معركة أولي البأس

 

لبنان

استكمال عودة المغتربين على طاولة الحكومة.. وكثرة حديث عن
14/04/2020

استكمال عودة المغتربين على طاولة الحكومة.. وكثرة حديث عن "الهيركات"

اهتمت الصحف اللبنانية الصادرة صباحا بعدة مواضيع أبرزها ما سيخرج من قرارات عن جلسة الحكومة التي ستعقد اليوم، لا سيما ما يخص ملف استكمال إعادة المغتربين اللبنانيين من الخارج، بعد انتهاء الدفعة الأولى من العائدين ليل الاثنين الثلاثاء.
وفي ظل الأزمة العالمية لفيروس كورونا وتداعياتها، يحلّ اليوم موعد بدء عمليات توزيع المساعدات المالية للأسر الأكثر فقرا من قبل الجيش اللبناني، بناء على ما أقرته الحكومة سابقا بتقديم مبلغ 400 ألف ليرة لبنانية للأسرة، وسط حديث عن تأجيل التوزيع لأسباب متعلقة بالجداول والاحصاءات.. ويأتي هذا في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار والذي ناهز 3000 ليرة لبنانية.
كما ارتفعت الأصوات بالحديث عن خطة الحكومة المتعلقة بالودائع في المصارف أو ما يسمى بالـ"هيركات"، دون ان يكون هناك أي شيء واضح في أفق هذه العملية التي لم يظهر منها أي قرار رسمي بعد، في ظل معارضة رئيسي الجمهورية ومجلس النواب لها، حيث أكد الرئيس نبيه برّي أن المجلس النيابي لن يشرّع النصب والسطو على اموال المودعين ومدخراتهم.


"الأخبار": الحكومة تقرّر اليوم مصير الدفعة الثانية من «طائرات العودة»

على ضوء نتائج فحوصات آخر دفعة من المُغتربين، ستقرر الحكومة ما إذا كانت ستنظّم دفعة ثانية من رحلات إعادة هؤلاء. وفيما أعلنت وزارة الصحة تسجيل إصابتين جديدتين فقط، «توافدت» أرقام الإصابات ليلاً من كل من: بشري وعكار وبرجا، لتبقي حال الحذر قائمة، ولتُذكّر بأهمية رفع أعداد الفحوصات في المناطق قبل المُضيّ في أي سيناريو تفاؤلي. وعليه، أُقفل عداد كورونا ليل أمس، على 641 إصابة.

وأضافت الصحيفة.. الثانية عشرة والنصف من فجر اليوم، حطّت الطائرة الآتية من لندن لتختتم رحلات الدفعة الأولى من عمليات «إجلاء» اللبنانيين الهاربين من تفشّي وباء كورونا في بلاد الاغتراب، والذين تجاوز عددهم الألفين وفق وزارة الصحة.

وباستثناء العائدين من لندن فجراً، ومن جدة عصر أمس ومن بعدها فرنسا والغابون، يكون عدّاد كورونا الخاص بالمُغتربين قد أُقفل على 27 إصابة من أصل 1928 عائداً، على أن تصدر نتائج فحوصات راكبي الطائرتين الأخيرتين الذين يتجاوز عددهم الـ 200 اليوم. وعلى ضوء هذه النتائج، يقرر مجلس الوزراء اليوم «إذا ما كنا سنقوم بجولة ثانية لإجلاء اللبنانيين من الخارج»، وفق رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي الذي لفت إلى أن الإصابات التي ظهرت على متن الطائرتين القادمتين من روما وباريس «كانت أقلّ مما توقعته اللجنة الوطنية لكورونا». وأضاف: «أعتقد أن هناك إمكانية لتجديد عملية نقل اللبنانيين من الخارج وفتح مطار بيروت».
ورغم «محدودية» الإصابات، حتى الآن، في صفوف الوافدين، إلّا أن هذا لا يعني أن هذه الأرقام لا تُؤثر على المسار الوبائي بالمُطلق، و«خصوصاً أن إصابات الوافدين سُجّلت في وقت كانت فيه أعداد إصابات المُقيمين تُسجّل انخفاضاً»، وفق المُتخصّص في علوم الجزيئيات الذرية والنانوتكنولوجيا الدكتور محمد حمية، لافتاً إلى أن أعداد الإصابات في الأيام القليلة الماضية «مُطمئنة حتى الآن». ونبّه الى ضرورة الحذر من الجولة الثانية «التي يجب أن تكون مرفقة بشرط أساسي يتمثّل بإجراء فحوصات الـpcr قبل المجيء إلى لبنان، على أن يأتي غير المُصابين فيما تتكفّل السفارات اللبنانية بعلاج المُصابين».
ورغم أن أرقام الإصابات على صعيد المناطق اللبنانية لا تزال «مضبوطة»، إلا أن سيناريو التفاؤل والاطمئنان لن يستقيم ما لم تتضاعف أعداد فحوصات الـpcr في المناطق، حيث يخضع 2155 شخصاً للحجر المنزلي (544 منهم في محافظة جبل لبنان و490 في محافظة الشمال).
وكانت وزارة الصحة قد أعلنت، أمس، تسجيل إصابتين جديدتين من أصل 256 فحصاً (240 فحصاً للمُقيمين و16 للمُغتربين)، فيما أعلن مُستشفى رفيق الحريري تسجيل إصابة واحدة. وليلاً، أعلنت إدارة مُستشفى بشري الحكومي صدور نتائج 123 فحصاً أجريت أول من أمس، تبين أن خمسة منها إيجابية (ثلاث حالات في مدينة بشري، وواحدة في شكا وأخرى في برحليون) ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات في قضاء بشري إلى 64.
إلى ذلك، نقل عدد من المواقع الإلكترونية ليلاً إصابة عائلة (3 أفراد) عنصر في الدفاع المدني في مركز حلبا مُصاب بفيروس كورونا، ليرتفع إجمالي المُصابين في محافظة عكار إلى 24. كذلك، أعلنت بلدة برجا ليلا تسجيل إصابة جديدة.
وعليه، يكون عدّدا كورونا قد أُقفل ليلاً على 641 إصابة، فيما لا يزال عدد المتعافين متوقفاً عند 80، والمتوفين عند 20، ما يعني أن عدد المُصابين الحاليين يبلغ 541 شخصاً.
وعليه، فإنّ النقاش الذي سيدور في مجلس الوزراء اليوم سيبحث في هذه المعطيات التي قد تكون مُقلقة لرفع منسوب التأهب والاستعداد، وخصوصاً على صعيد المناطق مع التشديد على التدابير الكفيلة بتدارك الوضع كالحجر المنزلي وإجراءات التعبئة العامة مع ما تتطلبها من إجراءات «رديفة» تُمكّن المواطنين من البقاء في بيوتهم.

الإعلان عن حالات إيجابية في بشرّي وشكّا وبرحليون وعكار وبرجا

وفيما كان مقرراً أن يباشر الجيش اللبناني، اليوم، توزيع المُساعدات على العائلات التي وردت في السجلات الصادرة عن مجلس الوزراء، على أن تستتبع هذه الخطوات بأخرى مماثلة في الأيام المُقبلة. أعلن وزير الشؤون الاجتماعية ​رمزي المشرفية​ في بيان، مساء أمس، إرجاء التوزيع «نظراً لعدد من الأخطاء الواردة في اللوائح والى حين انتهاء الجيش من التدقيق فيها».
إلى ذلك، برزت مُجدّداً مُشكلة المُستشفيات الخاصة التي تُطالب منذ أشهر بدفع مُستحقاتها المتأخرة. وكان رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان قد حذّر من «كارثة استشفائية»»، مُشيراً إلى أنه سيجري إعداد تصور لحلّ هذه المُشكلة وعرضها على مجلس الوزراء في الساعات الـ 24 المُقبلة. وقال كنعان لـ«الأخبار» إن هناك ضرورة لتأمين الحد الأدنى من الكلفة التشغيلية للمُستشفيات الخاصة، «لأن هناك أولوية بعدم إقفال أي مُستشفى في ظلّ الظروف الراهنة».
وعن تمنّع بعض هذه المُستشفيات الخاصة عن استقبال حالات مُصابة بكورونا، قال كنعان: «سنجتمع اليوم مع رئيس النقابة سليمان هارون وستكون الأولوية لعدم الإقفال بسبب الطوارئ الصحية. لكننا سنناقش حكماً المسؤولية الملقاة على عاتق المُستشفيات في هذا الصدد».


"البناء": الحكومة ليست بوارد المسّ بالودائع
وبحسب "البناء"، لا يزال الوضع في مرحلة الاحتواء لتمدد الفيروس حيث الزيادات تحت سقف المقبول والجيد، والقدرة على المواكبة تمتلك المزيد من الخبرات والإمكانات العلمية والمادية، ونسبة التطوع للخدمة الاجتماعية تتزايد، فيما برزت قضية المساعدات المالية التي قررتها الحكومة، وكان يفترض البدء بتوزيعها اليوم، إلى الواجهة مع تريّث قيادة الجيش بالبدء، بعدما تبين أن أغلب اللوائح المعتمدة مليئة بالنواقص والثغرات، وتعكس حالة الاهتراء التي تعيشها مؤسسات الدولة، ووفقاً لمصادر متابعة للملف تضمنت بعض اللوائح أسماء أموات، بينما وفقاً لمصادر نقابية وصلت بعض اللوائح بنصف الأسماء المفترضة الموثقة لدى الدوائر الرسمية المعتمدة، ووفقاً لبعض البلديات والمخاتير يبدو عدم التوزيع أو التريّث في التوزيع أفضل من توزيع يسبب مشاكل ويوحي باستنسابية تفتح مجدداً باب الحديث عن محسوبيات.

الحكومة التي تواجه هذه المشكلة بعدما أرادتها مصدراً لرصيد تحققه من حسن تعاملها مع معاناة الناس، تواجه في خطتها المالية التي تمّت مناقشتها بصورة أولية في الحكومة، حملة شرسة تستهدفها، ويبدو الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري عنوان هذه الحملة مع الإعلان عن عودته إلى بيروت من جهة، والتصريح الناري الذي أدلى به بوصف الخطة الاقتصادية للحكومة بالعمل الانتحاري من جهة مقابلة، بينما قالت مصادر متابعة للموقف الحكومي، إن للحملة أهدافاً مختلفة؛ فالحكومة ليست بوارد أي اقتطاع من الودائع المصرفية، وفقاً لخطتها التي لا تتضمن مسودتها أي إشارة لما يسمى بالهيركات، بينما حديث رئيس الحكومة عن التأكيد إلى أن 90% من الودائع لن يمسّ لا يعني أن الـ 10% الباقية ستمسّ، بل يعني بوضوح أن حسابات حاملي سندات الدين وأصحاب المصارف والحسابات المشكوك بتكوينها من مال عام جرت مراكمته خلال سنوات تجذر فيها الفساد، سيتم التدقيق بها وسيتحمّل أصحابها نصيبهم من المساهمة في خطة مواجهة الأزمة، فالكل يتحدث عن إعادة المال المنهوب، والكل يتحدث عن أرباح طائلة حققتها المصارف وعن استفادتها من الهندسات المالية، ومضاعفة أرقام حسابات حققها كبار المودعين بفوائد مبالغ بها تمّ توظيفها في سندات الخزينة أو في إيداعات مصرف لبنان، وإذا كانت أهداف الحملة على الحكومة هي دفعها للتراجع عن التدقيق في هذه الملفات، والتخلي عن مطالبة المصارف بتحمل نصيبها من المشاركة في الحل، بعدما نالت نصيبها من أرباح الأزمة، فالحكومة ستتوجه إلى مجلس النواب بعدما تنهي دراسة مسودة الخطة، ويستطيع مجلس النواب أن يقر عفواً مالياً على الجرائم المرتكبة بحق المال العام، كما فعل مع جرائم الحرب الأهليّة التي تحلّ ذكراها هذه الأيام، كما يستطيع توفير الحصانة للمصارف وللحسابات التي حققت أرباحاً طائلة من الفوائد ومن سندات الخزينة، بينما الحكومة تتعهد بأن الحسابات التي لا تخص أياً من هذه الحالات، فيرعاها الحق الدستوري بحصانة الملكية الخاصة وحمايتها.

بعدما خضع حاكم البنك المركزي رياض سلامة لاستجواب الحكومة في جلستها الأخيرة، يتوجه الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري للانخراط بالمواجهة للدفاع عن سلامة ومواقع نفوذ المستقبل في الدولة، بحسب ما علمت «البناء» مستغلاً ما سُرب في الاعلام عن ان الخطة المالية والاقتصادية التي تعتزم الحكومة عرضها تمس بودائع اللبنانيين، حيث من المتوقع أن يصل الحريري الى بيروت الاسبوع المقبل بحسب أوساط مستقبلية لـ«البناء» والتي أكدت بأن الحريري لن يقبل المسّ بمواقع المستقبل في الدولة لا في مصرف لبنان ولا في القضاء ومطار بيروت مهما كان الثمن، مضيفة أن الحريري لا يزال يمثل السنة في لبنان وليس الرئيس حسان دياب والأفضل على الجميع أن يعرف موقعه وحجمه.

في المقابل برز الاستغلال المستقبلي – الاشتراكي لمسألة الودائع في الخطة الحكومية المالية والاقتصادية كعنوان سياسي شعبي للمعركة ضد الحكومة وهم أنفسهم الذين يدافعون عن المصارف وحاكم مصرف لبنان وعن كل مواقع الهدر والفساد! فقد اعتبر عضو كتلة المستقبل النيابية النائب نزيه نجم أن «ما تضمنته الخطة المالية الحكومية حيال الودائع سيؤذي كل الشعب اللبناني، حيث أن المودعين المقيمين والمغتربين الذين وثقوا بالدولة وبالنظام المصرفي سيخسرون جزءاً كبيراً من ودائعهم بدلاً من ان تبادر الحكومة الى مكافحة الفساد ووقف مزاريب الهدر واستعادة الأموال المنهوبة». واشار نجم لـ«البناء» الى ان «نقص السيولة وحجز ودائع اللبنانيين هي مسؤولية الدولة وليس المودعين، ولذلك يجب على الحكومة أن تبادر الى التصرف بأملاكها المقدرة بـ 600 مليار دولار لمعالجة أزمة الودائع والمصارف».

وعما اذا كان تيار المستقبل يوافق على محاسبة الفاسدين من تياره لفت نجم الى ان «الرئيس الحريري كان اول الداعين لمحاسبة كل المسؤولين عن انهيار الوضع الاقتصادي لأي جهة انتمى، لكن أن تقتصر التهم والاستدعاءات والتحقيقات والمحاسبة على موظفين من جهة سياسية محددة فأمر لن نقبل به»، مشيراً الى «الهجوم الشرس الذي يتعرض له الحريري والمستقبل وكل الموظفين والشركات والمواقع التابعة له، في مقابل صمت الحكومة والعهد عن العجز في الكهرباء». وكشف نجم عن عرض نقله وزير الطاقة ريمون غجر للحكومة وللجنة الطاقة النيابية من شركة سيمنز لإنتاج الكهرباء من دولة لدولة بكلفة 7 سنت للكيلو الواحد ولم يعمل بهذا الاتفاق». واضاف نجم ان «الحكومة سقطت عندما مدّت يدها على أموال وجيوب اللبنانيين»، وأكد ان الخطة المالية كما هي لن تمر في المجلس النيابي.

ونفى نجم دفاع المستقبل عن المصارف ولا عن مصرف لبنان، مضيفاً: «ندافع عن حقوق اللبنانيين، فالمصارف أقرضت الدولة وبدورها فرطت بهذه الأموال، محذراً من الضغط على المصارف لأن ذلك سيؤدي الى انهيارها وبالتالي انهيار لبنان من ارتفاع سعر صرف الدولار الى وقف الاستيراد والتصدير الى وقف جميع المعاملات المصرفية في الداخل والخارج».


"الجمهورية": الخطة المالية تطوّق السلطة بالاتهامـــات.. وبري يؤكّد: «الهيركات» لن يمرّ
ماليا، وبحسب "الجمهورية"،فإنه بصرف النظر عن الترنّح الذي أصاب خطة الحكومة بما يتعلق بـ"الهيركات"، الاّ انّ وضع هذه الخطة من أساسه كشف حقيقة أنّ المواطن اللبناني ومنذ البداية، كان ضحيّة عمليّة تضليل مفضوحة ومتعمّدة من قِبل القيّمين على هذه السلطة، اكّدت بما لا يقبل أدنى شك، أنّ كل ما قيل عن حماية ودائع اللبنانيين، ما هو الاّ كلام تخديري من فوق الطاولة، وأما من تحتها فكان هؤلاء ينصبون منصّة اعدام لمدخرات اللبنانيين.
 
واذا كانت هذه الخطة، وبعد موجة الاعتراضات التي واجهتها، باتت يتيمة، حتى الحكومة التي أعدّتها، لم تجرؤ على تبنّيها، بل هربت الى الامام واعتبرتها اوليّة تحتاج الى درس طويل ومعمّق، إلاّ أنّها في المقابل اماطت اللثام عن المنحى الخطير الذي يسلكه بعض أهل السلطة في اتجاه ارتكاب الخطيئة الكبرى بحق المودعين، دون أن يقدّرهؤلاء عواقب هذه الجريمة، وأقلّها دفع البلد الى ثورة اجتماعية وفوضى عارمة تتجاوز كل الحدود وما تسمّى محظورات ومحرّمات!

عملياً، أسقطت الاعتراضات «خطة السطو على ودائع اللبنانيين»، لكن الحكومة لم تسحبها من التداول، بل على العكس ما زالت تدرجها كبند اول للنقاش. وبقدر ما انّ السؤال ملحّ حول ما بعد سقوط «مسودة السطو»، فإنّ الاكثر إلحاحاً هو محاولة الوقوف على الدافع من وراء إعدادها، والإصرار على طرحها وتقديمها، بوصفها السبيل الوحيد المتوفر أمام السلطة لإخراج لبنان من ازمته، والضرب بعرض الحائط سيل المطالبات الشعبية والخارجية المتتالية للسلطة، بسلوك المنحى الإنقاذي الطبيعي الذي يبدأ وينتهي عند اتخاذ خطوات علاجيّة إصلاحيّة لمكامن الخلل في جسم الدولة، وكذلك عند المقاربة المسؤولة لمحميَّات الفساد، ومصير الاموال المنهوبة، والمهدورة، والمهرّبة وتحديد الناهبين والهادرين والمهرّبين ومحاسبتهم، وكذلك تحديد رجال الاعمال واصحاب رؤوس الاموال الكبيرة المتمتِّعين بغطاءات سياسية، الذين استفادوا منذ العام 2015 من الهندسات المالية، وحققوا ارقاماً خيالية من الفوائد على حساب الخزينة، وهرّبوا اموالهم الى الخارج، وبالتالي استعادة هذه الأموال التي تقدّر بمليارات الدولارات، ومحاسبة «المهندسين»!

لماذا؟
وبموازاة الرفض الشعبي لخطة «الهيركات»، تقاطعت تحذيرات الخبراء الاقتصاديين من آثارها الكارثية على لبنان، فيما لو وضعت موضع التنفيذ، مع المواقف الاعتراضية عليها سواء من داخل الطاقم السياسي الحاضن للحكومة أو من قِبل المعارضة، التي وضعت بدورها جملة اسئلة برسم الحكومة:

كيف يمكن لسلطة ان تضع خطة تعرف سلفاً انّ المواطن اللبناني سيرفضها؟
وكيف يمكن لسلطة مسؤولة ان تغطي لصوص الخزينة ومرتكبي الموبقات، وتقدّم من خلال خطة «الهيركات» صك براءة لهؤلاء، عبر تدفيع المواطن اللبناني من امواله، فاتورة ارتكاباتهم وسرقاتهم واختلاساتهم لأموال الخزينة على مدى سنوات طويلة؟

وهل انّ هذه السلطة بخطتها هذه تمهّد منذ الآن لتخيير اللبنانيين لاحقاً بين أن يقبلوا بخطة «الهيركات»، وبين أن يذهبوا الى وضع كارثي اقتصادي ومالي لا قيامة منه؟

معترضون
ويبرز في هذا السياق، الاعتراض الصريح عليها من رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري، الذي اعتبر الخطة بمثابة انتحار اقتصادي، ومن رئيس حزب «القوات اللبنانيّة» سمير جعجع، الذي اعلن رفض «خطة تعكف على تأمين موارد من جيوب الناس وتبقي مزاريب الهدر والفساد مفتوحة، وكذلك من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي اتهم حكومة اللون الواحد بمصادرة اموال الناس لإلغاء اي اعتراض، مبدياً الخشية من محاولة نسف الطائف والسيطرة على مقدرات البلد. ويبرز في موازاة ذلك، موقف «التيار الوطني الحر»، الذي اكّد على لسان رئيسه جبران باسيل، الذي قال» انّ اموال المودعين في المصارف حق لهم وستعود اليهم بشكل او بآخر، وأي كلام آخر هو للمزايدة»، متسائلاً: «هل تعود للناس والدولة الاموال المنهوبة على يد من تحكّم بالمال والاقتصاد منذ العام 1990»؟

عون: الهيركات مرفوض
ويبرز ايضاً موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حيث كشفت مصادر قريبة من بعبدا أنّ موقفه من الهيركات معروف، وسبق أن أبلغ من ناقَشه بهذا الأمر بأنه خطوة مستحيلة، لا بل هو أمر مرفوض ولا يمكنه القبول بمثل هذه الإجراءات.

وقالت المصادر انّ عون لا يريد الدخول في الجدال القائم حول هذه المسألة او في الحملات التي تستهدف الحكومة، كما لا يريد ان يدخل في أي سجال قد يكون قائماً على مواقف شعبوية مرفوضة في مثل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.
 
الهيركات لن يمرّ
على انّ الموقف الاعتراضي الحاد جاء على لسان رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي ارسل في الاتجاه الحكومي رسالة صريحة مفادها، انّ المجلس النيابي لن يشرّع النصب والسطو على اموال المودعين ومدخراتهم.

وقال بري: «هذه الخطة، ليست خطة وزير المال، ونحن لسنا موافقين عليها على الاطلاق. وفي اي حال، مصادرة ودائع الناس لن تمرّ. نحن كنا من اشد المؤيّدين لتعليق دفع سندات «اليوروبوند»، ونحن الآن من اشدّ المعارضين لـ»الهيركات» والمسّ بودائع الناس، الذين لا ناقة لهم ولا جمل في ما وصلت اليه الامور».
 
ويؤكّد بري رداً على سؤال حول المصارف: «انا لست على الاطلاق مع ضرب القطاع المصرفي، لأنّه لا قيامة لأي اقتصاد ما لم يكن هناك قطاع مصرفي قوي وسليم، ولكن كل من أخطأ، او كان جزءاً من منظومة الفساد والهدر وتهريب الاموال، يجب ان يتحمّل المسؤولية عمّا قام به».

دياب وخليل
وعُلم في هذا الاطار انّ موضوع الخطة الحكومية كان مدار بحث على مدى ساعتين ونصف في الساعات الاخيرة في السراي الحكومي، بين رئيس الحكومة حسان دياب والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل، الذي نقل الى رئيس الحكومة موقف بري «الرافض بشكل قاطع لخطة الـ هيركات، وهو أمر لا ينفصل عن رفضه القاطع لقَوننة خطة «الكابيتال كونترول»، والمسّ بودائع اللبنانيّين التي يعتبرها برّي من المقدّسات الممنوع المسّ بها».

الخطة قائمة
المثير في الأمر انّ الأجوبة الحكومية عادت الى الدوران في الحلقة الاولى، عبر التأكيد غير المُقنع بأنّ ودائع اللبنانيين محميّة، في وقت ما زالت الجهات الحكومية المعنيّة بهذه الخطة تعتبرها مادة مطروحة للنقاش، فيما أكد وزير المال غازي وزنة انّ ما حُكي عن»هيركات» ليس دقيقاً، علماً انّ هذا الامر يتطلّب قانوناً في مجلس النواب

 

"اللواء": خطة الإنقاذ الإقتصادي تترنح.. فمتى خطة رفع الحجر الصحي؟

صحيفة "اللواء" تحدثت عن أسئلة مفيدة، وبعضها محرج، لكنه ليس خطيراً: إجراءات التعبئة العامة، التي قررها مجلس الوزراء في 15 آذار كخطوة باتت بالغة الضرورة لمواجهة انتشار وباء فايروس كورونا، ومددت تباعاً لمرات، وآخرها بدءاً من يوم أمس، وحتى منتصف ليل 24 نيسان الجاري، بمعدل أسبوعين، مع قرارات اتخذها وزير الداخلية، من ضمن التعبئة، وتقضي للحد من الازدحام في الشوارع باعتماد نظام السير المفرد والمزدوج طوال أيام الأسبوع، باستثناء السير يوم الأحد، إذ عاد وسمح فقط لسائقي السيّارات العمومية التي تخرج للعمل، وسط شكاوى ملموسة من انعدام الركاب، وحركة الانتقال.. من الاسذلة المفيدة، وغير المحرجة، وغير الخطيرة؟

1- إلام سيستمر اجراء التعبئة العامة؟

2- إلى حدّ يمكن للبنان تحمل تعطيل دورة الإنتاج، على محدوديتها، سواء في الزراعة (وهذا موسمها) أو في الصناعات المحلية، التي أثبتت نجاعتها وفعاليتها في مواجهة الفايروس القاتل؟

3- إلام يمكن تحمل تعطيل الدورة المالية، وتغذية الخزينة بالضرائب وسداد الرسوم، مع شلل تام في عمل المصارف، وترك الحرية الكاملة لمدراء وموظفي المصارف، للعمل بطريقة، كيفية، تسلطية، متذرعة بإجراءات التعبئة العامة؟

واسئلة وراء أسئلة، ودائماً حسن النية هو الأصل، في تداولها، ماذا عن المساعدات المتواضعة التي اوقف الجيش اللبناني توزيعها الذي كان مقرراً على المحتاجين اليوم، وسط تلاعبات، يؤمل ان تكون محدودة، من قبل نافذين أو سلطات محلية، لا شأن للقوى المكلفة التوزيع بها، وإلام يمكن ان تدوم، في بلد تنهشه الأزمات، قبل الكورونا، وبالطبع بعدها.

وماذا عن الذين يفقدون أعمالهم من جرّاء الكساد، أو أولئك الذين عادوا من بلاد الاغتراب، والمهددين بخسارة اشغالهم وأعمالهم؟

والأنكى، في ظل الوباء الذي صار أزمة، ان المواطن اللبناني، بصرف النظر عن منطقته، أو لونه الديني أو المذهبي بات تحت ضغوطات بالغة الصعوبة، مثلثه الاضلاع: 

1- نار المصارف، وانهيار الليرة وارتفاع الأسعار.. والغلاء المريع، الذي تجاوز حدوده، حتى في ظل الأزمات السابقة، بما فيها الحروب والاعتداءات والغزوات الإسرائيلية.

2- نار كورونا، والحبس المنزلي، بمعنى «الحجر الصحي» الضروري والمفيد، بلا أدنى شك.

3- البطالة، والعجز المالي لدى العائلات، والموت البطيء للرواتب والأجور، التي ما يزال أصحابها يتقاضونها..

في الوضع هذا، وفي ظل أزمة كونية، ترتبت على الفايروس الكوني، الذي ضرب العالم (والكل يتابع تفاصيل تداعياته على الاقتصاد والأعمال، والبطالة، والخسائر المالية بالمليارات، فضلاً عن القتلى والمصابين بالفوبيا الكورونية، في الأوقات المقبلة. وفي ظل التوجهات الدولية، على الحكومة اللبنانية، ان تبدأ خطوة الألف ميل في فك الحجر المنزلي، وإعادة الحياة إلى الدوران الطبيعي، ولو ببطء وبخطوات مدروسة، انطلاقاً من:

1- إعلان مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أوهاتوم غيبريسوس من جنيف ان الكورونا أشدّ فتكاً من H1N1 2009، وان وقفه يحتاج إلى لقاح، داعياً إلى رفع الحجر الصحي، في العالم ببطء..

2- إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ان قرار إعادة فتح الاقتصاد الأميركي قيد الدرس «وسأتخذ قريباً قراراً بالتشاور مع حكام الولاية وآخرين».

3- إعلان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ان فايروس كورونا بدأ يتباطأ في فرنسا، وسيتم تمديد الحجر المنزلي حتى 11 أيّار والبالغ الصرامة مشترطاً التحلي بالحس المدني والمسؤولية واحترام القواعد المفروضة، وإذا واصل انتشار الفيروس فعلياً تباطؤه، معلناً عن إعادة فتح تدريجية لدور الحضانة والمدارس في فرنسا في 11 أيّار..

وبدأت اسبانيا، باستئناف بعض انشطتها الاقتصادية مع عودة عمال البناء والمصانع إلى عملهم اثر توقف استمر أسبوعين..

في الوقائع اللبنانية، مع اكتمال عمليات اجلاء اللبنانيين المغتربين من البلدان التي كانوا فيها، سواء البلدان العربية أو أفريقيا أو أوروبا، تتضح مسارات احتواء أو انتشار كورونا..

وانطلاقاً، من تباطؤ الفايروس في لبنان، واذا ما حافظت العملية على تباطؤها (اصابتان فقط يوم امس)، فإنه يتعين على الحكومةان تقيم موضوعياً، وفي ضوء تجارب دولية، مثل تجربة السويد وسواها، لإعادة النظر بالتعبئة العامة ومندرجاتها، بعد تاريخ 24 نيسان الجاري..

وذكرت مصادر متابعة ان خطة حكومية قيد الاعداد ستقدم بعد انتهاء التعبئة.

ومع ان التباطؤ لا يجوز ان يدفع النّاس إلى الاستسهال وعدم الالتزام والتفلت خشية من مفاجآت مرضية مفاجئة، مع الإشارة إلى ان الوباء الخبيث، لم يصب البلد بالصميم، والمطلوب مواصلة المقاومة المجتمعية له، على حدّ تعبير وزير الصحة حمد حسن.
 

فيروس كورونا

إقرأ المزيد في: لبنان