معركة أولي البأس

 

لبنان

سعر صرف الليرة يشغل الشارع اللبناني..واستنفار حكومي وضغط على سلامة يؤدي إلى تراجعه
13/06/2020

سعر صرف الليرة يشغل الشارع اللبناني..واستنفار حكومي وضغط على سلامة يؤدي إلى تراجعه

لا يزال سعر صرف الليرة اللبنانية يشغل الشارع اللبناني، وهو ما كان محور حديث الصحف ايضاً، وقد استطاع مجلس الوزراء في جلسته الاستثنائية أن يلزم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بضخ الدولار في السوق، وإعادة الاتفاق مع الصرافين لتنزيل سعر الصرف إلى 3200 ليرة، وهذا ما بدأ يظهر منذ يوم أمس، لكن رغم القرارات الصادرة عن اللقاءات الرئاسية والحكومية والمالية في بعبدا وقبلها في السراي الحكومي، وبدء ظهور نتائجها بتراجع سعر صرف الدولار، شهدت مناطق بيروت وطرابلس وعدد من طرقات الجنوب والبقاع والشمال، تصعيداً تمثل بأعمال شغب وتكسير وإحراق محالّ، وقطع طرقات.

"الأخبار": سلامة: أنا أو لا ليرة

وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إن حزب حاكم المصرف المركزي رياض سلامة هو الحزب الأقوى في لبنان. بمجرّد أن تنفّس أحد ما بنقاش إقالته، استنفر الجميع، الرافضون من عوكر إلى «بيت الوسط»، والراغبون يتمنّعون خوفاً من انهيار آتٍ، بوجود سلامة أو غيابه.

وأضافت هكذا هو الحال إذاً، في بلد أنجح حاكم مصرف مركزي في العالم: العملة تنهار، والاقتصاد ينهار والدولة تنهار والشعب يجوع ويئنّ ويموت، ويبقى رياض سلامة واقفاً، ويقول للجميع: «لا فيكم تشيلوني، لا فيكم تخلّوني». إنها معادلة الاقتصاد «المدولر» والمنتفخ بلا زراعة ولا صناعة ولا تنمية مستدامة، تلك التي تُوصل موظّفاً، مرضياً عليه أميركياً، أو مُودعاً من واشنطن على رأس القطاع المصرفي اللبناني، أحد أكبر مراكز التأثير الاقتصادية الأميركية في لبنان والمنطقة. فالذين يعتقدون أن دولارات سلامة الممنوعة، تفعل فعلها في لبنان وحده، مخطئون. إنه «أثر الفراشة» يرتدّ عبر المصارف اللبنانية من بيروت إلى أربيل ومن دمشق إلى عمّان، على أعتاب نهاية عصر وبداية عصرٍ جديد. فرياض سلامة ليس شخصاً، بل دَور.

وتابعت قبل يومين، صعد الدولار إلى 7 آلاف ليرة في السوق، الجامد أصلاً، في ارتفاع مدمّر لأي قدرة للبنانيين على الصمود ربّما لأسابيع مقبلة، فانفجر الشارع ولم يهدأ من وقتها، ولن يهدأ. وبالأمس، امتد مسلسل الاحتجاجات وقطع الطرقات وتطوّر الأمر في بيروت وطرابلس إلى حرق مصارف ومبانٍ في وسط مدينة بيروت، وكرّ وفرّ مع الجيش اللبناني. ووسط هذا، تُنهك المؤسسة العسكرية من شارع إلى شارع على مساحة لبنان، وهي الواقعة بين ضرورتَي حفظ الأمن وضبط الانفلات الأهلي بكلّ أشكاله، وبين غضب الناس المتألمين من فقدان أبسط مقوّمات الأمن الغذائي والاجتماعي والسياسي مع كمّ يسير من اليأس. وصار القلق على المؤسسة مضاعفاً، من قوى الداخل وبعض قوى الخارج، التي تخشى تراجع قدرة الجيش على لجم الفوضى مع تطوّر الأزمة وامتدادها وتأثر مداخيل العسكريين.

وأشارت الصحيفة إلى أن الوقائع السياسية في اليومين الماضيين، عادت لتؤكّد أن «حزب سلامة» هو الحزب الأقوى في البلد. فعلى الرغم مما قيل عن قرار بإقالته، وانقسامات حوله بين الكتل السياسية، فإن أحداً لم يطرح مطلب إقالة سلامة، بل كلّ ما جرى هو مشاورات حول الطريقة التي من الممكن فيها إيقاف انهيار الليرة وارتفاع الدولار، ومن ضمن هذه المشاورات، احتمال الإقالة. وبحسب المعلومات، فإن الرئيسين ميشال عون وحسان دياب والوزير السابق جبران باسيل أجروا قبل أيام اتصالات بالرئيس نبيه بري وحزب الله وآخرين للتشاور حول آليات وقف انهيار الليرة، وجرى السؤال إن كان بإمكان هذه الخطوة أن تجمّد الانهيار. وجاء ردّ حزب الله وبرّي محدّداً أن كل الخيارات مفتوحة، لكن يجب أن تكون هناك بدائل وضمانات بأن لا يتم رفع سعر الدولار بشكل متسارع وتنهار الليرة بأضعاف، ما يفجّر فوضى شاملة في البلاد.

ولفتت "الأخبار" إلى أنه ليل الخميس - الجمعة، تمّ الاتفاق بين القوى الرئيسية على تأجيل البتّ بمصير سلامة والضغط عليه لضخ دولارات في السوق لتهدئة الليرة وإعادتها إلى حدود أدنى، وعقد اجتماع بين الرؤساء الثلاثة في قصر بعبدا قبل جلسة مجلس الوزراء.

وقالت إنه "عدا عن مداخلة وزيرة العدل ماري كلود نجم النارية ضد سلامة خلال الجلسة، فإن نقاش الإقالة لم يُطرح خلال الجلسة، بخلاف ما جرى الحديث في الإعلام في ساعات بعد الظهر. لكنّ حزب سلامة ممتّد محليّاً ودوليّاً، وبمجرّد أن شعر الحاكم بأن نقاشاً حول إقالته قد فتح، حتى استنفر حزبه للدفاع عنه والتهويل بانهيار الليرة. طبعاً، لا يمكن أن تترك السفيرة الأميركية دوروثي شيا سلامة من دون دعم متجدّد. وإن كان عدم إعادة تعيين نائب الحاكم السابق محمد بعاصيري في التعيينات الأخيرة، قابلته ضغوط أميركية انعكست كجزء من أسباب ارتفاع سعر الدولار، فإن أي تفكير في إقالة سلامة شبّهته شيا بطريق من دون «خط رجعة» وتكفّل جماعة السفارة بنشر التهديد هنا وهناك، مقابل لباقة ودبلوماسية مفرطة أمام عون في بعبدا قبل يومين، مع تبريرات بشأن ما نُشر عن مشروع لمعاقبة حلفاء حزب الله، أبرزهم بري وباسيل. ومع أن سلامة خضع أمس لضرورة ضخ دولارات في السوق لتهدئة انهيار الليرة، إلا أنّه تراجع عن قراره بالرفض سابقاً، بأن هذا الإجراء مؤقّت وأن السعر سيعود إلى الارتفاع مجدداً وسيضطر لضخ المال مجدداً.

وأضافت الصحيفة "لا أحد يثق بأن حاكم مصرف لبنان سينجح في حماية العملة الوطنية، وهو الذي لا يزال يدير هندسات مالية غير معلنة بالتوافق مع المصارف، ومع كبار المودعين هذه المرة. حتى إنه فتح الباب أمام تسويات تنقذ بعض المؤسسات من خطر السقوط بعدما غرقت في الدين ولا من يطالبها. اليوم يقف سلامة وخلفه وأمامه حشد من كبار المضاربين العقاريين وأصحاب المواقع وأصحاب وسائل إعلامية ورجال سياسيين وشخصيات في أرفع المناصب في الدولة. كل هؤلاء يعرفهم سلامة واحداً واحداً منذ اليوم الأول لتورطهم في عملياته المالية، إذ أقاموا الشركات وموّلوا المشاريع وحسّنوا أوضاعهم مقابل ديون تعتبر اليوم هالكة، لكن ما من أحد يحقق ويحاسب. وسلامة عاد للتواصل مع جميع هؤلاء، ولديه من الرسل من يذكر الجميع بأن لديه من الملفات ما يكفي للإيقاع بالجميع إن هو وقع. وأظهرت الاتصالات التي جرت خلال الساعات الـ24 الماضية، أن بعض الوسطاء الذين يعملون على الملف المالي والنقدي هم أقرب الى سلامة من بقية أركان الدولة. وهم الذين يهاجمون «حزب المستشارين» رداً على الهجوم على «حزب المصرف». وهؤلاء النافذون موجودون اليوم في قلب مركز القرار. وهذا كاف ليكون سلامة محاطاً بأسوار من الحماية السياسية وحتى القضائية. وخشيته الوحيدة هي من أن «يفلت» الشارع من قبضة السياسيين ويتقدم خطوة كبيرة نحو إحراق الجميع. وهذا ما شعر به رئيس الحكومة الذي كان خائفاً على مصير حكومته، وخصوصاً أنه استفسر من قوى بارزة عن سبب الاندفاعة التي ظهرت عند الرئيس سعد الحريري الذي يردد أنه على وئام مع جميع القوى «ما عدا القصر والصهر»... والقلق على الحكومة ساد غالبية وزارية شعرت خلال الساعات الماضية بأنها أقرب الى رحلة العودة الى البيت وأجرى بعضهم اتصالات سياسية للتثبت من عدم وجود قرار بإطاحة الحكومة".

ولفتت الأخبار إلى أنه منذ عام 2016، ومصرف لبنان يعتمد سياسة لَمّ الدولارات حتى جفّت، في اقتصاد مدولر من أوّله إلى آخره. ثم يأتي سلامة أخيراً، ليصدر تعميماً مهولاً، يخضع فيه من يريد شراء دولارات مهما كانت قيمتها إلى «تفييش» أمني في مصرف لبنان، ويحتاج معه إلى يومين لكي يحصل على المبالغ المطلوبة المعروفة الوجهة والنتيجة. وهذه الآلية الجديدة، ليست إجراءً نقدياً وحسب، بل تحمل دلالات أمنية وسياسية خطيرة بالقضاء على أي أسواق بديلة موجودة في البلاد منذ الحرب العالمية الثانية على الأقل.

وأشارت إلى أن إجراءات سلامة تعني تقنيناً للدولار، فضلاً عن حجز أموال المودعين بالدولار ومصادرة التحويلات الآتية للبنانيين من الخارج. ويستغرب الجميع لماذا يرتفع سعر الدولار؟ فمن الطبيعي، أن الكتلة النقدية الضخمة التي صارت بحوزة اللبنانيين بالليرة نتيجة الطبع المستمر من قبل المصرف المركزي، ستحفزهم على شراء الدولار خشية فقدان هذه أموالهم لقيمتها، ما سيرفع السعر أكثر فأكثر. أمّا الأسوأ، فهو الاعتقاد بأن تعميمات سلامة والاعتقالات الأمنية للصرافين قد توقف ارتفاع السعر، بينما أثبتت التجارب أن هذا الإجراء لا يمكن أن يؤتي ثماره. فكيف إذا كان ذلك مدعوماً بقرار أميركي لاستغلال الدولار كوسيلة ضغط على حزب الله؟ بينما في المقابل، يُفتح في البلد سوق على مصراعيه، اسمه سوق الشيكات، يهرَّب عبره الدولار الكاش بعد أن يتنازل أصحاب الودائع عن نسب تكاد تصل إلى 50% من ودائعهم مقابل أموال نقدية من الصرافين.
بالأمس، اعترفت الدولة على لسان الرئيس نبيه بري بسعر شبه رسمي للدولار، يصل إلى 4 آلاف ليرة، الأمر الذي يدفع سريعاً إلى ضرورة القيام بعملية تصحيح أجور بوجود أربعة أسعار شبه رسمية للدولار، وإلّا فإن مئات آلاف الناس مهددون بالجوع في وقت قصير مع تراجع القدرة على دعم السلع الأساسية في المرحلة المقبلة وغياب العدالة في التوزيع. وكلّ هذا الخراب، والنزف اليومي بالعملات الصعبة، تستمر الحكومة بالسماح باستيراد الكماليات والأطعمة غير اللازمة والمواد الفاخرة، ونصف الشعب يكاد يئن من الجوع.

"البناء": استنفار رئاسيّ وحكوميّ وماليّ ينتهي بحماية سعر الـ"3200"

من جهتها صحيفة "البناء" قالت إن رغم القرارات الصادرة عن اللقاءات الرئاسية والحكومية والمالية في بعبدا وقبلها في السراي الحكومي، وبدء ظهور نتائجها بتراجع سعر صرف الدولار إلى ما دون سقف الـ 5000 ليرة، شهدت مناطق بيروت وطرابلس وعدد من طرقات الجنوب والبقاع والشمال، تصعيداً تمثل بأعمال شغب وتكسير وإحراق محالّ، وقطع طرقات، بصورة عمّمت القلق والمخاوف من انتشار الفوضى، وما ينفتح معها من أبواب للفلتان الأمني، ودخول مجموعات منظمة ذات مشاريع تخريبية على الخط.

واضافت الصحيفة إن الانفجار الشعبي الذي ظهر ليل أمس ترجم بملاقاته سياسياً على مستوى رئاسي تمثل بلقاء رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، وظهور إجماع على التمسك بالحكومة ورئيسها من جهة، خلافاً لكل ما روّجت له بعض الأوساط الداخلية والخارجية عن وجود نيات لإطاحة الحكومة لدى حلفائها، وكذلك ظهور توافق على تفعيل مؤسسة المجلس المركزي في مصرف لبنان، وليس الذهاب لإقالة الحاكم، كما سوقت أوساط مقابلة، فشهد يوم أمس قسمَ يمين نواب حاكم مصرف لبنان ورئيسة وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف، تمهيداً لبدء عملهم، وكانت حصيلة المشاورات قد أفضت إلى جملة إجراءات سيتولى تنسيقها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي برز في اجتماعات السراي الحكومي، محور الربط بين الحكومة ومصرف لبنان وجمعية المصارف. وهذا ما توّجته اجتماعات بعبدا بتشكيل خلية أزمة تضم جميع المعنيين بالشأن المالي، إضافة إلى إبراهيم الذي سيتولى عملياً مسؤولية تنسيق عمل الخلية.

ولفتت إلى أن القرار العملي تمثل بالتفاهم على تثبيت سعر الصرف عند حد الـ 3200 ليرة انطلاقاً من سعر أول هو الـ 3980 الذي حددته نقابة الصرافين لبيع الدولار، وذلك من خلال التزام مصرف لبنان بتأمين الدولارات اللازمة للصرافين وفقاً لطلبات شراء معللة، والتزام المصارف بعدم قبول أي دولارات من زبائنها ليست حاصل شراء من صرافين مرخصين.

وأشارت إلى أن تفاعل الشارع مع القرارات الحكومية كان بطيئاً، خصوصاً في ظل مناخات من الغضب التي تطال حاكم مصرف لبنان، والتوقعات التي تمّ ترويجها عن إمكانية إقالته، بعدما شكّلت الإقالة مطلباً للشارع الغاضب، فكانت المشاهد التي عرفتها بيروت ليلاً مصدراً للشغب والتخريب، بينما كان لشوارع مقابلة حضورها على طرقات الجنوب والبقاع، بقطعها بالعوائق والإطارات المشتعلة، فيما شهدت طرابلس حملات كرّ وفرّ بين القوى الأمنية والمتظاهرين، وهو ما تحوّل إليه المشهد في بيروت بعد بدء الجيش حملة سيطرة على الموقف تمكن خلالها من استعادة ساحتي الشهداء ورياض الصلح من أيدي المتظاهرين عند منتصف الليل، بينما دعت مجموعات يساريّة من الحراك الشعبي يتصدّرها الحزب الشيوعيّ لتحرّك يبدأ من أمام وزارة المالية بعد ظهر اليوم ويتجه نحو جمعية المصارف.

وأوضحت البناء أن محور أحداث يوم أمس، توزّع بين القصر الجمهوري والقصر الحكومي اللذين تناوبا على تطويق تداعيات الانفجار الشعبي في الشارع إثر ارتفاع سعر صرف الدولار، الذي سجل انخفاضاً ملموساً أمس، في الأسواق وذلك بعد سلسلة قرارات اتخذها الرؤساء الثلاثة ومجلس الوزراء في اللقاء الرئاسي الثلاثي وجلستي المجلس في بعبدا والسرايا الحكومي.

وبينت أن مجلس الوزراء تمكن وبجهود من رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب من انتزاع وعدٍ من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بضخ دولارات في السوق بسعر 3850 ليرة، فيما وعد رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي لعب دوراً أساسياً في بلورة الاتفاق، بأن التخفيض سيبدأ حقيقة اعتباراً من الاثنين، وإلى ما دون 4000 ليرة للدولار الواحد، وصولاً الى 3200 ليرة وأن الاتفاق تمّ على الإجراءات.

وأعلن وزير المال غازي وزني بعد انتهاء الجلسة أن الدولار انخفض وسينخفض اكثر. وبعد إعلان عن الاتفاق سجل سعر صرف الدولار ليل أمس، انخفاضاً ملحوظاً، حيث بلغ 4550 للشراء و4700 للمبيع.

واشارت إلى أنه سبق جلسة المجلس لقاء ضم الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري وحسان دياب، وذلك بعد اتصال أجراه دياب بعون صباح أمس تمنى عليه الدعوة الى لقاء للرؤساء الثلاثة للتداول في المستجدات الجديدة. ووضع الرئيس دياب خلال اللقاء الرئيسين عون وبري في أجواء جلسة المجلس الصباحية في السرايا الحكومية، بعد أن أجرى دياب اتصالاً هاتفياً ببري وضعه في أجواء الاتفاق بين الحكومة ومصرف لبنان وجمعية المصارف ونقابة الصرافين.

وأعلن بري بعد الاجتماع الاتفاق على تخفيض قيمة الدولار إزاء العملة اللبنانيّة وصولاً إلى 3200 ليرة ابتداء من اليوم. وأكّد أنّه «تم الاتفاق على مخاطبة الـIMF بلغة واحدة». وعن إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قال بري: «نحن الآن بحاجة لكل الناس وليس للاستغناء عنهم».

وأكد الرئيس عون خلال الجلسة، ان «ما حصل جعلنا نتساءل هل الرقم الذي أعطي لسعر الدولار هو شائعة تم تعميمها، لينزل الناس الى الشوارع للاعتراض فحصلت مواجهات وأعمال شغب؟ ما يدفعنا الى السؤال: هل هناك لعبة سياسية ام مصرفية او شيء آخر يجدر بنا التفكير فيه؟».

من جهته، اعتبر دياب أن «ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة الذي أحدث ضجة في البلاد، لا تسقط حكومة فحسب، بل تودي بالبلد بالكامل»، وقال: «البلاد لم تعُد تحتمل خضات إضافية ومطلوبة إجراءات قاسية لوضع حد لأي شخص او جهة تلجأ الى احداث خضات. لا بد من اتخاذ إجراءات عملية تعطي مناعة اكبر للحكومة والدولة لمواجهة خضات من هذا النوع».

ولفتت إلى أنه بدأ النهار النقدي والمالي الطويل بلقاء بين المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وحاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف سليم صفير في السرايا الحكومية، حيث تولى إبراهيم الوساطة بين الحاكم والحكومة للتوصل الى الحل المناسب. ثم انعقدت الجلسة الصباحية في السرايا برئاسة دياب بحضور سلامة وصفير وإبراهيم ونقابة الصيارفة، وذلك بعدما حاولت جمعية المصارف التهرب من حضور الجلسة ما أثار امتعاض عددٍ كبير من الوزراء، بحسب ما علمت «البناء» متهمين الجمعية بالتخلف عن حضور الجلسة لمصالح شخصية والتنصل من مسؤوليتها في المشاركة في حل أزمة وطنية هم شركاء في صناعتها، لكن رئيس الحكومة أصرّ على حضور الجمعية، فعمل اللواء إبراهيم على إقناع صفير بالدخول الى الجلسة.

وأشارت إلى أنه ظهر الامتعاض والتعب واضحاً على محيا سلامة لدى دخوله الجلسة التي شهدت سجالات وسخونة حادة لافتة بين رئيس الحكومة وفريقه الوزاري وعدد من الوزراء الآخرين من جهة والحاكم سلامة وصفير من جهة ثانية حيث أبلغ دياب الجميع إصراره على التوصل الى حل واضح اليوم لمسألة الدولار وطمأنة اللبنانيين والشارع الذي انتفض أمس. كما وجّه رئيس الحكومة وعدد من الوزراء انتقادات لاذعة للسياسة النقدية التي اتبعها مصرف لبنان والحاكم سلامة وجمعية المصارف.

وذكرتن "البناء" أن سجالاً حصل بين وزير التربية طارق المجذوب ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، على خلفية تحميل المجذوب المصارف مسؤولية أساسية في ما آلت اليه الأوضاع، فرد صفير بأن المصارف ساهمت في إنماء وإعمار البلد فتدخل رئيس الحكومة لتهدئة الوضع. كما وجهت وزيرة المهجرين غادة شريم انتقادات لاذعة لسياسات حاكم مصرف لبنان والمصارف.

وبحسب معلومات "البناء" فقد نشطت الاتصالات مساء الخميس لاحتواء تداعيات التحركات الشعبية وضبط سعر الصرف، وذكرت المعلومات أن «الرئيس دياب أجرى اتصالات حتى ساعات متأخرة من ليل (الخميس) مع القوى السياسية، لمعرفة موقفها من إقالة سلامة، لكن أغلب القوى أبدت رفضها أي خطوة في المجهول مع غياب البديل، وان وجود أربعة نواب للحاكم من شأنه ضبط أداء المركزي، عدا الخشية من أن إقالته من دون الاتفاق على بديل لسلامة قد يجعل الوضع متفلتاً أكثر وقد يصل سعر الدولار الى 20 الف ليرة».

وأشارت مصادر مطلعة لـ"البناء" إلى أن إقالة سلامة لم يحن أوانها، لأسباب عدة منها عدم الاتفاق على بديل وثانياً المخاوف من ارتفاع سعر الصرف الى 10 آلاف ليرة وأكثر في حال الإقالة من دون تحسب وضوابط، مشيرة الى أن البديل حالياً هو تقييد الحاكم بمجلس الحاكميّة ومفوض الحكومة لدى المصرف ولجنة الرقابة على المصارف. وهذا كان السبب الاساسي لتعيينهم لملء الفراغ في الحاكمية في اتخاذ القرارات بالتصويت، علماً أن مفوض الحكومة يستطيع إلغاء أي قرار يتخذه الحاكم او حتى مجلس الحاكمية.

وقالت الصحيفة إن نتائج اللقاءات والجلسات والقرارات المتخذة انعكست هدوءاً حذراً في الساحات والشوارع التي سجلت تراجعاً كبيراً في الزخم الشعبي في ساعات النهار، رغم بعض الخروقات في بعض مناطق الشمال والبقاع والجنوب وجسر الرينغ. ما يفسر بحسب مراقبين وجود أيادٍ سياسية مالية مصرفية داخلية وخارجية للتلاعب بالنقد الوطني عبر أساليب «غب الطلب» على إيقاع المصلحة السياسية الخاصة. مشيرة الى دور رئيسي للولايات المتحدة وأدواتها السياسية والمالية في الداخل. إلا أن أعمال الشغب والمواجهات اشتعلت في ساعات المساء واستمرّت الى ما بعد منتصف الليل في ساحة الشهداء وسط بيروت وساحة النور في طرابلس، حيث عمد عدد من ​مثيري الشغب على تحطيم واجهات عدد من المحال التجارية وإحراق مبنى العازارية في وسط بيروت وسط مواجهات وعمليات كر وفر بين المحتجين والقوى الأمنية. كما اندلعت مواجهات عنيفة في طرابلس بعدما اعتدى مثيرو الشغب على الجيش بالحجارة والمفرقعات ما أدى الى وقوع اصابات.
 
"النهار": "ضخّ الدولار": الحاكم رهينة والاحتياط ينزف

أما صحيفة "النهار" فقالت إنه على رغم "المهابة" التي حاول أركان السلطة إظهارها في مشهد الاستنفار الرسمي غير المسبوق لمواجهة أزمة الارتفاع الناري لسعر الدولار الأميركي ازاء الليرة اللبنانية غداة اشتعال الشارع غضباً وقلقاً واحتجاجاً على تفلت الواقع المالي فإن خلاصات، هذا الاستنفار ونتائجه لم تقدم جديداً حاسماً فعلاً من شأنه ضمان احتواء الأزمة، أقله على مدى متوسط، كما لم تسقط الصراع السياسي الذي اختبأ وراء الاستنفار الذي دار حول مصير حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

وأشارت إلى أنه برزت في هذا السياق معطيات جدية عن سيناريو ارتسمت معالمه منذ يومين وبدا معه أن ثمة اتجاهاً لدى العهد وقوى سياسية أخرى في الحكومة الى إقالة حاكم مصرف لبنان كثمن للتدهور الأخير لسعر الليرة، في حين أن هذا الاتجاه كان يرتبط عملياً بما وصف بإكمال عملية السيطرة لتحالف سياسي أحادي على حاكمية مصرف لبنان بحيث يُسقط الحاكم بعدما حوصر بالتعيينات المالية الأخيرة التي جاءت بأربعة نواب من ألوان سياسية مناهضة لسياساته كما للقوى التي تدعمه داخلياً وخارجياً. وتشير هذه المعطيات الى أن توقيت انفجار تطورات ارتفاع سعر صرف الدولار غداة صفقة التعيينات التي ظهرت عبرها السلطة في أسوأ صورها إطلاقاً أمام الرأي العام الداخلي كما الدولي رسم علامات شبهة كبيرة حيال هذه "المصادفة"، وإن يكن أركان الحكم والحكومة حاولوا أمس رمي كرة الانهيار الجديد الواسع لسعر الليرة ازاء الدولار على "مجهولين" من خصوم السلطة.

واضافت الصحيفة لكن الوقائع المتوافرة تكشف أن محاصرة حاكم مصرف لبنان وتصاعد حملة التهويل الاعلامية التي سبقت انعقاد جلستي مجلس الوزراء في السرايا قبل الظهر وفي قصر بعبدا بعد الظهر كانت لها الى مفاعيل بالغة السلبية انقسمت معها القوى الممثلة في الحكومة بعدما تصاعدت المخاوف من ارتدادات سلبية اضافية يصعب التكهن بحجمها الواسع في حال الاقدام على إقالة سلامة وتعريض الواقع المالي والنقدي والمصرفي لهزة خطيرة وعميقة لن تقف تداعياتها عند الحدود الداخلية بل ستتجاوزها الى أصداء خارجية قد تكتسب طابعاً شديد الخطورة أيضاً. لذا تراجعت مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء الثانية كل الحملة والايحاءات التي كانت مركزة على حاكم مصرف لبنان، علماً أن وزراء تحدثت معهم "النهار" قبل الجلستين كانوا أفصحوا عن مخاوفهم من "كلمة السر" لإطاحة سلامة في الجلسة الثانية أي في قصر بعبدا وليس في السرايا. لذا شكّل الموقف الذي تعمد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن يعلنه من بعبدا بالذات بعد الاجتماع الثلاثي الذي عقده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس بري ورئيس الوزراء حسان دياب بيضة القبان الحاسمة في نزع موضوع إقالة سلامة من التداول كما في تهدئة الأسواق المالية ونزع الرهانات على ارتفاع جديد للدولار من المشهد المحتقن. وأعلن بري الاتفاق بين الرؤساء على "أولاً: خفض قيمة الدولار ازاء العملة اللبنانية ابتداء من اليوم (امس)، ولكن حقيقة سيبدأ ذلك من الاثنين، الى ما دون 4000 ليرة للدولار، وصولاً الى 3200 ليرة لبنانية للدولار. هذا الامر سوف يحصل. الموضوع الثاني الذي اتفق عليه، هو مخاطبة صندوق النقد الدولي بلغة واحدة، برعاية المجلس النيابي".

واشارت إلى أنه استخدم مجلس الوزراء عبارة أنه "أخذ علماً بما أكده نقيب الصرافين في جلسة المجلس الصباحية لناحية التزام التعميم الصادر عن حاكم مصرف لبنان بتاريخ 2020/06/09 بما تعهده حاكم مصرف لبنان في تلك الجلسة والتزمه لجهة تأمين الضخ الفوري للعملة الاجنبية (الدولار الأميركي) في السوق المحلي بسعر ينخفض تدريجياً ويبدأ عند سعر صرف قدره 3,850 ليرة لبنانية للدولار الواحد لتتمكن المصارف والصرافين من البيع بسعر أقل من 4,000 ليرة لبنانية بما أكده أيضاً الحاكم في الجلسة عينها من أن التدفقات النقدية الى الحسابات في المصارف هي أموال جديدة (Fresh Money) يرعاها التعميم الصادر في هذا الخصوص عن مصرف لبنان برقم 554 تاريخ 2020/5/11". كما قرر تكليف وزيرة العدل "الطلب من النائب العام التمييزي إجراء التعقبات في شأن ما أثير ويُثار من وقائع ملفقة أو مزاعم كاذبة لإحداث التدني في أوراق النقد الوطني والذي أدى الى زعزعة الثقة في متانة نقد الدولة". وقرّر تشكيل خلية أزمة برئاسة وزير المال "تكون مهمتها متابعة تطورات الوضعين المالي والنقدي وتطبيق القرارات، على أن تجتمع هذه الخلية في وزارة المال مرتين في الأسبوع على الأقل ويقدم من خلالها حاكم مصرف لبنان تقريراً مفصلاً عن تلك التطورات وترفع خلاصة عملها بشكل دوري الى رئيس مجلس الوزراء تمهيداً لعرض الموضوع على مجلس الوزراء".

وحذّرت مصادر سياسية ومالية عبر "النهار" من أن تكون الاجراءات الضاغطة لحمل مصرف لبنان على ضخ الدولار في السوق اللبنانية خطوة بالغة التهور نظراً الى الشكوك الكبيرة في إمكان ضبط الارتفاعات في سعر الدولار ضمن واقع الافتقار الكبير الى العملات الأجنبية وعدم تدفقها على لبنان أولاً ومن ثم نظراً الى الريبة الواسعة الكامنة وراء احتمال أن يشكّل ضخّ كميات ملموسة من الدولارات استنزافاً لاحتياط مصرف لبنان الذي يخصص الأولويات لاستيراد المواد الأساسية. أما الأخطر في تحفظات هذه المصادر عن الاجراءات التي تقرّرت أمس فتتمثل في تحذيرها من ازدياد عمليات تهريب العملات الاجنبية ولا سيما منها الدولار من الأسواق اللبنانية الى سوريا لمساندة النظام السوري بما يعني التضحية ببقايا الاحتياط النقدي اللبناني على مسرح لعبة سياسية شديدة الخطورة على لبنان. وقالت المصادر أن السلطة تذهب في اتجاه لن يضمن أي احتواء طويل الأمد للإستنزاف المالي وهي إجراءات أشبه ما تكون بلحس المبرد وسيظهر ذلك بسرعة لم يقدرها أصحاب الشأن في فرض هذه الاجراءات.

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل