لبنان
المشهد اللبناني يتوزع بين..عاصفة جوية ومواجهة الكورونا والأزمة المالية
على وقع العاصفة الجوية التي تضرب لبنان، يستمر انتشار فيروس كورونا في تشكيل هاجس للبنانيين، مع تسجيل تطوّر في هذا السياق هو ظهور درجة اعلى من تأقلم المواطنين مع شروط الوقاية وأخذها على محمل أعلى من الجدية. ومع ذلك فإن العاصفة ومواجهة فيروس كورونا، لم يحجبا ايضاً تطورات الازمة المالية ومسألة تثبيت سعر الصرف والتعيينات المالية في مجلس الوزراء.
"الأخبار": فتح بازار التعيينات المالية: حان وقت تحجيم رياض سلامة؟
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إن "التعيينات المالية لم تنضج بعد، لكن المعركة صارت معركة تحجيم رياض سلامة". وسألت "هل تنجح الحكومة في فرض أمر واقع في المجلس المركزي لمصرف لبنان وفي لجنة الرقابة على المصارف يسمح بإعادة تفعيل المؤسستين اللتين تحولتا، خلال الفترة الماضية، إلى منفّذ لسياسات الحاكم؟"
وقالت لم يحل «حضور» وباء كورونا جلسة مجلس الوزراء، أمس، دون حضور الملفات المالية. رئيس الحكومة حسان دياب رأى أن «النتائج الإيجابية لتعليق سداد سندات اليوروبوندز بدأت تترجم سريعاً، وأبلغَنا معالي وزير المال غازي وزني انخفاض خدمة سندات الدين بالليرة اللبنانية بنسبة 2.24 %، ما يوازي تقريباً نحو 300 مليار ليرة. وهذا مؤشر إيجابي ومهم جداً»، لافتاً إلى «البدء بدراسة مشروع الكابيتال كونترول»، على أن يعرض على المجلس فور الانتهاء منه.
واشارت الصحيفة إلى أنه فيما لم يتم التطرق إلى ملف التعيينات، ولا سيما المالية منها، أوضحت وزيرة العدل أنها وجّهت الى مجلس القضاء الأعلى بعض الملاحظات في شأن التعيينات القضائية، وعقدت اجتماعاً مثمراً مع رئيسه وأعضائه للتباحث بهذه الملاحظات، مع رفضها التام الدخول في طرح الأسماء. وأفادت بأنها تنتظر رد مجلس القضاء الأعلى في هذا الموضوع، آملة «أن تصبّ الجهود كافة في تعزيز قدرات السلطة القضائية في هذه المرحلة المصيرية من تاريخ البلاد».
وبحسب "الأخبار" يبدو أن الحكومة استعملت «كورونا» كقنبلة دخانية لتغطية قرار بتثبيت سعر صفيحة البنزين عند سعرها الحالي، ما يعني سلب المستهلكين الوفر الذي كانوا سيحققونه نتيجة انخفاض أسعار النفط عالمياً. وخلّفت هذه الخطوة سجالاً قانونياً، لجهة ما إذا كان تثبيت السعر يُعتبر بمثابة فرض رسم جديد، وهو ما يحتاج إلى قانون، أم أن الأمر منحه القانون مسبقاً لمجلس الوزراء ووزارة الطاقة.
من جهة أخرى، يفترض أن تحط التعيينات المالية رحالها في مجلس الوزراء الأسبوع المقبل، وخاصة أن ولاية أعضاء لجنة الرقابة على المصارف تنتهي في 25 آذار الحالي. لكن حتى اليوم، لا يبدو أن أي اتفاق بشأنها قد نضج، إذ لا يزال الخلاف على أسماء نواب حاكم مصرف لبنان مستمراً. ويبدو أن وزير المال غازي وزني لم يُعِدّ بعد لوائح المرشحين للمناصب (نواب الحاكم ولجنة الرقابة على المصارف ومفوض الحكومة لدى مصرف لبنان). ويفترض بوزني أن يحمل أسماء ثلاثة مرشحين لكل منصب قبل عرض الملف على مجلس الوزراء الخميس المقبل.
ولفتت إلى أنه وسط حديث عن سعي الرئيس ميشال عون إلى عدم تغيير كامل أعضاء لجنة الرقابة، فإن الرئيس نبيه بري يريد إعادة تعيين النائب السابق للحاكم رائد شرف الدين وعضو لجنة الرقابة أحمد صفا في منصبيهما. بينما تواجه الحكومة سؤالاً حول مفوّض الحكومة الذي يقول العرف إنه من طائفة الروم الأرثوذكس. وتتضارب المعلومات بشأن نية دياب التعامل مع الملف. ففيما تجزم مصادر مطلعة بأن رئيس الحكومة يريد أن يختار النائب الثالث للحاكم بنفسه (موقع يشغله، عرفاً، مواطن ينتمي إلى الطائفة السنية) بما يناسب تطلعاته للمرحلة المقبلة، تشير مصادر أخرى إلى أنه مصرّ على عودة محمد بعاصيري كي لا يتستفزّ الأميركيين. فواشنطن سبق أن أبلغت لبنان، منذ الحكومة السابقة، تمسكها ببعاصيري، كونه متعاوناً معها في مجال «مكافحة تمويل الإرهاب»، و«يسهّل تبادل المعلومات معنا»، بحسب ما قال مسؤولون أميركيون لوزراء لبنانيين. في المقلب الشيعي، أعيد طرح اسم طلال فيصل سلمان ليكون نائب الحاكم، بالتزامن مع كلام عن اتجاه الحكومة إلى إلغاء مكاتب «برنامج الأمم المتحدة للتنمية» (UNDP) في الوزارات، علماً بأن سلمان يدير «مشروع الإصلاح المالي» التابع للبرنامج المذكور في وزارة المال. لكن حتى هذا الطرح، اصطدم بمعلومات عن استمرار دعم الرئيس نبيه للنائب الأول المنتهية ولايته رائد شرف الدين. أما مصادر حركة أمل، ورداً على هذه الأنباء، فأكدت أنه لم يتم التواصل معها في ما يتعلق بالتعيينات. وأكدت أنها لم تعط أي موقف منها، وهي تنتظر طرح الملف من قبل الحكومة.
واشارت الصحيفة إلى أنه من ضمن بازار التعيينات، خرجت أخبار تتحدّث عن تسويق وزير الاقتصاد راوول نعمة لاسم أمينة سرّه تانيا مسلّم لتكون عضواً في لجنة الرقابة على المصارف، علماً بأن مسلّم تعمل مع نعمة منذ أن كان في مصرف سوسيتيه جنرال وانتقلت معه إلى المصرف اللبناني للتجارة، ثم إلى بنك البحر المتوسط. وفيما تلوح في الأفق محاصصة على الطريقة السابقة، ثمة من يؤكد أن القرار يقضي بعدم تكرار نموذج نواب الحاكم المهادنين، مع التركيز على ضرورة أن يعبّر هؤلاء عن السياسة المالية والنقدية للحكومة، أي بمعنى آخر ضرورة أن يكون المجلس المركزي لمصرف لبنان حجر عثرة في طريق السيطرة المطلقة لرياض سلامة على المصرف وقراراته.
وأوضحت الصحيفة أن كل هذه النقاشات تجري في ظل إدراك الجميع أن التعيينات الحالية تتسم بأهمية خاصة، ولا سيما مع إعلان إعادة هيكلة المصارف والدين العام وتخفيض ميزانية المصرف المركزي واحتمال إجراء «هيركات» على الديون والودائع. وتبعاً لذلك، فإن المهمات المطلوبة من المجلس المركزي وهيئة الرقابة على المصارف ستكون شديدة الأهمية.
"البناء": تثبيت سعر الصرف ثاني إنجازات الحكومة
وتطرقت صحيفة "البناء" إلى مكافحة فيروس كورونا، وقالت إنه "في مواجهة فيروس كورونا سجل تطوّران إيجابيان، الأول هو ظهور درجة اعلى من الأيام التي مضت من تأقلم المواطنين مع شروط الوقاية وأخذها على محمل أعلى من الجدية، بعد فترة ساد خلالها الاستهتار، وظهور تأقلم وطني أعلى مع الحاجة للفصل بين الوطنيّة والسياسة في التعامل مع الأزمة، والترفّع عن لعبة تسجيل النقاط فيها لحساب التضامن والتآزر الوطنيين لأن القضية اكبر من مجرد لعبة سياسية يخرج فيها منتصر ومهزوم. ومع تسجيل رابع الوفيات بالفيروس وتثبيت 66 إصابة في لبنان، حافظ لبنان على مكانته بين الدول المصابة بالفيروس مع تحسّن نسبي، بحيث بلغ رقم الـ42 من حيث عدد الإصابات، والرقم 23 من حيث نسبة المصابين لعدد السكان مع نسبة 10 بالمليون مقابل نسب فوق المئة بالمليون سجلتها دول كإيطاليا وكوريا الجنوبية والدنمارك والنروج وسويسرا.
ولفتت من ناحية أخرى، إلى أنه "إلى جانب هم كورونا المقيم، كان الاهتمام الحكومي بتثبيت سعر الصرف لدى الصرافين، وفقاً لتعميم مصرف لبنان، حيث عقد اجتماع مالي قضائي أمني برئاسة رئيس الحكومة، قالت مصادر متابعة للاجتماع إنه انتهى بقرار حاسم باتخاذ إجراءات رادعة لفرض التقيد الدقيق بالتعميم، وإن الحكومة تنظر للقرار التطبيقي للتعميم بوقف التلاعب بسعر الصرف لدى الصرافين واعتماد سقف الـ2000 ليرة للدولار، كثاني إنجازاتها بعد قرار الامتناع عن سداد سندات اليوروبوند ومنحها الأولوية لتأمين احتياجات اللبنانيين بما لديها من عملات صعبة، تراهن أن تتحسّن قدرتها على إدارتها مع تراجع سعر النفط، حيث تشكل المستوردات النفطية لحساب الكهرباء وتأمين حاجات السوق من المشتقات أكبر عبء مالي على الدولة ومصرف لبنان".
وقالت "البناء" "في السياسة، حضرت التشكيلات القضائية على السطح بعد كتاب وزيرة العدل الاعتراضي الموجّه إلى مجلس القضاء الأعلى، وفيه عملياً تركيز على غياب المعايير الموضوعية التي ترتبط بالدرجة القضائية وسنوات الخبرة من جهة والتحصيل العلمي في مجالات الاختصاص المدنية والتجارية والجزائية من جهة موازية، وربط الحديث عن النزاهة والأهلية بملفات التفتيش القضائي، وبالتوازي دعوة لتحرير المناصب القضائية من الحصرية الطائفية، وملاحظة شكلية تتصل بعدم عرض تشكيلات المحكمة العسكرية على وزيرة الدفاع، وقالت مصادر قضائية إن تفاعلاً إيجابياً يجري بين القضاة لجهة الاستثمار على المطالعة التي تضمنها كتاب الوزيرة للامتناع عن الدخول في لعبة محاصصة تنطلق من باب السعي لإرضاء التيار الوطني الحر بربط التشكيلات في المحكمة العسكرية بموافقة وزيرة الدفاع ومن خلالها رئيس الجمهورية، معتبرة هذا أسوأ ما يمكن أن يحدث، بينما الفرصة متاحة لثورة قضائيّة تحاكي ما حدث في بلدان شهدت أزمات شبيهة اهتزت معها السلطة وضعفت قبضتها وفتح الشعب الباب للقضاة ليكونوا ضمير التغيير"، و"تساءلت المصادر لماذا لا يبادر مجلس القضاء الأعلى إلى الإعلان عن إلغاء طائفيّة القضاء وفي قلبه إسقاط المحميّات السياسية، ويضع معايير مهنية شفافة يفاجئ الجميع بها؟"
"النهار": العزل طوعاً: لبنان تحت طوارئ غير رسمية
أما صحيفة "النهار" فقالت من جهتها، "مع ان الشلل لم يصب معظم القطاعات الرسمية والخاصة كما الحركة العامة بعد، فان لبنان بدا أمس كأنه خطا بكل مناطقه وانحائه الى نقطة متقدمة نحو التزام العزل المنزلي الطوعي دونما حاجة الى قرارات رسمية وحكومية من شأنها ان تبلغ الذروة باعلان حالة الطوارئ الصحية. والواقع ان ما يجري في لبنان لم يختلف قط عن المشهد المعولم لاجتياح وباء كورونا معظم دول العالم بحيث تتصاعد معالم القلق والذعر أمامه وتبدو الحكومات في سباق غير متكافئ مع انتشاره مخلفاً مزيداً من الاصابات والشلل والخسائر الاقتصادية الفادحة".
واضافت "لكن وقع الازمة في لبنان ولو بقياس حجمه الصغير يبدو مضاعفا بالنسبة الى اللبنانيين نظراً لتزاحم تداعيات هذا الكابوس الجديد الطارئ وتداعيات الازمة الاقتصادية والمالية التي ترخي أساساً بكل اثقالها على مجمل الواقع الداخلي والذي مع "هبوط" ازمة بحجم انتشار الكورونا على تراكمات ازماته بات يترنح أمام التداعيات المتجمعة على الدولة واللبنانيين كافة".
ولفتت إلى أنه "وللمرة الاولى منذ بدء انتشار الفيروس الذي تحوّل وباء في لبنان، بدأت وقائع الحركة اليومية تعكس الاتساع الكبير لملازمة المواطنين منازلهم طوعاً وبفعل ارادة وقائية فردية وجماعية، الامر الذي انعكس تراجعاً غير مسبوق في الحركة التجارية وحركة المرور واقفالاً مطرداً للمؤسسات الرسمية والخاصة. وبدأت حركة العزل المنزلي تتخذ ايضاً طابعاً مؤسساتياً شمولياً وسط الدعوات الكثيفة الى التزام الامتناع عن مغادرة المنازل كاحدى أكثر الوسائل فاعلية وتأثيراً على كبح انتشار الاصابات والحد منها".
وأشارت إلى أن "الخوف افرغ من تفشي وباء كورونا الشوارع أمس في مختلف المناطق. إذ تراجعت الحركة بعد ما قررت مؤسسات عدة وقف العمل موقتاً أو الحدّ من حضور الموظفين، فيما اختار عدد كبير من المواطنين البقاء في منازلهم ولم ينتظروا قرار اعلان حالة طوارئ قسرية تفرضها التداعيات الكبرى لوباء. وما زاد من وتيرة الخوف جراء الوباء، تسجيل وفاة ثالثة في لبنان.وأفاد مستشفى رفيق الحريري الجامعي في تقريره اليومي أن سبع اصابات أخرى سجلت أمس بعدما كان عدد الاصابات بلغ أول من أمس 66 اصابة، وقالت لكن وزير الصحة حمد حسن دافع عن قرار الحكومة عدم اعلانها حالة الطوارئ، قائلاً إنه "يخضع لمعايير وهناك أشخاص يؤمنون عيشهم بما ينتجونه يومياً ولا يمكن أن نحرمهم هذا الأمر".
وبينت أنه في المعالجات الرسمية، قرر مجلس الوزراء الذي انعقد قبل ظهر أمس في قصر بعبدا تحرير القرض المقدم من البنك الدولي والمخصص لتجهيز المستشفيات الحكومة وقيمته 39 مليون دولار لمواجهة وباء الكورونا. وطلب المجلس من المنظمات الدولية تحمّل مسؤولياتها لجهة الاهتمام بالنازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين لتقديم الرعاية الصحية والخدمات الاستباقية اللازمة لهم في ما خص الكورونا.
وفي سياق اخر، قالت "النهار" إن تطورات أزمة الكورونا لم تحجب تطورات الازمة المالية، اذ خفضت وكالة "ستاندرد أند بورز" التصنيف الائتماني للبنان وتصنيف الديون السيادية اللبنانية بالعملة الأجنبية، إلى "تعثر انتقائي عن السداد". وحذرت الوكالة، من أن المحادثات في شأن إعادة هيكلة الدين قد تتعقد وتطول، مؤكدة أنها ستلغي على الأرجح هذا التصنيف، بمجرد مبادلة أي دين، أو تفعيل اتفاق إعادة هيكلة بين لبنان ودائنيه.
وبرزت مواقف لوزير المال غازي وزني جاء فيها إن خطة لبنان لمعالجة أزمته المالية والاقتصادية ستلبي توصيات صندوق النقد الدولي وستكون جاهزة خلال أسابيع، موضحاً أن أي لجوء إلى برنامج للصندوق يجب أن يكون محل توافق سياسي وألا تتسبب الشروط بأي معاناة.