معركة أولي البأس

لبنان

الحكومة تعقد جلستها الأولى بعد الثقة وقرار بتشكيل لجنة لاتخاذ الخيارات المناسبة لجهة استحقاق
13/02/2020

الحكومة تعقد جلستها الأولى بعد الثقة وقرار بتشكيل لجنة لاتخاذ الخيارات المناسبة لجهة استحقاق "اليوروبوند"

فاطمة سلامة

كيف سيواجه لبنان استحقاق سندات "اليوروبوند" المقبلة؟. سؤال أساسي احتلّ مختلف النقاشات التي دارت في قصر بعبدا اليوم. الأخير، تحوّلت قاعاته الى "خلية نحل" للبحث في كيفية الخروج من المأزق المالي والاقتصادي الذي يشهده لبنان. الوقت بدأ يضيق، واستحقاق "اليوروبوند" يقترب خصوصاً أننا على عتبة التاريخ المحدّد للدفعة الأولى في آذار/مارس المقبل. وللغاية، عُقد اجتماع مالي اقتصادي برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون بحث -وفق ما أعلن وزير المال غازي وزني- في المواضيع التي يتم التداول بها على الساحة المحلية، خصوصاً استحقاق "اليوروبوند"، والـ"كابيتال كونترول". عقبها، عقدت الحكومة جلستها الأولى بعد نيلها الثقة لتستكمل البحث في ملف الإستحقاق المذكور بالإضافة الى مواضيع مختلفة يغلب عليها الطابع الإقتصادي والمالي.

الاجتماعان اللذان امتدّا على مدى أكثر من أربع ساعات، عُرضت خلالهما –بحسب مصادر موقع العهد الاخباري- كافة الخيارات المتاحة للخروج من الضائقة الإقتصادية والمالية التي يمرّ بها لبنان. الا أنّ الحكومة لم تتمكّن من البت باستحقاق "اليوروبوند" ولم تتسرّع في اتخاذ قرار الدفع من عدمه نظراً لدقة وحساسية المسألة وعمق الأزمة. 

وبناء عليه، أكّدت المصادر أنّ وتيرة الاجتماعات والنقاشات ستكون سريعة بلا تسرّع منعاً من اتخاذ أي قرار مكلف للبنان. عملاً بهذا المبدأ، لم تحسم الحكومة خياراتها وتركت الأمر لمزيد من الدراسة، حيث سيشارك في النقاش خبراء واقتصاديون وحقوقيون لاتخاذ القرار المناسب. ووفق المصادر، أوصى الاجتماع المالي والاقتصادي بتشكيل لجنة تضم وزيري المال غازي وزني والاقتصاد راوول نعمة، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رئيس جمعية المصارف سليم صفير بالإضافة إلى خبراء ماليين وقانونيين وحقوقيين. 

وتوضح المصادر أن خبراء صندوق النقد الدولي سيحضرون اجتماعات اللجنة بالاضافة إلى خبراء خارجيين وسيتم النقاش بكافة الاحتمالات الواردة بالأرقام لتقديم تقرير قبل نهاية شباط/فبراير. وكشفت المصادر أنّه وبعد انهاء اللجنة اعدادها للخيارات المتاحة فيما يخص سندات اليوروبوند سيعقد اجتماع مالي آخر للبحث بها ورفع الاقتراحات لمجلس الوزراء لاتخاذ قراراته النهائية.

وفي السياق، أكّد وزير الصناعة عماد حب الله رداً على سؤال لموقع العهد أنّ "القرار الحكومي حول سندات "اليوروبوند" يتطلب المزيد من البحث وعليه جرى تشكيل لجنة للتواصل مع الخبراء لرفع تقاريرها الى مجلس الوزراء".

عون: للعمل بوتيرة سريعة

وفي بداية الجلسة الحكومية التي استهلت بدقيقة صمت عن ارواح شهداء الجيش وقوى الأمن الداخلي الذين سقطوا مؤخراً، أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن "المطلوب من الجميع العمل بوتيرة سريعة في كل الظروف الاقتصادية والمالية والنقدية والمصرفية الاستثنائية التي نعيشها، والبدء بتنفيذ مضمون البيان الوزاري لجهة إعداد خطة الطوارئ وخطتي المرحلة الأولى والمرحلة الثانية، كما جاء في البيان الوزاري".

وطلب الرئيس عون من الوزراء المباشرة بإعداد مشروع موازنة 2021 لكي تسلُك مسارها ضمن المهل الدستورية المحددة.

دياب يطلب من الوزراء توقيع تعهدات

بدوره، رئيس الحكومة حسان دياب طلب من الوزراء إعداد ملف يتضمن المشاريع المُلحّة والضرورية التي يُفترض أن تُعرض خلال زيارات إلى الخارج أو مع الزوَار العرب والأجانب عندما يزورون لبنان، وكذلك مع الجهات المانحة، على أن تكون هذه الملفات جاهزة خلال الأسبوع المقبل.

كما طلب منهم توقيع تعهد بعدم الترشّح للانتخابات النيابية فيما لو تمّت تحت إشراف الحكومة الحالية، وذلك انسجاماً مع مضمون البيان الوزاري.

مقررات الجلسة

عقب الجلسة، تلت وزيرة الاعلام منال عبد الصمد مقررات الحكومة لافتة الى أن الوزراء وقّعوا تعهداً بالتصريح عن أموالهم المنقولة وغير المنقولة والمداخيل والقروض، وعن كل ما للوزراء به من مصلحة واستفادة مباشَرة أو غير مباشَرة، في أي شركة أو مشروع من أي نوع كان، والكشف عن الحسابات المصرفية في لبنان والخارج، وذلك أمام الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد المُزمع انشاؤها من ضمن رزمة الأولويات الواردة في البيان الوزاري.

ووفق عبد الصمد، جرى عرض خلال الجلسة لأبرز ما دار في الاجتماع المالي والاقتصادي والخيارات المتاحة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والمالية الراهنة، وعلى الأثر، درس مجلس الوزراء عدداً من النقاط التي أثارها الوزراء حول الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية.

كما اتخذ مجلس الوزراء قراراً بتعزيز قُدرات وزارة الصحة في الإجراءات التي تتخذُها للوقاية من وباء الكورونا، لا سيما عند المداخل البرية والجوية والبحرية للبلاد.

وردا على سؤال عمّا اذا تم تشكيل لجنة لاتخاذ الاجراءات اللازمة لاستحقاق اليوروبوند، وعن تفويض رئيس الجمهورية لرئيس الحكومة التفاوض مع البنك الدولي استنادا الى المادة 52 من الدستور، قالت وزيرة الاعلام "بالنسبة الى مسألة تشكيل اللجنة فهي في طور التحضير وقد اصبحت في مراحلها النهائية، وستعلن عنها الجهة المعنية. اما بالنسبة الى المادة 52، فهذا قرار شكلي بتفويض رئيس الجمهورية لرئيس الحكومة بهذا الموضوع". واضافت: "هذا الامر تم ضمن الاطار المتعارف عليه الذي كان يتم فيه سابقا".

وحول ما اذا كان الخلاف السائد بشأن الخيارات هو تقني ام سياسي، خوفا من أي تداعيات في الشارع، قالت عبد الصمد "أفضّل عدم الدخول في تفاصيل الخيارات، لأن هناك الكثير من المواضيع والنقاشات التي تطرح، وأفضّل ان تُترك لوقتها، لأن اي طرح للموضوع يمكن ان يترك تأثيرا ما".

وردا على سؤال حول ما اذا كان لبنان قد طلب المساعدة من صندوق النقد الدولي، أجابت: "هذا يقع ضمن اطار اللجنة وخصائصها وصلاحياتها ودورها."
وعمّا اذا كان التعميم الذي تم الحديث عنه سيصدر خلال يومين عن حاكم مصرف لبنان، اجابت: "لقد طرح وزير المالية موضوع اصدار تعميم في اطار عدم الاستنسابية، وهو سيصدر خلال الايام المقبلة."

الاجتماع المالي والاقتصادي

وبالعودة الى أجواء الاجتماع المالي الاقتصادي الذي عقد صباحا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون وحضور رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة حسان دياب، بالاضافة الى نائب رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينة عكر، وزير المال غازي وزني، وزير الاقتصاد راوول نعمة، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ، رئيس جمعية المصارف سليم صفير والمدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير، فقد أكّد عقبه وزني أنّ  البحث كان معمقاً خصوصاً لجهة استحقاق اليوروبوند ومسألة "الكابيتال كونترول".

وتابع وزني "في ما خص استحقاق اليوروبوند، هناك خيارات متعددة طرحت، وقد تمت دراسة كل خيار بعمق، سواء لناحية الدفع ام عدمه، وقد عبّر كل شخص من المجتمعين عن رأيه بصراحة، وتم الاتفاق على استمرار البحث في المرحلة المقبلة لاتخاذ القرار المناسب، لأن المسألة مهمة للغاية بالنسبة الى البلد والمودعين والمصارف، كما للقطاع الاقتصادي ولعلاقاتنا الخارجية على حد سواء."

وتابع وزير المال "اما بخصوص "الكابيتال كونترول"، فلم تعد هناك من امكانية لتعاطي المصارف مع المودعين بشكل غير قانوني وغير واضح واستنسابي، يكون فيها العميل في نهاية المطاف هو الحلقة الضعيفة. من هنا، تم التوصل الى تفاهم يقضي بأن يصدر تعميم واضح في اليومين المقبلين من قبل مجلس الوزراء لوضع حد للاستنسابية في التعاطي بين المصارف والعملاء، وبما يؤمّن حماية للعملاء بالدرجة الاولى، سواء المقترضين منهم او المودعين في القطاع المصرفي."
 

إقرأ المزيد في: لبنان