معركة أولي البأس

 

لبنان

صندوق النقد في لبنان.. تساؤلات بلا طروحات
22/02/2020

صندوق النقد في لبنان.. تساؤلات بلا طروحات


بدأت الحكومة اللبنانية مفاوضاتها مع البعثات الدولية، وعلى رأسها بعثة صندوق النقد الدولي، التي جاءت بمهمة استشارية، سرعان ما تحوّلت إلى مهمة استطلاعية، فبقيت المحادثات ضبابية يستمع خلالها وفد الصندوق أكثر مما يتكلّم، وسط غموض حول تحديد مدة بقاء بعثة الصندوق في لبنان، هذا في حين لم تقرر الحكومة الافصاح عن قرارها حول تسديد سندات اليوروبوند قبل شهر اذار.

"الأخبار": صندوق النقد "يسأل" عن تحرير الليرة!

وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إن "الشركات المهتمة بتقديم الخدمات الاستشارية للحكومة سلّمت ملفاتها أمس، تمهيداً لدراستها وتعيين مستشارين قانوني ومالي. وبالتوازي كانت بعثة صندوق النقد الدولي تستمر في نفض يدها من المساعدة التقنية للحكومة، مع توجيهها النقاش نحو الإجراءات الإفقارية. أما المصارف فلم تيأس في سعيها إلى استكمال الانهيار الذي بدأته بتسليف الدولة أموال المودعين، طمعاً بالأرباح الهائلة، وأنهته بسرقة هذه الأموال، متغاضية عن حقيقة أن أي إعادة هيكلة لتنجح يجب أن تبدأ بالقطاع المصرفي".

واضافت الصحيفة "لا تزال بعثة صندوق النقد الدولي برئاسة مارتن سيريزولا تستطلع كل المعطيات المتوفّرة والخيارات الممكنة. التقت وزير المالية أمس، ويتوقع أن تلتقي حاكم مصرف لبنان اليوم. في اجتماعاتها المستمرة، لا تترك مناسبة إلا وتوجّه فيها النقاش إلى حيث تريد، من دون الإفصاح عمّا تحمله من خطط. تحمل الأسئلة وتتحفظ عن الإفصاح عن الإجابات التي تملكها. لا يريد الصندوق أن يتحمل مسؤولية إجراءات ليس هو من يقوم بها، وفق برنامجه المحدد".

وتابعت الصحيفة إن "بعثة صندوق النقد تركز على الأسئلة المتعلّقة بالواقع الحالي أو التوقعات المستقبلية. ما هو حجم الدين حالياً؟ ما هي التوقعات للمداخيل والنفقات؟ ما هي إجراءات مواجهة تراجع الاقتصاد؟… ثم ينتقل النقاش، من جانب ممثلي صندوق النقد إلى الآتي:
ضرورة اتخاذ قرار سريع بإلغاء ازدواجية سعر صرف الدولار، وأن لبنان معني بقرار رسمي يحرر السعر الحالي لأنه لم يعد منطقياً، وأن يصار في المقابل الى اجراءات لمنع المضاربة. هناك مقترح في الحكومة ويجري بحثه مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يقضي برفع السعر الرسمي للدولار الى نحو 2200 ليرة، مقابل اجراءات استثنائية من بينها تجميد جميع رخص الصرافة في لبنان وايكال المهمة الى المؤسسة اللبنانية للصيرفة التي تخضع لسلطة مصرف لبنان والتي تتعامل مع المصارف. وان يترافق ذلك مع تشريعات جديدة لتشديد العقوبات على المتلاعبين بالعملة. وقد وعد الرئيس نبيه بري بأنه سيساعد في اقرار هذه التشريعات.
واشارت الصحيفة إلى أنه مع ان في الفريق الحكومي، وحتى رئيس الحكومة من يريد تجنب العمل مع صندوق النقد، الا ان غالبية التوصيات تقول بأنه لا مفر من التعاون معه. لكن دياب يفكر مع بعض الوزراء في كيفية عدم الأخذ بكل استشاراته، وخصوصاً تلك التي تدعو الى تقليص القطاع العام الآن أو الى رفع معدلات الضرائب، وخاصة ضريبة القيمة المضافة (TVA) التي يكثر وفد «الصندوق» من السؤال عنها.
ولفتت إلى أن بعثة الصندوق صارت مدركة أن لبنان لا يملك خطة بعد. وإن كانت الحكومة تؤكد أن إعداد الخطة المتكاملة جار على قدم وساق، فإن الخوف الفعلي في أن تكون النتيجة خططاً لا خطة واحدة. كثرة الطباخين واللجان تربك أكثر مما تنتج. أمس سلّمت الشركات المهتمة بتقديم الاستشارات المالية والقانونية عروضها إلى وزارة المالية. كما كان متوقعاً، ثماني شركات تقدمت إلى استدراج العروض المتعلق بالاستشارات المالية (مهمتها الأساسية إعداد التقارير عن آليات عمل التوقف عن السداد والسيناريوات المفترضة للتفاوض مع الدائنين وكلفة كل سيناريو)، إحداها GSA partners، التي أشار النائب ميشال ضاهر، في تغريدة له أمس، إلى أن «هناك إصراراً من أحد النافذين الماليين للعمل على فوزها»، كاشفاً أنه «طُلب منها التقدم بأقل سعر للفوز».

وتابعت الصحيفة أنه "كما كان متوقعاً فقد قدم الوزير السابق كميل أبو سليمان (شركة «ديكيرت») عرضه لتقديم الاستشارات القانونية أيضاً، إضافة إلى شركتين أخريين، بالرغم من الإشارات إلى تضارب المصالح بين كون أبو سليمان محامي عدد من المصارف حاملة السندات، وبين تقديمه عرضاً لتمثيل الدولة. حتى بين المصارف، يشكل طرح اسم أبو سليمان إشكالاً. أمس خرجت أصوات من المصارف تركّز على ضرورة عدم توليه مهمة تمثيل الدولة، مقابل أصوات من داخل الحكومة تعتبر أنه الأكفأ لإدارة هذه العملية. وبناءً عليه، أعلن أبو سليمان، في بيان أمس، أن تضارب المصالح أمر تنظمه قواعد صارمة تطبّق على مكاتب المحاماة العالمية وفق معايير دقيقة ومحكمة». واعتبر أن مطالبته منذ ستة أشهر بإعادة هيكلة الديون الخارجية دفاعاً عن مصالح المودعين، يُسقط أي اتهام يوجه إليّ بتفضيل مصالح المصارف على مصالح الدولة".

وقالت "الأخبار" أنه "بعيداً عن التوجه الحكومي في ما يتعلق بتعيين الاستشاريين الدوليين، حيث يتوقع أن تستمر دراسة الملفات اليوم، فإن المصارف لم تيأس من السعي إلى تقديم مصلحتها على مصلحة الناس. أولويتها المطلقة تحصيل قيمة سندات اليوروبوندز بحجة المحافظة على أموال الناس وحقوقهم…. الأموال نفسها التي سرقتها من المودعين. ولذلك، عاد أمس احتمال دفع فوائد شهرَي آذار ونيسان والمقدرة بنحو 300 مليون دولار إلى النقاش، من خلال الإشارة إلى إمكانية «كسب الوقت»، ريثما يتم التحضير لإعادة الهيكلة بشكل علمي وهادئ ومن دون الوقوع في «التخلف عن الدفع». لكن هذا الطرح لا يلقى حتى اليوم تجاوباً من المعنيين، الساعين إلى إعداد الخطط المطلوبة لمرحلة ما بعد التخلّف عن السداد. في الأساس تتغاضى المصارف وبعض القوى السياسية عن حقيقة أن المطلوب هيكلته ليس الديون فقط، بل القطاع المصرفي برمّته، مصرفاً مركزياً ومصارف تجارية. فالمفلس ليس الدولة وحدها بل المصارف أيضاً. التزامات المصارف تفوق بأضعاف التزامات الدولة، وإن كان يستحق على الأخيرة 7 مليارات دولار في العام الحالي، فإن المصارف التي سرقت المودعين مدينة بأكثر من 150 مليار دولار، قامرت فيها عن طريق لتسليف الدولة ومصرف لبنان. ولولا هذه الديون التي كانت تحصّل مقابلها ثروات طائلة لما خرب البلد في هذا التوقيت". ولفتت الصحيفة إلى أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لا يزال مصراً على عدم تقديم معلومات مفصلة أو آراء حول ما يحصل. هو وعد رئيس الحكومة أن يعطيه اليوم جردة بالمالية العامة الموجودة لديه وبالوضع النقدي عموماً. وهو يواصل تهويله بذريعة الخشية من تعرض المصارف اللبنانية لصعوبات مع مصارف المراسلة في حال تخلف لبنان عن الدفع.
 
"البناء": يوم أول من التفاوض حول الدين العام

صحيفة "البناء" من جهتها قالت إن الحكومة اللبنانية دخلت مفاوضاتها مع البعثات الدولية، وعلى رأسها بعثة صندوق النقد الدولي، التي جاءت بمهمة استشارية، سرعان ما تحوّلت إلى مهمة استطلاعية، فبقيت المحادثات ضبابية يستمع خلالها وفد الصندوق أكثر مما يتكلّم، وعندما يتكلم يكون كلامه في الغالب استيضاحاً وأسئلة، وسط غموض مدة بقاء بعثة الصندوق في لبنان، والضباب الذي يلفّ موقعها بين نظرتي الحكومة ومصرف لبنان، الذي يحظى برعاية خاصة من الجهات الدولية، ومن ضمنها صندوق النقد الدولي، والضباب نفسه لف قضية وصول فيروس «كورونا» إلى لبنان حتى انقشع أخيراً عن وجود إصابة مؤكدة، وفقاً لبيان وزير الصحة الدكتور حمد حسن، الذي أكد قيام الوزارة بكل الإجراءات اللازمة للمتابعة، والتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، داعياً إلى عدم الهلع، بينما تحول الأمر إلى مصدر للتوظيف السياسي بعدما أعلن أن المصابة جاءت من إيران".

واشارت إلى أن وفد صندوق النقد الدولي واصل جولته على المسؤولين لليوم الثاني على التوالي، وعرض وزير المال غازي وزني مع وفد من الصندوق برئاسة رئيس البعثة مارتن سيريزوليه، ما يمكن أن يقدمه الصندوق من مشورة تقنية لمساعدة لبنان في بناء خطته الإنقاذية، لافتةً إلى أنه "تمّ التداول في المعطيات المتوفّرة والخيارات الممكنة بناءً على رؤية الوفد وتقييمه لواقع الحال في البلاد، على أن يتم استكمال البحث لبناء تصوّر لكيفية تجاوز الوضع الراهن. وفيما تردد أن الوفد سيغادر بيروت اليوم أفيد أنه سيلتقي لجنة الرقابة على المصارف اليوم أو الاثنين المقبل إذا قرّر تأجيل موعد المغادرة".

ونفت مصادر السرايا الحكومية، اتخاذ الحكومة قراراً بتأجيل دفع سندات اليوروبوند او هيكلة او جدولة الدين العام حتى الآن، مشيرة الى ان “الاجتماعات متواصلة ليل نهار في السرايا مع الخبراء الأجانب والمحليين، لدرس الخيار الافضل والانسب لمصلحة لبنان”. وسألت المصادر: كيف نقرّر عدم دفع السندات أو هيكلة أو جدولة الدين العام ولم تنتهِ الاجتماعات بعد مع وفد خبراء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ولم يتوصل الخبراء الى قرار؟”. فيما لفتت معلومات أخرى الى أن “الاجتماعات تمحورت حول تشريح الخلل الكبير الحاصل في المالية العام نتيجة التراكمات المالية، اضافة الى استماع الجهة اللبنانية للنصائح من ​صندوق النقد​، وكذلك اطلع الوفد على أرقام ​الدين العام​، وكان لديه بعض الاستفسارات”، موضحة أن “لبنان لن يتخذ قبل 10 ايام اي قرار بشأن سندات ​اليورو​بوند، والاتجاه هو اعادة هيكلة الدين العام المنظم، ومن ثم إجراء مفاوضات مع حاملي السندات”.”.

وأوضحت "البناء" أنه في إطار حملة التهويل والتهديد التي تمارسها بعض الجهات السياسية والمصرفية الداخلية بالتعاون مع الوكالات المالية العالمية، أوردت وكالة رويترز أن «موديز خفّضت تصنيف لبنان إلى CA والنظرة المستقبلية إلى مستقرة والانكماش العميق للاقتصاد اللبناني»، وتوقع الوكالة أن «يتكبّد الدائنون من ​القطاع الخاص​ خسائر كبيرة في حالة إعادة هيكلة الدين الحكومي”.

على صعيد آخر، أثار انتقال فيروس “كورونا” الى لبنان موجة من الهلع عمت لبنان، وأعلن وزير الصحة العامة حمد حسن أمس عن تسجيل أول إصابة مؤكدة بـ “كورونا” في لبنان والاشتباه بحالتين أخريين، مطمئناً في مؤتمر صحافي عاجل الى ان “الإجراءات اللبنانية للوقاية كافية”. وعقدت لجنة مواجهة “كورونا” في السرايا اجتماعاً وأكدت تنفيذ التوصيات والتنسيق بين مختلف القطاعات وتحمل المسؤوليات. وقد نقلت المريضة الى المستشفى الحكومي في بيروت.

وفيما أفيد ان ركاب الطائرة التي كانت المريضة على متنها وعددهم 146 انتقلوا الى منازلهم بلا إجراء الفحوص المخبرية لهم، كشف وزير الصحة أن “لجنة من وزارة الصحة تواصلت مع منسق الحملة التي كانت على متن الطائرة الإيرانية وأخذت ارقام هواتف جميع الركاب وهي على تواصل مباشر معهم”، لافتاً الى أن “عزل الحالات في مستشفى بيروت الحكومي لا تتم الا على الحالات التي تعاني من عوارض مرضية، بينما على بقية الركاب عزل أنفسهم في منازلهم”. وتمنى حسن على «جميع الركاب الذين كانوا على متن الطائرة عدم إرسال أولادهم الى ​المدارس​ إلى حين التثبت من عدم إصابتهم بكورونا، رغم أن إمكانية الإصابة ضئيلة جدا”.

وكان الرئيس عون اطلع من وزير الصحة على المعلومات المتعلقة بإصابة كورونا وطلب اتخاذ الاجراءات اللازمة للمعالجة.

وأكدت ​منظمة الصحة العالمية​ انها “ستقوم برصد احتياجات ​لبنان​ و​إيران​ لمواجهة انتشار ​فيروس كورونا​ وتقديم الدعم الفني لهما، والسعي لتنسيق الاستجابة العالمية لاحتواء الفيروس”، موضحة أنه “تم تعيين 6 موفدين خاصين لتقديم النصح للدول بشأن الفيروس”.

"النهار": التصنيفات السلبية تسابق مجدداً مفاوضات لبنان المالية
 
أما صحيفة "النهار" فقالت انه بدا بديهياً أن يتقدم "ذعر كورونا" أمس قائمة المخاوف التي تجثم على صدور اللبنانيين بعد كشف ملابسات الاصابة الاولى التي سجلت في لبنان. ومع ذلك فان هذا التطور الصحي المقلق لم يبدد تماماً أجواء الترقب والغموض والقلق حيال تطورات الازمة المالية والاقتصادية، خصوصاً وسط الحذر المواكب لوجود بعثة صندوق النقد الدولي في بيروت واللقاءات التي تعقدها مع المسؤولين الرسميين والماليين المعنيين بملفات الازمة. واذ تدخل مهمة البعثة يومها الثالث في لبنان من دون اتضاح نتائج اللقاءات والمحادثات التي أجرتها مع المسؤولين، تبين من المعطيات التي توافرت عن هذه اللقاءات انها لم تتوصل بعد الى نتائج حاسمة وواضحة في شأن الملف الذي يجري البحث فيه على نحو اساسي وهو ملف "الاوروبوند" والذي يطلب لبنان من الصندوق مشورته الفنية في شأنه.

واضافت "لعل العامل السلبي الذي سابق انجاز مهمة البعثة وتبين نتائجها تمثل في احتدام السباق مجدداً بين محاولات احتواء سقوف الانهيار المالي والاقتصادي وفرملتها والتقارير التي تطلقها تباعا وكالات التصنيف الدولية والتي تزداد في ظلها اجواء تقهقر الثقة بالواقع المالي للبنان مع التراجعات المنهجية المتواصلة التي تسجلها التقارير. وكان آخر فصول هذا السباق المحموم تمثل في اعلان وكالة "موديز" أمس تخفيض تصنيف حكومة لبنان من CAA2‬‬ الى CA‬‬ وخفض النظرة المستقبلية إلى مستقرة. وعزت القرار إلى "توقعات أن يتكبد الدائنون من القطاع الخاص خسائر كبيرة على الأرجح في ظل أي إعادة هيكلة للدين الحكومي".

وتابعت الصحيفة انه فيما وصفت اجواء لقاء وزير المال غازي وزني مع وفد صندوق النقد الدولي بانها كانت ايجابية، لم تظهر الاوساط الرسمية اللبنانية بعد اي مؤشرات توحي بنتائج محددة للمحادثات المستمرة، بل ان بعض الجهات المعنية بدت حذرة بالاشارة الى عدم التوصل الى خريطة تحليل مشتركة بين الجانب اللبناني والبعثة، لكن هذه الجهات شددت على انه أمام التحديات الكبيرة التي تواجه السلطة، تعمل الخلية المعنية بمتابعة ملف "الاوروبوند" كخلية نحل وتملك البرنامج المناسب وان الاتفاق قائم بين رئاسات الجمهورية ومجلس النواب والحكومة وصولاً الى حزب الله بغية التوصل الى الخيارات الافضل للبنان ومصلحته المالية وان هذا التوافق سيساعد في ايجاد اللغة المشتركة بين الحكومة وبعثة صندوق النقد الدولي في ما يطلبه لبنان منه".

ولفتت إلى أنه فيما كان ينتظر ان تفض العروض في رئاسة الوزراء أمس لارساء المناقصة على شركة استشارية مختصة بملف التفاوض لاعادة هيكلة الدين، افادت معلومات ان المناقصة لم تحصل وارجئت بسبب اشكال يتعلق بتأخر شركات في تقديم العروض بعدما كان القرار اتخذ بحصر المناقصة بعدد محدود منها. 
 

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل