لبنان
مواقف للسيد نصر الله وبرّي.. واستفهامات حول اتفاق دياب - سلامة المالي
اهتمت الصحة الصادرة صباح اليوم بأبرز ما جاء في مواقف الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر في كلمته بمناسبة يوم القدس العالمي، وبمواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري، لا سيما دعوته لعدم الفدراليّة والمحاصصة ولقانون لا طائفي للانتخابات.
وفي ما الهمّ الصحي بات مخيفا مع تسجيل أرقام إصابات بفيروس كورونا لم تشهدها الساحة اللبنانية منذ بداية الجائحة، من المرتقب أن يعود سريان التعبئة العامة من يوم الاثنين، على أن يكون ارتداء الكمامات إلزاميا بين المواطنين لتجنب التدهور إلى ما لاتحمد عقباه.
على الصعيد المالي، تستمر المفاوضات بين الحكومة وصندوق النقد الدولي التي أنهت جلستها السادسة، فيما تسود تساؤلات حول العلاقة التي رئيس الحكومة حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لا سيما بعد تعهد الأخير بالمساهمة في دعم الليرة اللبنانية من خلال ضخ الدولار لشراء المواد الأساسية.
"الأخبار": دياب ــ سلامة: تطبيع أم مصالحة أم مساكنة؟
بحسب صحيفة "الأخبار".. أعاد رئيس الحكومة حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة تطبيع العلاقة في ما بينهما. ليست مصالحة، لأن كلا الرجلين في المواجهة المباشرة التي خاضاها، أراد كل منهما أن يقول للآخر بأنه هو الذي يحكم. الأول وصف الثاني بـ«مريب»، صفة كافية كي تخرجه من منصبه عندما يُوحى بأن دوره يخرّب النظام والعملة الوطنية. أما الثاني، فأدار ظهره للأول بقوله بأن لا مبرر للتنسيق معه، كأن يعني أنه حاكم دولة الحاكمية وليس جزءاً من الدولة اللبنانية. رفعا سقف المواجهة المباشرة ثم بالواسطة، ثم جلسا معاً الأربعاء الفائت، كي يخلصا إلى تكريس سلطتَي الرئيس في مكان، والحاكم في مكان: يتطبّعان على ما هما عليه، أو يتصالحان، أو يتساكنان؟
وشى اجتماعهما مساء الأربعاء بملاحظتين:
أولى، بعدما كشفا اتفاقهما على تدخّل مصرف لبنان لحماية الليرة ووقف ارتفاع الدولار الأميركي ودعم استيراد السلع الحيوية، دخلا في مرحلة جديدة قد لا تشبه بالضرورة ما جرى بينهما في الأسابيع المنصرمة، من غير أن تمحوه. فقدت الحملات السياسية والتحقيقات القضائية جدواها، وقد لا تعود ثمة حاجة إليهما لأن الاثنين باقيان معاً حتى إشعار آخر.
يعكس ذلك واقعاً قد لا يكون المرة الأولى، حينما يبسط حاكم لمصرف لبنان نفوذاً أقوى من السلطات العامة. غير أنها المرة الأولى فعلاً الأكثر قوة وفاعلية وتأكيداً أن الحاكم ــ وإن على رأس سلطة نقدية نظّمتها القوانين ومنحتها حصانة منيعة ولا تشبه السلطات الدستورية ــ يسعه أن يكون في منزلة رئيس. سبق للحاكم الراحل الدكتور إدمون نعيم إبان حقبة الحكومتين عامي 1988 و1989 أن عصى على رئيسيهما آنذاك ميشال عون وسليم الحص، وكلاهما قال بأنه الرئيس الشرعي والدستوري للحكومة. لم يستجب طلب أحدهما ضد الآخر أو تأليبه عليه، وساوى ما بينهما طوال 13 شهراً، قبل الوصول إلى اتفاق الطائف ونشوء شرعية جديدة. مدّهما بالمال، وأبقى مصرف لبنان في منأى عن صراعاتهما رغم وجود مقره في منطقة حكومة الحص. على نحو مشابه، يضطلع الحاكم الحالي بالدور نفسه حيال سلطة دستورية واحدة هي حكومة دياب يعدّها خصماً له، مستفيداً من انقسام الطبقة السياسية عليه بين متمسّك به ومتحمّس لإقالته. فإذا بالطبقة السياسية أقوى من آليات النظام وماكنته.
لا مغالاة في القول بأنها المرة الأولى في تجربة سلامة بالذات، أن يعثر على حيثية سياسية تحميه كالتي يختبرها اليوم، وتتحول إلى حجم غير قابل للابتلاع أو الاستيعاب. ما بين عامي 1993 و2005، في ظل الرئيس رفيق الحريري، لم يكن سوى أحد رجاله المخلصين الطائعين يستجيب لسياسته الاقتصادية والمالية ويبشّر بها، ويروّج لمضامينها السياسية حتى، ومنها إغراق البلاد في الديون موقتاً. في مرحلة ما بعد اغتياله إلى اليوم، أضحى الرجل أقرب ما يكون إلى الثابتة الوحيدة التي لا تدور من دونها ماكنة الاقتصاد والمال في لبنان. اختلف مع الرئيسين فؤاد السنيورة وسعد الحريري، وارثي الحريري الأب، وتصالح معهما من غير أن يفكرا في التخلي عنه رغم مقدرتهما. الآن تغلغل أكثر في بطون رجالات الطبقة السياسية وأطعمهم وغذّاهم، فلم يعد في وسعهم التخلي عنه. هو اليوم السلطة الموازية للسلطة الأم لا تحتها.
ليس سراً أن رئيسَي الجمهورية والحكومة أسرّا أكثر من مرة أمام زوارهما، أن من المتعذّر عليهما إخراجه من منصبه، مع أنهما يرغبان في التخلص منه. لديهما دراسة قانونية يتيح مضمونها إقالته، عملاً بالفقرتين الثانية والثالثة في المادة 19 من قانون النقد والتسليف. تنصّ خلاصتها على أن «ما قام به المعنيّ [الحاكم] تبعاً للمهمة العامة المنوطة بالمصرف، وأيضاً ما يرتبط بها على نحو أساسي وفقاً لأحكام المرسوم رقم 13513/ 1963 المعدّل، وأن ما امتنع عن القيام به في الشأن عينه ولا سيّما في الظروف الدقيقة جداً على الصعد النقدية والمالية والاقتصادية والاجتماعية والحياتية في الوطن حتى، هو استنكاف عن تأدية ما تتناوله الصلاحيات والمسؤوليات التي ناطها به هذا المرسوم، ما يؤلّف إخلالاً بالواجبات الوظيفية وأقلّه إساءة استعمال الوظيفة، وفقاً لما يعنيه قانون العقوبات. كما أنه يؤلف خطأ فادحاً في تسيير العمل، حيث تتحقق عندها الحالتان الثانية والثالثة في المادة 19 من المرسوم عينه، وبالتالي تجعل الإقالة مبرّرة في الواقع وأيضاً في القانون».
استندت الدراسة القانونية إلى موادّ قالت إن سلامة خالف تطبيقها في قانون النقد والتسليف هي: 69، 71، 72، 73، 98 حتى 109، 113، 115، 116، 148، 151.
ثانية، رغم استمرار توقيف مدير العمليات النقدية في مصرف لبنان مازن حمدان، بيد أن التحقيق جُمّد عنده على أنه المحرّض والمتدخّل والمرتكب، وبات وحده يختصر المشكلة وبطلها. لا أحد فوقه متورّط أوعز، ولا مغزى للعثور على متورّط دونه. لدى أكثر من مرجع ومسؤول جواب من المدّعي العام المالي علي إبراهيم أن لا أدلة لديه على دور للحاكم في تصرّف حمدان بـ12 مليون دولار يومياً، شارياً وبائعاً مع الصيارفة قبل توقيفه، كأن المبلغ المهم هذا قجّته. وهو مبعث شكوك في مقدرة الموظف على إدارة مبلغ كهذا يومياً بمفرده، في معزل عن رئيسه، على نحو يفتح باب التكهّن ــ في أحسن الأحوال لئلا يقال ضلوعاً على الأقل ــ بأن الحاكم ارتكب إخلالاً بالوظيفة منصوصاً عليه في المادة 19 من قانون النقد والتسليف.
ساهم في تنفيس مقدرة القضاء على الاضطلاع بمهمته، دور مزدوج لإبراهيم كمدعٍ عام مالي ــ وهو أوقفه وادّعى عليه بصفته هذه ــ وفي الوقت نفسه هو عضو في الهيئة المصرفية العليا يتقاضى لقاء عضويته فيها راتباً إضافياً، ناهيك بأن رئيس الهيئة هو حاكم مصرف لبنان. تالياً تمسي مربكة محاولة العثور على جواب حيال مرؤوس يريد محاكمة رئيسه، وإن كان يشغل وظيفة قضائية عليا. قلّل التداخل ما بين الوظيفتين من فرص إيجاد أدلة على ضلوع سلامة ــ أو ربما لم يُرَد الوصول إلى هذا الربط ــ في العمليات النقدية التي أجراها حمدان، فاقتصرت عليه كما لو أن في وسعه أن يفعل بمفرده.
أسرّ رئيسا الجمهورية والحكومة مراراً أنّ من المتعذّر عليهما إخراج الحاكم من منصبه
لا يثير الأمر كثيراً من الالتباس والغموض، عندما يتبين أن حلقات التحقيق القضائي تتوقّف دائماً في الوسط، وتحاول الهبوط نزولاً لتفادي الصعود إلى أعلى. في كل الملاحقات القضائية والتوقيفات، في شتى الدوائر والمؤسسات الرسمية، ثمة مسؤول أول عنها يقع في الحلقة الوسطى، من غير أن ترتفع إلى رئيس أو وزير أو حاكم، ثم ينطفئ الملف عنده بعد توقيفه بعض الوقت فإطلاقه. هكذا دواليك. بذلك لا حاجة سوى إلى القول إن الوظيفة الحالية للقضاء تقتصر على تحريك المياه الآسنة لا تنظيفها.
"البناء": بري: لا للفدراليّة والمحاصصة ونعم للعلاقة مع سورية وقانون لا طائفي للانتخابات
إلى ذلك .. جاءت كلمة رئيس مجلس النواب نبيه بري بمثابة رسالة، ترسم ما هو مطلوب، وتحذر من مطبات ما هو مرفوض، حيث أكد بري أن القضاء المستقل هو الضمانة، واضعاً ذلك كسقف لمكافحة الفساد خارج مخاطر الوقوع في الاستنسابية، أو توجيه الاتهامات للسلطات باستخدام شعار مواجهة الفساد بحسابات كيدية، باعتبار القضاء المستقل وحده يحصن مبدئية وقانونية وسلامة الهدف. والإشارة لا تخلو من رسالة تتصل بتأخّر صدور مراسيم التشكيلات القضائية، كما حذر بري من طروحات الفدرالية التي تظهر تحت عناوين من نوع التوزيع الطائفي للمشاريع، ودعوات مبالغ بها لحجم اللامركزية، وترسيم حدود كيانات الطوائف عبرها، ووضع بري سقفاً للعملية الإصلاحية هو قانون انتخابات غير طائفي يعتمد النسبية والدائرة الواحدة، وعلاقة تعاون متينة مع سورية، من دون نسيان التذكير الدائم لبري بقدسية الودائع المصرفية ورفض المساس بها، والحاجة لمواجهة العبث بسعر الصرف والتلاعب بالأسعار، والتذكير الدائم بالخط الأحمر الذي تمثله السيادة اللبنانية على ثروات النفط والغاز من بوابة ترسيم الحدود البحرية.
وكلمة بري التي جاءت بمناسبة يوم القدس وذكرى تحرير الجنوب في 25 أيار عام 2000، تلاقت في منطلقها ومضمون تأكيدها على خيار المقاومة، والتمسك بفلسطين، والتحالف مع سورية وإيران، مع الكلمة الشاملة التي تناول فيها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مناسبة يوم القدس العالمي، حاسماً خلالها بتراجع خطر الحروب في المنطقة، مؤكدا أن عناصر الضعف هي المسيطرة على الشريكين الأميركي والإسرائيلي رغم مسارات التطبيع وصفقة القرن وضم الأراضي، والعقوبات والحصار، وأنه بالتوازي فإن عناصر القوة هي الأبرز في حال قوى المقاومة، التي حققت انتصارات في كل من سورية والعراق واليمن، وحققت الصمود في فلسطين وحققت التقدّم وتعزيز القدرات في إيران، وبنت المقدرات الرادعة في لبنان حيث تحوّلت المقاومة إلى مصدر قلق دائم على مستقبل كيان الاحتلال، مطمئناً إلى أن مشروع تحرير القدس يتقدّم، وقاعدته حرب استنزاف طويلة قطعت أشواطاً في طريق الوصول نحو الهدف.
وفيما بقيت كلمة رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب أمس الأول طاغية على المشهد الداخلي السياسي الى جانب الجهود الدؤوبة التي يقودها الرئيس دياب على أكثر من جبهة ومحور اقتصادي ومالي ونقدي. خطفت المواقف السياسية لرئيس المجلس النيابي نبيه بري الأضواء حيث وصفتها مصادر مطلعة بالهامة جداً فيما برزت مواقف ذات طابع استراتيجي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والتي وصفها الخبراء بأنها بوصلة لمحور المقاومة في المرحلة المقبلة.
وشكلت مواقف الرئيس نبيه بري خريطة طريق سياسية لانتشال لبنان من أزماته المتراكمة منذ عقود لا سيما مشكلة الطائفية التي تقف سداً منيعاً أمام خلاص الوطن، ولفت بري في عيد المقاومة والتحرير الى أنه “لا يعقل في وطن امتلك ولا يزال يمتلك شجاعة إلحاق الهزيمة بأعتى قوة عنصرية في المنطقة الا يمتلك الجرأة والشجاعة لاتخاذ القرار الوطني والتاريخي في إعادة إنتاج الحياة السياسية، انطلاقاً من إقرار قانون انتخابي خارج القيد الطائفي يؤمن الشراكة للجميع على قدم المساواة والارتكاز على قاعدة النسبية ولبنان دائرة انتخابية واحدة وإنشاء مجلس للشيوخ تتمثل فيه كل الطوائف بعدل ومساواة، إنفاذاً لما نص عليه اتفاق الطائف، تمهيداً لدولة مدنية وتحرير القضاء وإنجاز استقلاليته من اي تبعية سياسية وتحرير قطاع الكهرباء من عقلية المحاصصة المذهبية والطائفية والمناطقية”، لافتاً الى ان “المطلوب من الحكومة ومن الوزراء كافة مغادرة محطة انتظار ما ستؤول اليه المفاوضات مع صندوق النقد والجهات الدولية المانحة والانطلاق بعمل محسوس يلمسه المواطن القلق على عيشه ومصيره في كل ما يتصل بحياته وحياة الوطن”.
ورأى أنه “آن الآوان للحكومة أن تنطلق بعمل ميداني بعيداً من الخطط والبرامج الورقية”، مؤكداً “ان ودائع اللبنانيين في المصارف هي من الأقداس وسيتم التصدي لأي محاولة ترمي للتصرف بها تحت أي عنوان من العناوين، وهي حق لأصحابها ونقطة على السطر”. وحذر من “الأصوات النشاز التي بدأت تعلو في لبنان منادية بالفيدرالية كحل للأزمات التي يئن تحت وطأتها لبنان واللبنانيين”، مشيراً الى ان “لا الجوع ولا اي عنوان آخر يمكن ان يجعلنا نستسلم لمشيئة المشاريع الصهيونية الهدامة”.
واستكمالاً للجهود التي يبذلها الرئيسان بري ودياب على صعيد إيجاد الحلول للأزمة المالية والنقدية والمفاوضات مع الجهات المانحة، سُجل لقاء بين بري ودياب في عين التينة، لم يدلِ بعده دياب بأي تصريح.
في موازاة ذلك، أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن المعركة الحقيقية كانت وما زالت هي مع الحكومات الأميركية المتعاقبة، والكيان “الإسرائيلي” هو في الجبهة الأماميّة، وشدد على أن “مَن يراهن أنه من خلال الحروب العسكرية أو الاغتيالات أو العقوبات والتجويع أن يغيّر في موقفنا فهو مخطئ ويجب أن ييأس من امكانية حصول ذلك”، وبيّن مواطن الاخفاقات والفشل التي أصابت المحور الأميركي الصهيوني في المنطقة وخصوصاً في وجه إيران.
وفيما أكد سماحته أننا ذاهبون الى وضع دولي وإقليمي جديد وقد تنشأ فيه تهديدات لم تكن موجودة في السابق، لفت إلى أن أركان صفقة القرن أي ترامب ونتنياهو وبن سلمان يعيشون أزمات مختلفة، وطمأن أن الأفق أمام محور المقاومة يدعو الى التفاؤل، وشدّد على أن المطلوب اليوم تعزيز الصمود واستكمال تعاظم القدرات في كل محور المقاومة.
وفي كلمة له بمناسبة يوم القدس العالمي، لفت إلى أن النكبة أسست لقيام هذا الكيان الشيطاني الغاصب والظالم ولكل تداعيات وجود هذا الكيان في المنطقة. وتوقف عند الذكرى العشرين للانتصار التاريخي في 25 أيار الذي كان انتصارًا كبيرًا جدًا على طريق القدس وعلى طريق تحرير فلسطين. ورأى أنه لا يحق لأي أحد أن يهب فلسطين للصهاينة، فهي ملك للشعب الفلسطيني ولا يوجد أحد لديه تفويض لذلك. وتابع: “القدس هي من مسؤولية الأمة، والمقاومة بكل أشكالها وحدها السبيل لتحرير الأرض والمقدّسات، بينما كل الطرق الأخرى مضيعة للوقت ولا تؤدي إلاّ إلى طريق مسدود”. وذكر السيد نصر الله الأسباب التي ستؤدي قطعاً إلى زوال كيان العدو، بدءًا من الاستنزاف الدائم والصراعات الداخلية التي نشهدها في كيان العدو اليوم والتي تتعاظم، وحالات الفساد وصولًا الى قمة الهرم، وتراجع دولة المركز أي “أميركا”. وأوضح أن “الإسرائيليين” يرون بترامب فرصة تاريخية لهم ويسعون للاستفادة من فرصة وجوده في البيت الأبيض. واعتبر أن من جملة الرهانات “الإسرائيلية” الفاشلة هو الرهان على حرب أميركية على إيران، حيث كان نتنياهو يدفع بقوة في هذا الاتجاه وفشل وباءت آماله والقادة الصهاينة بالخيبة. قال السيد نصر الله إنه “رغم التهويل ما زال الاعتقاد السائد أن أميركا وإيران أبعد ما يكونان عن الحرب، نتيجة قوة إيران وخوف أميركا من حرب غير معروفة النتائج”.
وعن الدعم الأميركي لـ “إسرائيل” أوضح السيد نصر الله أن أميركا تسخّر نفوذها وعلاقاتها الدولية وقوتها وكل ما تملك من أجل تفوق “إسرائيل” وتفرض ذلك على الحكومات والدول العربية.
وفي اليمن، أكد الفشل الأميركي – الإسرائيلي والسعودي في العدوان، بل بالعكس تعاظمت القوة اليمنيّة في محور المقاومة بحيث أصبح لديها دفاع جويّ وقوات عسكرية تستطيع من خلالها تحرير مساحات ضخمة بحجم دول. ورأى أن هذا الفشل في اليمن كانت له انعكاساته على صفقة القرن، إذ إن هزيمة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هي ضربة أساسية لنجاح صفقة القرن.
وفي لبنان، أكد السيد نصر الله أن الكيان “الإسرائيلي” يتعاطى بشكل حذر ويخشى الذهاب الى حرب، كما يحسب ردات فعل المقاومة. وأشار إلى الرهان “الإسرائيلي” على التطورات الداخلية والاقتصادية والعقوبات الأميركية، وعلى انقلاب بيئة المقاومة عليها.
وتوقفت مصادر مطلعة عند الكلمات المتتالية لكن من رئيسي المجلس النيابي والحكومة والسيد نصرالله في أقل من 48 ساعة إضافة الى لقاء الرئيسين بري ودياب، مشيرة الى أن خطاب السيد نصرالله شكل خريطة طريق لمحور المقاومة في المرحلة المقبلة والخطيرة التي تعيشها المنطقة وأن الصراع مستمر بتوازنات جديدة وبعناوين محددة وهي العقوبات والحرب الاقتصادية والتجويع. اما كلمة الرئيس بري فكانت رسائل مشفّرة باتجاهات عدة، فهو أدرك بأن المواجهة الإعلامية والسجالات السياسية لن تؤدي الى نتيجة والأفضل العودة الى السياسة التي هي باطن الأزمات الحقيقي. فكانت دعوته الى مواجهة الاحتلال الطائفي المذهبي الذي يعشعش في جوهر النظام السياسي وهذه مقاربة متقدّمة من زعيم سياسي خبر الحياة السياسية في لبنان. والرسالة الثانية الى الحكومة بأن عليها البدء بالأفعال وليس البقاء بالأقوال، وشكلت دعوته لتصحيح العلاقات السورية اللبنانية والعودة الى العمق السوري الاستراتيجي بالنسبة للبنان المظلة السياسية للحكومة للتوجّه الى المحيط العربي لا سيما السوري وأهمية ذلك في إنقاذ اقتصاد لبنان وصولاً الى حد التكامل الاقتصادي والوجودي بين دول وشعوب المنطقة ما يمنحها مناعة وقدرة أكبر على الصمود بوجه الضغوط والحصار الخارجي.
"الجمهورية": الكابيتال كونترول على طاولة الصندوق
على الصعيد المالي، عقد الوفد المفاوض اللبناني برئاسة وزير المالية غازي وزنة أمس اجتماعه السادس مع صندوق النقد الدولي، في حضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على رأس فريق من المصرف. وافاد المكتب الاعلامي لوزارة المال «أنّ هذا الاجتماع المتعلق بقانون الـ Capital Control يندرج ضمن سلسلة مناقشات بنّاءة مستمرة عن بُعد وستُستكمل نهار الأربعاء المقبل».
واعربت مصادر وزارية معنية بالمفاوضات مع الصندوق، عن ارتياحها الى مسار المباحثات، وقالت لـ «الجمهورية»: «انّ ممثلي صندوق النقد يقاربون الخطة اللبنانية، بجدّية ملحوظة، علماً اننا لم ندخل في التفاصيل بعد، وما نسمعه منهم يؤكّد انّ هناك توجّهاً اكيداً لدى الصندوق لمساعدة لبنان».
ورداً على سؤال قالت المصادر: «موضوع الإصلاحات يأخذ جانباً أساسياً في النقاش، هناك امور يطرحها ممثلو الصندوق من زاوية انّ الضرورة اللبنانية تستوجب اتخاذها.( لم تشأ المصادر تحديد ماهية هذه الامور، الّا انّ مصادر مواكبة للمفاوضات رجّحت ان يكون المقصود بذلك عدد الموظفين في القطاع العام، وكذلك المتقاعدين)».
وفيما اعطت المصادر فترة 4 الى 6 اسابيع لظهور نتائج عملية من المفاوضات مع الصندوق، قلّل مرجع سياسي من هذا الاحتمال، وقال لـ«الجمهورية»: «يجب الّا نضحك على أنفسنا ونستبق نتائج المفاوضات بافتراضات وتحديد مواعيد غير واقعية، انا معلوماتي من مراجع دولية على صلة بصندوق النقد، انّ المفاوضات ستستغرق على الاقل 4 اشهر، وهناك الكثير من التفاصيل التي قد تطرأ في النقاش وقد تؤخّر المفاوضات اكثر». واضاف: «يجب ان لا نبالغ في التفاؤل، فصندوق النقد قال انّ خطة الحكومة اللبنانية هي بداية، ولم يلزم نفسه بوصفها ايجابية، لذلك علينا ان ننتظر إلى حين البدء في مناقشة الخطة تفصيلياً مع الصندوق، وكما انّه قد يوافق على المساعدة ، فإنّه قد لا يوافق على الإطلاق، ويقول لنا بعد اشهر انّ خطتكم لا تخوّلكم الحصول على اي مساعدة. لذلك يجب ان ننتظر، ونترك المفاوض اللبناني يشتغل شغله، ولا نربكه بمواقف وتصاريح غير واقعية».
ضرائب
في سياق متصل، كشفت مصادر نقابية لـ«الجمهورية»، انّها تملك معطيات حول تحضيرات تجري لإعداد سلة ضريبية، واسعة ربطاً بالخطة التي قدمتها الحكومة الى صندوق النقد الدولي.
وبحسب المصادر، انّ هذه السلة الضريبية ستشمل كل شيء تقريباً، وهناك تداول باقتراح برفع للضريبة على القيمة المضافة لاكثر من 15%، على انّ الاخطر في هذا السياق، هو وضع رسوم خيالية على سعر صفيحة البنزين، على غرار ما هو معمول به في دول سبقت لبنان الى الوقوع في الحزمة المالية مثل قبرص، على ان يقترن ذلك بتسهيل للسائقين العموميين، حيث يتمّ اعطاؤهم 10 او 15 صفيحة بنزين شهرياً بنصف السعر.
وتخوفت المصادر، من انّه اذا كان المقياس قبرص، ففي قبرص يبلغ ثمن صفيحة البنزين 17 دولاراً، وان اعتُمد المعيار القبرصي، يعني ذلك انّ سعر صفيحة البنزين في لبنان سيلامس الـ70 الف ليرة.
نقطة تحوّل
من جهة أخرى، يُفترض أن تشكّل عطلة العيد التي تمتدّ حتى 26 الجاري، نقطة تحوّل في الاسواق المالية، إذ تبدأ الاربعاء 27 ايار مرحلة جديدة تنقسم الى عنوانين:
أولاً- بدء تنفيذ مصرف لبنان قرار دعم عمليات استيراد المواد الغذائية، والمواد الاولية للصناعة الغذائية. وقد صدر امس تعميم عنه في هذا الخصوص. ويتوقّع ان يتمّ تأمين الدولارات بسعر 3200 ليرة، للحدّ من ارتفاع اسعار السلع الغذائية المُصنّفة أساسية.
ثانياً- سيباشر مصرف لبنان تنفيذ الاتفاق الذي تمّ مع رئيس الحكومة لجهة تدخّله في سوق الصرافة، بهدف تنظيم العمل ولجم ارتفاع سعر الدولار.
في البند الاول، لا تزال لائحة الأصناف التي سيشملها الدعم غير محددة بدقة، ولكنها ستركّز على المواد الغذائية الاساسية. أما في البند الثاني المتعلق بالتدخّل للجم الدولار، فإنّ علامات استفهام كثيرة مطروحة، من ضمنها حجم المبلغ الذي ينوي مصرف لبنان تخصيصه لهذه الغاية. كذلك، تُطرح تساؤلات عن المدى الذي قد يبلغه سعر الدولار في السوق السوداء الموازية، في حال لم يتمّ تأمين الدولارات للتجار المستوردين من سوق الصيرفة الشرعية.
خطط الإنقاذ المصرفية
في الموازاة، ستكون خطة الانقاذ التي قدّمتها المصارف اللبنانية هي الحدث الابرز الذي سيحظى بمناقشات معمّقة في الداخل والخارج، انطلاقاً من كون هذه الخطة أبرزت خطورة تنفيذ الخطة الحكومية، وعرضت لأخطاء في الارقام وقع فيها من صاغها.
وترتكز خطة المصارف على اعادة توزيع الخسائر بشكل عادل، بحيث لا تأتي النتائج مدمّرة للقطاع المالي، وبالتالي تهدف الخطة الى حماية المودعين من الاقتطاعات الالزامية التي تعدهم بها الخطة الحكومية. كذلك تقوم الخطة على مبدأ، انّ الدائن الذي أهدر المال وبات عاجزاً عن سداد التزاماته، تقع عليه اولاً مسؤولية معالجة الخلل، وليس من المنطق ادانة المدين لأنّه وثق بالدائن واقرضه المال. هذا الواقع، قد تكون اختصرته العبارة التي استخدمها رئيس جمعية المصارف سليم صفير في مجلس النواب، حين قال «انّ الخطة الحكومية تهدف الى القضاء على الدين من خلال القضاء على الدائنين!».
وترى اوساط متابعة، انّ اجتماعات مكثفة ستُعقد بين الاطراف الثلاثة، الحكومة، مصرف لبنان والمصارف، بغية اعادة مناقشة الارقام، ودرس المعالجات، بهدف الوصول الى رؤية موحّدة يقدّمها لبنان الى صندوق النقد في الجولات المقبلة من المفاوضات، التي أصيبت بنكسة تعدّد الخطط والآراء في الجولات الاولى.
"اللواء": السراي ترحّب بمساهمة المصارف
الى ذلك، وبعد اللقاء الذي عُقد بين رئيس الحكومة حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بمشاركة رئيس جمعية المصارف سليم صفير، واتفقوا خلاله على مساهمة المركزي والمصارف في دعم الانتاج المحلي، أصدر مصرف لبنان إعلاما للمصارف رقمه 930، جاء فيه: «أولا: تحاط الى المصارف العاملة في لبنان علما بما يلي:
1- ان مصرف لبنان سيقوم بتأمين العملات الاجنبية النقدية تلبية لحاجات مستوردي ومصنعي المواد الغذائية الاساسية والمواد الاولية التي تدخل في الصناعات الغذائية المحددة في لائحة تصدرها وزارة الاقتصاد والتجارة وذلك عن طريق استعمال العملات الاجنبية النقدية التي يشتريها تطبيقا لاحكام القرار الاساسي رقم 13216 تاريخ 3/4/2020 «والمادة 7 مكرر» من القرار الاساسي رقم 7548 تاريخ 30/3/2020.
2- انه بغية تنفيذ ما ورد في البند (1) اعلاه يتم تحديد سعر صرف العملات الاجنبية وفقا للالية المتبعة لتطبيق احكام «المادة 7 مكرر» من القرار الاساسي رقم 7548 تاريخ 30/3/2000.
ثانيا: يطلب من المصارف العاملة في لبنان في اقرب وقت ممكن، اعلام وحدة التمويل لدى مصرف لبنان عن رغبته بالمشاركة في تمويل عمليات استيراد وتصنيع المواد الغذائية الاساسية وفقا للاحكام الواردة في هذا الاعلام.
ثالثا: يعمل بهذا الاعلام فور صدوره».
مفاوضات الكابيتال كونترول
وفي السياق المالي، اعلنت وزارة المال ان «الوفد اللبناني المفاوض برئاسة وزير المالية الدكتور غازي وزني،عقد اجتماعه السادس مع صندوق النقد الدولي، في حضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على رأس فريق من البنك المركزي. ويندرج هذا الاجتماع المتعلق بقانون الكابيتال كونترول، (Capital Control) ضمن سلسلة مناقشات بناءة مستمرة عن بعد وستستكمل نهار الأربعاء المقبل.
وعلمت «اللواء» من مصادر موثوق بها ومطلعة على جوانب من المفاوضات، ان البحث تركز على مضمون الاقتراح النيابي حول الكابيتال كونترول، حيث اطلع عليه فريق صندوق النقد لأن الاقتراح يدخل ضمن اهتمام الصندوق وبرنامجه لجهة محاول معرفة كم سيتوافرمن سيولة بالدولار في لبنان، وهو سيضع ملاحظات عليه لجهة ضرورة ان يكون متجانسا لدى اقراره في المجلس النيابي مع متطلبات الصندوق وبرنامجه.
عون: لا تراجع عن مكافحة الفساد
من بعبدا، نقل زوار الرئيس ميشال عون عن تصميمه على عدم التراجع في موضوع مكافحة الفساد بكل تفاصيله وفتح ملفات مرتكبي الفساد والوصول بها الى نهايتها, قائلا: «ما لحيظمط حدا».
ولفت الرئيس عون وفق الزوار الى ان هناك جهدا يبذل من اجل خفض سعر صرف الدولار مؤكدا انه كان من الخطأ قيام رابط عضوي بين الليرة والدولار.
وعلمت «اللواء» من هؤلاء الزوار الى ان الرئيس عون اكد ان المفاوضات سائرة مع صندوق النقد الدولي انما الاتكال على الصندوق وحده لا يكفي انما يجب ان يقوم لبنان بإجراءات تتصل بالتركيز على الأقتصاد المنتج والأهتمام بالزراعة والصناعة. ِ
واعلن الرئيس عون وفق الزوار ان الجهد منصب على استعادة الأموال المنهوبة كما تحدث عن مباشرة لجنة التدقيق في مصرف لبنان بمهمتها.
ونقل الزوار تأكيد عون تمسك لبنان بمندرجات القرار 1701 وعدم تغيير اي قواعد وشروط في هذا المجال مشيرا الى انه كان هناك جس نبض دولي للموقف اللبناني.
وفي مجال متصل، اوضح نائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني في تصريح لـ«اللواء» ان الأهم في التعيينات للمناصب الأرثوذكسية ومن ضمنها تعيين محافظ بيروت هو الأجماع الأرثوذكسي واختيار أصحاب الكفاءة وفق المعيار العادل الذي يتناسب مع الموقع وأوضح انه لا بد من اعتماد آلية شفافة والى حين الوصول الى الدولة المدنية التي ننادي بها بعيدا عن خيار المحاصصة لا بد من التركيز على ان مشاركة الأرثوذكس في ادارات الدولة يجب ان تبقى مصانة وإلا تخسر مشاركتها بسبب انفتاحها ولا طائفيتها.
رياض سلامةحسان ديابفيروس كوروناصندوق النقد الدولي
إقرأ المزيد في: لبنان
22/11/2024