لبنان
جلستان حكوميتان اليوم..ماذا في أجوائهما؟ وهل إقالة سلامة واردة؟
فاطمة سلامة
أنهكت السياسة اللامسؤولة التي يتبعها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كل شيء في لبنان. الأداء المريب الذي يؤديه حيال الواقع المالي والنقدي ندفع ثمنه اليوم. الأمثلة عليه متعددة، بدءاً من تعويم المصارف في وجه المودعين والوقوف طرفاً الى جانبها، مروراً بالهندسات المالية وليس انتهاء بالتفرد بالقرارات المتعلقة بالسياسة النقدية. أضف الى ذلك سياسة "التفرج" على انهيار العملة الوطنية بشكل دراماتيكي وغض الطرف عن السوق السوداء، بينما باستطاعة سلامة التدخل أقله للحد من ارتفاع سعر صرف الدولار.
أمس بلغ السيل الزبى بعدما حصد المواطنون خيبات سياسات سلامة، فخرجت التحركات الشعبية والتظاهرات في مختلف المناطق اللبنانية مطالبةً بإقالته إثر الارتفاع الجنوني بسعر صرف الدولار. الأخير انعكس على كل شيء في حياة الناس. الأمر الذي حدا بالحكومة اللبنانية الى الدعوة لعقد جلستين طارئتين اليوم الجمعة، أولى صباحاً في السراي، والثانية عند الثالثة ظهراً في القصر الجمهوري لمناقشة الأوضاع النقدية والمالية في البلاد. فماذا ستبحث هاتان الجلستان؟. وهل إقالة سلامة واردة؟.
مصادر مطلعة على الأجواء وقريبة من مراكز القرار تلفت في حديث لموقع "العهد" الإخباري الى أن الجلستين وكما بات معلوما ستحاولان تشريح الواقع المالي والنقدي والأسباب التي أدت الى انهيار العملة الوطنية بهذا الشكل. وفيما تردّدت معلومات عن البحث في الأوساط السياسية بخطوة إقالة سلامة، تؤكّد المصادر أن قرار إقالة سلامة هو قرار سياسي. اجتماع بعبدا اليوم بحضور الرؤساء الثلاثة فرصة لاتخاذ القرار بإقالته من عدمه. ووفق المصادر، من الواضح أن هناك رئيسين متفقين على هذا الأمر، لكن القضية تحتاج الى إجماع. فاذا كان لدى الرؤساء طريقة غير الإقالة لتحسين الوضع، من المرجح أن يسيروا بها ولكن لا نستطيع البقاء على هذا الحال. وتشدّد المصادر على أنّه وبعد خطوة تعيين نواب للحاكم أصبح التغيير ممكناً.
وفي معرض حديثها، تشدّد المصادر على أن الأجواء متوترة بالنسبة للتدهور بسعر الصرف وهذا الأمر لم يعد يحتمل وبطبيعة الحال فإن سعر الصرف عند حدود الـ3000 كان مؤلما للناس، فكيف اليوم؟ تسأل المصادر التي لا تنكر أنه من الصعب أن يتمكن سلامة من "كبت" هذه القضية بشكل جذري ولكن هناك محاولات يجب أن تحصل لتحسين وضع الليرة قليلا. والمفارقة تكمن بحسب المصادر بأنه وبدلاً من أن يسارع حاكم المصرف المركزي الى فعل أي شيء تراه يعمل عكس المتوجب عليه ويصدر قرارات غير صالحة بدليل أن التدهور ليس عادياً.
ما المطلوب من الحاكم المركزي؟ ترفض المصادر الخوض في التفاصيل، لكنها تؤكّد أن سلامة أقله يجب أن لا يقوم بخطوات تدهور الليرة، ونحن اليوم نتحقق من أفعاله التي أوصلتنا الى ما نحن عليه اليوم. ما الذي فعله؟ تجيب المصادر على هذا السؤال بالقول: "لا أريد التحدث كثيرا في هذا الموضوع. وضع البلد دقيق في هذين اليومين"، لكنها تستطرد بالاشارة الى أنّ سلامة أصدر بيانات في الفترة الأخيرة ليست لصالح الليرة اللبنانية بل على العكس تُخفّض من قوتها، فكيف لحاكم أن يصدر بيانات تضر بالعملة الوطنية في بلد يعاني من أزمات متنوعة؟ كيف له أن لا يتدخل وينفّذ واجباته المطلوبة منه؟ وفق المصادر فإن الشخص العادي يلاحظ هذا الأمر على سلامة. نحن لا نقول إنه من السهل العمل على استقرار الليرة اللبنانية، ولكن إصدار بيانات مضادة لهذا الموضوع أمر غير منطقي ولا عقلاني أبداً، واذا استمررنا على هذه الحال فنحن ذاهبون باتجاه خراب مالي لا تحمد عقباه.
تتكلّم المصادر بنفَس تقني بحت وليس شخصانيا، ليس باستطاعة سلامة كبت تدهور الليرة بشكل جذري، لكن باستطاعته التخفيف من حدة الأزمة، وهناك الكثير من الخطوات التي من الممكن القيام بها. تُشدد المصادر على أنّ السياسة النقدية السائدة تستدعي منا التحرك والتحقق والوقوف في وجهها فعندما يرتفع سعر الصرف بهذه الطريقة الجنونية لا بد من التقصي حول الموضوع. بحسب المصادر، فإنّ سلامة يمتهن التقصير ولا يؤدي مهامه كما يجب بل يقف بدون أي حركة أو ردة فعل أمام كل هذا التدهور الحاصل. وهنا تسأل المصادر: أين مفاعيل لقاء السراي الذي اتفق فيه على تزويد مصرف لبنان الصرافين بالعملة تمهيداً لخفض سعر الصرف الى حدود الـ3200 ليرة خلال أسبوعين؟.
نعيد السؤال على المصادر: أمام كل هذ الأداء المريب لسلامة هل من الممكن أن نذهب الى اقالته اليوم؟ فتجيب المصادر بما قالته سابقا لناحية أن هذا القرار سياسي.
هل الاجتماعات الوزارية حاسمة اليوم؟ تؤكّد المصادر أن لا شيء حاسما في لبنان وسط تعدد الآراء، لكنها تشدّد على أن جلسة اليوم ستشكّل تشريحا للواقع النقدي وسعر الصرف ويجب أن تحل هذه بشكل جذري اذ لا نستطيع البقاء متفرجين والعملة تنهار بشكل جنوني.