لبنان
الحجر المنزلي.. فرصة ثمينة وهكذا تُستغلّ..
ايمان مصطفى
أنت عالق في المنزل منذ أسبوعين أو أكثر. لا تذهب لمكتبك، وتفتقد المطاعم والصالات الرياضية. يُسمح لواحد فقط من أفراد أسرتك بالخروج كل يومين للقيام بـ "رحلة" إلى السوبر ماركت. تشعر بالملل في الحجر المنزلي المفروض عليك بسبب وباء "كورونا"؟ اذًا كيف تستفيد من هذا الوقت بعيدًا عن ملازمة الأريكة ومشاهدة التلفاز؟
سؤال حمله موقع "العهد" الاخباري الى المرشدة التربوية الاجتماعية رجاء عواضة زلغوط التي رأت في ملازمة المنزل فرصة إيجابية جدًا، اذ اعتبرت أنه "يُمكن الإستفادة من هذا الوضع الذي فرضه الفيروس لفعل الأنشطة المحبّبة إلينا والتي غبنا عنها من قبل لضيق الوقت والانشغال في العمل"، بالاضافة الى أنه وقت ممتاز لإعادة النظر في تعاطينا مع أنفسنا ومع الآخرين وخصوصًا العائلة.
عودة التواصل مع العائلة
"الحجر الصحي فرصة لإصلاح العلاقات في محيط الأسرة والتخلي عن العنف والألفاظ النابية وإضافة كلمات المحبة والأدب لقاموسهم اليومي"، تقول عواضة، وتضيف: "يسمح العزل بعودة التواصل المباشر بين أفراد العائلة، مع بقاء الآباء والأمهات والأولاد العاملين أو الطلاب في المنازل".
وبعدما عانت الكثير من العائلات بعضًا من الغربة وسط الانشغالات اليومية، ستصبح السهرات أكثر متعة يتبادل فيها الأفراد التعليقات والنكات والأخبار، وهنا فرصة ذهبية للأهل لنصح أولادهم وإخبارهم بالتجارب التي مروا بها، مما يفتح الباب لتعلم أمور جديدة، والمشاركة في نقاش المواضيع التي يهتم بها الأولاد أو تسبب لهم القلق خصوصًا الشباب في مقتبل العمر.
المهم أيضًا في الحجر المنزلي، عودة اجتماع العائلة على طاولة الطعام سويًا فلا دوامات مختلفة ولا انشغالات، وبات تحضير الطعام يتم منزليًا وبشكل صحي، فجمعة المائدة فرصة لتجاذب أطراف الحديث مع الاسرة في جلسات عائلية يجتمع فيها الود والألفة.
وعندما تتحدث عن الأمهات، تُشير عواضة إلى أنه من "الأفضل لهن إشراك افراد الأسرة بالمسؤولية في البيت من خلال توزيع بعض المهام المنزلية لمساعدتها في تنظيف الغرف واعداد الطعام وترتيب الأغراض"، مشددةً على أهمية وضع جدول زمني، يُحدد فيه نظام البيت من النوم والاستيقاظ والطعام والعمل والأنشطة وغيرها.
ووفقًا لعواضة، يمكن أيضًا للأمّ تخصيص الوقت لتعليم الطهو وإعداد العديد من الأطباق اللذيذة لبناتها، فربما يكون العزل الصحي فرصة لاكتشاف موهبة جديدة ومفيدة مثل طهو الطعام، وتكون فائدة مثل هذه الهواية مضاعفة لأن الأم تعدّ امرأة ستكوّن أسرة لاحقًا، فضلًا عن كونها تسلية لقضاء الوقت.
انجاز الأعمال
"تعتبر هذه الفترة من الحجر المنزلي فرصة ثمينة كي ننجز أعمالًا لطالما أرجأناها وسط ضجيج حياتنا وانشغالاتنا اليوميّة"، بحسب المرشدة التربوية الاجتماعية، اذ يمكن التخلص من الصور والفيديوهات التي لا نحتاجها على الهاتف، بالاضافة إلى ترتيب الملفات المتراكمة على شاشة الحاسوب. كما يمكن إيجاد الوقت الكافي لترتيب أغراض المطبخ والملابس في الخزانة.
"ومع الانتقال من موسم الشتاء إلى الصيف، يمكن الاستفادة من الوقت لتنظيف المنزل و"التعزيل" خصوصًا قبل حلول شهر رمضان المبارك". وإن كان المنزل مرفقاً بحديقة ما كما في البقاع أو الجنوب، من المهم جدًا الاهتمام بزراعتها وغرس الشتول والأزهار، اذ إن هذه الخطوة تساعد في الاسترخاء ومحاربة الملل الناتج عن الحجر.
وترى عواضة أن ممارسة التمارين الرياضية أثناء الحجر المنزلي أمر بغاية الأهمية، فهذه الخطوة تساعد على التغلّب على الملل والتوتر، وفي الوقت عينه تقوّي جهاز المناعة، وذلك بفضل قدرتها على التخلص من مشاعر الإجهاد العصبي والتوتر. ويمكن اللجوء إلى أغراض موجودة في المنزل تحل مكان الأدوات الرياضية.
استغل وقتك في المعرفة
تؤكد عواضة أنه يمكن استغلال فترة الحجر المنزلي باللجوء إلى العديد من الخدمات التي توفرها شبكة الإنترنت في تعلم تقنيات جديدة من خلال المنصات الإلكترونية، وتطوير المهارات المكتسبة بالأصل، بالاضافة إلى اتقان مهارات جديدة، كالبدء بتعلم لغة جديدة من خلال التطبيقات المجانية.
وتسأل عواضة: "متى كانت المرة الأخيرة التي قرأت فيها كتابًا؟ ربما الإجابة عند البعض ستكون "منذ زمن بعيد"، اذ يجد الكثيرون صعوبة في التفرغ للقراءة في الأوقات العادية وسط زحام جدول الأعمال، إلا أن العزلة المنزلية ستتيح الكثير من الوقت للجلوس للقراءة في هدوء، كما أنها فرصة عظيمة للاعتياد على القراءة التي ربما يستمر أثرها إلى ما بعد مرور أزمة "كورونا".
كما أن من لديه نقصًا في موضوع معين، لديه الوقت الكافي للبحث عنه مما يعزز الثقافة الفردية. وعلى طلاب الجامعات خصوصًا أن يعلموا أنها مرحلة مؤقتة وليست إجازة وعليهم مواصلة تعليمهم بمتابعة دروسهم والاستعداد لها.
كذلك يُمكن للأهل تعزيز مهارات أولادهم المتعلقة بفنون التواصل الاجتماعي ومبادئ الحوار مع الآخرين.
أنشطة الأطفال
على الرغم من أن فكرة البقاء في المنزل مزعجة للأطفال، فإنه يمكنهم الاستفادة من ممارسة بعض الألعاب والهوايات لمجابهة الملل والتي تحافظ على نشاطهم العقلي، تقول عواضة لـ "العهد"، وتوضح أن واحدة من أكثر الألعاب التي يحبها الأطفال هي حل الألغاز أو الاجابة على "الحزازير" المفيدة، اذ تساعد على تنمية مهاراتهم وتنشيط ذاكرتهم. كما يمكن للأهل الاستعانة بالـ "puzzle"، ولديها قدرة هائلة على إبقاء الأطفال والبالغين مستمتعين لساعات.
وتشير في السياق نفسه إلى أهمية الكُتب التي فيها رسومات لحيوانات أو نباتات أو أرقام أو أشياء أخرى، وعلى الأطفال لصق الصورة فوق الرسمة المشابهة لها، وتضيف: "لا نقلل أبدًا من أهمية أقلام التلوين لإبقاء الطفل مشغولًا فترات طويلة من الزمن، حتى لو لم يكن لديه ميول فنية، فإن تزويده بمجموعة مختارة من مستلزمات الرسم الجديدة يمكن أن يثير إبداعه".
وتردف: "فكرة بقائهم مشغولين بالأنشطة اليدوية هي فكرة جميلة حقًا، إلى جانب قراءة الأهل الكتب المصورة للأطفال التي تكون مليئة بالصور والألوان لتحفيز خيالهم وشغفهم بالقراءة، وبذلك يمكنك مساعدتهم على الترفيه عن أنفسهم وفي نفس الوقت تعليمهم".
العلاقة مع الله
وتلفت عواضة إلى أمر مهم جدًا، وهو تحسين علاقتنا مع الله، اذ يمكن قضاء ما فات من صوم أو صلاة، وتخصيص الوقت للأدعية وقراءة القرآن الكريم.
للسيدات..
تشدد عواضة على أن قضاء وقت كافٍ في المنزل سيساعد السيدات تحديدًا من دون شك في العناية بأنفسهن، داعيةً اياهن لاغتنام هذه الفرصة لتطبيق الخلطات الطبيعية للعناية بالبشرة، بالشعر، أو حتى بالأظافر، بفضل مكونات طبيعية موجودة في المنزل، تحسّن صحة بشرتهن، مع الاسترخاء في الوقت عينه.