النفظ والغاز، الى خط الغاز الساحلي، الى محطات التغويز FSRU، الى السيارات على الغاز وغيره".
وتابع "لا احد يستطيع أن يرهّب التيّار من قول الحقيقة، ولا من حريّة الحركة بين الناس" وأنا أنبّه أنّه من الآن فصاعدا، لن نسمح بالتعدّي المادي والمعنوي علينا"، مضيفا : "بعدني عم هدّي شبابنا ليتحمّلوا الشتيمة والتعدّي من أي أزعر"، لكن الى متى؟ خلص! الحراك هو للأوادم وليس للزعران".
ودعا باسيل الى "ردّ الحراك للأوادم لنحارب الفساد وننبني البلد معا"، مشيرا الى أننا "نتعرّض للإغتيال السياسي الجمَاعي بسبب الكذابين وأنا اتحسس مشاعر التياريين وأفهم غضبهم وأعتذر منهم على الحاحي بتهدئة اعصابهم وتطويل بالهم، ولكن "أعدهم رح نفضح الكذابين" تماماً كما فعلت ندى بستاني مع أحد النواب".
وبحسب باسيل، "إتهام التيّار بالمحاصصة هو لاستهدافنا بالادارة فمن يقفون ضد الحكومة يريدون تعيين محاسيب وإلا يهدّدون بالاستقالة، ومن بالحكومة يختارون اشخاصا بأسوأ سير ذاتية ويحاولون ارغام الحكومة لتقبلهم حتى لا تحرد مرجعيّتهم، ورغم ذلك قاطعوا جلسة التعيينات والطرفان يحاضرون أنهم ضد المحاصصة".
وتطرق الى موضوع ملف الفيول المغشوش، لافتا الى أن "التيار قدم الملف من قبل 3 وزراء الى الحكومة لإجراء مناقصة جديدة ورفض مجلس الوزراء ونحن خفّضنا الأسعار ووفّرنا على الدولة 65 مليون دولار كل سنة ونحن كشفنا قضية الغش في الفيول وقدّمنا شكوى الى القضاء"، مشيرا الى أننا " رفعنا أي غطاء سياسي عن أي موظف في ملف الفيول وسكتنا وسكتنا، فيما غيرنا حمى وهرّب وتباهى، "ورغم هيك عم يحاولوا يرموا التهمة علينا"، وبعض الحراك يشارك معهم باتهامنا تحت عنوان "كلّهم يعني كلّهم" التي بدأت منذ التمديد لمجلس النواب الذي وحدنا رفضناه وما ذلك شملونا مع الباقين".
وشدد على أن "ملف الفيول فُتح التحقيق فيه وتبيّن أنّه فوق الدعم السياسي للمتورطين هناك غش بالكميات المسلمة وغشّ بنوعيّة الفيول لأنّهم يشترون وسخ الفيول ويضيفون له اوساخا كيمائية، وغشّ بتقارير الفحوصات"، مؤكدا أن "هناك أضرار بمالية الدولة من خلال الغش بأسعار الفيول وبطريقة الدفع واذا تعمّق التحقيق لاحقاً قد يتبيّن أنّ هناك عمليات ماليّة سأتحفّظ عن ذكرها حالياً وكل ذلك لزيادة الأرباح وتمويل أفرقاء سياسيين، واحد منهم يعقد المؤتمرات لمهاجمتنا والآخر يتنطّح بكلّ وقاحة ويدافع في الإعلام".
وقال إن "ما يهمّنا هو ختم جزء التحقيق في ملف الفيول وإصدار القرار الظني وإصدار الأحكام بعدها لمطالبة الشركة بدفع الأضرار الى الدولة وهذا اسمه "استعادة الأموال المنهوبة"، ليصدّق اللبنانيون أنّه يمكن للدولة ولو لمرّة أن تحصّل حقوقها"، مضيفا: "الناس يهمّها أن ترى المرتكبين الكبار في السجن وليس فقط الموظف الذي يقبض 2500 دولار بل الكبير الذي يحمي ويأخذ الملايين".
باسيل أردف أن "هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان تتهرّب من إجابة مدّعي عام التمييز على أسئلته، ولكن هناك قضاة يواجهون الخطر ويقومون بعملهم بكل جرأة ويبقى على قاضي الحكم ان يحكم باستعادة الأموال المنهوبة الى الدولة"، معتبرا أن " على الحكومة ان تجري مناقصة جديدة وتأتي شركات عالمية لا تلزّم عملها الى شركات لبنانية فاسدة تلجأ الى السياسيين فتموّلهم على حساب الدولة".
وأكد أن "لبنان مطوّق بالأزمات؛ انتظار الحل من الخارج هو موت بطيء ونحن مدعوون لكسر جدار الحصار. العهد والحكومة في أزمة ومعارضو الحكومة في أزمة ومؤيدوها في أزمة والشارع في أزمة اذاً لا انتصار لأحد على أحد، بل الخسارة للجميع والكلّ يخسر من شعبيّته عندما يفتقر كل الشعب وينهار البلد".
ورأى باسيل أن "الخلاف على الأرقام يجعل لبنان منقسماً في مفاوضاته، فيما تحديد الخسائر عمل حكومي وعلى شركات التدقيق المكلّفة القيام بها، وعلى صندوق النقد القبول بها لنجاح التفاوض، ويعود لمجلس النواب القبول بها أو لا عندما تطلب الحكومة مصادقته على الخطة أو عندما تطلب إقراره لقوانين من ضمنها"، معتبرا أن " خسارتنا من اليوم لخيار صندوق النقد هو خسارة لورقة أو لإحدى أهم الخيارات التي يملكها لبنان".
وتساء : "لماذا الخسارة منذ الآن؟ على علمنا انّنا مدركون لأهميّتها و"رحنا نشتغل لنقنع الأصدقاء بها" وعندما قبلوا بها أصبحنا نعارضها؟"، وقال :"لمصلحة من نريد إسقاط خيار صندوق النقد؟ لمصلحة أصحاب المصالح الذين استفادوا على حساب مصلحة الدولة وانتفخوا استفادة وانهار البلد بسبب استفاداتهم والآن لا يقبلون أن هناك خسائر كبيرة لأنّها ستأخذ من استفاداتهم وأرباحهم؟!، من يتحمّل مسؤوليّة فرط مسار التفاوض مع صندوق النقد قبل الوصول الى خواتيمه؟ اتركوا هذا الأمر لمن يريد فرط العهد والحكومة والبلد"،
واضاف: "هل تعلمون ما يعني أن ينتهي خيار صندوق النقد؟ يعني انّنا سنخسر مرجعية تجبرنا على إبرام الاصلاحات والإسراع بها، يعني انّنا سنخسر أي إمكانية تمويل من الغرب وأي إمكانية لقيام استثمارات ومشاريع كالكهرباء والبنى التحتية وأي امكانية لاستنهاض القطاع المصرفي والاقتصادي"، مؤكدا ايضا أن "انتهاء خيار صندوق النقد يعني أنّنا قد نذهب لتدهور كبير بسعر الصرف وانهيار الليرة والى تضخّم بالأسعار ووجوب زيادة المعاشات والسلسلة وطبع العملة الوطنية بكميّات كبيرة وبالتالي الانهيار الاضافي لليرة والتضخم الإضافي وصولاً لا سمح الله الى النموذج الفنزويلي".
وشدد على أنه " يعني انّنا سنضطّر للتوجه للشرق، ومن قال ان هذا هو خيارنا؟ هذا لا يكون إلاّ اذا فرض علينا ولم يبقَ لنا خيار"، مؤكدا أن "هذا لا يعني انّنا لا نريد أن نتعامل مع الشرق ونبقي على تعامل أوحد مع الغرب ولكن أيضاً لا نريد بخيارنا إدارة ظهرنا للغرب".
كما أضاف: "ماذا يعمل بعض الغرب وبعض حلفاء الغرب في الداخل على إجبارنا على ادارة وجهنا حصراً باتجاه الشرق؟! هل يعرفون نتائج ذلك ويتحملون المسؤولية؟"، لافتا الى أنني " انا لا أتكلّم عن حياد، بل عن انفتاح، أنا لا أتكلّم عن حياد، بل عن ابتعاد عن مشاكل الخارج، فلماذا تأتون بها الينا؟ قلتم لنا ابتعدوا عن أزمة سوريا، وأدخلتم عنصر النازحين الى داخلنا كعنصر دائم مزروع في داخلنا ومهدّد للبناننا، والآن تأتون لنا بعنصر جديد اسمه قيصر".
وقال "إننا لا نريد المواجهة مع أميركا، لا بل نريد أن نحافظ على الصداقة، وقيصر ليس قانوناً دولياً ولكن لدى أميركا القوة لفرضه؛ وهو إن طبّق يعني قطع حدود، وزيادة عبء النازحين، لا بل استقدام المزيد منهم بسبب تردّي الأوضاع الاقتصادية في سوريا؛ وبالتالي فرضه يعني خنقنا من الداخل والخارج"، مؤكدا أن "لدينا حدود مشتركة مع سوريا، وأناس وشركات ومصارف ومصالح تعيش بين البلدين، وسوريا هي رئتنا مع العالم العربي، فهل يريدون قطعنا عنه؟ قطعنا عن عروبتنا؟ لسنا غربيين، بل سنبقى عرباً ومشرقيين بثقافة متنوعة غربية وشرقية".