لبنان
جلسة حكومية في بعبدا..الموافقة على قرض كويتي للاسكان.. والرئيس عون: ثمة اجراءات ستتخذ بحق المخالفات الجسيمة
فاطمة سلامة
يبدو أنّ الطابعين المالي والاقتصادي يطغيان على الجلسات الوزارية التي تعقدها حكومة "مواجهة التحديات". الأوضاع الاقتصادية الصعبة والاستحقاقات الداهمة تزنّر مالية الدولة التي تعاني ما تعانيه من أزمات. تماماً كما تعاني تلك المالية من غياب الصراحة والشفافية، وهي السياسة التي انتهجها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على مدى سنوات، الأمر الذي دفع برئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى القول في مستهل الجلسة الحكومية الثانية بعد نيل الثقة أنّ ثمة معلومات لا نزال بحاجة اليها تتعلق بالوضع المصرفي، وهناك اجراءات سنتخذها ليتحمل المسؤولية كل من ساهم بإيصال الأزمة الى ما وصلت اليه. وهو الكلام الذي يُردّده أكثر من خبير اقتصادي لدى الحديث عن الضائقة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان. برأي هؤلاء بداية الحل تبدأ من مصارحة الدولة اللبنانية بما يملكه مصرف لبنان من احتياطي وأموال. فمن غير المقبول أن تكون الأرقام الحقيقية لدى شخص حاكم المصرف المركزي ويحجبها عن الدولة اللبنانية.
الجلسة التي استمرت لأكثر من ساعتين ونصف، صاحبتها أجواء من التكتم الواضح من قبل الوزراء الذين فضّلوا التزام الصمت لدى دخولهم وخروجهم. أولئك ولدى توجيه أي سؤال اليهم، تراهم يجيبون بنفس الجملة "الوقت للعمل لا للكلام"، في إشارة الى أنّ هناك قراراً بعدم التسريب والالتزام فقط بما يصدر من مقررات على لسان وزيرة الاعلام منال عبد الصمد. وهو الأمر الذي بدا واضحاً لدى سؤال وزيرة العدل ماري كلود نجم عن التشكيلات القضائية حيث أجابت "الوقت للأفعال لا للأقوال". وكذلك فعلت وزيرة الدفاع زينة عكر، وغيرها العديد من الوزراء. وزير التربية طارق المجذوب اتبع السياسة نفسها مجيبا على أسئلة الصحفيين العديدة بالقول no comment"".
الرئيس عون: إجراءات ستؤخذ بحق المخالفات الجسيمة
وبالعودة الى أجواء جلسة مجلس الوزراء، فقد تطرّق رئيس الجمهورية في كلمته الى الأموال المنهوبة التي بلغت أرقاماً كبيرة، وكذلك الى بعض الهبات التي لم يعرف وجهة صرفها، موضحاً أن المتابعة مستمرة. وأكّد أن "ثمة إجراءات ستتخذ بحق المخالفات الجسيمة وعلى كل جهة تحمل مسؤولياتها"، لا سيما فيما يتعلق بعمليات تحويل المبالغ بصورة غير قانونية والتي زادت من حدة الازمة، مشيراً الى أن المرحلة الراهنة هي مرحلة عمل لأن الوضع العام في البلاد يفرض ذلك. وقال إن" عمل اللجان مستمر للوصول الى مقترحات عملية تُعرض على مجلس الوزراء بعد انتهاء الدرس لاتخاذ القرار المناسب".
ثم تحدث الرئيس عون عن الاسباب التي دفعته الى عدم توقيع قانون موازنة العام 2020، مشيراً الى أنّ ذلك يعود الى عدم التصديق على قانون يتعلق بمسألة قطع الحساب وبالتالي لا يمكنه إصدار الموازنة من دون ذلك.
وطلب الرئيس عون تأمين المدققين والخبراء اللازمين لديوان المحاسبة حتى يتم إنجاز قطع الحساب في أسرع وقت ممكن، لافتاً الى أن مجموع المبالغ المهدورة التي لا أدلّة ثبوتية عليها بلغ مبلغاً كبيراً، منها سلفات خزينة من غير المعروف كيف صُرفت ومبالغ أخرى، وَردت كهبات للهيئة العليا للإغاثة.
وأشار عون الى أن الموازنة سوف تصدر بعد انتهاء المهلة الدستورية استناداً الى المادة 57 من الدستور.
دياب: بدأنا بمعالجة تراكمات 30 سنة من السياسات الخاطئة
بعد ذلك، تحدّث رئيس الحكومة حسان دياب قائلاً "بدأنا اليوم الخطوة الأولى في اتجاه معالجة تراكمات 30 سنة من السياسات الخاطئة التي أوصلت البلد الى الانهيار الحاصل اليوم. وكما تعلمون جميعاً، إن قضية الدين العام استنزفت أموال الدولة. كما أن الفساد والهدر والمحسوبيات والتسويات أنهكت الخزينة."
وأضاف " للأسف لقد وصل البلد الى حائط مسدود بسبب هذه التراكمات، وقد كبرت كرة النار كثيراً، ولكن قدرنا أن نتلقفها ونتحمل مسؤولياتنا الوطنية لإنقاذ لبنان. وقد بدأ اليوم مسؤولون من صندوق النقد الدولي زيارتهم للبنان بناء على طلب لبنان، واجتمعت بالوفد صباحاً واطلقنا الورشة، وإن شاء الله نتوصل الى النتائج التي تريح البلد على كل المستويات المالية والاجتماعية والاقتصادية والمعيشية".
وتابع دياب "نحن اليوم نعيش حالة طوارئ حقيقية على المستويين المالي والاقتصادي، ومن الطبيعي أن نسمع صرخة الناس الذين يدفعون ثمن هذا الوضع"، مضيفاً " على كل الاحوال، لقد اطلع وزير المالية على تعميم حاكم مصرف لبنان لتنظيم العلاقة بين المصارف والزبائن وستعد وزارة المالية مشروع قانون معجّلًا لدراسته في مجلس الوزراء وإحالته الى مجلس النواب".
وتابع "إن المرحلة المقبلة صعبة علينا جميعاً وعلى البلد والناس، ولكن من واجبنا أن نجد حلولاً للتخفيف من حجم الازمة وتداعياتها. وفي كل الاحوال، نحن أمام منعطف تاريخي، وهمّنا أن نحمي البلد والناس ومختلف القطاعات بكل الوسائل التي من الممكن أن نلجأ اليها لتحقيق هذه الغاية".
وأضاف رئيس الحكومة " كنت قد كلّفت نائبة الرئيس بوضع خريطة طريق لآلية تنفيذ بنود البيان الوزاري، على أن تستعين باللجان الموجودة أصلاً إذا كانت لا تزال قائمة ومناسِبة لهذه الغاية، وتشكيل لجان جديدة وفقاً للحاجة. وبهذه الطريقة نكون ملتزمين بتنفيذ وعودنا التي اطلقناها بالبيان الوزاري، وبالتوازي فإننا نعمل بطريقة منهجية وعلمية"، مؤكداً أنه يجب ضم أشخاص من الحراك الشعبي الى اللجان كل حسب اختصاصه، على أن يكون هؤلاء من أصحاب الخبرة والمعرفة.
المقررات
وعقب انتهاء الجلسة، تلت وزيرة الاعلام منال عبد الصمد أبرز المقررات وهي:
1- وضع آلية لتنفيذ مضمون البيان الوزاري وفق خارطة طريق تم إقرارها وكذلك إعادة النظر في اللجان الوزارية عند الاقتضاء.
2- الموافقة على عرض وزارة الطاقة والمياه لموضوع السماح للشركات التي تتولى إدارة النفايات الخطرة، التي ستنتج عن عملية حفر البئر الاستكشافية الاولى في الرقعة رقم 4 في
المياه البحرية اللبنانية، القيام بعملها وذلك تمهيداً لبدء حفر البئر الاولى في الايام القليلة المقبلة.
3- الموافقة على مشروع قانون يرمي الى إبرام اتفاقية القرض بين حكومة الجمهورية اللبنانية والصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي بقيمة 50 مليون دينار كويتي اي ما يوازي 165 مليون دولار، والمتضمنة اتفاقيتي الادارة واعادة الاقراض المذكورة أعلاه، للمساهمة في تمويل مشروع الاسكان ( المرحلة الثانية)، وعلى مشروع مرسوم بإحالة مشروع القانون المذكور الى مجلس النواب.
وقرر مجلس الوزراء التأكيد على مجلس الانماء والاعمار استكمال التفاوض مع الصندوق لـتأمين قرض جديد لصالح المؤسسة العامة للاسكان بالشروط عينها المنصوص عليها في الاتفاقية الموقعة مع مصرف لبنان وفقًا لقرار مجلس الوزراء تاريخ 21/10/2019.
كما بحث المجتمعون في آلية تعيين موظفي الفئة الاولى والخيارات المتاحة لهذا التعيين.
ورداً على سؤال، قالت عبد الصمد إنّ الجلسة لم تبحث موضوع سندات "اليوروبوند"، موضحةً أنّ النقاش جار في اللجان المختصة.