لبنان
الحكومة تتابع جلساتها اليوم وغدا.. جردة حساب لسلامة.. والشارع يصعّد
طغى الملف المالي والمعيشي على اهتمامات الصحف الصادرة اليوم، حيث تناولت الجلسة الحكومية التي عقدت بالأمس وأبرز ما جاء في قراراتها على صعيد اجراءات مكافحة الفساد والسير على خط استرجاع الاموال المنهوبة، وهي ستستكمل جلساتها اليوم وغدا لحسم هذا الملفات.
إلى ذلك ينتظر اللبنانيون ظهرا إطلالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في كلمة متلفزة، والتي من المقرر أن يقدم فيها جردة حساب للبنانيين عن الأسباب التي أوصلت الأمور المالة إلى الحضيض الذي يعيشونه اليوم.
ويبدو أن الناس قد ضاق صدرها من الغلاء الفاحش وارتفاع سعر صرف الدولار غير المتوقف عند حد معين، واستمر التصعيد في الشارع لا سيما في طرابلس وصيدا التي شهدت إحراق فروع للمصارف وآليات للقوى الأمنية.
"الأخبار": هندسات سلامة لم تقتصر على المصارف: المال العام في خدمة محظيين
من المنتظر أن يطل حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، في كلمة متلفزة اليوم، يتحدّث فيها عن واقع مصرف لبنان، والاحوال النقدية والمالية. الكلمة تأتي تحدياً لطلب رئيس الحكومة حسان دياب، الذي اتهم الحاكم بانتهاج سلوك مريب وغامض إزاء تدهور سعر صرف الليرة. وقياساً على إطلالاته السابقة، من المتوقع ان يُكثر سلامة من استخدام الأرقام والمصطلحات التي «تضيّع» المشاهد. كما من المتوقع ان يتحدّث عن كلفة سلسلة الرتب والرواتب، وعن الدين العام، والعجز في ميزان المدفوعات، وأثر الحرب السورية على الاقتصاد اللبناني، وتراجع السياحة، والأزمات السياسية والامنية التي أثّرت سلباً على لبنان واقتصاده وماليته العامة ومصارفه... ربما سيأتي على ذكر كلمة فساد. لكنه بالتأكيد سيبتعد عن لبّ الأزمة في مصرف لبنان، أي، منهجه وطريقته في إدارة الأمور، والتعامل مع المال العام المؤتمن عليه كمال خاص يوزّعه كيفما يشاء، وعلى من يشاء.
الهندسات المالية التي اشتهرت في السنوات الأخيرة، لم تكن سوى واحدة من عمليات إعادة توزيع الثروة، عبر تحويل المال العام، وأموال المودعين، إلى أرباح تصب في جيوب أصحاب المصارف وكبار المودعين. جرت تلك العمليات بذرائع عدة:
- الدفعة الأكبر كانت بذريعة اجتذاب دولارات يحتاجها الاقتصاد اللبناني لتمويل الاستيراد، ومنَح بموجبها المصارف أكثر من 5 مليارات دولار كأرباح (راجع «الأخبار»، 13 كانون الثاني 2017).
- الدفعة الثانية كانت بذريعة الحفاظ على مصارف مهددة بالإفلاس، وجرت على مدى سنوات طويلة («الأخبار»، 21 شباط 2017).
- الدفعة الثالثة كانت لتمويل عمليات توسّع لمصارف، انتهت بتوزيع أرباح على مالكيها (راجع «الأخبار»، 4 نيسان 2017).
كُل تلك «الهندسات» كان يجريها سلامة مع مصارف. لكن الجديد الذي كشفته وثائق حصلت عليها «الأخبار»، تكشف أن «هندسات» سلامة لم تقتصر على القطاع المصرفي، بل تعدّته إلى شركات مالية. يكفي ان يكون صاحب الشركة من المحظيين لدى سلامة، ليمنحه قرضاً من مصرف لبنان، يشتري به سندات خزينة (أي أن الشركة تقترض من مصرف لبنان مالاً لتقرضه إلى وزارة المال). وتحقق الشركة نتيجة لذلك ربحاً صافياً، من دون أي جهد. تدفع الشركة لمصرف لبنان فائدة سنوية قدرها 5 في المئة، وتحصّل من الخزينة العامة فائدة على السندات تبلغ 7.11 في المئة (بحسب معدلات الفوائد عند تنفيذ هذه «الهندسة»). هذه العملية تحقق ربحاً صافياً للشركة قدره 2.11 في المئة، من المال العام. وفي الوثائق التي حصلت عليها «الأخبار»، تقريش هذه النسبة من الربح تعني نحو مليار ليرة سنوياً. ما الدافع وراء ذلك؟ لا وجود لأي دافع قانوني. لا مصلحة عامة تُرتجى. ثمة حاكم يمارس ألعاباً تشبه «السحر»، تجعل المحظيين أثرياء على حساب دافعي الضرائب.
الوثائق التي حصلت عليها «الأخبار» كناية عن عقد موقع بين مصرف لبنان، وشركة «اوبتيموم إنفست»، ممثلة برئيس مجلس إدارتها - مديرها العام انطوان سلامة. والاخير معروف في الأوساط المالية والمصرفية باسم طوني سلامة، وبأن شركته تتولى جانباً من عمليات تسويق سندات اليوروبوندز.
تذرّع الحاكم بأن «المقترض بحاجة إلى سيولة لتغطية بعض الالتزامات»
وفي هذا العقد، لا يخفي سلامة الهدف المكتوب بوضوح: «بما أن المقترض بحاجة إلى سيولة لتغطية بعض الالتزامات المتوجبة عليه». وبناءً على ذلك، قرر منحه اعتماداً بقيمة 48 ملياراً و600 مليون ليرة لبنانية، «لشراء سندات خزينة من فئة 84 شهراً». وينص العقد على ان يتعهّد المقترض بأن يرهن لصالح مصرف لبنان، عندما يطلب الأخير، السندات التي سيشتريها، ضماناً لتسديد القرض وفوائده.
هذا العقد الموقع في 21-6-2017، يستند إلى مواد من قانون النقد والتسليف، اهمها الفقرة الاولى من المادة 102، التي تنص على الآتي: «يمكن المصرف (مصرف لبنان) ان يمنح قروضا بالحساب الجاري بشكل فتح اعتمادات لمدة اثني عشر شهرا قابلة التجديد في حالات الضرورة لمرة واحدة على ان تكون مكفولة بسندات تجارية لا تتجاوز مدة استحقاقها السنة، او بذهب او بعملات اجنبية او بسندات قيم». لكن اللافت ان العقد لا ينص على كفالة، بل على تعهّد بالرهن، فضلاً عن ان المتعهَّد برهنه هو سندات تستحق بعد 84 شهراً، لا بعد مدة سنة التي تنص عليها المادة القانونية.
ولا بد من الإشارة إلى ان ما حصلت عليه «الأخبار» ليس وثائق بكل «الهندسات» التي اجراها سلامة. بل هي هندسة واحدة، من أصل عدد مجهول، وسيبقى مجهولاً إلى ان يجري تدقيق جدي في كل ما ارتُكِب في مصرف لبنان المركزي، على مدى 27 عاماً من حُكم سلامة. فالدافع وراء العقد، والوارد في عبارته الاولى «بما أن المقترض بحاجة إلى سيولة لتغطية بعض الالتزامات المتوجبة عليه»، يكشف طريقة عمل الحاكم. سلامة تصرّف مع اموال مصرف لبنان كما لو انها مال خاص. فحاجة المقترض إلى تغطية التزامات متوجبة عليه، لا تمنح أحداً، أي أحد، حق استخدام المال العام لتغطية تلك الحاجة.
"البناء": دياب: «اللاشيء» أفضل من أشياء ملطّخة
وتفرّغت الحكومة لإقرار المزيد من خطوات التدقيق والتحقيق التي تطال الأموال المهرّبة إلى الخارج وملفات الفساد، وستنهي قراراتها وخطتها الاقتصادية والمالية في جلسة غد الخميس، بينما يسود الترقب على جبهة علاقة الحكومة مع حاكم مصرف لبنان، الذي سيطل الليلة ليترافع عن دوره ومسؤولياته، مظهراً الموازنات دليلاً على مسؤولية الحكومات المتعاقبة ومجلس النواب عن الإنفاق غير المحسوب، وطلبات تمويله بالمزيد من الدين، وتوقعت مصادر متابعة أن يعلن الحاكم في إطلالته عن إجراءات سيبدأ بها للسيطرة على سوق الصرف، من جهة، وتمويل الاستيراد الصناعي لتخفيض الطلب على الدولار من جهة موازية.
على صعيد السجال السياسي كان ردّ الرئيس دياب على وصف النائب السابق وليد جنبلاط له بـ«اللا شيء» هو الأبرز، حيث قال دياب، في كلمته للحكومة، «نحن لا شيء يثنينا عن مواصلة مسارنا، ولا شيء في السياسة يعنينا، لأن المتقلّبين من أهل السياسة يكابرون في مواجهة اللا شيء في الفساد، واللا شيء في المصالح، واللا شيء في الحسابات، اللا شيء هنا شهادة أفضل بكثير من أشياء ملطّخة لم تعُد تستطيع المساحيق تنظيفها أو إخفاءه، بينما كان اللافت الاتصال الذي أجراه وزير خارجية فرنسا برئيس الحكومة بالتوازي مع اتصال وزير المالية الفرنسية بوزير المالية اللبناني، تنويهاً بدعم فرنسا للبنان ولخطة الحكومة، واستعداداً للتعاون مع الحكومة في الحصول على مساعدة الهيئات الدولية المانحة، بينما كان لحزب الله موقف قويّ داعم للحكومة وإشارة إلى امتلاكها خطة اقتصادية متكاملة، ورد على لسان نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم.
وبينما تتجه الانظار الى إطلالة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة اليوم، لتفنيد الواقع المالي بالوقائع والأرقام وتقديم جردة مفصلة حول ما طالبه به رئيس الحكومة حسان دياب، في وقت لم يتم البحث في جلسة مجلس الوزراء في استقالة الحاكم التي لم تطرح بشكل جدي في الجلسة السابقة، لا سيما أن هذا الأمر يتطلب جملة من المعطيات التي تتم دراستها بتروٍّ في مجلس الوزراء. وكلف مجلس الوزراء وزارة المالية الطلب من مصرف لبنان إعداد لوائح تتضمن: أولاً: مجموع المبالغ التي جرى تحويلها إلى الخارج اعتباراً من تاريخ 1/1/2019 ولغاية تاريخه مع تبيان نسبة المبالغ التي جرى تحويلها من قبل أفراد يتعاطون الشأن العام وتلك التي حوّلت لأسباب تجارية. ثانياً: مجموع المبالغ التي سحبت نقداً في الفترة عينها المومأ إليها. ثالثاً: مجموع المبالغ التي جرى تحويلها في فترة إقفال المصارف استناداً إلى قواعد الامتثال والتعاميم ذات الصلة.
وبرزت أمس، سلسلة مواقف لنائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم الذي أكد أن حاكم مصرف لبنان يتحمل مسؤولية ما وصلنا إليه، لكن ليس وحده»، مشدداً على أن «موقف حزب الله من موضوع الحاكم واضح وهو ضرورة مناقشة مسألة المصرف المركزي داخل الحكومة وليس في الإعلام حتى يتخذ القرار المناسب في هذا الإطار، على أساس تقديم مصلحة البلد على أي شيء آخر». وأشار إلى أن «وصول الدولار إلى مستويات قياسية يعني أن هناك أخطاء متراكمة وأداء سلبياً من مصرف لبنان، أوصلنا إلى هذه النتيجة»، معتبراً أن «المتابعة يجب أن تكون بتشخيص العلة ومحاولة تصحيحها لوضع حد لهذا الفلتان. وهذا ما تعمل عليه الحكومة». ولفت إلى أن «الخطة الاقتصادية للحكومة كبيرة ومفصلة، وإذا ما أقرّت مرفقة بخطط إضافية متكاملة سوف نتلمس حينها بداية حلول للأزمات الراهنة». وأكد أن «هناك أطرافاً تريد إسقاط الحكومة لكنَّ إمكاناتها والظروف الموضوعية لا تسمح لها بالوصول إلى هذا الأمر»، مشدداً على أن «الحكومة قوية وثابتة ومتماسكة وهي بدأت خطوات عملية من أجل وضع البلد على الخط الصحيح».
وفيما يعود مجلس الوزراء اليوم لمواصلة البحث في الخطة الإصلاحيّة، التي يفترض ان تقر يوم الخميس أقرّ مجلس الوزراء أربعة تدابير آنية وفورية لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المتأتية عنه، وهي: تفعيل التدقيق الضريبي، والتحقيق المحاسبي، وتطبيق المادة الخامسة من قانون السرية المصرفية، والرقابة المؤخرة لديوان المحاسبة.
"الجمهورية": باريس لدياب: سنجمع مجموعة «سيدر»... وواشنطن للتعاون مع «الصندوق»
وبَدا من المواقف والتطورات أمس أنّ بعض عواصم القرار الغربية بدأت تتحسّس خطورة ما آلت إليه الأوضاع اللبنانية في ضوء الأزمة الإقتصادية والمالية وتفجّر الغضب في الشارع وما يرافقه من اعمال عنف، في الوقت الذي اقتربت الحكومة من إقرار خطتها الإصلاحية حيث ستضع اللمسات الأخيرة عليها في جلسة استثنائية اليوم تمهيداً لإقرارها في جلسةٍ لمجلس الوزراء غداً، والذي كان انعقد أمس باحثاً في هذه الخطة. في الوقت الذي ينتظر الجميع ما سيعلنه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اليوم من مواقف في ضوء الحديث عن إقالته، وكذلك في ضوء ما طلبته الحكومة منه من ارقام ومعلومات حول موجودات المصرف والاموال التي حُوِّلت الى الخارج بعد 17 تشرين الاول الماضي وقبله، وساهمت في الازمة المالية والاقتصادية الراهنة.
وتوقف المراقبون باهتمام أمس عند استقبال رئيس الحكومة حسان دياب السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا على وقع الغضب الشعبي الذي يشهدها الشارع في بيروت ومختلف المناطق إحتجاجاً على تدهور قيمة العملة الوطنية إزاء العملات الاجنبية. وبحسب معلومات رسمية انّ اللقاء تخلله بحث في «آخر المستجدات المحلية»، وانّ شيا عبّرت عن استيائها من الطابع غير السلمي الذي يطغى على التظاهرات، وجددت «التأكيد على وجوب التعاون مع صندوق النقد الدولي». وأعلنت عن مساعدات إنسانية من الولايات المتحدة للبنان لمساعدته في مكافحة وباء كورونا، وذلك عن طريق الجامعة الأميركية في بيروت.
ولاحقاً، غرّدت شيا عبر حساب السفارة الأميركية في بيروت على «تويتر» حيث اعتبرت أنّ «الإحباط الذي يعيشه الشعب اللبناني بسبب الأزمة الإقتصادية أمرٌ مفهومٌ، وما يقومون به له مبرّراته. لكن حوادث العنف، والتهديدات، وتحطيم الممتلكات هي أمور مقلقة للغاية وعليها أن تتوقّف». وقالت: «انّنا نشجع الجميع على السلوك السلمي وضبط النفس، وكذلك اليقظة المستمرة في التباعد الاجتماعي في سياق جائحة فيروس كورونا»، وأرفقت شيا تغريدتها بهاشتاغ «في ذلك معاً».
لودريان
وكان سبق زيارة شيا لدياب اتصال تلقّاه من وزير الخارجية الفرنسي جان - إيف لودريان، الذي أعرب له عن «تأييد فرنسا لبرنامج الحكومة الإصلاحي، واستعدادها لمساعدة لبنان مع صندوق النقد الدولي»، مؤكداً «نية فرنسا عقد اجتماع لمجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان فور انتهاء إجراءات الحظر المتعلقة بوباء كورونا».
وفي هذا السياق غرّد وزير المال غازي وزنة، عبر «تويتر»، الآتي: «تلقيت اتصالاً هاتفياً من وزير المالية والاقتصاد الفرنسي Bruno Le Maire الذي أكد دعم فرنسا للبنان في خطته المالية والاقتصادية، مشدداً على ضرورة تنفيذ الخطوات الإصلاحية المطلوبة منه».
مجلس الوزراء
وكان مجلس الوزراء الذي انعقد أمس في السراي الحكومي برئاسة دياب قرر، في إطار إجراء التحقيقات لتحديد الحسابات التي أجريت منها تحويلات مالية الى الخارج، «تكليف وزارة المال الطلب من مصرف لبنان إعداد لوائح تتضمن الآتي:
أولاً: مجموع المبالغ التي جرى تحويلها إلى الخارج اعتباراً من تاريخ 1/1/2019 ولغاية تاريخه، مع تبيان نسبة المبالغ التي جرى تحويلها من قبل أفراد يتعاطون الشأن العام وتلك التي حوّلت لأسباب تجارية.
ثانياً: مجموع المبالغ التي سحبت نقداً في الفترة عينها المُومَأ إليها.
ثالثاً: مجموع المبالغ التي جرى تحويلها في فترة إقفال المصارف استناداً إلى قواعد الامتثال والتعاميم ذات الصلة».
كذلك أقرّ المجلس 4 تدابير آنية وفورية لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المتأتية عنه، وهي: تفعيل التدقيق الضريبي، التحقيق المحاسبي، تطبيق المادة الخامسة من قانون السرية المصرفية، الرقابة المؤخرة لديوان المحاسبة.
سلامة يرد اليوم
وعلى صعيد الأزمة السائدة بين الحكومة وحاكم مصرف لبنان، لفتت وزيرة الاعلام منال عبد الصمد الى انّ مجلس الوزراء لم يبحث أمس في موضوع إقالة سلامة «لأنّ هذا الأمر يتطلب جملة من المعطيات التي تتم دراستها بتَروٍّ في مجلس الوزراء». وعلمت «الجمهورية» ان سلامة سيردّ اليوم في بيان يصدره او يذيعه تلفزيونياً على سلسلة المواقف التي تناولت سياساته في الفترة الأخيرة، ولا سيما منها الموقف الذي عبّر عنه رئيس الحكومة الجمعة الماضي، وتشكيكه في اجراءات مصرف لبنان، وتساؤله عمّا اذا كان ذلك مقصوداً او عاجزاً».
وقالت مصادر مطلعة في مصرف لبنان لـ«الجمهورية» انّ سلامة سيعرض لمجريات ما تعرّضت له الليرة اللبنانية من ضغوط في السنوات الأخيرة، وخصوصاً انّ السنوات الثلاث الأخيرة شهدت عمليات تحويل اموال الى الخارج بمعدل يتراوح بين 3 و5 مليارات دولار سنوياً نتيجة ضعف الثقة بالدولة في مرحلة تَلت عامين ونيّف من الشغور الرئاسي. كذلك سيتناول كلفة الدعم المقدّم للدولة اللبنانية، ولا سيما منها مؤسسة كهرباء لبنان التي بلغت كلفتها سنوياً ومنذ اكثر من عقدين من الزمن نحو مليار ونصف مليار من الدولارات سنوياً.
ولفت المصادر الى «انّ المناكفات السياسية التي عاشها لبنان في السنوات الثلاث الماضية زادت من فقدان الثقة والتردّد في مساعدة لبنان، ما زاد كلفة تثبيت سعر الليرة اللبنانية التي كان تم تثبيتها لسنوات عدة بكلفة عالية تنفيذاً لقرار سياسي، إنفاذاً لِما للحاكم من صلاحيات ومهمات حددها قانون النقد والتسليف».
أرقامه غير مفاجِئة
وقالت المصادر انّ سلامة يضع بيانه بنفسه ويختار كلماته وارقامه بدقة، ولم يشرك احداً حتى مساء امس في مضمونها، ولم يقرر بعد ما إذا كان سيعممه ام انه سيذيعه صوتاً وصورة. واشارت الى أنّ الأرقام إذا فاجأت بعض المواطنين، فإنه لن يكون هناك اي مفاجأة مستغربة في الحديث عن فقدان الارقام الدقيقة، وانها حجبت عن كبار المسؤولين». وأكدت ان «الأرقام التي سيتحدث عنها سلامة اليوم هي في عهدة عون ودياب منذ فترة، فهو يطلعهما على كل من يعنيه الأمر دورياً».
"اللواء": «هيركات» ضمني في الخطة الإقتصادية غداً
وقرر مجلس الوزراء إعادة جدولة بنود ورقة وزيرة العدل ماري كلود نجم لمكافحة الفساد، وأقرّ ستة تدابير فورية وآنية لمكافحة الفساد واستعادة الأموال،من اصل ثمانية، وأحال البندين الرابع والخامس المتعلقين بقانون الاثراء غير المشروع الى هيئة التشريع والاستشارات لأخذ الرأي بعد اعتراض عدد من الوزراء عليهما، على أن يُستكمل البحث بالبنود المتعلقة بالإثراء غير المشروع في جلسة الخميس المقبل في قصر بعبدا.
وعلمت «اللواء» أن نقاشاً موسعاً ومطولاً حصل حول البندين المتعلقين بالاثراء غير المشروع، اللذين يقترحان تشكيل لجنة وزارية تكون بمثابة ضابطة عدلية تتولى هي التحقيق مع الرؤساء والوزراء والمسوؤلين،وقد اعترض عليهما الوزراء ميشال نجار وميا يمين وعماد حب الله وعباس مرتضى، ومحمد فهمي وطلال حواط وحمد حسن، حيث اعتبروا ان هذين البندين مخالفان للقانون 154، الذي تنص مادتاه 4 و12 على صلاحيات الضابطة العدلية والقضاء في التحقيق لا لجنة وزارية.
ولكن وزيرة العدل خالفت الوزراء رأيهم واعتبرت ان البندين قانونيان، ولكن تدخل وزراء اخرين في النقاش مثل دميانوس قطار وطلال حواط للفت النظر الى ثغرات قانونية في البندين، دفعا الوزيرة الى الخروج قليلا خارج قاعة المجلس واجرت اتصالاً هاتفيا، عادت بعده لتؤكد عدم قانونية البندين، لكنها اعتبرت انهما مقدمة او تمهيد للدخول في اجراءات اخرى لمكافحة الفساد.لكن الوزير فهمي اكد ان اي جهة لا صلاحية لها بأن تتحول الى ضابطة عدلية الا القوى الامنية وبأمر من النائب العام.
كذلك جرى نقاش حول بند من ضمن مكافحة الاثراء غير المشروع يتعلق بالتدقيق في اموال اللبنانيين المغتربين المحولة او المنقولة الى لبنان من اجل تقاضي ضريبة عليها.فعارضها عدد من الوزراء كون هذه لمبالغ خاضعة للضريبة في بلاد الاغتراب وبنسبة كبيرة في بعض الدول، لكن تم اقرار هذا البند. وجرى نقاش حول ضرورة إلزامية القرارات التي سيتخذها مجلس الوزراء في مكافحة الفساد لا ان تبقى شكلية وعلى الورق لأرضاء الناس فقط.
وقالت وزيرة العدل ماري كلود نجم «تعليقا على مشروعها الاصلاحي: لا استهداف لأي فريق سياسي، وهذه البنود لا تحتاج إلى تشريع لأنها بنود ادارية تطبق مباشرة. وستشمل المرحلة الأولى من التحقيقات السنوات العشر الأخيرة.
وحسب محضر جلسة مجلس الوزراء بعنوان: تدابير آنية وفورية لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المتآتية عنه، واستناداً إلى مراسيم اشتراعية وقوانين والبيان الوزاري («اللواء» - خاص) فإن التدبير الأوّل يتعلق بتفعيل التدقيق الضريبي يقضي بـ الطلب الى وزير المالية تكليف الجهات المختصة في وزارته أو من ينتدبه، بإجراء تحقيق ضريبي يطال جميع الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين أجروا مع الدولة اللبنانية أو المؤسسات العامة أو البلديات عقوداً أو التزامات وفقاً لبعض الأسس المحددة.
الطلب الى وزير المالية تكليف الجهات المختصة لديه أو من ينتدبه بالمباشرة الفورية بإتخاذ الإجراءات التقنية واللوجستية اللازمة لتبادل المعلومات الضريبية إستناداً إلى اتفاقية «التعاون التقني في المجال الضريبي» (MAC) وإتفاقية «السلطات المختصة» ((MCAA المصادق عليهما بموجب القانون رقم 55/2016، وذلك توصلاً للحصول التلقائي وغب الطلب على المعلومات اللازمة عن جميع الحسابات المصرفية المفتوحة في الخارج لمصلحة الأشخاص الطبيعيين والمعنويين المتّخذين محل إقامة ضريبية في لبنان، وسائر المعلومات المالية المتوفرة حول هؤلاء الاشخاص لدى السلطات الاجنبية في الدول المطلوب منها تزويد المعلومات.
التدبير الثاني: التحقيق المحاسبي (Forensic Audit)
يقوم رئيس مجلس الوزراء، بناء على إقتراح وزير المالية، بتكليف أحد أهم المكاتب الدولية المتخصصة في التحقيق المحاسبي (Forensic Audit ) للتدقيق في جميع العقود، من أي نوع كان (مناقصة، التزام، إتفاق بالتراضي… الخ)، التي أجريت بين الدولة اللبنانية وسائر الأشخاص الطبيعيين والمعنويين وفي القيود وموازنات هؤلاء الأشخاص توصلاً الى تحديد مكامن أي غش أو هدر أو نهب في إنفاق المال العام.
التدبير الثالث: تطبيق المادة الخامسة من قانون السرية المصرفية
الطلب الى جميع الوزارات والادارات ولا سيما ادارة المناقصات، عند إجراء أي عقد أو تلزيم أو نفقة، تطبيق المادة الخامسة من قانون رفع الرسية المصرفية التي تجيز للمتعاقدين الإتفاق مسبقاً على رفع السرية المصرفية.
التدبير الرابع: الرقابة المؤخرة لديوان المحاسبة
يحث مجلس الوزراء ديوان المحاسبة، في مجال الرقابة المؤخرة على حسابات الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين يتلقون من الادارة مساهمات أو أموال أو يجرون معها عقوداً وإلتزامات، على إعطاء الأولوية لإنجاز هذه الرقابة بالنسبة للعقود والتلزيمات بدءا من الأعلى قيمة والتدرج نزولا إلى جميع العقود والتلزيمات التي تضمنت إنفاقاً من المال العام.
«بيل ان» (Bel in) بدل «هيركات»؟
ويعود المجلس الى الانعقاد عند الساعة الواحدة من بعد ظهر اليوم الاربعاء جلسة في السراي الكبير، لاستكمال البحث في الصيغة النهائية للخطة الإصلاحية للحكومة قبل اقرارها في الجلسة التي ستعقد نهار غد الخميس في قصر بعبدا.
وتبين حسب معلومات «اللواء» ان فكرة الهيركات لم تسقط نهائياً من بنود الخطة التي اعدتها شركة لازار الاستشارية، لكن جرى استبدالها بما يعرف ب «بيل أن»، وهو يعني السماح للمصرف باقتطاع جزء من وديعة المودع مع فارق التعهد بأعادته لكن في اجل غير مسمى، وهو ماكان محط اعتراض عدد من الوزراء.