معركة أولي البأس

 

لبنان

سندات
05/03/2020

سندات "اليوروبوند" تُحسم السبت .. فمتى يُضبط سقف الدولار ؟

لامس سقف الدولار أمس لدى الصرافين حدود 2700 لأول مرة منذ بداية الأزمة، في وقت لا زالت تلتزم المصارف اللبنانية بسعر 1500 ليرة للدولار الواحد، الأمر الذي يبعث الريبة حول الأوضاع الاقتصادية والمالية. 

ومجدداً يتحكم القطاع المصرفي بالوضع المعيشي ضارباً بأوضاع الناس وأوجاعهم عرض الحائط، وقد برزت مخاوف جديدة من ثورة أسعار معيشية في حال استمرار الدولار الارتفاع بشكل كبير، مما يدفع الحكومة إلى اتخاذ قرارات صارمة لضبط السعر بعد رفض إعطاء مصرف لبنان صلاحيات ضبط نقابة الصرافين من تصريف العملات. 

وعلى ضوء القرارات الحكومية ينتظر لبنان يوم السبت الإعلان الرسمي لعدم سداد الديون المستحقة، حيث بات الأمر شبه محسوم رغم ضغط المصارف. 

لبنان يعلن عدم دفع الدَّين السبت

بداية مع صحيفة "الأخبار" من المنتظر أن يشهد يوم السبت المقبل الإعلان الرسمي اللبناني عن عدم سداد الديون المستحقة، بالدولار الأميركي، في التاسع من الشهر الجاري. ومن المنتظر أن يسبق ذلك اجتماع لمجلس الوزراء، وموقف موحّد من الرؤساء الثلاثة، ومحاولة لاستصدار بيان عن اجتماع يدرس رئيس مجلس النواب نبيه بري إمكان عقده لرؤساء الكتل النيابية. قرار التخلف عن السداد بات شبه محسوم، لكن محاولات المصارف إلزام الدولة بالدفع لم تتوقف. وتردّد أمس أن المصارف اقترحت على الحكومة استعدادها للمساهمة في دفع قيمة السندات التي يحملها أجانب، على أن تدخل هي ومصرف لبنان في مفاوضات مع الحكومة من أجل إعادة جدولة السندات التي يحملها الدائنون اللبنانيون. لكن هذا الاقتراح الذي لا يزال فكرة غير مثبتة، ليس أكثر من محاولة «توريط» للحكومة بالالتزام بدفع الديون «إلى الأبد».

في المقابل، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال لقائه ممثلين عن أغلبية الكتل النيابية أن «أغلبية الشعب اللبناني وكذلك المجلس النيابي ترفض رفضاً مطلقاً الدفع المسبق. والمطلوب دعم الحكومة من قبل الجميع لهذا الموقف ولو أدّى الى التعثر». أضاف «إن المصارف التي أوصلتنا الى خسارة نسبة الـ 75% من الدين تتحمّل المسؤوليّة مع الشارين الأجانب، فإذا أرادوا إعادة الهيكلة من دون قيد أو شرط ومن دون دفع أي مبلغ أو نسبة من المبلغ أو فائدة فليكن، عدا عن ذلك فإننا مع أي تدبير تتخذه الحكومة ما عدا الدفع، ومرة أخرى المسّ بالودائع من المقدسات».

من جهته، كرر حزب الله أمس موقفه المعارض لإلزام لبنان ببرنامج مع صندوق النقد الدولي، لما فيه من شروط قاسية بحق اللبنانيين. وقال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم: «لفتني بعض من كان في الحكومة السابقة وخرج منها، كقوى سياسية وكأفراد أنهم متحمسون جداً لصندوق النقد الدولي، وبدأنا نشكّ بالأهداف التي يسعون إليها، هم يعلمون أن رفع تعرفة «الواتساب» أطاحت الحكومة السابقة وأوجدت حراكاً لا تزال تداعياته مستمرة حتى الآن، فكيف يمكن أن نسلّم رقبة لبنان لصندوق النقد الدولي ليشرف على رفع ضريبة القيمة المضافة إلى 15%، ورفع ضريبة على البنزين وهو استهلاك يومي، وتخفيض المعاشات التقاعدية، وسنّ ضرائب مختلفة على مجموع المواطنين، فيما واحد من هذه الإجراءات يفجّر البلد مجدداً».

وفي سياق متصل، سجّل سعر صرف الليرة اللبنانية رقماً قياسياً أمس، في السوق السوداء، إذ بلغ أمس 2650 ليرة للدولار الواحد، أي بزيادة نسبتها 75% عن السعر الرسمي. لم تتّضح أسباب هذا الارتفاع في سعر صرف الدولار، إنما بات واضحاً أن الطلب على الدولار ازداد في الأشهر الأخيرة بسبب إحجام مصرف لبنان والمصارف عن ضخّ الدولارات في السوق، ما أدّى إلى نشوء سوق موازية يكون فيها التبادل خاضعاً لعوامل العرض والطلب من دون أي تدخّل من مصرف لبنان لبيع الدولارات في السوق.
تقديرات البنك الدولي تقول إن ارتفاع سعر الصرف بنحو 50% يؤدي إلى سحب 190 ألف أسرة لبنانية من الطبقة الوسطى إلى ما دون خطوط الفقر الأعلى، فما ستكون تأثيرات ارتفاع سعر الصرف بنسبة 75%؟.

لا سداد بل هيكلة… ولتتحمّل المصارف مسؤوليّتها

بدورها، أعلنت صحيفة "البناء" عن اقتراب اللحظة الفاصلة لإعلان موقف الدولة اللبنانية من الملف المالي المتشابك والمتداخل، بين سندات اليوروبوند، ومصير ودائع اللبنانيين وعلاقتهم بالقطاع المصرفي التي فقدت الثقة، التي قامت عليها هذه العلاقة سابقاً، ومسؤولية المصرف المركزي عن تأمين حاجات لبنان من الغذاء والدواء والكهرباء، وما يشوبها من أسئلة، وقد اختار رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن يطلق مواقف حاسمة من هذه العناوين، من الأربعاء النيابي، وصفتها مصادر متابعة بالسقوف التي تمثل تعبيراً عن الإجماع الرئاسي، الذي يشكل بري أحد أركانه المقررين والفاعلين، وهو عندما يقول لا سداد بل هيكلة، وعندما يقول إن ودائع اللبنانيين مقدّسة، وعندما يقول إن أمن لبنان الغذائي والدوائي خط أحمر، وعندما يقول إن على المصارف التي باعت سندات اليوروبوند أن تعود فتشتريها. 

وبحسب "البناء" فإن يعرف الجميع أن هذا الكلام لم يقَلْ تمنياً ولا هو تمهيد لتفاوض، بل هو كلام قبل الربع الأخير من الساعة يرسم الخطوط الحمراء التي لا رجعة عنها، ولو استعار البعض عناوين الحراك الشعبي ليقطع طريقاً هنا أو هناك، لم يعد خافياً أنها رسائل سياسيّة تتصل بالمواقف التي يتمترس عندها البعض دفاعاً عن مصالح مالية وسياسية لا مكان لها في الحساب الوطني، ويكفيها ما تسبّبت به من خراب على لبنان واللبنانيين، ولن تغيّر شيئاً في ما كتب، لأن ما كُتب قد كُتب، ومن يريد أن يضع نفسه في موقع التعدّي على ودائع اللبنانيين والدفاع عن حاملي السندات فليقل ذلك علناً.

وبحسب ما علمت «البناء» فإن التوجه الرئاسي والحكومي سيعلن رسمياً السبت المقبل بعد لقاء سيجمع الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري وحسان دياب في قصر بعبدا.

كما علمت «البناء» من مصادر نيابية أن «القرار لا يشمل استحقاق آذار فحسب، بل سيعيد النظر بملف ديون اليوروبوند برمته البالغة 30 مليار دولار على عشر سنوات مقبلة، فقد تولّدت قناعة لدى الرؤساء الثلاثة والوزراء المختصين بالشأن المالي والاقتصادي والخبراء بأن الدولة لم تعد قادرة على دفع أي سند». 

ولفتت المصادر الى «إعادة الهيكلة ستشمل السندات والفوائد المضخمة أيضاً البالغة 6 مليارات دولار، بعد أن اشترطت جمعية المصارف تأجيل سداد الديون مقابل استمرار في تسديد الفوائد»، ولوحظ الانكفاء النسبي لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن هذا الملف وذلك بإعلانه منذ أيام أن قرار التسديد او إعادة الجدولة تتخذه الحكومة وليس المصرف المركزي، ما انعكس سلباً على «كارتيل المصارف» وظهر انشقاق في موقفهم وتعدد الآراء، الأمر الذي سيؤدي الى دمج بعض المصارف لإنقاذها من تعثرها بسبب القرار الحكومي»، وقد أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري بحسب معلومات «البناء» أن «صغار المودعين خط أحمر»، وقد تم التداول بحلين لإنقاذ بعض المصارف «الهشة» يقضي بـ«دمج بعض المصارف والثاني تحويل اصحاب الودائع الكبيرة الى حاملي أسهم تجارية اي يصبحون شركاء تجاريين في المصرف ما يعزز قوة المصرف ويحافظ على ودائع كبار المودعين ويمنحهم أنصبة من الأرباح».

وفي السياق، قالت مصادر نيابية في اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين لـ«البناء» إن «الحريريّة السياسيّة والمالية هي السبب الرئيسي في تدمير الاقتصاد وإفلاس الخزينة بسبب انتهاج النظام النيوليبرالي والاقتصاد الريعي وتهميش القطاعات الإنتاجية وسياسة الفوائد والفساد والإنفاق غير المجديّ على البنى التحتية الخدماتية لا الإنتاجية»، مضيفة أن «حملة المستقبل والحريري على دياب مشبوهة بتوقيتها ومضمونها، فهم لا يريدون ضرب المنظومة الحريرية السائدة والحاكمة عبر سنوات ولا يتقبلون أن يأتي الحل والإنقاذ على يد الرئيس دياب، فيما يريدون استمرار تغطيتهم لسياسة المصارف ورياض سلامة بمصّ دم الناس».

في المقابل عاد تيار المستقبل لترجمة مواقفه الهجومية ضد رئيس الحكومة بممارسات فوضوية وعشوائية في الشارع، إذ عمد محتجون إلى قطع عدد من الطرقات في مناطق نفوذ تيار المستقبل، لا سيما الاوتوستراد الدولي في المنية – العبدة عند مفرق بلدة المحمرة، وذلك اعتراضاً على استمرار توقيف بعض الناشطين، واحتجاجاً على تردي الأوضاع الحياتية والمعيشية.

الحكومة تتجه إلى خيار «عدم الدفع مع التعثر».. ومخاوف من الإجراءات الدولية

ومن جهتها، أشارت صحيفة "اللواء" إلى أنه باستثناء البنود التسعة، بما في ذلك رفع السرية المصرفية وإدارة ملف النفايات، فإن استحقاق «اليوروبوندز» سيتصدر المشهد الحكومي، في ضوء إعلان رئيس المجلس انه مع أي خيار ما عدا خيار الدفع، وكشفت مصادر وزارية لـ «اللواء» ان تذهب الحكومة في هذا الاتجاه، أي بعدم السداد في 9 آذار الجاري على الرغم من ان المصارف واقتصاديين آخرين مع الدفع أو السداد، أقله استحقاق آذار، أو فوائده، والمقدر (بلا الفوائد) بمليار ومائتين مليون دولار اميركي، واتجاه الرئيس دياب إلى إعلان عن سلسلة إجراءات موجعة، وغير شعبية إمَّا بعد جلسة ثانية لمجلس الوزراء وإمَّا قبل 9 آذار الجاري.

وإزاء هذه الأجواء، يستعد الشارع في «بروفة» عبّر عنها ليل أمس، لمعاودة الانتفاضة، التي يتوقع ان تكون جارفة، وخطيرة بين نهاية الأسبوع وأوله، مع بداية الإعلان عن الإجراءات غير الشعبية المتعلقة برفع الـTVA، وبضعة آلاف على صفيحة البنزين، وتراجع التقديمات للقطاع العام..

إلى ذلك، أفادت مصادر السراي الحكومي، ان الرئيس حسان دياب يواصل التركيز في هذه المرحلة على معالجة موضوع سندات «اليوروبوندز» المستحقة للمصارف، من دون إهمال تحضير الملفات الأخرى المهمة، وقالت لـ«اللواء»: ان الاجتماعات مع الخبراء وحاكم المصرف المركزي وجمعية المصارف والخبراء ستتواصل حتى اتخاذ الخيار الملائم لمصلحة الخزينة والمواطنين بعد درس كل الاحتمالات ومخاطركل احتمال وانعكاساته على الدولة. وعلى هذا قد لا يُتّخذ القرار قبل مساء الجمعة إن لم يكن صباح السبت، ليتم الاعلان عنه، من دون تحديد كيفية الاعلان عن القرار هل من السرايا في مؤتمر صحافي ام من القصر الجمهوري ام عبرمجلس الوزراء.

وذكرت مصادر رسمية ان القرار سيكون على الاغلب عدم الدفع والذهاب الى التفاوض مع حاملي السندات، وسيتم اتخاذ القرار في مجلس الوزراء بناء لرأي من اللجنة الاستشارية التي سبق وشكلها مجلس الوزراء لتولي الجانب التقني من البحث عن حلول، علماً انه يمكن ان يصدر القرار بالدفع او عدمه عن وزير المالية الى حاكم المصرف المركزي كما كان يتم سابقاً، لكن ارتؤي ان يكون القرار بمشاركة كل الوزراء بعد عرض كل الجوانب والاحتمالات المتعلقة بهذا القرار.

وقالت معلومات، ان الرئيس دياب سيعلن عن قرارات حاسمة اعتباراً من العاشرة من آذار لتصحيح الوضع المالي، وهي لن تكون قرارات شعبية وإنما ضرورية للخروج من المأزق. كما وصفت مصادر المعلومات حجم المشكلة بأنه بات اكبر من ان يعالجه لبنان، وان القرار اياً كان سيكون سلبيا على لبنان غير القادر على الايفاء بالتزاماته المالية خاصة ان استحقاقات اذار ونيسان وحزيران تبلغ نحو ستة مليارات دولار واكثرمع فوائدها، فإن لم تنجح المفاوضات مع حاملي السندات لن يتمكن لبنان من دفع اي دولار، ما يعني احتمال تصنيفه تصنيفاً بالغ السلبية عالمياً.

كما يؤكد مسؤول رسمي حكومي، ان تفاهم الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وحسان دياب قائم على اكمل وجه خلافاً للتسريبات عن خلافات، لا سيما حول ملف اليوروبوندز، وانهم يعملون معاً على المعالجة استشعاراً منهم لحجم الكارثة المالية القائمة في البلد، وهم يتعاونون ويتعاملون مع الازمة بارتقاء الى مستوى المسؤولية الوطنية الكبرى.

لكن مصادر نيابية متابعة لفتت الانتباه إلى الموقف الحاسم الذي سجله الرئيس برّي أمس، من موضوع تسديد السندات، حيث أعلن باسم أغلبية الشعب اللبنانية وكذلك المجلس الرفض المطلق للدفع المسبق لهذه السندات، مشدداً على ان «المطلوب دعم الحكومة من قبل الجميع لهذا الموقف ولو أدى إلى التعثر».

وقال: «ان المصارف التي اوصلتنا الى خسارة نسبة ال75% من الدين تتحمل المسؤولية مع الشارين الأجانب، فإذا ارادوا إعادة الهيكلة دون قيد او شرط ودون دفع اي مبلغ او نسبة من المبلغ او فائدة فليكن، عدا عن ذلك فإننا مع اي تدبير تتخذه الحكومة ما عدا الدفع هذا، ومرة اخرى المس بالودائع من المقدسات».

وأكد على «وحدة الموقف الداخلي معارضة وموالاة، ووحدة وطنية لمجابهة هذه الازمة».

وفي هذا الصدد، قالت مصادر رسمية انه خلافا لما يتم تسريبه عن رفضه، فإن الرئيس ميشال عون لم يقرر موقفه النهائي بعد من سداد استحقاق يوروبوندز، وهو لازال في مرحلة التشاور مع الخبراء. واوضحت المصادر ان اهتمام الرئيس بري ومشاركته عبر معاونه السياسي وزير المال السابق علي حسن خليل في النقاشات الجارية حول ازمة المديونية بشكل عام، نابعة ايضا من استشعاره لحجم الكارثة، ومن اهتمامه بإيجاد حلول منطقية تسهم في انقاذ الاقتصاد والخزينة العامة.

التشكيلات القضائية أُنجزت 

أما صحيفة "نداء الوطن" فقد تناولت ملف التشكيلات القضائية الذي أنجز بصيغته النهائية، والذي سيسلم اليوم إلى وزيرة العدل ماري كلود نجم من مجلس القضاء الأعلى تمهيداً للتوقيع عليه ضمن مرسوم جوال يشمل إليها وزراء المال والدفاع قبل أن يحال إلى رئيس الجمهورية للتوقيع عليه.

وكشفت الصحيفة أن عمل مضن واجتماعات مكثفة لمجلس القضاء الأعلى استمر زهاء شهر ونصف الشهر ليخرج الإتفاق على لائحة من 330 قاضياً تمت مناقلتهم من أصل 520 قاضياً، إضافة إلى الدورة المتخرجة حديثاً والتي يناهز عددها 30 اسماً. وشملت أسماء في مواقع حساسة عرفت في الوسط القضائي بأنها قريبة من السلطة استبدلت بآخرين من أمثال القضاة: غادة عون ورهيف رمضان ونقولا منصور وسمرقند نصار وهؤلاء عينوا في التشكيلات الماضية.

كما يؤكد مرجع قضائي رفيع لـ"نداء الوطن" أن هذه التشكيلات في حال اعتمدت كما رفعها مجلس القضاء الأعلى تعد انجازاً على مستوى القضاء، وهي كفيلة بأن تعيد الثقة لعمل السلك القضائي. هي تشكيلات محض قضائية ينجزها مجلس القضاء الأعلى مجتمعاً من دون تدخل أي مرجعية سياسية خلافاً للسابق. وهذا انجاز يسجل لرئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود ومدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات وباكورة الورشة الاصلاحية التي أطلقت داخل القضاء.

ويضيف فللمرة الأولى تجرى هذه التشكيلات بعيداً من تدخل المرجعيات السياسية ولم يقصد القضاة مرجعياتهم السياسية أو الطائفية طلباً لحماية مواقعهم. وللمرة الاولى اًيضاً يحظى قضاة نزيهون بفرصة تشكيلهم في مواقع يستحقونها بعد أن كان تعيينهم غير ممكن طالما أنهم غير مدعومين سياسياً. في المقابل، تم إقصاء قضاة كثيرين ممن تحوم حولهم شبهات فساد أو كانوا عرضة للمحاسبة او خضعوا لعقوبات مسلكية وهؤلاء عددهم كبير. وخلافاً لما درج عليه وزراء العدل السابقون الذين كانوا يرسلون لوائح إسمية ويديرون التشكيلات بطريقة غير مباشرة، فإن وزيرة العدل نأت بنفسها عن الملف بانتظار أن يحال إليها.

ويعتبر المرجع القضائي أن اقرار التشكيلات كما ورد من مجلس القضاء الاعلى ومن دون تعديل عليه من شأنه أن يمنح القضاة النزيهين الثقة بمرجعيتهم القضائية وأن يضاعف انتاجيتهم، مشدداً على المعايير التي تم اعتمادها وهي النزاهة والسمعة الحسنة والإنتاجية في العمل وعدم وجود ملفات أو ملاحقات بحق القاضي لدى التفتيش القضائي أو المجلس التأديبي مع اعتماد معايير الدرجات في بعض الأحيان (أي عندما تتساوى المعايير الأخرى)، عازياً التأخير في إجراء التشكيلات لأسباب مرتبطة بمراجعة أسماء القضاة والتأكد من سيرتهم الذاتية وملفهم المهني وعدم انتمائهم سياسياً لأي جهة كانت.

 وإذا كان مجلس القضاء الأعلى نجح في انجاز تشكيلاته متجاوزاً كل الصعوبات التي اعترضته فإن الأنظار ستتجه نحو قصر بعبدا حيث يفترض أن يوقّع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هذه التشكيلات. ويتخوف مصدر قضائي من امتناع رئيس الجمهورية عن توقيعها احتجاجاً على اقصاء القاضية عون عن موقعها وهو الاعتراض الذي كان من الأسباب التي أخّرت التشكيلات، خصوصاً مع اشتراط عون توقيف النائب هادي حبيش على خلفية الاشكال الذي حصل بينه وبين القاضية عون.   

إقرأ المزيد في: لبنان