لبنان
الحكومة تنتظر الولادة على وقع استمرار مهاجمة المحتجين للمصارف
ركّزت الصّحف اللبنانية الصّادرة صبيحة اليوم من بيروت على موضوع ولادة الحكومة قبل نهاية هذا الأسبوع، وينتظر الجميع زيارة الرئيس المكلف اليوم الى عين التينة والبحث حول حكومة من 18 أو 24 وزيرًا، فيما الشارع يشتعل غضبًا من حاكم مصرف لبنان والمصارف محملينهم مسؤولية ما وصل اليه البلد عبر التلاعب بالعملة.
وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات في الشارع في مختلف المناطق اللبنانية لا سيما في بيروت، تطوّر بعضها الى اشتباكات ومحاولات لاقتحام عدد من المؤسسات العامة والخاصة لا سيما مبنيي مصرف لبنان في بيروت وصيدا، وعدد من واجهات المصارف.
"الأخبار": الحريري يحرّض طائفياً... والحكومة في المربّع الأخير: سلطة المصارف تكشّر عن أنيابها
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي اعتبرت أن الفلتان الأمني لم يتأخر في العودة إلى صدارة المشهد. المصارف التي سلبت الناس أموالهم، ترفض القبول بكونها هدفاً للمواطنين الذين يدافعون عن حقوقهم المسلوبة، والذين يقفون في وجه العنف الممارس ضدّهم يومياً، ومنذ سنين، في ظل نظام يحرمهم من الأساسيات لضمان تضخّم ثروات أصحاب المصارف وكبار المودعين والمحتكرين وشركائهم. بعد موقعة الحمرا أول من امس، خرجت المصارف لترمم واجهاتها، وسارعت إلى الهجوم. جنّدت كل رجالاتها وحلفائها في السلطة، بعد أن أصدرت جمعيتها بياناً حددت فيه أولويات "الثورة"، واعتبرت كل من يخرج عن تلك الأولويات مندساً. مثلها فعل رئيس الحكومة سعد الحريري، بصفته عضواً "غير معلن" في جمعية المصارف، ليرسم خطاً أحمر حول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ويحوّل الاحتجاج على سياسات القطاع المصرفي إلى هجوم مذهبي على بيروت. لم يستخدم كلمات مذهبية، لكنه أطلق "شيفرة" يجيد اللبنانيون فكّها. وتحريضه المذهبي انفجر عنفاً في البقاع الأوسط، بعدما احتجز قاطعو الطريق التابعون لتيار المستقبل سائق سيارة كان يقصد مستشفى في بيروت للخضوع لجلسة علاج من مرض السرطان. ولما لم تستجب القوى الأمنية للسماح له بفتح الطريق أمامه، استعان بأبناء عشيرته الذين فتحوا الطريق بالقوة، ليتبع ذلك اعتداء على حافلات ركاب من بعلبك، ما أدى إلى توتر مذهبي في البقاع الأوسط يكاد يكون غير مسبوق منذ أكثر من 10 سنوات. لم يتدخّل الجيش الذي شكا قائده، جوزف عون، قبل أيام، لمسؤولين سياسيين من أن العسكريين لم يعودوا قادرين على الاستنفار بالوتيرة ذاتها من الاستنفار الذي لامس الثلاثة أشهر بلا انقطاع. وزيرة الداخلية، ريا الحسن، المصرفية هي الأخرى، ترأست أمس اجتماعاً لمجلس الأمن المركزي، تبنّت فيه العنف ضد المنتفضين في الحمرا. فهي تتصرف بصفتها وزير داخلية الأجهزة الامنية، لا وزير داخلية اللبنانيين. ففي البيان الذي صدر عن اجتماعها، ذكرت الحسن عدد الجرحى في صفوف قوى الأمن الداخلي، من دون أن تأتي على ذكر الجرحى في صفوف المحتجين. الميدر العام لقوى الأمن الداخلي، عماد عثمان، خرج بدوره ببيان يتزلّف فيه لأصحاب المصارف، إذ تعمّد القول إنه كان يتابع مواجهات الحمرا بنفسه من داخل غرفة عمليات شرطة بيروت. سلطة المصارف تتعامل مع المنتفضين كأعداء، فلا تأتي على ذكر جرحاهم. تباهى حصراً بعدد الموقوفين منهم. رئيس مجلس النواب، نبيه بري، الذي كان يُنتظر منه أن يعلن حال الطوارئ الرقابية والتشريعية لإجبار المصارف على وقف سرق أموال المودعين، خرج أمس ليلعن الحراك الذي هاجم المصارف التي تحتجز رواتب العمال وموظفي القطاع العام و... مزارعي التبغ!
باختصار، سلطة المصارف كشّرت عن أنيابها. وبدأت تمارس العنف المفرط ضد المنتفضين، استكمالاً لحملة العنف المالي ضد جميع المودعين والموظفين، وضد كل دافعي الضرائب بلا استثناء. أطلقَت ماكينة تحريض سياسية وميدانية هدفت الى خفض الضغط عنها، وعن حاكمها رياض سلامة، بعدَ الضربة التي أصابتهما، رغم كل ما بذلته على مدى عقود لتلميع صورتها. وعملت هذه الماكينة على خطين: الأول تمثّل بعودة بعض المجموعات، بتوجيه من حزب القوات وتيار المُستقبل الى تحريك الأرض في بعض المناطق، عبرَ رفع منسوب الاحتقان الطائفي بشكل واضح ومتعمّد، و الاعتداء على مواطنين وإطلاق شتائم مذهبية وطائفية. والثاني، استنفار شبكة إعلامية وسياسية للدفاع عن سلامة تتهم المتظاهرين بأنهم ينتمون إلى جهات حزبية تريد إيصال رسالة الى سلامة نفسه، استكملها الحريري (كونه يملك مصرفاً وأحد أبرز المُستفيدين من الهندسات المالية) بالقول إن "الحاكم لديه حصانة ولا أحد يستطيع عزله".
ساعات ثقيلة عاشتها مختلف المناطق والأحياء في الطريق الى ولادة الحكومة الجديدة التي من المفترض أنها "أُنجزت" في السياسة بعدَ مخرَج توافقي أمّنه اللقاء الأخير بين برّي ورئيس تكتل "لبنان القوي" جبران باسيل في عين التينة، بدفع من حليفهما حزب الله، بانتظار الاجتماع الذي سيُعقد اليوم بينَ برّي ودياب والذي من المفترض أن يخرج منه الدخان الأبيض ليتوجّه بعدها الرئيس المُكلف الى بعبدا حاملاً "التشكيلة" النهائية، اللهم إلا إذا دخلَ الشيطان في التفاصيل. خاصة وأن الإنذار الأخير بوجوب تشكيل حكومة اختصاصيين قد وصل الى مسامِع المسؤولين من الخارج، إذ علمت "الأخبار" أن رسائل بالغة السلبية بعثت بها وكالات التصنيف الى المعنيين أبدت استياءً كبيراً من "خفّة تعامل القوى السياسية مع الوضع الحالي"، مؤكدة أن البلاد "باتت في حكم المفلسة"! وإلى جانب وكالات التصنيف التي وضعتها السلطة في منصب الوصي، خرج المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش أمس ليقول إن "السياسيين في لبنان يقفون في موقف المتفرج بينما ينهار الاقتصاد"، مُنتقداً بشدة "النخبة السياسية التي فشلت في تشكيل حكومة في بلد ينزلق أكثر نحو أزمة اقتصادية ومالية"، لافتاً الى أن "السياسيين يجب أن يلوموا أنفسهم على "هذه الفوضى الخطرة".
"النهار": حكومة "تكنوقراط التحالف الحاكم" هل ترضي الانتفاضة ؟
بدورها، صحيفة "النهار" رأت أن التوقعات المتفائلة لم تحجب باقتراب ولادة الحكومة الموعودة في وقت وشيك، الاصداء البالغة السلبية التي ترددت أمس على مختلف المستويات عقب ليلة الهجمات الكثيفة على فروع مصرفية عدة في شارع الحمراء ليل الثلثاء – الاربعاء والتي اثارت ردود فعل واسعة كان بعضها من قلب الجماعات المنخرطة في الانتفاضة التي تناهض توسل العنف والانزلاق الى الشغب. ولعل ما زاد طين الاصداء السلبية حيال هذه الهجمة بلة، أن بعض الجوانب المتصلة بالاعتداءات التي بررت بالاحتـجـاجـات علـى الســـياســات المصرفية والاجراءات المتشددة التي تتخذ في معاملات المودعين والزبائن ربط بايحاءات طائفية ومذهبية، الامر الذي فاقم المناخ الذي اشاعه هذا التطور السلبي واستدعى مواقف مستنكرة من معظم المسؤولين.
وخلّفت التوقيفات التي حصلت خلال المواجهات التي دارت بين المعتدين على المصارف في شارع الحمراء وقوى مكافحة الشغب تداعيات اضافية أمس اذ دارت مواجهات جديدة وعنيفة بين متظاهرين أمام ثكنة الحلو حيث يحتجز نحو 48 موقوفاً واعداد من المتظاهرين طالبوا باطلاق هؤلاء وسجلت اصابات خلال المواجهة التي تعرض خلالها افراد قوى الامن الداخلي للرشق بالحجارة فيما اطلقت هذه قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين لتفريقهم وابعادهم.
واذ مر اليوم الثاني من "اسبوع الغضب" الذي أعلنته الانتفاضة الشعبية بدءاً من الثلثاء بتحركات متفاوتة من قطع طرق وفتح معظمها واستمرار التظاهرات في بعض المناطق، فان الانظار ستتجه ابتداء من عصر اليوم الى طبيعة التحركات الجديدة التي قد تطلقها الانتفاضة في ظل الاتجاهات المنتظرة لبت استحقاق تاليف الحكومة، علماً ان الانتفاضة كانت حددت مهلة 48 ساعة للرئيس المكلف حسان دياب تنتهي بعد ظهر اليوم لانجاز تشكيلة حكومة اختصاصيين مستقلين والا الاعتذار. ويسود اعتقاد واسع بأنه في حال بلورة الطبيعة النهائية لتشكيلة حكومة دياب اليوم ولو قبل ولادتها في الفترة الفاصلة عن نهاية الاسبوع، فان الحكومة الجديدة ستكون أولاً أمام امتحان حاسم يشكله موقف الانتفاضة منها وتبين ما اذا كان ممكناً قيام مرحلة اختبارية انتقالية بين الحكومة الموعودة والانتفاضة ناهيك برصد مواقف القوى السياسية والهيئات الاقتصادية والمصرفية والمالية الداخلية منها ومن ثم مواقف الخارج العربي والغربي منها. وهي اختبارات شديدة الدقة والحرج لان الحكومة يفترض ان تشكل على الاقل انجازا من شأنه لجم سياقات الانهيار والتدهور المالي والاقتصادي واقناع المجتمع الدولي بمد يد العون الى لبنان لتجنيبه اخطار الانهيار. وما لم تأت تركيبتها ملائمة ومقنعة للانتفاضة الشعبية وشرائح واسعة داخلية وكذلك للاسرة الدولية الداعمة تقليدياً للبنان، فان الازمة ستأخذ وجوهاً أخطر من السابق لان مناعة لبنان على الصمود أمام موجات التردي المالي والاقتصادي والاجتماعي ستزداد ضعفا وتراجعاً، علماً انه من الواضح ان نقطة الضعف "التكوينية" للحكومة ستكون عبر ولادتها على وقع موافقات ومحاصصات اللون الواحد بين قوى تحالف العهد و8 آذار.
في غضون ذلك، لخصت الاوساط القريبة من طبخة تشكيلة حكومة دياب المعادلة السياسية التي أدت الى تقدم عملية انضاج الولادة الحكومية بالآتي: "حزب الله" ضغط لتعويم تكليف دياب والرئيس نبيه بري تحرك في هذا الاتجاه والوزير جبران باسيل "كوع" عن موقف سلبي كان يزمع اتخاذه ولكنه سيخرج بحصة وازنة جدا لتياره في الحكومة، والرئيس المكلف دياب رضخ لتعديل عدد من الاسماء. ولن يكون الحزب التقدمي الاشتراكي ممثلا فيهاً.
وقالت هذه الاوساط انه جرى مساء امس اسقاط الأسماء على الحقائب الوزارية وحلت مبدئيا آخر العقد بموافقة الوزير باسيل على مشروع حل متعلق بتوزير دميانوس قطار في وزارة العمل وقد نقل شادي مسعد الى باسيل هذا الاقتراح الذي وافق عليه. وتحدثت الاوساط عن امكان ولادة الحكومة غداً على أبعد تقدير وقالت إن الغداء الذي سيجمع ظهر اليوم الرئيس بري ودياب في عين التينة سيشهد عرض مسودة التشكيلة الحكومية وبت اسماء الوزراء الشيعة بعدما وزعت الحقائب بين كل القوى الحكومية وبت توزيع الحقائب السيادية الاربع. وأوضحت ان التشكيلة الحكومية ستكون من 18 وزيرا وليس من 24 وان دياب اختار وزراءه من اسماء رشحتها الاحزاب المشاركة في الحكومة وبينهم أربع سيدات وقد سمى كل فريق وزراءه. وأعطي الثنائي الشيعي خمس حقائب بعد دمج الزراعة بالثقافة أو الاعلام. وستخصص لرئيس الجمهورية و"التيار الوطني الحر" وزارات الطاقة التي ستمنح لارثوذكسي يرجح انه ريمون غجر العميد السابق لكلية الهندسة في الجامعة الاميركية اللبنانية والاقتصاد ( من آل حداد) والعدل لماري كلود نجم والبيئة لمنال مسلم. أما الوزارات السيادية فستوزع على غازي وزني للمال وناصيف حتي للخارجية وطلال اللادقي للداخلية وميشال منسى للدفاع وربما كان أيضاً نائباً لرئيس الوزراء. وستعطى الاشغال للميا يمين الدويهي من المردة والسياحة والثقافة أو السياحة والاعلام للطاشناق، كما ستعطى الشؤون الاجتماعية والمهجرين لرمزي مشرفية. ولكن تبت بعد حقيبة الطاشناق وستبت اليوم قبل زيارة دياب لعين التينة.
"البناء": الحريري يفتتح عودته بالدفاع عن السياسات الماليّة وحاكم المصرف
أما صحيفة لفتت الى أنه مع مع عودة رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري لم يسمع اللبنانيون ما يُطمئنهم لسعي الرئيس المستقيل لتفعيل حكومة تصريف الأعمال في مواجهة التحديات المالية والاجتماعية الضاغطة، سواء ببحث حال التعامل المصرفيّ مع المودعين واتخاذ الإجراءات التي تخفّف من معاناة المواطنين، فسمع اللبنانيون على هذا الصعيد ما هو أكثر من تنديد بالتظاهرات التي استهدفت المصارف ومصرف لبنان وما رافقها من شغب، إلى حد الدفاع عن السياسات المالية وتبريرها، وربط الأزمة بالإنفاق على الكهرباء، وعدم تقديم أي التزام مطمئن في تخفيف وطأة تحكم المصارف بودائع اللبنانيين؛ ومثلها في الشأن الأمني رفع الرئيس الحريري وتيرة الهجوم على متظاهري شارع الحمراء، مقابل تغاضيه عما يفعله متظاهروه الذين يقطعون الطرق خصوصاً في البقاع، وتمّ تداول مقاطع مسجلة لاعتداءاتهم التي ترافقها شتائم مذهبية تكفي لإشعال فتنة، بحيث بدا الحريري وقد جاء ليخوض معركته السياسية بلا ضوابط، بما فيها التغاضي عن العبث المذهبي وما يحمل من مخاطر، وردّ على مطالبيه بتفعيل حكومة تصريف الأعمال وفي طليعتهم رئيس مجلس النواب بقوله «أنا مش موظف عند حدا»، متجاهلاً أن كل عامل في الشأن الحكومي هو موظف عند الشعب اللبناني.
هذه السلبيّة العدائيّة وجدت صداها في مواقف الحريري من الرئيس المكلف والحكومة الجديدة، وجاءت تعليقاته المستفزة عن «شكّلوا حكومتكم» لتعكس العدائية التي عبّر عنها الحريري بمواقفه مع قوى الغالبية النيابية والرئيس الذي كلفته تشكيل الحكومة بعد انسحاب الحريري، الدكتور حسان دياب، وهذا منح الجهود التي يتولاها رئيس مجلس النواب نبيه بري لتسهيل عملية تأليف الحكومة الجديدة مزيداً من الدفع، لأن هناك مَن لا يبني قرار المواجهة على المواقف ولا على الوقائع، بل نيات مسبقة تفرض جعل مهمة تأليف الحكومة بأسرع ما يمكن، لأن لبنان يواجه فوق الأزمة الاقتصادية مسعىً سياسياً تصعيدياً يعبّر عنه عزم الحريري على فتح جبهة مواجهة بمعزل عن سعي الغالبية حتى اللحظة الأخيرة لترك مقعد رئاسة الحكومة شاغراً بانتظاره.
اليوم يفترض أن يستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري الرئيس المكلف حسان دياب، وأن يبحث معه الملف الحكومي، ووفقاً لمصادر سياسية متابعة للملف الحكومي فإن الأولوية التي تتصدّر البحث هي حجم الحكومة بين صيغة الـ 18 وزيراً وصيغة الـ 24 وزيراً، خصوصاً مع السعي لتمثيل درزي يغطي الثنائية الدرزية التي يمثلها النائب طلال إرسلان والنائب السابق وليد جنبلاط، الذي كان قد طرح ترشيح رجل الأعمال وليد عساف للحكومة، قبل أن يعتذر عساف؛ أما الملف الثاني الذي لا يقلّ أهمية فيطال هواجس التيار الوطني الحر التي عرضها رئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل في لقائه مع بري، سواء بالنسبة للحقائب وتناسبها مع ما كان قائماً في الحكومة السابقة، أو بالنسبة لبعض الأسماء التي تثير حساسية التيار، بينما قالت المصادر إن الرئيس المكلف سيعرض أيضاً هواجسه تجاه توسيع الحكومة وفتح الباب لوضع فيتوات على اسماء يطرحها الرئيس المكلف ورفض أن يمتلك الرئيس المكلف هذا الحق، وهو ما لا يمكن أن يقبل به دياب. وتوقعت المصادر أن تنتهي جلسة بري ودياب لرسم مخطط توجيهي للحكومة يستوعب التفاهمات السابقة ويدوّر زوايا الخلافات بخيارات وبدائل تتيح جولة تشاور يفترض أن تنتهي مع نهاية الأسبوع ليتبلور المشهد النهائي للحكومة الجديدة.
في الشارع كانت تظاهرات بيروت تتجدّد بين واجهات المصارف وملاحقة موقوفي مواجهات أول أمس، وتتحوّل إلى مواجهات استمرّت حتى الليل بين المتظاهرين والقوى الأمنية، بينما كانت عمليات قطع الطرقات تتجدّد خارج العاصمة بصورة أثارت حالة من الرعب مع المشاهد المسجلة لما جرى في البقاع من تصرّفات وكلمات نابية مؤذية تحمل مشروع فتنة مذهبية، في غياب تام للقوى الأمنية التي تركت المواطنين رهائن لمزاج قطّاع الطرق.
وعلى وقع ارتفاع أسهم إعلان ولادة الحكومة خلال أيام قليلة الاثنين كحد أقصى، كما رجّحت مصادر عين التينة لـ”البناء”، تصاعدت وتيرة الاحتجاجات في الشارع في مختلف المناطق اللبنانية لا سيما في بيروت، تطوّر بعضها الى اشتباكات ومعارك حية بين المحتجين والقوى الأمنية ومحاولات لاقتحام عدد من المؤسسات العامة والخاصة لا سيما مبنيي مصرف لبنان في بيروت وصيدا، وعدد من واجهات المصارف في مشهد بعيد عن المنطق، بحسب أوساط مطلعة لـ”البناء”، متسائلة ما الرابط بين انفجار الشارع بهذا الشكل العنفي وبين عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت وبين عودة المناخ الإيجابي على صعيد تأليف الحكومة؟ كما تساءلت عن مدى علاقة قرب ولادة الحكومة بتراجع سعر الدولار أمس، الى 2200 للشراء و2350 ليرة لبنانية للدولار الواحد للمبيع؟ فيما ربطت مصادر أخرى هذا الانخفاض التدريجي السريع لسعر الدولار باجتماع لجنة الاقتصاد النيابية مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة واجتماع الأخير مع نقابة الصرافين في لبنان، واللغط الشعبي الكبير والاحتجاجات على المصرف المركزي والمصارف ما يدعو للتساؤل: لماذا تأخر اجتماع لجنة الاقتصاد مع سلامة؟ ولماذا لم يبادر الحاكم سلامة بالاجتماع مع الصرافين منذ وقت سابق؟ ولماذا لم يستخدم صلاحياته بناء على قانون النقد والتسليف بإصدار تعليمات للصرافين بلجم ارتفاع سعر الصرف ومحاسبة المخالفين كما يخوّله القانون؟ ومَن تعمّد التلاعب بأسعار الدولار لاستخدامه سياسياً وحكومياً وتحقيق أرباح مالية كبيرة؟