لبنان
الحكومة تستنفر لضبط سعر صرف الدولار..وعد جديد من سلامة وخلية أزمة
"العهد"
يوم حافل بالاجتماعات واللقاءات والاتصالات شهدته أروقة قصر بعبدا والسراي الحكومي. الهدف واحد البحث في الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار مقابل الانهيار الدراماتيكي لليرة اللبنانية. جلستان طارئتان للحكومة أولى في السراي وثانية في بعبدا، واجتماعات مكثّفة انتهت بالاتفاق على تشكيل خلية أزمة لمتابعة تطورات الوضعين المالي والنقدي وتطبيق القرارات. كما طُلب من الأجهزة الأمنية التشدد في قمع جميع المخالفات المتعلقة بالجرائم المالية.
وكانت الجلسة الأولى قد انعقدت صباحاً في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب، وحضور الوزراء والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ووفد نقابة الصرافين الذي حضر جانباً من الجلسة، ليعلن بعدها عضو نقابة الصيارفة محمود حلاوي من السراي أن "اتفاقا حصل بأن يقوم حاكم البنك المركزي بضخ الدولار النقدي بما يكفي حاجة المستوردين وبما يكفي حاجة المواطنين"، لافتاً الى ان "الاجتماع خلص لدعم القوى الامنية لقمع السوق السوداء"، وأكد أننا سنرشّد بيع الدولار كي لا يذهب مخزون البنك المركزي "عالفاضي" وسنلتزم ببيع الدولار بسعر 3940 اي السعر الذي وضعته نقابة الصيارفة. وأوضح حلاوي أن "هناك إصرارا لدعم الدولار مادياً وليس بالكلام فقط كما كان يجري سابقاً".
بعدها استُكمل درس الأوضاع المالية والنقدية في جلسة حكومية ثانية في بعبدا، سبقها لقاء للرؤساء الثلاثة أعلن على إثره رئيس مجلس النواب نبيه بري الاتفاق مع الرئيسين على تخفيض سعر صرف الدولار مقابل الليرة ابتداء من اليوم الى ما دون الـ4000 ليرة وصولاً إلى الـ 3200، لكن ذلك لن يظهر فعليا قبل يوم الاثنين".
مصادر وزارية: مصرف لبنان سيزوّد السوق بما بين الخمسة الى سبعة ملايين دولار يومياً
وفيما خلصت جلسة بعبدا الى الاتفاق على تشكيل خلية أزمة برئاسة وزير المال غازي وزني، أكّدت مصادر وزارية -مدرجة داخل الخلية- لموقع "العهد" الإخباري أنّ سعر صرف الدولار ولمجرد انتهاء الجلسة الحكومية في بعبدا بدأ بالانخفاض دون الخمسة آلاف ليرة، مرجحة أن ينخفض تحت الأربعة آلاف بدءاً من الاثنين حيث سيبيع مصرف لبنان الدولار بـ3840 ليرة. ورداً على سؤال حول المبلغ الذي سيضخه مصرف لبنان في الأسواق بدءا ًمن الاثنين، تشدّد المصادر على أن الحاكم المركزي رياض سلامة تعهّد بضخ الدولارات ومن المرجّح أن يغذي السوق بما بين الخمسة والسبعة ملايين دولار يومياً، وهذا الرقم بحسب المصادر كاف لضبط السوق.
وتُشدّد المصادر لموقعنا على أنّ "خلية الأزمة التي شكّلها مجلس الوزراء ستراقب السوق وحركته بكل ما تملك من إمكانيات". برأي المصادر فإنّ السوق صغير وأي جهة تريد خرقه سينكشف أمرها، وسيتبين الصراف الشرعي من غير الشرعي وسيتبين ما اذا كان هناك مصارف مخالفة، مؤكّدة أن الأهم كان اتخاذ القرار لجهة مصادرة الأموال الموجودة لدى المخالفين. ولفتت المصادر الى أنّ القوى الأمنية لن توفّر حيلة لاستدراج الصرافين.
ورداً على سؤال: لماذا لم تتحرك الحكومة سابقا لكبح جماح هذا الارتفاع الجنوني في سعر الصرف، تقول المصادر إن القضية تفاقمت أمس وقد صاحبها الكثير من الاشاعات. برأيها فإن كل ما قيل عن وصول سعر الصرف الى السبعة آلاف ليرة هو إشاعات.
هل أنتم متفائلون بتمكن القرارات التي اتخذت اليوم من ضبط سعر الصرف؟ تجيب المصادر:" لا شيء مضمونا مئة بالمئة. هذه خطوة يفترض على الحكومة القيام بها. نحن نقوم بما يتوجب علينا ومصرف لبنان وعدنا بالتدخل عبر ضخ السيولة بطريقة سليمة وصحيحة".
عون: الحكومة سوف تطمئن الجمهور
من جهته، أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال الجلسة أن ما حصل "جعلنا نتساءل هل الرقم الذي أعطي لسعر الدولار هو شائعة تم تعميمها، لينزل الناس الى الشوارع للاعتراض فحصلت مواجهات واعمال شغب؟ ما يدفعنا الى السؤال: هل هناك لعبة سياسية او مصرفية او شيء آخر يجدر بنا التفكير فيه؟" .
واضاف عون "بدا الاعتراض في الشارع وكأنه منظّم ويستهدف الحكومة، لأن خبراء أكدوا انه لا يمكن للدولار أن يرتفع قياساً الى الليرة اللبنانية الى هذا الحد"، وأشار الى أن هذه الحكومة سوف تطمئن الجمهور، ويُفترض ان يتراجع سعر صرف الدولار تدريجاً.
دياب: ارتفاع سعر صرف الدولار أحدث ضجة تودي بالبلد
بدوره، اعتبر رئيس الحكومة حسان دياب أن "ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة الذي أحدث ضجة في البلاد لا يُسقط حكومة فحسب، بل يودي بالبلد بالكامل"، وقال "البلاد لم تعد تحتمل خضات اضافية ومطلوب اجراءات قاسية لوضع حد لأي شخص او جهة تلجأ الى إحداث خضات. لا بد من اتخاذ اجراءات عملية تعطي مناعة أكبر للحكومة والدولة لمواجهة خضات من هذا النوع".
قرارات الجلسة
وإثر انتهاء الجلسة، لفتت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد الى أنّ مجلس الوزراء ناقش الأوضاع المالية والنقدية والتدابير الواجب اتخاذها وقرر ما يلي:
1- تكليف وزيرة العدل، وسنداً للمادة 14 من قانون اصول المحاكمات الجزائية، الطلب من النائب العام التمييزي اجراء التعقبات بشأن ما أثير ويُثار من وقائع ملفقة او مزاعم كاذبة لاحداث التدني في اوراق النقد الوطني والذي ادى الى زعزعة الثقة في متانة نقد الدولة وغيرها من الافعال الجرمية المنصوص عنها في الباب الاول من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، تمهيداً لاحالة ما ينتج عن تلك التحقيقات من دعاوى على القضاء المختص بما فيه المجلس العدلي.
2- تشكيل خلية أزمة برئاسة وزير المالية وعضوية وزير الاقتصاد والتجارة، وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية، وزير الصناعة، وزيرة الاعلام، حاكم مصرف لبنان، رئيس جمعية المصارف، نقيب الصرافين في لبنان والمدير العام للأمن العام تكون مهمتها متابعة تطورات الوضعين المالي والنقدي وتطبيق القرارات وعلى ان تجتمع هذه الخلية في وزارة المالية مرتين في الاسبوع على الأقل ويقدم من خلالها حاكم مصرف لبنان تقريراً مفصلاً عن تلك التطورات وترفع خلاصة عملها بشكل دوري الى رئيس مجلس الوزراء تمهيداً لعرض الموضوع على مجلس الوزراء.
3- الطلب من الاجهزة الامنية على اختلافها وتنوعها التشدد في قمع جميع المخالفات المتعلقة بالجرائم المشار اليها في البند الاول اعلاه واحالتها فوراً على المراجع القضائية المختصة تمهيداً لاتخاذ الاجراءات القانونية بحق المخالفين لا سيما مصادرة العملات الاجنبية التي يثبت انها شكلت موضوع تلك الجرائم.
4- إن مجلس الوزراء وبعد أخذه علماً (أ) بما أكده نقيب الصرافين في جلسة المجلس الصباحية لناحية الالتزام بالتعميم الصادر عن حاكم مصرف لبنان بتاريخ 09/06/2020 (ب) بما تعهد به حاكم مصرف لبنان في تلك الجلسة والتزم به لجهة تأمين الضخ الفوري للعملة الاجنبية (الدولار الاميركي) في السوق المحلي بسعر ينخفض تدريجياً ويبدأ عند سعر صرف قدره 3،850 ليرة لبنانية للدولار الواحد لتتمكن المصارف والصرافون من البيع بسعر أقل من 4،000 ليرة لبنانية (ج) بما أكده أيضاً الحاكم في الجلسة عينها من أن التدفقات النقدية الى الحسابات في المصارف هي اموال جديدة (Fresh Money) يرعاها التعميم الصادر بهذا الخصوص عن مصرف لبنان برقم 554 تاريخ 11/5/2020،
وبعد أخذ مجلس الوزراء علماً بجميع ما تقدم، يؤكد على أهمية سلامة النقد وسوف يتخذ جميع التدابير التي من شأنها ترتيب المسؤولية الواجبة في حال اخلال كل ملتزم بما تعهد به".