لبنان
كورونا يطغى على أزمات لبنان
لم يكن ينقص لبنان سوى فيروس كورونا المستجد، ليضاف إلى أزماته الاقتصادية والمالية، ورغم عدم رصد سوى حالة واحدة تم الحجر عليها في مستشفى رفيق الحريري الحكومي، إلا أنه لا يمكن إخفاء حالة الهلع من جهة والاستغلال الذي عمد إليه البعض برفع سعر الكمامات وحجبها من السوق.
الاستحقاقات التي تنتظر لبنان كثيرة، لا سيما المالية منها والتنقيب عن النفط، إضافة إلى التلويحات المستمرة بالاضراب في مختلف القطاعات وأبرزها المحروقات والخبز، ويأتي هذا وسط حديث عن استعداد سعودي وفرنسي لتقديم الدعم المالي للحكومة اللبنانية.
"الأخبار": كورونا: لبنان بلا كمّامات
أول من أمس، عقد وزير الصحة العامة حمد حسن مؤتمراً صحافياً مع رئيس مجلس إدارة المُستشفى فراس الأبيض، أعلن خلاله تخصيص قسم لاستقبال الحالات المُحتمل إصابتها بالفيروس. وأكد حمد عدم تسجيل إصابات إضافية، مُعلناً أن الفحوصات الأخيرة لأحد عشر شخصاً أتت سلبية.
وبما أن «الوحدة المركزية للحالات المُصابة أو المُشتبه في إصابتها بمرضٍ يُهدّد بانتشار وبائي»، الموجودة في المُستشفى منذ عام 2014، لا تتسّع إلا لأربعة مرضى، كان لا بُدّ من اعتماد بديل لتدارك أي تبعات ناجمة عن انتشار الفيروس. لذلك، خُصّصت الطبقة الثالثة (الأخيرة) من مبنى المُستشفى للعزل بحيث يمكنها استقبال نحو 130 شخصاً.
وفيما يقوم العزل تقنياً على مبدأ نظام تهوئة يولّد ضغطاً سلبياً بشكل يسمح للهواء بالتدفق إلى الغرفة من دون الخروج منها إلى غرف أخرى، يُطرح تساؤل عمّا إذا تمكن المُستشفى، ومن ورائه وزارة الصحة، من تزويد الطبقة بأنظمة التهوئة المطلوبة.
رئيس قسم الأمراض المُعدية في المُستشفى الدكتور بيار أبي حنا قال لـ«الأخبار» إنه ليس كل حالات العزل تستوجب نظام الضغط السلبي، «والحالات التي تستوجب هذا النوع من العزل هي تلك التي تكون موصولة على أجهزة التنفس الاصطناعي التي يمكن أن تنقل الفيروس عبر الرذاذ»، لافتاً إلى أن عزل المُصابين في الطبقة الأخيرة في المبنى يحول دون إمكانية انتقاله إلى الطبقات الأخرى، لأنّ الفيروس لا ينتقل في الهواء. فيما أوضحت دائرة العلاقات العامة في المُستشفى لـ«الأخبار» أنّ كل إجراءات العزل تمت وفق نصائح منظمة الصحة العالمية، مُشيرةً إلى «تنسيق كبير» مع المُنظّمة.
حجر منزلي لركاب الطائرة الإيرانية
ووفق أبي حنا، فإنّ الحجر يُطبّق على الذين تظهر لديهم عوارض الإصابة، وهي الحرارة أو السعال أو ضيق النفس أو الآلام في الحلق أو سيلان في الأنف، «أمّا من ليست لديهم هذه العوارض، بل شكوك في الإصابة، فيُطلب منهم عزل أنفسهم في منازلهم لمدة أسبوعين تحت إشراف فريق طبي متخصّص».
مصادر الوزارة قالت لـ «الأخبار» إن كل ركاب الطائرة الإيرانية التي أقلّت الحالة المُصابة (نحو 150 راكباً) تم تجميع بياناتهم والتواصل معهم، وطلب منهم العزل المنزلي «وتتواصل وزارة الصحة معهم يومياً لمراقبة ظهور أي عوارض».
وحرصاً على تطبيق عملية الحجر الصحي بالشكل المطلوب واللازم، أوعزت خلية الأزمة الوزارية إلى وزارة الداخلية والبلديات بتكليف السلطات المحلية (البلديات) بالإشراف على تطبيق إجراءات العزل الذاتي للمواطنين العائدين من المناطق التي سجّلت إصابات، والذين لم تظهر عليهم عوارض الإصابة، والمُقيمين معهم في سكن واحد. وقد طلب حسن، أمس، بالتوافق مع وزير التربية والتعليم طارق المجذوب، من الأهالي الذين كانوا في إيران أو في دول تبيّن أن فيها إصابات بفيروس كورونا، عدم إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات لمدة 15 يوماً.
"اللواء": «كورونا» أمام مجلس الوزراء
في هذا الوقت، يعقد مجلس الوزراء جلسة طارئة له عند الواحدة من بعد ظهر غد الثلاثاء في القصر الجمهوري لبحث التدابير والإجراءات الوقائية من فيروس «كورونا»، علماً ان خلية الأزمة الوزارية، كانت قد اتخذت في اجتماع طارئ برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب في السراي الحكومي، مجموعة إجراءات بناء على توصيات لجنة متابعة الإجراءات الوقائية لفيروس «كورونا»، يُمكن ان تشكّل خارطة طريق للوقاية من هذا الفيروس الخبيث، وحصر اضراره فيما لو تمّ الالتزام بتطبيقها بحذافيرها، من دون ان يتشاطر أحد بالافلات من هذه الإجراءات.
وأبرز القرارات: عزل الأشخاص الذين تظهر عليهم عوارض الإصابة والوافدين من المناطق (أو الدول) التي سجلت اصابات في مستشفى رفيق الحريري الحكومي، ومنع المواطنين اللبنانيين وسائر المقيمين في لبنان من السفر إلى المناطق التي سجلت اصابات وتوقيف الحملات والرجلات إلى المناطق المعزولة في الدول الآتية: كوريا الجنوبية، إيران ودول أخرى، على ان تستثنى من ذلك حالات السفر الضرورية مثل الطبابة والتعليم والعمل، وحصر نقل حالات الإصابة أو المشتبه باصابتهم بجمعية الصليب الأحمر اللبناني من دون سواها.
وحسب مصادر وزارية، فإن هذه القرارات كافية، خصوصاً وانها شملت كافة الإدارات والوزارات، وتحديداً الصحة والسياحة والداخلية والبلديات والخارجية، فضلاً عن الاقتصاد والإعلام والرياضة، كل في مجاله، للتأكيد على حالة الطوارئ الصحية المعلنة، ولا سيما إذا ما اعتمدت نظرية اعلام الرأي العام اللبناني بشكل شفاف ودوري بكل الإجراءات والتطورات تباعاً، بالتعاون مع وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما تمّ بالفعل، حيث تقرر ان يصدر مستشفى رفيق الحريري الجامعي، نشرة دورية عند الخامسة من عصر كل يوم عن اخر المستجدات لديه، فيما تجاوب المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى مع قرار وقف الرحلات متمنياً التريث في أداء الزيارات الدينية في هذه المرحلة للحد من انتشار «كورونا».
وفي تقريره اليومي، أفاد المستشفى انه استقبل في الساعات الـ24 الماضية، 25 حالة في الطوارئ المخصص بالاستقبال الحالات المشتبه باصابتها بفيروس «كورونا» وقد خضعوا جميعهم للكشوفات الطبية اللازمة ولم يحتج أحد منهم إلى دخول المستشفى، موضحاً ان فحوصاً مخبرية اجريت لـ13 حالة، جاءت نتيجة 12 حالة منها سلبية، ما عدا حال واحدة، هي الحالة ذاتها التي سجلت اصابتها بفيروس «كورونا» المستجد 2019 والتي لا زالت تخضع للعناية في وحدة العزل داخل المستشفى، وقد أجرى لها الفحص المخبري للمرة الثانية، وكان ايجابياً.
وأشار التقرير إلى وجود 7 حالات في منطقة الحجر الصحي، غادر اثنان منهم المستشفى بعد توصيتهما بالاقامة تحت الحجر الصحي المنزلي لمدة 14 يوماً، وأجرى لهما فحص مرتين في مختبرات المستشفى وجاءت النتيجة سلبية في المرتين، فيما بقيت خمس حالات في الحجر الصحي داخل المستشفى بعد ان أجرى لهم الفحص لمرة واحدة وكات نتيجة المختر سلبية.
وبحسب المعلومات، فإن جميع هذه الحالات كانت في الطائرة الإيرانية التي نقلت الحجاج اللبنانية إلى مدينة قم المقدسة يوم الخميس الماضي، ومعظمهم من منطقة النبطية، وما زالوا في منازلهم في حالة حجر صحي بناء لارشادات وزارة الصحة، التي توجهت إليهم مجدداً أمس، طالبة منهم عدم إرسال أولادهم إلى المدارس طيلة وجودهم داخل العزل المنزلي. وفي هذا السياق أصدر وزير التربية طارق المجذوب قراراً اجاز بوجبه عدم تلقى الدروس لاولاد ركاب رحلة إيران حتى انقضاء فترة العزل المنزلي.
"البناء": بعثة الصندوق تستهلك الوقت
على صعيد آخر، ختم وفد صندوق النقد الدولي محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين في عين التينة بلقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، بحضور وزير المال غازي وزني. وجرى عرض مفصل للوضع اللبناني المالي والاقتصادي، وأكد الرئيس بري للوفد حرص لبنان على الالتزام بالإصلاحات الجذرية المطلوبة وعلى كافة الأصعدة لضمان نجاح العملية الإنقاذية وعودة الثقة بلبنان.
وكان الوفد التقى كلاً من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود. وقد أفيد أن اللقاءات المالية والنقدية في السرايا الحكومية ستستكمل بعيداً من الإعلام، وقد اتفق على انه لن يكون هناك قرار قبل 6 آذار أي قبل يومين او 3 كحد أقصى من دفع الاستحقاق، في انتظار اكتمال الصورة من مختلف جوانبها، لدى الحكومة.
وبحسب معلومات «البناء» من مصادر مطلعة فإن «الاجتماعات التمهيدية بين الحكومة ووفد صندوق النقد الدولي انتهت واطلع الوفد على الواقع المالي والاقتصادي للدولة وجمع بعض المعلومات وأجرى مجموعة من الإحصاءات والدراسات وكوّن رؤية عامة عن الوضع تمهيداً لتقديم مشورته حيال اعادة جدولة الدين خلال الايام القليلة المقبلة»، ولفتت المصادر الى أن «الوفد طلب بعض الوقت لمشاورة ادارة الصندوق من ثم إعداد دراسة بناءً على المعطيات التي جمعها في لبنان على أن يعود الى بيروت لتقديم اقتراحات بشأن مسألة الديون».
وقالت أوساط رسمية لـ»البناء» إن «الحكومة ليست ملزمة باقتراحات الصندوق بل ترى ما يتناسب مع المصلحة الوطنية»، وأكدت «إصرار الحكومة على اعادة جدولة الديون بما يشمل استحقاق آذار اضافة الى تعيين مكاتب محامين لمواجهة أي احتمال لرفع دعاوى على الدولة اللبنانية جراء عدم السداد». كما علمت «البناء» أن «الحكومة اتفقت مع 7 شركات دولية ستتولى التفاوض مع الشركات الممثلة للدائنين الاجانب».
وعشية مغادرة وفد صندوق النقد لبنان، برز موقفان من السعودية وفرنسا، ففي حين لفت وزير المالية السعودية الى أن «المملكة كانت وما زالت تدعم لبنان والشعب اللبناني وعلى تواصل مع الدول المعنية بشأن لبنان وتواصل متابعة ما يحدث»، قال وزير المالية الفرنسية: «إذا احتاج لبنان للمساعدة المالية ففرنسا موجودة ولا يجب خلط قضية تعافي الاقتصاد اللبناني بمسألة إيران».
"الجمهورية": تقاطُع فرنسي - سعودي على دعم لبنان
وبحسب "الجمهورية"، انصبّت الاهتمامات في عطلة نهاية الاسبوع على فيروس «كورونا»، الذي تسلّل الى لبنان، حيث تصاعدت إجراءات الوقاية منه في مطار بيروت الدولي وكل المنافذ الحدودية مع الخارج، من دون ان يغيب عن البال ما ينتظره اللبنانيون من إجراءات حكومية لمكافحة وباء الكورونا الاقتصادي والمالي الذي يضرب لبنان منذ بضعة اشهر ولم يُعثر بعد على علاج ناجع له، وذلك في ضوء المحادثات التي تجريها الحكومة وكل المؤسسات والإدارات المختصة مع وفد صندوق النقد الدولي، الذي يستجمع الآراء والمقترحات، تمهيداً لتحديد ما سيتخذه من خطوات لمساعدة لبنان في الخروج من الأزمة، فيما سُجلت مؤشرات الى تحرّك بعض العواصم العربية والغربية للخروج من موقف المتفرّج الى موقف الداعم للحكومة، المطلوب منها اتخاذ خطوات اصلاحية طلبتها هذه العواصم الى جانب نظيراتها في مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان خلال مؤتمر «سيدر».
وكان اللافت في هذا الصدد، تقاطع فرنسا والمملكة العربية السعودية، العضوين في هذه المجموعة، على دعم لبنان وفق إصلاحات تجريها الحكومة عبّر عنه وزيرا المال الفرنسي برونو لو مير والسعودي محمد الجدعان، خلال اجتماع وزراء المال لمجموعة العشرين في الرياض أمس.
وفي ظلّ هذه التطوّرات، يشهد لبنان اليوم أزمة رغيف متأتّية من إضرابٍ عامٍ مفتوح، قرّره أصحاب الأفران والمخابز، لأنّ مطالبهم بدعم القمح والإبقاء على وزن وسعر ربطة الخبز كما هو عليه، لم تتحقّق.
اكّدت مصادر وزارية واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية»، انّ نتائج الاجتماعات مع وفد صندوق النقد الدولي كانت ايجابية جدًا، مشيرة، انّ الوفد الذي يغادر بيروت اليوم، أبلغ الى المسؤولين اللبنانيين الاستعداد لمعاودة ارسال فريق من الصندوق في اي وقت اذا دعت الحاجة.
وكشفت هذه المصادر، أنّ الوفد «ابدى تعاوناً تاماً»، لافتة الى انّه طلب من الحكومة اللبنانية وضع برنامج مالي شامل، على ان يتولّى هو تقديم المشورة والتوصيات في شأن هذا البرنامج الذي سيقارب المسائل الآتية:
- تطور العجز في المالية العامة وسبل معالجته.
- كيفية خفض اصل الدين العام وكلفة خدمته وصولًا الى امكان استيعابهما.
- العجز في ميزان المدفوعات (الحساب الخارجي) ووسائل احتوائه.
- وضع القطاع المصرفي في ظل الأزمة التي اصابت البنوك وخيارات التعامل معه.
واشارت المصادر، «انّ الحكومة طلبت حصرًا المشورة التقنية، وبالتالي فإنّ ما يطرحه الصندوق ليس مُلزِماً، إلاّ اذا طلب لبنان الدخول في برنامج مشترك معه، وهو امر ليس مطروحاً».
وكشفت «انّ الحكومة سترسل الى الصندوق الخطة الإنقاذية الشاملة ليعطي رأيه فيها، بعدما يكون مجلس الوزراء قد انتهى من انجازها خلال اسبوع او عشرة ايام».