معركة أولي البأس

لبنان

الوضع المالي يسيطر على حركة عمل الحكومة..الاتجاه نحو إعادة هيكلة الدين والتوقف عن الدفع
20/02/2020

الوضع المالي يسيطر على حركة عمل الحكومة..الاتجاه نحو إعادة هيكلة الدين والتوقف عن الدفع

يسيطر الوضع المالي على خريطة عمل حكومة الرئيس حسان دياب في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان، ويبدو أن الحكومة تتجه نحو عملية إعادة هيكلة الدين والتوقف عن دفع اليوروبوند، على الرغم من حملة التهويل التي أطلقها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجمعية المصارف ووسائل إعلامية معارضة للحكومة.

"الأخبار": مصرف لبنان يبيع سندات للأجانب بما يعقّد إعادة هيكلة الدين

وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إن "حملة التهويل التي أطلقها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجمعية المصارف استؤنفت، في زيارة وفد الجمعية لرئيس الحكومة حسان دياب لـ«تحذيره» من أن لجوء لبنان إلى عملية إعادة هيكلة الدين والتوقف عن الدفع سيؤدي إلى إفلاس المصارف وامتناع مصارف المراسلة عن فتح الاعتمادات لها، وسيغلق أبواب التدفقات الخارجية أمام لبنان الذي يحتاج إليها بشكل ملحّ". وبحسب مصادر مطّلعة، لم يتجاوب رئيس الحكومة مع هذه الضغوط، وأبلغ المصارف أن القرار النهائي بشأن التوقف عن الدفع وإعادة الهيكلة يبقى مرهوناً بانتهاء الخطة الإنقاذية التي يعدّها فريق من الخبراء المتخصصين، وستكون مدعومة بتقييم صندوق النقد الدولي لاستدامة الدين العام".

واضافت الصحيفة "لكن سلامة والمصارف لم ييأسوا بعد، بل بدأوا يمارسون لعبة المضاربة على سندات اليوروبوندز وبيعها للأجانب. فقد تبيّن أن مصرف لبنان يحمل القسم الأكبر من سندات اليوروبوندز التي تستحقّ في 2033 و2034 التي بدأ تداولها، فجأة، في الأسواق الدولية، بأسعار متدنّية جداً. إذ إن عروض البيع كانت مسعّرة بنحو 25 دولاراً و26 دولاراً، علماً بأن سعر إصدار السند يبلغ 100 دولار. وتبيّن أن عدداً من المصارف اللبنانية وشركة «أوبتيموم أنفست»، المعروفة بتنفيذ عمليات تجارة السندات لحساب مصرف لبنان، هي التي تبيع هذه السندات، رغم أن من يحملها هو مصرف لبنان منذ إصدارها في أيار 2018، ما أثار ريبة حول ما يحصل"، مشيرةً إلى أن "هذه الضغوط على أسعار سندات اليوروبوندز ترافقت مع حملة تهويل روّجت أمس أن وزارة المال قرّرت تسديد السندات التي تستحق في آذار المقبل. إلا أن مصادر مسؤولة نفت أن يكون هناك أي قرار متّخذ بهذا الشأن".

وسألت الصحيفة "ما الذي يحصل في سوق السندات؟ ولماذا يبيع مصرف لبنان السندات التي يحملها بأسعار بخسة؟"، وقالت مصادرها إن مصرف لبنان لمس توجّهاً واضحاً لدى الحكومة بالتوقف عن السداد وإعادة هيكلة الدين، ما يعني أن السندات التي يحملها لن تكون لها منفعة قريبة على سيولته، وخصوصاً أن عملية إعادة الهيكلة ستأخذ وقتاً طويلاً، وهو لن يكون قادراً على تسييل هذه السندات في هذه الفترة، في وقت هو بحاجة إلى السيولة. لذا لجأ سلامة، كعادته، إلى عمليات غير اعتيادية في السوق مثل الهندسات المالية، وأجرى هندسات على السندات مع المصارف انطلاقاً من الآتي:
ــــ يتوجّب على مصرف لبنان أن يدفع للمصارف فوائد شهادات الإيداع بالدولار، فيما تطالبه المصارف بالحصول على المزيد من السيولة بالدولار لسداد الالتزامات المترتّبة عليها بالدولار لمصارف المراسلة. وبما أن خروج كمية كبيرة من الأموال يعني نقصاً في احتياطاته بالعملات الأجنبية، قرّر أن يعرض على المصارف إمدادها بفوائد شهادات الإيداع بالدولار، شرط ألا يتم تحويل هذه الأموال إلى الخارج، وأن تستعملها المصارف لشراء سندات اليوروبوندز من فئة استحقاقي 2033 و2034. وبما أن عمليات شراء السندات وبيعها تتم عبر «يوروكلير»، أي في أوروبا، فهناك صعوبة في معرفة هوية البائع والشاري في العمليات المنفذة فعلياً والتي تبقى مخفية. وهذا الأمر يعني أن مصرف لبنان سيتمكن من تسييل سندات ولو بثمن بخس، وهو ما يعكس حاجته الماسة إلى مزيد من السيولة.

ــــ المصارف اشترت هذه السندات ودفعت ثمنها في بيروت، ولكنها بمقدار ما تبيع منها ستتمكن من تسجيل هذه العمليات على أنها أموال طازجة يمكن إدخالها إلى لبنان وإعادة تحويلها إلى الخارج لتعزيز سيولتها الخارجية.
ــــ مشكلة هذا الأمر أنه يؤدي إلى توسيع نسبة حملة السندات الأجانب، وبالتالي تعقيد عمليات إعادة الهيكلة والتخفيف من النسب المطلوبة من قبل الدائنين للموافقة على هذه العمليات. فعقود اليوروبوندز تنصّ على أن إعادة الهيكلة تتطلب موافقة 75% من حملة السندات في كل شريحة من الشرائح. بمعنى آخر، إن عمليات البيع للخارج هي بمثابة محاولة لتعطيل القيام بعملية إعادة الهيكلة، ولو أن لها أهدافاً أخرى تتعلق بسيولة مصرف لبنان والمصارف.
ــــ الخطوة التي قام بها مصرف لبنان والمصارف هي بمثابة ردّ على رئيس الحكومة حسان دياب الذي بات مقتنعاً بأن إعادة الهيكلة هي الطريق نحو المعالجة.

"البناء": التفاوض يبدأ اليوم على الهيكلة

من جهتها، صحيفة "البناء" قالت إن "الهمّ المالي في الواجهة يتفوّق على ما عداه، وقد وصل وفد صندوق النقد الدولي، وبدأ الوفد الحكومي اللبناني محادثات مع شركات استشارية مالية، تمهيداً للقاء وفد الصندوق اليوم لبدء المفاوضات حول شكل المعونة التقنية التي سيقدمها للحكومة في تطبيق خيارها بإعادة هيكلة سداد سندات الخزينة كسلة متكاملة، في مناخ حرب نفسية داخلية وخارجية تتعرّض لها حكومة الرئيس حسان دياب من لوبيات تلتقي على مصالح مالية أو سياسية للتشويش على خيار هيكلة الدين. وظهر التلاعب بسعر صرف الدولار بصورة تريد جعله سلاحاً للضغط على شروط التفاوض المتصلة بتفويض الشركات التي ستتولى التفاوض بالنيابة عن لبنان، مع الدائنين الذين تمثلهم مجموعة محدودة من الشركات، واكبتها مؤسسات إعلامية دولية ومحلية بنشر تقارير سوداويّة عن لبنان خصوصاً لجهة مستقبل سعر الصرف، فضجت وسائل التواصل الاجتماعي بما نشرته قناة بلومبرغ من توقعات تشاؤميّة، كاشفة وجود جهات موزعة بين الخارج والداخل، تنظم حملة مبرمجة لدفع الدولار صعوداً عبر ترويع الناس من مخاطر فقدانه من الأسواق وتشكيل أكبر ضغط ممكن على الحكومة ووفدها المفاوض للحصول على أعلى أسعار فائدة، بينما قالت مصادر مالية مؤيدة للسياسة الحكومية بأن التحرك القضائي لملاحقة التلاعب بسعر الصرف يجب أن تظهر قوته لردع التلاعب وكشف المتورّطين فيه، كما الذين هربوا أموالهم وباعوا سنداتهم بصورة احتيالية لضمان سدادها وإبقائها في الخارج. وقالت المصادر سيكتشف اللبنانيون بعد تثبيت قرار عدم السداد كيف ستعود السندات المباعة لحامليها الأصليين".

ومن ناحية أخرى لفتت "البناء" إلى أن العلاقات العربية للحكومة تبدو مصدر إشكالية في ترتيبات الزيارات التي يريد رئيس الحكومة البدء بها منتظراً تبلور الموقف السعودي من التعامل مع الحكومة، لرغبته بجعلها محطة رئيسية في جولته الأولى خارج لبنان. وقالت مصادر متابعة للموقف السعودي، إن المرحلة الراهنة هي مرحلة اللاموقف تجاه حكومة الرئيس دياب، فالأولوية السعودية لبنانياً هي إعادة تنظيم صفوف الحلفاء، وقد تبلورت العلاقة مع تيار المستقبل مجدداً على قاعدة تسمية هيئة مستشارين وقياديين اختارهم الجانب السعودي، واعتماد خطاب مواجهة للعهد بدلاً من حزب الله، تماشياً مع الخطة التي عبر عنها الدبلوماسي الأميركي السابق جيفري فيلتمان في حديثه أمام لجان الكونغرس قبل شهرين تعليقاً على الحراك داعياً لإضعاف حزب الله عبر بوابة نزع الغطاء الذي يوفره له العهد والعلاقة بالتيار الوطني الحر. وقالت المصادر إن القرار السعودي هو منح الفرصة لرهان الحريري 100 يوم لبدء ترنح حكومة الرئيس دياب قبل أن تتحمّل السعودية أمام حلفائها مسؤولية تعويم الحكوم، ولذلك يتهرّب الدبلوماسيون السعوديون حتى من زيارات تهنئة لرئيس الحكومة، تفادياً لإحراج طلبه ترتيب زيارة للسعودية ستمنح الحكومة صورة إيجابية عن نجاحها، ولو لم تحصل على وعود والتزامات مالية. وتوقعت المصادر أن يتغير المناخ السعودي كلما ظهرت الحكومة ممسكة بملفاتها وتحقق تقدماً في معالجة المشاكل المتراكمة التي ورثتها عن الحكومات السابقة وفي طليعتها حكومات كان يترأسها الرئيس سعد الحريري والرئيس السابق فؤاد السنيورة، خصوصاً ملفي هيكلة الدين وأزمة عجز الكهرباء.

وأمام الوضع الاقتصادي الحرج الذي يواجهه لبنان، لفتت صحيفة "البناء" الى أن العروض التي وضعها رئيس مجلس الشوري الإيراني علي لاريجاني بعهدة المسؤولين اللبنانيين بقيت تشغل الاوساط الرسمية والاقتصادية والشعبية لما لهذه العروض اذا تلقفها لبنان من نتائج هامة على اقتصاده وماليته ومستقبله لجهة توفير المال العام ومكافحة الفساد والهدر ونقل الاقتصاد من ريعي واستهلاكي الى منتج.

وأشارت إلى أن العرض الكهربائي وتخفيض فاتورة الدواء الى 80 في المئة وتزويد لبنان بالمشتقات النفطية وإنشاء مصانع وتنمية القطاع الزراعي أثار اهتمام المسؤولين، وذكرت "البناء" أن “رئيس الجمهورية ميشال عون مقتنع بعرض الكهرباء تحديداً لما يسهم في تخفيض نسبة العجز وبالتالي الدين العام لا سيما أن المؤسسات شبه الرسمية كالبلديات او اتحادات البلديات يمكنها تخطي القرار الحكومي وتوقيع عقود كهربائية مع إيران بشكل لا يعرض لبنان للعقوبات الأميركية”، كما علمت أن “الحكومة تدرس العروض الإيرانية على أن تتخذ قراراً بشأنها خلال وقت قريب اذا ما سدت ابواب الخليجيين والاميركيين في وجهها”، متوقعة أن “تشكل الزيارة والعروض الإيرانية حافزاً للسعودية وغيرها لمساعدة لبنان”.

"النهار": لبنان أمام تحدّي فضح مهربي الاموال

صحيفة "النهار" لفتت ايضاً إلى أن "لبنان يتجه جدياً الى اعادة جدولة ديونه، وهو سيعلن القرار بعد اجتماعات مع وفد صندوق النقد الدولي الذي وصل منتصف ليل أمس الى بيروت حيث يعقد اجتماعات مكثفة مع المسؤولين اليوم وغداً. وقد نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر "ان لبنان سيدعو ثماني شركات الى تقديم عروض لإسداء المشورة المالية مع دراسته خيارات في شأن الدين". وأوضح المصدر "أن هذه الدعوة لا تعني انه قرر إعادة هيكلة الديون، لكنها تعني انه يدرس كل الخيارات".

وليس بعيداً، كشفت مصادر متابعة للاجتماعات المالية في السرايا الحكومية أن "الاتجاه ينحو إلى عدم دفع الـ 1.2 مليار دولار من "الاوروبوند" المستحقة في آذار المقبل"، مشددة على أنه "الخيار الصائب، ذلك أنه وقت يعاني المودِعون صعوبات في الوصول إلى ودائعهم ومدّخراتهم، يبدو خيار الدفع في غير محله لأن من شأنه أن يستنزف الاحتياطات اللبنانية". وتفيد المعطيات أن رئيس الوزراء حسان دياب يعمل مع المسؤولين على اعداد برنامج انقاذي اقتصادي واجتماعي سيعرض على وفد صندوق النقد الدولي، وسيعرض بعض عناوينه في جلسة مجلس الوزراء اليوم، وذلك بعدما أعلن أمس عن تشكيل لجنة لاعداد خطة النهوض، ولجنة ادارة الأزمة.

وزعمت الصحيفة أن "السلطة تبدو مربكة أيضاً في التعامل مع ملف الاموال المهربة الى الخارج، اذ بدل ان تتوافر لدى لبنان الاليات لتحديد قيمة الاموال التي خرجت من البلد، لجأ الى سؤال سويسرا (دون غيرها) عن الاموال المحولة اليها من مصارفه، في اجراء يدين المؤسسات المصرفية ومؤسسات الرقابة غير القادرة على معرفة الحقيقة إلّا بتعاون خارجي مأمول لكنه غير مضمون. وأمس، التقى الرئيس حسان دياب المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات الذي أطلعه على النتائج الأولية للتحقيق في تحويل الأموال إلى سويسرا اعتبارا من 17 تشرين الأول 2019، وجرى بحث في إمكان التوسع في التحقيق لتشمل التحويلات المالية إلى الخارج بحيث لا تقتصر على تلك المحولة إلى سويسرا، كما بحث في توسيع الفترة الزمنية التي حصلت خلالها تلك التحويلات، وذلك بناء على طلب وزيرة العدل ماري كلود نجم من عويدات التوسع في التحقيق، والطلب من هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان تزويده كل ما تملك من معلومات عن كل التحويلات المالية من لبنان الى الخارج. كما طلبت الوزيرة نجم أن يشمل التحقيق عمليات التحويل ابتداء من أول تموز 2019، أي قبل ثلاثة أشهر من بداية الانتفاضة".

وفي هذا الاطار، أوضحت هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان انه "بتاريخ 2/1/2020 تلقت الهيئة طلب مساعدة قضائية من النائب العام التمييزي يطلب فيه اجراء اللازم لمخاطبة FIU سويسرا لمعرفة حجم الاموال التي تم تحويلها منذ 17/10/2019، والافادة عما اذا كان مصدر الاموال مشبوهاً ام لا. وبناء عليه، عقدت الهيئة اجتماعا بتاريخ 9/1/2020 وقررت الطلب جميع المصارف العاملة في لبنان اعادة دراسة الحسابات المفتوحة لاشخاص معرضين سياسيا والتي جرت عليها تحاويل الى خارج لبنان من تاريخ 17/10/2019 لغاية 31/12/2019، وتحديد مصدر الاموال المودعة فيها وافادة الهيئة في حال وجود أي شبهة على الحسابات. وبعد ورود أجوبة المصارف، قررت الهيئة بتاريخ 6/2/2020 الطلب من المصارف المعنية الافادة خلال مهلة اسبوع من تاريخ تبلغها القرار، عن حجم المبالغ وعدد الحسابات والعمليات التي حولت الى الخارج، وهذا الموضوع قيد المتابعة وفقا للمعايير والاصول المعتمدة وبعد استكمال اعمال التدقيق والتحليل التي تجري بشكل حثيث وبالدقة المطلوبة ترفع"الهيئة" وفقا لاحكام القانون رقم 44/2015 (مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب) نتائج التحقيقات التي توصلت اليها الى النائب العام التمييزي غسان عويدات لاتخاذ الاجراءات المناسبة".
 

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل