لبنان
اجتماعات ماراتونية على أكثر من صعيد.. وتعثر في آلية ضخ الدولار
اهتمت الصحف الصادرة صباح اليوم بالاجتماعات التي جرت أمس والتي صدر على اثرها مواقف من رئيسي الجمهورية والحكومةن لا سيما ما يتعلق بالشق الأمني والمالي، والتي تزامنت مع بدء سريان الاتفاق مع مصرف لبنان بضخ الدولا في السوق، مع علامات استفهام حول مدى نجاح هذه الخطوة في يومها الأول.
الوقائع على الأرض أشارت إلى تعثر في هذه الآلية التي لم تشمل إلا عددا قليلا من الصرافينن مع شروط ومحدودية في كمية الأموال التي يمكن أن يستلمها المستفيدون، وبقي السعر في بعض السوق السوداء قرابة 4400 ليرة للدولار الواحد.
إلى ذلك برز عامل امني خطير بكشف الامن العام اللبناني عن مخطط ارهابي لاستهداف مطار بيروت الدولي، وابلاغ المديرية للجهات المعنية بهذا الامر للمتابعة.
"البناء": دياب للهيئات المعنيّة: مهلة شهر طلباً لنتائج عمليّة ماليّة وإطلاق عجلة الرقابة والقضاء
دخل اتفاق بعبدا ومقررات مجلس الوزراء حول تخفيض سعر صرف الدولار حيز التنفيذ صباح أمس الذي كان الاختبار الأول لنجاح الاتفاق كما وعد الرئيس بري. وأفادت المعلومات أن مصرف لبنان ضخ في السوق أمس 3 ملايين و500 الف دولار للصيارفة فئة أولى، وحركة البيع للافراد بمعدل 200 دولار أسبوعياً بلغت نحو 690 عملية. وظهر شحّ في الدولار في السوق لدى الصرافين المرخصين الفئة الثانية. ووقفت طوابير من المواطنين أمام محال الصيرفة لشراء الدولار وذلك بناء على وثائق تثبت حاجتهم للدولار. فيما أفادت مصادر الصرافين الى أن كمية الدولار التي تم ضخها في السوق اليوم لم تصمد أكثر من ساعات قليلة وتم بيعها.
ولفت خبراء في الشأن المالي والاقتصادي لـ«البناء» الى أن «الكمية التي ضخها مصرف لبنان في السوق غير كافية لتلبية حاجة السوق المحلية وبالتالي لن تؤدي الى خفض سعر صرف الدولار»، موضحين أن إجراءات المصرف المركزي لا يمكنه مقاومة قانون العرض والطلب، في ظل الطلب الكثيف مقابل العرض القليل، فضخّ 4 ملايين دولار لن تصمد لأكثر من ساعات وهذا سببه انعدام الثقة بالسوق النقدية وبمؤسسات الدولة الى جانب الطلب المتزايد من التجار والصناعيين على الدولار». موضحين أن «خفض سععر الصرف لا يعالج بإجراءات أمنية واتفاقات سياسية بل بإجرات مالية واقتصادية لا سيما تخفيض الاستيراد ومكافحة الفساد والهدر وتنمية القطاعات الصناعية والزراعية وكل إجراءات أخرى هي تقطيع وقت ومعالجات مؤقتة وجزئية».
وتم استحداث لجنة أمنية اقتصادية انبثقت عن اجتماع السرايا الحكومية لمعالجة الأزمة المالية وخاصةً انهيار سعر صرف الليرة، وأوضح اللواء إبراهيم أن «هدف هذه اللجنة العمل على تثبيت سعر صرف الدولار»، وأضاف: «انشأنا غرفة عمليات في المديرية العامة للأمن العام لمتابعة كل المتاجرين بالدولار في البلد بصورة غير شرعية».
وكان الرئيس دياب ترأس اجتماعًا ماليًا أمنيًا أمس، في السرايا حضره الوزراء المعنيون ورؤساء الأجهزة الأمنية اضافة الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، ونقيب الصرافين محمود مراد، عضو نقابة الصرافين محمود حلاوي، ومستشار رئيس الحكومة خضر طالب.
وتوقف رئيس الحكومة في بداية الاجتماع أمام أعمال التخريب التي حصلت في طرابلس وبيروت، معتبراً أنها «بمثابة كارثة». بعد ذلك، تناول الرئيس دياب قضية ضبط سعر صرف الدولار، وقال: ما حصل منذ 10 أيام يتجاوز المنطق. اجتمعنا هنا واتخذنا تدابير والتزامات، وبالفعل كما تقول التقارير لقد باع الناس أول يوم أكثر من 5.5 ملايين دولار، وفي اليوم الثاني باعوا أكثر من 4 ملايين دولار، أي أنه تدفّق دولارات إلى السوق في حدود 10 ملايين دولار خلال يومين فقط، وفي اليوم الثالث اختفى كل شيء من السوق فجأة، ولم تتجاوز حجم حركة المبيع أكثر من 100 ألف دولار. طبعاً هذا شيء غريب وغير منطقي. بعدها استمر فقدان الدولار بشكل شبه تام، وارتفع الطلب وكأن هناك من قرّر العودة إلى المضاربة على السعر. يجب إجراء تحقيق في الموضوع، وأنتم هنا كل الأجهزة، أفترض أن تكون لديكم أجوبة على ما حصل، لأن هذا الأمر يتكرّر، وأنا سبق وقلت إن اللعب بلقمة عيش الناس لن نسكت عنه. أضاف: رواتب الموظفين والعسكر لم تعُد تساوي شيئاً، والأسعار ترتفع بشكل جنونيّ. مسؤوليتنا أن نحمي رواتب الناس، ونحمي لقمة عيشهم. لذلك يجب ألّا يمرّ هذا الموضوع وكأن شيئاً لم يحصل. نريد تحقيقاً كاملاً متكاملاً، أمنياً وقضائياً. لا يجوز أن تكون هناك جريمة ولا يوجد مجرم، إلا إذا كان الذي حصل شيئاً عادياً، وأنا شخصياً مقتنع، ولدي معطيات معينة، أن ما حصل كان بفعل فاعل.
وتطرّق المجتمعون إلى الآلية التي أقرّها مجلس الوزراء في شأن خفض سعر الدولار، وإعطاء الصلاحيّات للمعنيين لتنفيذها. وأكّد حاكم مصرف لبنان على الالتزام بضخ الدولار في الأسواق. وتمّ التأكيد على التزام الصرافين المرخصين بشروط النقابة، وتسليم الدولارات لهم من قبل مصرف لبنان لمنعها من الوصول إلى المضاربين أو تهريبها إلى الخارج.
وفيما تستكمل المفاوضات بين الوفد اللبناني وصندوق النقد الدولي، انعقدت جلسة لفرعية لجنة المال لتقصي الحقائق، بحضور وزارة المال ومصرف لبنان وجمعية المصارف في ساحة النجمة برئاسة النائب ابراهيم كنعان الذي قال بعد الجلسة: «تقدمنا في جلسة اليوم والمتوقّع ان ننتهي هذا الأسبوع من المهمة التي اوكلت الينا، ومن المحتمل ان أرفع تقريري الى لجنة المال والموازنة الخميس، ومنها الى رئيس المجلس النيابي، اذا حصلنا على موافقة اللجنة».
وأعلن رئيس جمعية المصارف بعد اجتماعه مع الرئيس دياب «أننا دخلنا مرحلة المعالجة الجدية».
وأعلن دياب بعد ترؤسه اجتماعاً لهيئات أجهزة الرقابة، بدء الحرب على الفساد. وقال: «هذه معركة طويلة، وستكون صعبة، وسنتعرض فيها لاتهامات وتخوين وشتائم وحملات سياسية. ماشي الحال، تعودنا عليها من أول يوم تم فيه تكليفي بتأليف الحكومة. سيحاول الفاسدون حماية أنفسهم بالعباءات السياسية والطائفية والمذهبية والمناطقية والعائلية. كل هذا لن يوقفنا عن متابعة هذه المعركة. سنقاتل فيها للآخر. اللبنانيون معنا في هذه المعركة».
"الأخبار": دياب يستسلم لحزب المصرف؟
وتساءلت صحيفة "الأخبار"، هل رضخ رئيس الحكومة حسان دياب لحزب المصرف؟ السؤال مردّه إلى اجتماع مالي مسائي عُقِد في السراي، ظهرت فيه ملامح توافق على حل يقترحه رياض سلامة والمصارف للأزمة المالية، يأخذ من برنامج صندوق النقد الدولي سيّئاته، ويُسقِط من خطة الحكومة حسناتها، مع الاستمرار في السياسات التي أوصلت البلد إلى الانهيار.
في كل مرة تطرح اقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة شعبياً وعلى طاولة مجلس الوزراء، يحضر التوافق على سحب الموضوع من التداول، وإغداق الوعود بتثبيت سعر صرف الدولار وخفضه. كأن المشكلة مع المؤتمن على السياسة النقدية في البلد تنحصر بارتفاع سعر الصرف الجنوني دون غيره من الخطايا المرتكبة طيلة سنوات. هكذا، جرى يوم الجمعة الماضي، على وقع الاحتجاجات الشعبية نتيجة ارتفاع الدولار الى نحو 6 آلاف ليرة. استنفر «حزب المصرف» للدفاع عن سلامة الذي تعهد بضخ دولارات في السوق تصل الى 30 مليون دولار خلال هذا الأسبوع. لكن في اليوم الأول لهذا الضخ المفترض، لا الدولار انخفض الى ما دون الـ4 آلاف ليرة بل تراوح سعره ما بين 4400 و4600 ليلا، ولا اللبنانيون شعروا بتأثير دولارات سلامة في السوق بحيث استمر التجار في بيع السلع على أساس سعر صرف يوازي 4200 ليرة للدولار. فكانت النتيجة مزيداً من الاجتماعات المالية والأمنية والقضائية والسياسية في السراي الحكومي، لا لمساءلة الحاكم والمصارف والصرافين ومن يدور في فلكهم، بل لإعلان الخضوع لسلامة وجمعية المصارف. فرسمياً، أدخلت الحكومة جمعية المصارف الى دائرة القرار للنقاش في توزيع الخسائر الناتجة عن السياسات المالية والنقدية السابقة. وهو ما كان قد جرى التمهيد له في مجلس النواب، خصوصاً خلال اجتماعات لجنة المال والموازنة، اذ حاول رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان وأعضاؤها تسويق ضرورة اعداد الدولة لخطتها بالتفاوض مع مصرف لبنان والمصارف. بدأت مساعي افشال المفاوضات مع صندوق النقد، عبر السعي الى حشد العدد الأكبر من النواب لمنع اقرار الخطة التي تتطلب اقرار قوانين اصلاحية داخل المجلس. فسلامة والمصارف يعوّلون على كتلة نيابية عابرة للاصطفافات تساندهم في الامتناع عن إقرار كل ما يمس رساميل المصارف، وكل ما يؤدي إلى توزيع للخسائر فيه شيء من العدالة. فإما الرضوخ لطروحاتهم أو الانهيار التام.
يريد أصحاب المصارف إبعاد كأس شطب الرساميل عنهم نهائياً
أخطر ما في الاجتماع المالي المسائي الذي عقده رئيس الحكومة حسان دياب في السراي أمس، بحضور وزراء الدفاع والمال والبيئة، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والمدير العام لوزارة المال ألان بيفاني، والمستشار الرئاسي شربل قرداحي، ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، يكمن في بروز «شبه توافق» على الأخذ بوجهة نظر سلامة والمصارف من ناحية عدم شطب الدين الداخلي أو إعادة هيكلته، بل اعادة جدولته، ما يعني استمرار اللبنانيين في دفع الضرائب لخدمة الدين العام الى ما لا نهاية، من منطلق «حق» المصارف في تكوين الجزء الأكبر من مداخيلها من المال العام، فيما بدأت بشائر الموافقة على خطة سلامة والمصرفيين بعد ان انقلبت الآية بالنسبة إليهم. كل السعي إلى إقحام صندوق النقد في عملية الخروج من الأزمة المالية والنقدية، انقلب إلى سعي لإفشال الاتفاق مع الصندوق وابتكار «حلّ داخلي». فشروط صندوق النقد الأساسية تمر بتغيير السياسة النقدية وسياسة المالية العامة وانجاز الخصخصة التي يرى فيها سبيلاً وحيداً لتحقيق نمو اقتصادي وإعادة تحسين وضع المالية. ويركز الصندوق على مسألة التقشف وخفض حجم القطاع العام، على أن يترافق مع مجموعة شروط سياسية لم يعلن عنها بعد. لكن في حسابات مصرف لبنان والمصارف، برنامج الصندوق يمسّ بأموالهم ويحمّلهم مسؤوليتهم عن الخسائر المسجلة في القطاع المالي. اما برنامج سلامة - المصارف والائتلاف السياسي الداعم لهم، فيريد كل سيئات برنامج صندوق النقد، مع الاستمرار في السياسات ذاتها التي أوصلت البلد إلى الانهيار. حزب المصارف لديه الأغلبية، وهو قادر على فرض مشيئته إن كان الحل داخلياً. هذا يعني بلغة المصارف التخلص من عبء إلزامها بالمساهمة في إطفاء الخسائر. فصندوق النقد أبلغ سلامة أكثر من مرة عدم امكانية الاستمرار في السياسات النقدية نفسها، ويحمّل المصارف ومصرف لبنان مسؤولية الخسائر الواقعة في القطاع المالي. الخسائر من منظار الصندوق تفوق حتى ما تتضمنه الخطة الحكومية، وتتجاوز عتبة الـ103 مليارات دولار. تلك المقاربة لا تناسب المصارف التي تقدم أرقاماً مخفضة، ولا تريد أي مس برساميلها لإطفاء جزء من الخسائر، بل تتبنى حصراً طرح الصندوق لجهة التقشف وخفض حجم القطاع العام، والخصخصة بدافع سدّ خسائر القطاع المالي من أملاك اللبنانيين العامة.
يطالب سلامة الحكومة بالاعتراف بالديون التي سجّلها على الدولة
أما الخطة البديلة للفريق السياسي والمالي لمصرف لبنان والمصارف، والتي ظهرت ملامحها سابقاً وجرى تكرارها في اجتماع السراي أمس، فتعتمد على إعادة هيكلة الدين الخارجي، وإعادة جدولة الدين الداخلي، أي إطالة أمده مع تعديل في الفوائد، وإلزام اللبنانيين بدفع ضريبة مؤبدة للاستمرار في تسديد خدمة الدين هذه إلى المصارف. وتشير الخطة الى ضرورة اعتراف الدولة اللبنانية بديونها لصالح مصرف لبنان بالدولار. ليس الحديث هنا عن سندات اليوروبوندز، بل عن حساب اخترعه سلامة ويعمد الى تسجيل كل الأموال المسددة له من الدولة بالليرة اللبنانية ليتولى هو دفعها بالدولار. عملياً، وبلغة أوضح، لما كانت الدولة تشتري الدولارات من مصرف لبنان وتسدد ثمنها بالليرة، كان سلامة يسجلها على أنها دين على الدولة بالعملة الأجنبية. يريد للدولة أن تعترف بهذا الدين الذي سبق أن سدّدته! من جهة أخرى، تطرح الخطة إنشاء صندوق سيادي لوضع أصول الدولة فيه من أجل استخدام عائداته ونتائج فوائد استثمارها أو بيعها، لإطفاء خسائر القطاع المالي، وتحديداً الخسائر المترتبة على مصرف لبنان والمصارف. أما ودائع اللبنانيين المحتجزة، فتسدد بالعملة اللبنانية، وبحسب سعر صرف يتحدد لاحقاً، ما يعني عمليا الطلب الى المودعين اعتبار أموالهم المودعة بالدولار وكأنها لم تكن، وجرّهم الى خيار وحيد هو الحصول عليها بالليرة ووفق شروط المصرف المركزي وجمعية المصارف، الراغبين في إعفاء أنفسهم من مسؤولية الخسارة التي شاركوا في تسجيلها... وطبعاً إبعاد كأس شطب الرساميل عنهم نهائياً، ما يعني أيضاً أن لا «هيركات» على أصحاب الـ1% من رؤوس الأموال، وأن أحداً لا يملك توجّهاً بشأن إصلاح الموازنة العامة للدولة.
ما سبق، جرى أمس بحضور رئيس الحكومة الذي اكتفى بطرح الأسئلة من دون تقديم أي طرح ولا الاعلان عن خطوات الدولة المعتزم اجراؤها، وسط التزام الفريق الحكومي الحاضر بالصمت. قلة من هذا الفريق تحدّثت، بينهم بيفاني الذي شدد على ضرورة تحديد الخسائر والطرف الذي يتحمل مسؤوليتها. فتركها من دون تحديد سينتهي بتحميلها الى الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع. وقال بيفاني إن هذا الموضوع يتطلب الإجابة عن 3 نقاط: 1- تحديد الخسائر. 2- فشل المفاوضات مع صندوق النقد سيرتب كلفة كبيرة جداً على الدولة والمجتمع، إذ سيتم النظر الى لبنان على أنه دولة فاشلة على مختلف المستويات؛ الأمر الذي سيضرب الثقة بالبلد أكثر مما هي مضروبة. 3- ثمة رزمة من الاصلاحات يمكن إنجازها من دون صندوق النقد ولا يمكن أن تنتظر، إذ يفترض البدء بها منذ الآن في خضم هذه المفاوضات، نظراً الى الترجيح أن تكون مدة التفاوض مع الصندوق طويلة الأمد.
من جانبه، كرر رياض سلامة ما تم التوافق عليه في لجنة المال، بوجوب عدم شمول سندات الدين بالليرة اللبنانية بعملية الهيركات. الحجة أن هذه السندات خسرت ٦٠ في المئة من قيمتها بفعل انهيار سعر الصرف. طرح أيضاً إصدار سندات بالليرة، بما يؤدي عملياً إلى زيادة الضغط على العملة. وزير المالية دعا إلى التدقيق في أرقام الناتج المحلي، وهي عملية تدرس في لجنة المال أيضاً، حيث كُلّف النائب نقولا نحاس بالتنسيق مع إدارة الإحصاء المركزي لتبيان القيمة الفعلية للناتج، تمهيداً لاحتساب نسبة الدين إليه، فيما اشتكى رئيس جمعية المصارف سليم صفير من الضغط الذي تتعرض له المصارف، وقال إن المهم أن نبقى مستمرين من أجل البلد. بالتوازي، كانت مساعي التوفيق بين أرقام الحكومة وأرقام مصرف لبنان مستمرة في لجنة المال. الخلاف مرتبط بطريقة الاحتساب. وإذا كانت الخطة الحكومية قد اعتمدت طرق احتساب واضحة، فإن لحاكم مصرف لبنان طريقته الخاصة. وهو لن يكلّ في الدفاع عنها، لأن أي أمر آخر سيكون بمثابة الإقرار بفشل كل السياسات التي اتبعها في إدارة المصرف المركزي، والتي أوصلت إلى الإفلاس. وفد صندوق النقد الدولي يتعامل مع الأرقام الحكومية على أنها الأصلح لتكون نقطة انطلاق، لكن مع ذلك فإن لجنة المال تصرّ على أن عملها لا يتعارض مع السياق الذي تسير به المفاوضات، إذ يرى رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان، وعدد من اعضائها، أن عملهم «ضروري في هذه المرحلة لتعويض الخلل الذي يشوب المفاوضات مع صندوق النقد، والناتج عن عدم تواصل الحكومة مع مصرف لبنان والمجلس النيابي قبل إعداد خطتها». لكن آخرين يعتبرون أن عمل اللجنة هو لزوم ما لا يلزم، إلا إذا كان الهدف منه إجراء تمرين حسابي - مالي للضغط على الحكومة لمصلحة المصارف وأصحابها.
"اللواء": آلية لجم الدولار تتعثر
صحيفة "اللواء" رأت أن المشهد على الأرض أكثر صدقية، من الاجتماعات والبيانات، والارادات والرغبات، فانهيار سعر الدولار في أسواق بيروت، يعالج على طريقة «نظرية المؤامرة» وبالتالي فالمعالجات الجذرية لم ترتق إلى خيار المعالجة بالاقتصاد، بل بالأمن، سواء عبر اجتماعات مجلس الدفاع الأعلى، الذي ينعقد تباعاً بموازاة مجلس الوزراء، بل يزيد، أو عبر «غرفة العمليات» لمتابعة أو ملاحقة كل المتاجرين بالدولار في البلد بصورة غير شرعية، وفقاً لما أكده المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم من عين التينة، والذي يبذل جهوداً استثنائية لوقف تداعيات الانهيار المالي.
وفي إطار، ما يمكن ان يبحثه مجلس الوزراء في جلسته المقبلة، كشف مصدر مطلع ان الجلسة واردة الخميس، ولكن لم يتحدد بعد جدول الأعمال، ولا مكان الانعقاد في السراي أو القصر الجمهوري.
في الأسواق، تراوح سعر صرف الدولار بين 4200 و4400 ليرة مقابل الدولار، وفقاً لما نقلته «فرانس برس» عن أحد الصرافين، على الرغم من ان المصرف المركزي ضخ كميات من الدولارات للجم انهيار الليرة.
وفي المعلومات ان مصرف لبنان ضخ في السوق اليوم 3 ملايين و500 الف دولار للصيارفة فئة اولى، وحركة البيع للافراد بمعدل 200 دولار اسبوعيا بلغت نحو 690 عملية. وشح في الدولار في السوق لدى الصرافين المرخصين الفئة الثانية، واصطفت طوابير من المواطنين امام محلات الصيرفة.
وقالت: أن كمية الدولار التي تم ضخها في السوق اليوم لم تصمد اكثر من ساعات قليلة وتم بيعها.
ووفقاً لخبر «اللواء» (في مكان آخر) فسعر صرف الدولار في السوق، هبط قليلاً عن الخمسة آلاف (4700 ليرة لبنانية)، وسط معلومات عن تمنع عدد من الصرافين من فئة «أ» عن تبادل عمليات الصرافة.. بعد تجمع العشرات امام محلات الصيرفة وسط صعوبات تنفيذية لآلية تزويد هؤلاء بالدولارات، التي يضخها المصرف المركزي، وسط معطيات لجهات رسمية ان المضي بضخ الدولار من دون حل لا يمكن ان يستمر إذا كانت له انعكاسات سلبية.
وكشف النائب نقولا نحاس ان اجتماع لجنة المال النيابية أمس، تمكن من ردم الفجوة بين الأرقام المتباينة بين وزارة المال ومصرف لبنان، وان الأمر يحتاج إلى جلسة أو أكثر للاتفاق بمشاركة الحكومة وجمعية المصارف ومصرف لبنان والمجلس النيابي.
واخطر ما في المشهد، عدم انعقاد اجتماع التفاوض بين صندوق النقد الدولي ووزارة المال، بانتظار توحيد الأرقام بين الوزارة ومصرف لبنان، والذي يتأثر وفقاً لخبراء اقتصاديين، بتراجع سعر صرف الليرة، بالتزامن مع أزمة سيولة وتوقف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار، وخسارة عشرات الآلاف رواتبهم ووظائفهم، واقفال مؤسسات وفنادق عريقة أبوابها.
وكشف عضو الوفد اللبناني المشارك في الاجتماعات مع الصندوق هنري شاوول ان المفاوضات ما تزال في مرحلة «الاستكشاف» والتي تحتاج حتى تنتهي إلى جلسة أو أكثر.
الأعلى للدفاع
وفي سياق فك الارتباط بين التدهور المالي والنقدي، وانعكاساته الخطيرة على أسعار السلع وتآكل القدرة الشرائية وعمليات الشغب في الشارع، يمكن القول ان المجلس الأعلى للدفاع بحث في نقطتين لا تلازم بينهما:
1- النقطة الأولى تتعلق «بأحداث الشغب» التي حصلت في عدد من المناطق، لا سيما في بيروت وطرابلس والتي أخذ بعضها طابعاً طائفياً، إضافة إلى استهداف القوى العسكرية والأمنية.
2- النقطة الثانية: الكميات المستهلكة من المحروقات في السوق المحلي، وسبل معالجة الخلل بين الطلب والعرض.
وقد استهل الرئيس ميشال عون الاجتماع الذي حضره الرئيس حسان دياب والوزراء وقادة الأجهزة الأمنية ومدعي عام التمييز، بالإشارة الى احداث الشغب التي حصلت في عدد من المناطق، لا سيما في بيروت وطرابلس والتي اخذ بعضها طابعا طائفيا، اضافة الى استهداف القوى العسكرية والأمنية بالاعتداء المباشر. وقال: ان مثل هذه الاحداث سببت استياء واسعا، الامر الذي يفرض اتخاذ إجراءات متشددة لمنع تكرارها، إضافة الى القيام بحملة توقيفات تشمل المخططين والمحرضين والمنفذين على حد سواء. ولن يكون من المسموح بعد اليوم تجدد مثل هذه الاعمال التخريبية التي تؤثر على هيبة الدولة ما ينذر بمضاعفات خطيرة. وجدد الدعوة الى العمليات الاستباقية لتفادي تكرار ما حصل من فلتان وتعد على الأملاك العامة والخاصة واحراقها.
وعلمت «اللواء» ان المجتمعين بحثوا بالتفصيل احداث الشغب والتخريب التي جرت في وسط بيروت وطرابلس والمعطيات والمعلومات المتوافرة لدى الاجهزة العسكرية والامنية حول مفتعلي هذه الاعمال والذين باتت الاجهزة الامنية تملك معلوات عنهم، واسباب تأخر تدخل القوى الامنية بقمع الشغب ما زاد من تردي الوضع بالتخريب والتعديات على الممتلكات. وتقرر اتخاذ ترتيبات امنية تمنع تكرار هذه الاعمال، وتفعيل القضاء بملاحقتهم والتشدد في معاقبتهم، خاصة ان لا علاقة لهم بالمطالب الشعبية المعيشية والاقتصادية.
وعلمت «اللواء» ان المجلس توقف عند الصور التي تمّ توزيعها بعيد الأحداث التي وقعت وتحدث بعضهم عن آلة متطورة تساهم في كشف الهويات والتدقيق بالمعلومات.
وقالت مصادر مطلعة ان المجتمعين لفتوا الى ان ما جرى يوم الجمعة كان مخططا له ليتحول الى المشهد الذي ظهر، مع العلم انه في بداية الأمر لم يدل المشهد على شيء حتى ان قوى الأمن الداخلي تأخرت في النزول متحدثة عن صعوبات تواجه الأجهزة الأمنية.
وقالت ان حركة الدراجات في تلك الحوادث كانت مؤثرة وبلغ عدد الموقوفين السوريين 15 كما ان هناك سودانيين وقد اظهرت التقارير الأمنية ذلك على انها لحظت دخول الدراجات الى الخندق الغميق اتية من بيروت وطرابلس وخروجها منه ومن ثم دخولها اليه.
وافادت ان المجتمعين اكدوا ضرورة اخذ ردود فعل انصار الذين تم توقيفهم في الحسبان وذلك في اكثر من محطة وعلمت اللواء ان سوريين كانوا في عداد الذين افتعلوا المشاكل وهم يتحركون بتوجيه من جهات محددة.
"الجمهورية": الأمن العام يكشف معلومات عن استهداف المطار
وفي سياق متصل، كأنه لا يكفي اللبنانيين ما يعانونه على المستوى الداخلي، ليضاعف العامل الارهابي منسوب قلقهم، ربطاً بما تكشّف في الساعات الاخيرة عن محاولة دخول هذا العامل من جديد على المسرح الداخلي. وهو ما أكده اللواء ابراهيم الذي أعلن عن ورود معلومات الى الامن العام عن استهداف المطار، وتم ابلاغها الى المعنيين.
واللافت في هذا السياق، هو تسريب نص البرقية التي بعث بها الامن العام الى الاجهزة الامنية، وكذلك الى جهاز أمن المطار وتدعو لاتخاذ التدابير اللازمة، بعد "توافر معلومات عن احتمال قيام مجموعة إرهابية بتنفيذ اعتداء إرهابي بتاريخ 15/ 6/ 2020 على مطار رفيق الحريري الدولي، وقد يكون عبر تسلل أشخاص من جهة البحر (كومندوس بحري) للقيام بأعمال تفجير وتخريب في محيط حرم المطار وداخله وخارجه".
التهديد الأمني
وقال مصدر أمني لـ"الجمهورية": العين الأمنية ساهرة على أمن واستقرار البلد، وهذا العمل العدواني والتفجيري الذي يحضّر، يؤكد انّ لبنان ما زال هدفاً للارهاب، وهذا يوجِب عدم الاسترخاء بل رفع جهوزية كلّ الأجهزة لتَدارك هذا الخطر ومنع المنطمات الارهابية من التسلل مجدداً الى لبنان وضرب أمنه واستقراره".
ورداً على سؤال حول تسريب البرقية، إكتفى المصدر الأمني بالقول: عيننا ساهرة، وتسريب البرقية كان متعمّداً في محاولة لإحباط العملية قبل حصولها، ولكن رغم كشف هذه المعلومات، الّا اننا لا نستطيع ان نقول انّ الخطر قد زال وانّ أمر العملية الارهابية قد انتهى، وبالتالي التهديد ما زال موجوداً.
وبحسب معلومات "الجمهورية" فإنّ حالاً من الاستنفار سادت الاجهزة الامنية والعسكرية، التي تعاطت مع البرقية بجدية عالية، وترافقَ هذا الاستنفار مع تشديد الاجراءات الامنية في المطار، واتخاذ سلسلة تدابير احترازية في أماكن اخرى".
أما عن هوية المنظمة الارهابية التي كانت تحضّر لتفجيرات في المطار، فلم يُشر المصدر الامني الى هوية محددة، الا انه لم يُخرج العامل الداعشي من دائرة الاحتمالات.