لبنان
الرئيس المكلف لا ينوي الاعتذار والحكومة بانتظار تذليل العقبات
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم على عملية تأليف الحكومة، والعقبات التي لا تزال تؤخر خروجها إلى الضوء، مشيرةً إلى أن الرئيس المكلف حسان دياب لا ينوي الاعتذار، إلا أن المشكلة تكمن في الاتفاق على الصيغة الحكومية وتوزيع الحقائب والأسماء.
"الأخبار": الحكومة في الكوما... وقواعد التأليف تتغيّر
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إن كان تأليف الحكومة لا يزال ممكناً، فإن حكومة الاختصاصيين لم تعد ممكنة، بعدما كادت تبصر النور لولا صراع الحصص والنفوذ. الرئيس نبيه بري أعاد تعويم الرئيس سعد الحريري، ويفترض بالأيام المقبلة أن توضح حجم هذا التعويم وغايته. لكن على المقلب المالي، أطل رياض سلامة ليكرس بلطجة المصارف وسرقتها لأموال المودعين عبر اعتباره أنها غير مجبرة على إعطاء الدولارات للمودعين.
واضافت "تأليف الحكومة دخل في الكوما. كل التفاؤل انقلب إلى تشاؤم. حتى استقالة حسان دياب لم تعد مستبعدة. نُقل عن مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان قوله إنه لن يستقبل الرئيس الملكف إلا إذا جاء يبلغه الاعتذار عن التكليف. ذلك قد يكون بعيداً، لكن ليس تأليف الحكومة أقرب. لم تعد حكومة الاختصاصيين أمراً محسوماً. الرئيس نبيه بري عاد إلى حكومة تكنوسياسية، فيما تحدث التيار الوطني الحر عن حكومة أهل الجدارة. حزب الله اكتفى بالدعوة إلى تأليف حكومة تحمي مصالح اللبنانيين وتعالج الوضع الاقتصادي في أسرع وقت".
ولفتت إلى أن المصارف خطت أمس خطوة إضافية على طريق تثبيت سطوتها على أموال المودعين. عند التاسعة صباحاً، يعلن بعضها أنها لم تعد تملك الدولارات. عمليات إذلال الناس تتفاقم، لكن الاستنسابية تسمح لبعضها، حتى اليوم، بتحويل الأموال إلى الخارج. مع ذلك، يخرج حاكم مصرف لبنان ليحمّل المودعين المسؤولية. لا يستحي رياض سلامة. لا يكفيه أنه مهندس السياسات المالية التي أوصلت البلد إلى شفير الإفلاس. لا يكفيه رفضه الكشف عن موازنات البنك المركزي كي لا يفضح دوره في الإثراء غير المشروع للمصارف على حساب المال العام، ولا تشريعه وجود سعرين للدولار، أحدهما وصل إلى 2400 ليرة أمس، بحجة «العرض والطلب». بدلاً من تلاوته فعل الندامة، يكمل على المنوال الذي يتقنه في التعمية على الحقائق التي يلمسها كل مواطن. آخر مآثره أمس تشريع سرقة المصارف للمودعين. وقال بالفم الملآن إن «المصارف غير مجبرة على إعطاء الدولارات للزبائن، بل هي مجبرة على إعطاء الليرة».
وتابعت "بذلك، مهّد سلامة لتوقف المصارف تماماً عن تسليم الدولارات لأصحابها. كما فتح باباً إضافياً للكسب غير المشروع للمصارف وشركائهم الصيارفة. يحصل المودع، مجبراً، على 1515 ليرة بدلاً من الدولار، ثم يشتريه من السوق بـ 2400 ليرة! وبعد ذلك يقول سلامة، في مقابلة مع «ام تي في» إن «الودائع في القطاع المصرفي مؤمّنة، ومصرف لبنان حاضر لتأمين كل السيولة المطلوبة من المصارف لتلبية طلبات المودعين لديها».
"النهار": تواطؤ يمدّد المأزق الحكومي و"دولار السوق" يتفلت!
من جهتها صحيفة "النهار" قالت انه "يبدو كل كلام عن تعقيدات تأليف الحكومة المجمدة بين مجاهل الالغاز التي تحوط علاقات أفرقاء تحالف العهد و8 آذار، عقيماً أمام تقدم أخطار الانهيار المالي والاقتصادي والتي كان أحدث وجوهها وأخطرها أمس اختراق دولار السوق الموازية السعر الرسمي للدولار أو "دولار الصرافين" سقفاً قياسياً تجاوز الـ2400 ليرة. وهو تطور ينذر بمزيد من المخاوف والمحاذير المالية والاقتصادية والاجتماعية وسط تنامي الخوف من التفلت الحاصل في البلاد على مختلف المستويات، بحيث باتت ردود فعل المواطنين والمودعين على الاجراءات المتشددة للمصارف تشكل بذاتها حالة امنية مثيرة للقلق المتعاظم فكيف اذا اقترنت بحالة رديفة مماثلة بعد تراجع الليرة اللبنانية بنسبة تناهز 40 في المئة حتى الآن والحبل على الجرار ؟"
واشارت الصحيفة إلى أن هذا التطور السلبي الاضافي يأتي في حلقات التراجعات المالية والاقتصادية ليضع على المحك مسألة الادارة السياسية والمالية والاقتصادية للواقع الآخذ في التفاقم والتدهور وسط ذهول التفرج على طبقة سياسية لا تزال تجرجر ذيول فشلها وقصورها عن تحمل المسؤوليات المصيرية عن البلاد بالحدود الدنيا البديهية التي تفرضها كارثة كالتي يجتازها لبنان، فاذا بالنماذج الصارخة لهذا القصور تتعاقب وتتسابق دفعة واحدة من عرقلة غير مفهومة لتأليف حكومة هي عملياً حكومة تحالف اللون الواحد، ومن ثم تسارع حلقات التفلت المالي مع ارتفاع دولار السوق الرديفة للتسعير الرسمي من دون اتخاذ أي اجراءات رادعة وكأن شيئا لم يحصل، وصولاً الى تفاقم ازمة تقنين الكهرباء وتعميم العتم والصقيع في ذروة موسم الشتاء وكذلك تصاعد ازمة المازوت والغاز. كل هذا بات يطرح سؤالاً كبيراً لم يعد مجديا حجبه وهو هل يراد للبلاد ان تنزلق الى مصيرها الاسوأ المحتوم خدمة لمآرب خارجية، أم بلغ القصور السياسي فعلاً حدود المساواة مع التواطؤ المقصود؟
ورأت "النهار" ان مجريات ازمة تأليف الحكومة لم تعد في واقعها المباشر إلّا صورة عن فشل تحالف الاكثرية الذي وقف وراء تكليف الرئيس المكلف حسان دياب في انجاح مهمة دياب ودفعها الى نهايتها بتأليف الحكومة الموعودة، بدليل ان المعلومات الجدية تشير الى خربطة واسعة في علاقات الرئيس المكلف مع قصر بعبدا كما مع الثنائي الشيعي من غير ان يعني ذلك ان قراراً ارتسم لدى تحالف العهد و8 آذار بسحب التكليف من دياب أو اعادة النظر في منحه درع التغطية السياسية والنيابية. ومع ذلك فان المواقف المتعاقبة التي صدرت عن رئيس مجلس النواب نبيه بري في اليومين الاخيرين اتسمت بطابع معمم عن "سحب الثقة" السياسية للتحالف من حكومة التكنوقراط أو الاختصاصيين التي كان دياب يعمل على انجاز اللمسات الاخيرة عليها فاذا بـ"انقلاب" من داخل بيت داعميه يدهمه في مرحلة الحسم النهائية من غير ان يتضح بعد سر هذا الانقضاض الذي لا يتبناه اي طرف.
وذكرت "النهار" أن الاتصالات في شأن التأليف الحكومي والتي جمدت طوال يوم أمس بعد التباينات التي برزت بين قوى التأليف حول صيغة الحكومة المطلوب تأليفها، تجددت ليلاً بأن تحرّك مجدداً شادي مسعد بين الرئيس المكلف والوزير جبران باسيل لحل العقد المتبقية في التشكيلة ولاسيما منها عقدة وزارة الاقتصاد التي يتمسك بها فريق رئيس الجمهورية وتوزير دميانوس قطار الذي يتمسك به الرئيس المكلف.
وفهم بحسب الصحيفة من مصادر مواكبة للاتصالات ان الرئيس المكلف متمسك بحكومة التكنوقراط وبعدد الـ١٨ وزيراً وليس في وارد تعديل هذه الصيغة، وعلى هذا الأساس يبني تشكيلته. وفهم ايضاً من مطلعين على موقف الرئيس المكلف انه ليس في وارد الاعتذار ولا التراجع عن قناعاته بضرورة قيام حكومة من الاختصاصيين المستقلين استجابة لمطالب الحراك ولنيل ثقة المجتمع الدولي الذي ينتظر من اللبنانيين فريقاً حكومياً انقاذياً في مواجهة الازمة القائمة.
"البناء": ارتباك في المشهد الحكومي وعودة البحث السياسي إلى شكلها
أما صحيفة "البناء" فقالت إن "قوى المقاومة جددت التزامها بإخراج القوات الأميركية من المنطقة بعد كل الإشاعات التي رافقت الرد الإيراني على اغتيال الجيش الأميركي للقائدين قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس، وسوّقت للحديث عن تفاهمات انتهت إلى عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الاغتيال، على قاعدة أن الأميركي نفذ العملية وأن إيران ردّت، وأن الأميركي امتنع عن الردّ على الردّ. وبالتالي تجاهل كون الردّ الإيراني هو إعلان نيات لمواجهة مستمرة حتى إخراج القوات الأميركية من المنطقة. وجاءت المواقف الصادرة عن قيادات الحرس الثوري الإيراني، وعن قوى المقاومة في العراق ولبنان وفلسطين واليمن لتؤكد أن المواجهة فتحت ولن تغلق قبل انسحاب القوات الأميركية من المنطقة وفقاً للمعادلة التي أعلنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وكان لافتاً أن يُخصص بيان كتلة الوفاء للمقاومة النيابية، فقرة منه ليقول إن على الأميركيين أن يخرجوا من المنطقة وإلا سنُخرجهم على طريقتنا. وقالت مصادر متابعة لمسار المواجهة إن الخيار يعود للأميركيين بين الانسحاب عمودياً أي بخيارهم وعلى أقدامهم، أو أن يتم إخراجهم أفقياً، أي رغماً عنهم وبالتوابيت.
واشارت "البناء" إلى أن المواجهة المستمرة فرضت نفسها في كواليس السياسة حول الأسباب الحقيقية للتعثر الحكومي، رغم التطمينات التي توزعها القوى السياسية المعنية حول تمسكها بالتزامها بحكومة تكنوقراط، وحول توصيف العقد بالطبيعية أو ربطها بحقائب معينة. فالنقاش يطال شكل الحكومة مجدداً، وهو ما كان الأشد وضوحاً في التعبير عنه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بإعادة تأكيد تمسكه بحكومة تكنوسياسية، بينما أشارت مصادر الرئيس المكلف إلى أنه لا زال عند مشروعه بحكومة اختصاصيين، وأصل النقاش القديم الجديد تعيده مصادر واسعة الاطلاع إلى تساؤلات بدأت حول حقيبتي الخارجية والدفاع، وكيفية تصرف الأسماء المطروحة لتوليها مع تداعيات محتملة في ضوء تطورات الصراع في المنطقة خلال الشهور المقبلة، لينفتح السؤال الأهم، عما إذا كان ممكناً تلافي المخاطرة بغير وجود وزراء سياسيين موثوقين ومجربين في الأزمات، وإذا كان هؤلاء مطلوبون لهذه الوزارات الحساسة فإن صياغة القرار السياسي تستدعي وجود وزراء بغير هاتين الحقيبتين يمثلون القوى السياسية، ما أعاد إلى التداول معادلة حكومة تكنوسياسية أو حكومة سياسية؛ فيما قالت مصادر متابعة إن اتفاق الطائف قام أصلاً على جعل السلطة السياسية المنبثقة من الانتخابات النيابية منوطة بمجلس الوزراء فما هو المنطق الذي يوجب القوى السياسية التي تمثل الغالبية النيابية تمنح تفويضاً على بياض لمجهول اسمه تكنوقراط رغم الثقة بشخص رئيس الحكومة ووجود رئيس الجمهورية وخياراته، وإلا إذا كان هذا كافياً فلماذا يقوم النظام السايسي على قاعدة الانتخابات والتمثيل السياسي ويُسمّى في الدستور بالنظام البرلماني الديمقراطي؟
ولفتت الصحيفة إلى أنه في قلب هذا النقاش تبدو المشاورات لتسمية الوزراء في إجازة حتى مطلع الأسبوع المقبل، حيث تكون قد تبلورت الصورة النهائية للنقاش السياسي بين القوى المعنية من جهة وبينها وبين الرئيس المكلف من جهة أخرى.
واضافت البناء" انه على الصعيد المعيشي صعد ملف تقنين الكهرباء بصورة ضاغطة إلى الواجهة مع تراجع كميات الفيول المخزنة لدى مؤسسة كهرباء لبنان، وبالتوازي سجل الدولار قفزة في أسعار البيع لدى الصرافين بصورة تسببت بالقلق لدى اللبنانيين، ما استدعى ظهور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إعلامياً ليطمئن إلى متانة الوضعين المالي والمصرفي، من دون أن يجيب على أسئلة الناس حول قانونية حجز ودائعهم من قبل المصارف، او حول التحقيقات التي تطال ما عرف بقضية التحويلات الى الخارج لمليارات الدولارات لبعض السياسيين وأصحاب النفوذ؛ بينما أصدرت وزيرة الطاقة ندى بستاني بياناً أكدت فيه العودة بالتقنين إلى ما كان عليه قبل الأزمة الأخيرة بعدما تمّ تفريغ حمولة بواخر تحمل الفيول، وأكدت توافر ما يكفي لتأمين الكهرباء حتى نهاية شهر شباط.
واشارت "البناء" إلى انه مع مُضي نصف المهلة التي حدّدها الرئيس المكلف حسان دياب لتأليف الحكومة، تتجه الأنظار الى النصف الثاني من المهلة أي ثلاثة أسابيع، إلا أن قطار التأليف اصطدم بجدار من التباينات الداخلية والمستجدات الإقليمية، وسط مخاوف من مخاطر التأخير في التأليف على الصعيدين الاقتصادي والمالي وتفاقم الأزمات الحياتية كالتقنين العشوائي والقاسي في التغذية الكهربائية الذي طاول العاصمة بيروت للمرة الأولى، إضافة الى عودة أزمة المحروقات الى الواجهة والارتفاع القياسي في سعر صرف الدولار الذي وصل أمس في سوق الصرافين إلى 2400 ليرة.
واضافت ان كل هذا في ظل غياب متعمد لحكومة تصريف الاعمال ورئيسها الغارق في إجازته العائلية ما يخالف الدستور، كما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أجاب لدى سؤاله عن عدم تجاوب الحريري في القيام بواجباته بتصريف أعمال الحكومة، بالقول: “مش بطيبو” للرئيس سعد الحريري أن يصرّف الأعمال انما الأمر يفرضه الدستور”. ورأى بري أن «الوضع في المنطقة غير جيد والوضع في لبنان يتدحرج». وكشف عن تعقيدات تواجه التأليف. وقال: «طُرحت خلال هذا الاسبوع حكومة سياسية وليس أنا من اقترحها. فأنا مع حكومة تكنو– سياسيّة ولا أسلّم الاسماء إلا عند طباعة مراسيم الحكومة»، وشدّد برّي على أنه «غير صحيح أنني لا أريد الرئيس المكلف تشكيل الحكومة حسان دياب»، وأضاف: «أتمنّى له التوفيق وساعدت ولكن هناك حدود لهذا الأمر».
وبحسب معلومات «البناء» فإن العقدة تقف على حقيبتي الدفاع والخارجية، بين الرئيس المكلف والتيار الوطني الحر الذي أكدت مصادره لـ»البناء» أن على الرئيس المكلف احترام وحدة المعايير في التأليف بين جميع القوى وما ينطبق على الوزراء الذين يسمّيهم دياب ينطبق علينا»، مضيفة: «لسنا نحن مَن يؤلف لكن من حقنا أن نشارك في أسماء ونوع الوزراء بالحصة التي تخصّنا».