لبنان
الحكومة تجتمع اليوم لاقرار البيان الوزاري في صيغته النهائية
ركّزت الصحف اللبنانية الصادرة صبيحة اليوم من بيروت على إجتماع مجلس الوزراء اليوم لإقرار البيان الوزاري في صيغته الرسمية النهائية، وأهم ما يواجهه التحقيق في الاموال المحولة الى الخارج بعد الإحتجاجات، ولغم ملف الكهرباء.
"النهار": الاستحقاق الشاق للحكومة: أي ثقة بعد البيان؟
بداية مع صحيفة "النهار" التي رأت مع انه ركن أساسي من اركان التركيبة الحكومية الجديدة بتكويناتها السياسية والتكنوقراطية، لم يجد رئيس مجلس النواب نبيه بري حرجاً في اثقال حكومة الرئيس حسان دياب عشية جلسة مجلس الوزراء اليوم لاقرار البيان الوزاري في صيغته الرسمية النهائية، برسالة مزدوجة يمثل وجهها الاول تظهير أولوية التحقيق في الاموال المحولة الى الخارج بعد انتفاضة 17 تشرين الاول 2019، فيما يبرز وجهها الآخر لغم ملف الكهرباء في البيان الوزاري. وما كان لموقف بري ان يقفز الى واجهة المشهد السياسي والحكومي لولا توقيته الحساس من جهة ومضمونه الذي يحمل دلالات قوية خصوصا من حيث اتهام مصارف بتحويلات مالية الى الخارج في زمن انفجار الكارثة المالية والمصرفية ولو لم تتم تسمية هذه المصارف بحيث رسم هذا الموقف، الى سواه من المؤشرات الداخلية والخارجية التي تغلف مرحلة انتظار البيان الوزاري ومثول الحكومة أمام مجلس النواب في جلسة الثقة، مزيداً من الالتباس والشكوك والتساؤلات حول الفرصة الواقعية للحكومة الجديدة لتتمكن من الاقلاع نحو اصعب المهمات واكثرها تعقيدا التي عرفتها حكومة لبنانية من قبل.
أما المؤشر الثاني للمرحلة الساخنة المقبلة فيتمثل في "تحمية" الشارع تدريجاً من جانب الانتفاضة الشعبية الاحتجاجية التي بدأت الاعداد لتحويل أيام مثول الحكومة امام مجلس النواب في جلسة مناقشة البيان الوزاري والتصويت على الثقة محطة كبيرة جديدة في مسار الانتفاضة من طريق حشد المتظاهرين باعداد كبيرة ومحاولة منع النواب من الوصول الى ساحة النجمة وتصعيد التحركات في ظل ما سيتخذ من اجراءات امنية مشددة.
وفي أي حال، بات الملف المصرفي والمالي الهاجس الاكبر الذي يرخي باثقاله على مجمل الواقع الداخلي والذي يتوقع ان تكبر تداعياته وتتضخم يوماً بعد يوم في ظل تصاعد النقمة الشعبية وتفاقمها حيال الاجراءات المتشددة والتعسفية للمصارف في معاملات التحويل واستنسابية تحديد السقوف والمهل الزمنية وما الى ذلك من اجراءات اخرى. وقد استغرب الرئيس بري في هذا السياق "ما نسب في البيان الوزاري لجهة مقاربة موضوع الكهرباء كما كان في السابق"، وتساءل: "لماذا لا تتم معالجة هذا الملف على غرار معالجته في زحلة؟". وأضاف: "لا مجال للتلطي، والإستحقاقات على الأبواب، أموال المودعين وجنى عمرهم، قلق المغتربين، كل ذلك وخمسة مصارف تأكدنا ان أصحابها حولت أموالها الشخصية الى الخارج وتقدر بمليارين و300 مليون دولار". وبالنسبة الى جلسة مناقشة البيان الوزاري، رجح رئيس المجلس أنها "قد تعقد ابتداء من الثلثاء المقبل، في حال إحالة البيان على المجلس النيابي كحد أقصى صباح يوم الجمعة".
"الأخبار": ما بعد الإفلاس.. لبنان أمام الخيارات الكارثيّة
بدورها صحيفة "الأخبار" اعتبرت أنه في الأسابيع الأخيرة، انطلق نقاش جدّي حول إعادة هيكلة الدين العام ربطاً بجدوى سداد استحقاق 9 آذار المقبل الذي تبلغ قيمته 1.2 مليار دولار. حتى الآن، تقف وجهات النظر على طرفَي نقيض بين من يريد الاستمرار في دفع الديون من احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية (من ودائع الناس عملياً) بهدف شراء وقت إضافي، وسط ضبابية أفق الحلول للنهوض من الأزمة المالية ــــ النقدية، وبين من يرى أن التخلّف عن السداد رغم مخاطره السياسية التي قد تخضع لبنان لصندوق النقد الدولي هو أمر محتوم يوجب الوقوع فيه اليوم قبل الغد لكي لا تُهدر احتياطات مصرف لبنان على الديون. المفاضلة تكمن في أي الخيارات هو الأقل ضرراً!
ثمة محور واحد لكل الاجتماعات التي عقدت في السرايا الحكومية قبل أيام وفي عين التينة أمس، وسواها من اللقاءات الثنائية غير المعلنة: هل ندفع سندات الدين التي تستحق في آذار 2020، أم نبدأ بإجراءات التخلّف عن السداد. أحلى الخيارات المطروحة مرّ؛ الدفع يستنزف المزيد من احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية المتهالكة أصلاً، فيما يفرض التخلّف عن السداد التعامل مع الدائنين الأجانب الذين يتوقع أن يربطوا موافقتهم على إعادة الهيكلة أو إعادة الجدولة بخطّة ماليّة يشرف على تنفيذها صندوق النقد الدولي الذي سيأتي حاملاً وصفته الكارثية وخلفياته السياسية.
الاستحقاق المصيري
في 2020، تستحق على الدولة اللبنانية ثلاثة سندات يوروبوندز يبلغ مجموعها 2.5 مليار دولار: 1.2 مليار دولار في آذار، 700 مليون دولار في نيسان، و600 مليون دولار في حزيران. كذلك تستحق فوائد على محفظة سندات اليوروبوندز بقيمة 2.18 مليار دولار تتوزّع على دفعات شهرية تتراوح بين 33 مليون دولار و539 مليوناً.
وبحسب المعطيات الأخيرة عن هوية حملة السندات، فهي على النحو الآتي: 65% من الاستحقاقات الأساسية (أصل السندات)، أو ما يوازي 1.6 مليار دولار، محمولة من أجانب (كانت 44.9% قبل بضعة أسابيع، إلا أن المصارف باعت بعضاً من السندات التي تحملها لمستثمرين أجانب بما يؤمن لها سيولة طازجة بالدولار، وبما يؤمن للمستثمرين الأجانب فرصة لتحقيق أرباح من سندات سعرها بخس، رغم أن مخاطرها مرتفعة). كذلك يحمل الدائنون الأجانب 35% من مجموع الفوائد السنوية، أي ما يوازي 765 مليون دولار. في النتيجة، مجموع ما يحمله الدائنون الأجانب يصل إلى 2.36 مليار دولار.
هذه المعطيات ضرورية للنقاش المتعلق بتسديد السندات والفوائد أو التخلّف عنها. فالاستحقاق الأول المطروح أمام لبنان، هو استحقاق 9 آذار 2020 (1.2 مليار دولار أصل السندات و143 مليون دولار فوائد). فهل يتوجب علينا أن ندفع هذا الاستحقاق أم نتخلّف عن سداده فتستحق كل السندات وفوائدها؟ هذا السؤال لم يقفز إلى الواجهة فجأة، بل هو متصل بنقاش سابق حول جدوى تسديد استحقاق تشرين الأول 2019 وقيمته 1.5 مليار دولار. يومها برزت دعوات للتخلّف عن السداد، إلا أن الاعتراضات عليها، ولا سيما من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، كانت مبنية على أن التخلّف عن السداد غير ممكن في ظل حكومة مستقيلة وانقسام سياسي حول تشكيل الحكومة، فيما تتطلب هذه الخطوة رسم خطّة واضحة وشاملة، فضلاً عن الإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات.
ما حصل هو أن مصرف لبنان سدّد نيابة عن الحكومة استحقاق تشرين الأول الماضي، وبقي السؤال الأساسي بلا جواب: ما هي جدوى الاستمرار في تسديد الديون؟ هل يجب أن نواصل تسديدها، فيما كل المعطيات التي تداولها المعنيون تشير إلى أن الإفلاس وقع ودقّت ساعة الحقيقة التي لم يعد ممكناً التعامل معها بالتمييع على الطريقة اللبنانية؟ هل نسدّد الديون من احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية؟ بأيّ هدف؟ وضمن أيّ خطّة؟
هكذا بات استحقاق آذار المقبل مصيرياً. فمع قرب استحقاق آذار 2020 بالتوازي مع تأليف الحكومة واستعداداتها لنيل الثقة على أساس البيان الوزاري، عاد النقاش بقوّة إلى مسألة الدفع أو التوقف عنه. استدعى الأمر عقد اجتماع مالي برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب وبحضور كل من وزير المال غازي وزني، والبيئة دميانوس قطّار، والاقتصاد راوول نعمة، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير. في هذا الاجتماع، انحاز دياب وسلامة إلى الاستمرار في تسديد الديون، فيما تحفّظ وزني على هذا الأمر.
هذه المواقف أطلقت تسارعاً في وتيرة الاجتماعات بشأن هذا الاستحقاق الذي بات يستحوذ على استقطاب سياسي، وخصوصاً من ثنائي حركة أمل وحزب الله. رئيس مجلس النواب نبيه برّي عقد أمس اجتماعاً مالياً، حضره إلى وزني، وزير المال السابق علي حسن خليل، والنائب علي فياض ورئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق عبد الحليم فضل الله. بحسب المعلومات، فإن النقاش تطرّق إلى مسائل عدّة مطروحة في البيان الوزاري، مثل مسألة الكهرباء المستنسخة من خطط سابقة «فاشلة»، لكن المسألة الأساسية كانت حول استحقاق آذار 2020 والخيارات المطروحة، إلا أنه لم يتخذ أي قرار نهائي بهذا الشأن بعد.
"البناء": تساؤلات حول موقف الحكومة بين السير بسياسة مصرف لبنان أو تغيير السياسات
أما صحيفة "البناء"، رأت أنه لا تزال الأوضاع المالية وكيفيّة التعامل معها من قبل الحكومة الجديدة محور التداول في ضوء غموض التوجّهات المالية التي تضمّنها البيان الوزاري، وتداول عدد من الأحزاب والقيادات تساؤلات متشابهة حول ما إذا كانت الحكومة ستفرض تغييراً في السياسات المالية التي اعتمدت خلال ثلاثين عاماً وأوصلت الحال إلى شفا الانهيار، والتي رسمها مصرف لبنان تحت عنوان أولوية الاستقرار النقديّ، في تحديد أسعار الفوائد، رغم وظيفة الفوائد في كبح نمو الاقتصاد وإصابته بالركود، والموضوع كان موضع بحث وتشاور بين حركة أمل وحزب الله برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري وحضور وزير المالية غازي وزني، بما في ذلك ما تسرّب عن موقف ضمنيّ لدى الحكومة للأخذ بوصفات صندوق النقد الدولي، وكما في السياسة المالية كذلك في الكهرباء بقي الغموض يكتنف خطة الحكومة مع تأكيدها السير بالخطة المعتمَدة من الحكومة السابقة، ما استدعى كلاماً واضحاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري بصيغة التساؤل، لماذا لا يتمّ حلّ مشكلة الكهرباء على طريقة كهرباء زحلة، أي زيادة التعرفة بالتزامن مع تأمين الكهرباء 24 ساعة فوراً بطرق مختلفة من الاستجرار من سورية والأردن وتشبيك مولدات مع الشبكة الأساسية، وتأمين ربحية بدلاً من العجز، بينما كانت مفاجأة كلام بري كشفه عن أن الذين هرّبوا أموالهم للخارج هم خمسة من أصحاب المصارف قاموا بتحويل 2,3 مليار دولار.
ويبدو أن القوات اللبنانية اتخذت من ملف الكهرباء عنواناً ومنصة للحملة الجديدة على التيار الوطنيّ الحر وعلى العهد ورئيس الجمهورية، بحسب مصادر التيار الوطني الحر لـ”البناء”، مشيرة إلى أننا “لن ننجرّ إلى مواجهة مع أي طرف آخر. وهناك توافق بين التيار ورئيس الحكومة حول بنود البيان الوزاريّ للحكومة التي ستنطلق للعمل بجديّة وكفريق عمل واحد لإنقاذ البلد”. ولفتت إلى “حملات التهويل والإشاعات التي تشنّها بعض وسائل الإعلام المحسوبة على القوات والاشتراكي والمستقبل بالحديث عن مقاطعة دولية تارة وغضب سعودي على العهد والتيار تارة أخرى”.
وفيما تستعد الحكومة للمثول أمام المجلس النيابي لنيل الثقة الثلاثاء المقبل، تعدّ مجموعات الحراك العدة لتعطيل الجلسة ومنع النواب من الوصول الى ساحة النجمة. وأوضحت مصادر بعض مجموعات الحراك لـ”البناء” أن “كل المجموعات ستنزل الى الشارع لرفع المطالب الشعبية أمام الحكومة والمجلس النيابي وكل المسؤولين لكن هناك مجموعات ستعمل على منع النواب من الوصول الى المجلس النيابي لتعطيل جلسة الثقة”، وأضافت المصادر بأننا “لسنا هواة عنف ونرفض الشغب الذي تقوم به بعض العناصر المخربة التي ترسلها جهات معنية من طرابلس وعكار، لكن ايضاً هناك مخالفات قانونية وامنية بالتعاطي مع المتظاهرين ووثقنا حوادث عدة تؤكد حصول اخطاء من قبل القوى الأمنية والمتظاهرين، لكن لا يمكن ضبط كل المتظاهرين بعد مئة يوم من الانتفاضة وتجاهل المسؤولين”.
على صعيد آخر، برز الرأي الذي أعلنته هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل برئاسة القاضية جويل فواز بشأن قضية استرداد الدولة لإدارة شركتي الخلوي. ويقضي الرأي بعدم قانونية تمديد عقود الإدارة التي قام بتمديدها وزير الاتصالات السابق محمد شقير وضرورة استعادة الدولة لهذا القطاع. وقد أحيل القرار إلى المديرة العامة لوزارة العدل القاضية رلى جدايل للمصادقة عليه وإبلاغه بواسطة وزيرة العدل إلى مجلس النواب وإلى اللجنة النيابية للإعلام والاتصالات وإلى وزارة الاتصالات، وذلك قبل انعقاد الجمعيّة العموميّة لشركة "تاتش" يوم الجمعة المقبل.