لبنان
لبنان..خطوة أولى للخروج من الفراغ الحكومي والتأليف رهن الأيام القادمة
تجاوز لبنان قطوع استمرار الوقوع في الفراغ الحكومي في ظل الأزمة التي تعصف بالبلاد. وبات للبنان رئيس حكومة مكلفٌ بـ 69 صوتاً، ولكن مع إعلان رئاسة الجمهورية رسمياً تكليف دياب لتأليف الحكومة الجديدة، بدأت عمليات قطع الطرقات الممنهجة في مختلف المناطق اللبنانية لا سيما في بيروت حيث خرجت مسيرات دراجات نارية في عدد من أحياء المدينة وأمام منزل دياب في تلة الخياط رفضاً لتكليفه، إلا أن ذلك لا يقدح في أهمية الخطوة التي تخرج البلاد في حال إتمام عملية التأليف من الأزمة السياسية لتبدأ الحكومة العمل على إخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية.
"الأخبار": حسّان دياب: فرصة للإنقاذ أم وقت مستقطع؟
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إن "خيار واشنطن وحلفائها بفرض رئيس جديد للحكومة ينفّذ انقلاباً على نتائج الانتخابات النيابية أحبِط. وبمباركة الرئيس سعد الحريري، صار الوزير السابق حسان دياب رئيساً مكلفاً تأليف الحكومة. تحالف 8 آذار - التيار الوطني الحر اختار دياب الذي لم يضع الحريري أي فيتو عليه".
واضافت "على العكس من ذلك، فضّل رئيس تيار المستقبل عدم تسمية منافس لدياب، لكي لا يواجه شركاءه في الحكومة المستقيلة، ولا يحرجهم، خصوصاً الذين وقفوا إلى جانبه في ظل القرار الأميركي - السعودي بإبعاده عن رئاسة الحكومة. وأمام كتلة المستقبل، شدّد الحريري على نوابه بضرورة منح دياب فرصة لأن البلاد تمر بأزمة. لكنه، في الوقت عينه، اكّد لمقربين منه ان لن يشارك في الحكومة المقبلة، ولو كانت حكومة اختصاصيين".
وأشارت إلى أن "هذا الموقف يعني ان تأليف الحكومة لن يكون سهلاً، بل ربما لن تبصر النور، وأن رئيس الحكومة المستقيل ربما يتعامل مع تكليف دياب كـ«وقت مستقطع» قبل إعادة تسميته. فعدم مشاركة الحريري يعني ان الحكومة ستكون «من لون واحد»، وهو ما يرفضه حزب الله وحركة أمل، إضافة إلى الرئيس المكلف"، لافتةً إلى أن "فريق 8 آذار يصر على التفاهم مع الحريري، لأن خلاف ذلك يعني مواجهة تعيد البلاد إلى ما قبل حكومة الرئيس تمام سلام، وتمنح الأميركيين فرصة بث المزيد من الفوضى في البلاد التي تشهد ازمة اقتصادية غير مسبوقة، وانتفاضة شعبية لا يبدو أنها ستهدأ قريباً. حكومة جديدة، بصرف النظر عن اسم رئيسها، هي فرصة لتخفيف سرعة الانهيار، وفي الوقت عينه، وصفة لزيادتها. فأي السبيلين سيُدفع إليه دياب؟
وأضافت الصحيفة "صار حسان دياب، بعد يوم واحد من تداول اسمه، رئيساً مكلفاً تأليف الحكومة. قبل مساء أول من أمس، لم يكن أحد قد سمع باسمه في أي من المداولات التي كانت تجرى. لكن مساء أمس، التقى رئيس الجمهورية الذي أبلغه نتيجة الاستشارات النيابية الملزمة، التي أسفرت عن تسميته رئيساً مكلفاً تأليف الحكومة من قبل 69 نائباً، مقابل 13 نائباً سمّوا نواف سلام ونائب سمى حليمة قعقور، فيما لم يسمّ 42 نائباً أحداً".
ولفتت "الأخبار" إلى أن "مرحلة التكليف انطوت، بعد 50 يوماً من التجاذبات، التي كان سعد الحريري بطلها، منذ أن أطلق عبارته الشهيرة «ليس أنا بل أحد غيري»، مروراً بحرقه كل اسم غيره، وصولاً إلى عودته إلى ترشيح نفسه من بوابة دار الفتوى، قبل أن يضطر إلى الانسحاب نتيجة «خيانة» تعرّض لها من قبل القوات".
"البناء": ديفيد هيل يخسر مرشحه نواف سلام
من جهتها صحيفة "البناء" قالت إن "لبنان تجاوز قطوع الوقوع في ثلاثة أخطار بضربة واحدة ذكية الاختيار والتوقيت: الخطر الأول كان الفراغ بالخضوع لطلبات التأجيل المستمر للاستشارات النيابية، وهو ما كان يتقرحه رئيس الحكومة المستقيلة مستنداً إلى دعم ثنائي حركة أمل وحزب الله لعودته إلى رئاسة الحكومة، فكان لقرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بحسم موعد الاستشارات يوم أمس قبل وصول معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل، ورفضه منح فرصة أخرى بعد يوم الاستشارات، فشكّل القرار الحاسم عامل ضغط إيجابي على ثنائي أمل وحزب الله ومن خلالهما على الرئيس الحريري لحسم الخيارات خلال الأيام الفاصلة بين الإثنين والخميس، للخروج برئيس مكلف تشكيل الحكومة الجديد بديلاً عن تأجيل يستتبع تأجيلاً ويتمادى الفراغ ويتمدّد".
واضافت الصحيفة "أما الخطر الثاني فقد كان تسمية السفير السابق نواف سلام، الذي لم يعد خافياً أنه الاسم الذي أراد الأميركيون عبره تحقيق الحلقة الأهم في مشروعهم بتدويل الحدود البرية والبحرية والجوية للبنان، مقابل الوعود بالتمويل. وبعد التسمية التي انتهت بخسارة هيل لمرشحه، أوضحت خيبة النائب السابق وليد جنبلاط وحديثه عن خذلان الحليف المستقبلي لتسمية سلام، مقابل حديث الحريري عن أن المفاجأة القواتية دعته للعزوف عن الترشح، بحيث تحوّل ما بدا أنه انضباط لفريق 14 آذار، وتفكّك فريق الغالبية النيابية، إلى مشهد ظهرت خلاله قوى الغالبية النيابية عند الاستحقاقات المفصليّة موحّدة رغم هوامش خصوصياتها المتباينة، وبدت قوى 14 آذار متخبّطة ومفكّكة رغم ما كان يبدو تناغماً بين مكوّناتها. أما الخطر الثالث فكان وقوع الغالبية في تسمية أحد رموزها بصورة تفتح مواجهة سياسية واقتصادية داخلية وخارجية، يمكن أن تتحوّل إلى مواجهة طائفية سريعاً".
وتابعت الصحيفة "تفادت الغالبية الأخطار الثلاثة بذكاء التوقيت والخيار. التوقيت يعود لرئيس الجمهورية، والخيار لثنائي حركة أمل وحزب الله، خصوصاً لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، وبات للبنانيين رئيس حكومة مكلفٌ بـ 69 صوتاً من ضمنها ثلاثة أصوات للقوميين، أكد باسمهم رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان، الحرص على حماية السلم الأهلي وعلى تجاوز الطائفية، وإعطاء الأولوية للخروج من الفراغ، بينما شدّد الرئيس المكلف على كونه مستقلاً ومن الاختصاصيين، ومتفاعلاً مع صوت الحراك الشعبي وطلباته، معتبراً أن الاختصاصيين أولويته في تشكيل الحكومة، لكنه ينتظر نتائج المشاورات التي سيجريها مع الكتل النيابية غداً.
واشارت إلى أنه "في الشارع خرجت أصوات من الساحات التي افتقدت إلى الحشود، تتحدث بلغة التشكيك بتسمية دياب وأخرى تدعو لمنحه فرصة، لكن جمهور تيار المستقبل سيطر على صورة الشارع عبر قطع الطرقات طلباً لتسمية الرئيس سعد الحريري". وقالت مصادر متابعة، إن الأيام الأولى هي مهلة للشارع والقوى السياسية لاستيعاب الذي جرى، لكن من مطلع الأسبوع سيكون وضع جديد يتقاسم خلاله الرئيس المكلف ورئيس حكومة تصريف الأعمال المهام لشهرين مقبلين لا بدّ أن يستغرقهما كحد أدنى تشكيل الحكومة ونيلها الثقة، يجب أن تحضر خلالهما بقوة حكومة تصريف الأعمال خدمياً وأمنياً ومالياً وتحفظ الاستقرار. أما على مستوى تشكيل الحكومة، فقالت المصادر إن قوى الغالبية تتصرّف بمنطق تأكيد استقلالية حكومة دياب واتساعها لأوسع مشاركة، وستكون المرونة في الشروط التي تضمن نجاح الرئيس المكلف باحتواء الضغوط هي عنوان ما تطلبه كتل الغالبية وتعمل وفقه. ولم تستبعد المصادر قبول حزب الله وحركة أمل بحكومة اختصاصيين خالصة، بعيداً عن وزراء دولة حزبيين.
واشارت "البناء" إلى أنه "مع إعلان رئاسة الجمهورية رسمياً تكليف دياب لتأليف الحكومة الجديدة، بدأت عمليات قطع الطرقات الممنهجة في مختلف المناطق اللبنانية لا سيما في بيروت حيث خرجت مسيرات دراجات نارية في عدد من أحياء المدينة وأمام منزل دياب في تلة الخياط رفضاً لتكليفه، في ما يشبه تنفيذاً لأمر عمليات واضح بإشعال الشارع استمراراً لمسلسل الفوضى والفراغ؛ ما يثبت برأي مصادر مطلعة استخدام بعض الجهات الخارجية للشارع وللحراك لمصالح سياسية".
واضافت "لقد دلت الشعارات التي أطلقها المحتجون ومناطق الاحتجاجات على أنهم جمهور تيار المستقبل، حيث اكدوا أنهم أتوا من الطريق الجديدة وقصقص وغيرها من المناطق المحسوبة على التيار، ما يفتح باب التساؤلات عن الجهة التي تحرّكهم: هل هي الحريري أم محيطه السياسي والأمني؟ أم جهات خارجية؟ وهل هناك محاولة لدفع الرئيس المكلف الجديد للاعتذار تحت ضغط الشارع؟ علماً أن الحريري وجّه رسالة إلى مناصريه عبر «تويتر» قائلاً: «أدعو جميع الأنصار والمحبّين الى رفض أي دعوة للنزول الى الشارع او قطع الطرقات. الهدوء والمسؤولية الوطنية أولويتنا والأزمة التي يواجهها لبنان خطيرة ولا تحتمل أي تلاعب بالاستقرار».
واعتبرت الصحيفة "أن اللافت هو تزامن تحريك الشارع مع إثارة رؤساء الحكومات السابقين وبعض فريق 14 آذار مسألة الميثاقية، رغم أن مصادر بعبدا توضح لـ"البناء" أن الميثاقية لن تؤخذ بعين الاعتبار في التكليف بل في التأليف، حيث يراعى تمثيل الطوائف والمذاهب بحسب الدستور والمناصفة بين المسيحيين والمسلمين ولا شيء في الدستور اسمه ميثاقية التكليف بل هي عملية ديموقراطية عبر الاستشارات النيابية وهنا سوابق على ذلك».
"النهار": العهد انتقل الى الخطة "ب"
أما صحيفة "النهار"، فقالت "يبدو ان العهد انتقل الى الخطة "ب"، الى المواجهة. كل المؤشرات تشي بذلك. حكومة مواجهة تستبعد ما كان يعرف بفريق 14 اذار بعد اعتكاف الرئيس سعد الحريري عن ترؤس حكومة مسبقة الشروط والتركيبة ، وذهاب "تيار المستقبل" والحزب التقدمي الاشتراكي و"القوات اللبنانية" والكتائب اللبنانية كل في طريق مختلف عن الاخر، لتتحقق ارادة الوزير جبران باسيل بأن اصرار الحريري على اخراجه من الحكومة، لن يمر من دون اخراج الاخير من السرايا الحكومية. لذا كان الحصار الذي استمد دعماً خارجياً من خلال تواصل الوزير باسيل مع دولة قطر في محاولة لتوفير غطاء لمرشح بديل يحظى بالدعم المالي ايضا لانطلاق حكومته، وجرى بحث في اسم النائب فؤاد مخزومي، الذي جبه برفض "حزب الله" له".
واشارت إلى أنه "اذا كان الخيار وقع أخيراً على اسم الوزير السابق حسان دياب، فان الاخير وضع في خانة حزب الله مباشرة بما يوحي ان البلاد ذاهبة الى حكومة مواجهة، خصوصاً ان الحزب الذي يمتنع غالباً عن تسمية رئيساً للوزراء خلال الاستشارات، سمى دياب بما بدا دعما كاملا له. وأكد رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد التعاون "بشكل كامل معه". وهوما أشارت اليه مؤسسات اعلام عالمية منها "وكالة الصحافة الفرنسية" ومحطة "سي ان ان" ، اما صحيفة "الفيغارو" الفرنسية فاوردت ان لبنان سمى رئيساً مدعوماً من حزب الله. والى هذا التوصيف، ضعف الغطاء السني الذي لم يتوافر له الا من نواب "اللقاء التشاوري" السني الذي يدور في فلك الحزب، اضافة الى النائب قاسم هاشم من كتلة "التنمية والتحرير" لتسقط مقولة "الميثاقية" التي كان أطراف عدة أصروّا عليها في الاسابيع الاخيرة قبل ان يسقطوها من حساباتهم. كما بدا لافتا ان الرئيس نجيب ميقاتي الذي ادخل دياب الى الحلبة الحكومية عام 2011، لم يسمه امس كما سافر بعد الاستشارات ما يعني عدم استقباله الرئيس المكلف وفق التقليد القاضي بان يجول المكلف على من سبقه في الموقع.
وقد أكد الرئيس المكلف، الذي استقبل بتظاهرات حاصرت منزله وبقرع على الطناجر من اهالي الحي، عدم مضيه بـ"حكومة مواجهة"، وصرح بعد تكليفه: "سوف أعمل جاهدا لتشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، من خلال التشاور مع رؤساء الحكومات السابقين الذين سأستفيد من آرائهم ونصائحهم ومع الكتل النيابية وسائر النواب. سأتوسع في المشاورات التي سأجريها لتشمل القوى والأحزاب السياسية، وأيضا الحراك الشعبي. سأستمع لكل الآراء لكي ننطلق بحكومة فاعلة تستند إلى إرادة شعبية".
واضافت "النهار" "إن الشارع المنتفض لم يتلق، الرسائل الايجابية لدياب، اذ اشتعلت الساحات في غير منطقة، فاقفلت الطرق في الشوارع البيروتية من قصقص الى البربير الى كورنيش المزرعة والمدينة الرياضية وفردان، وفي ضهر البيدر وقرى بقاعية، وحصل اشكال واطلاق نار في بعلبك، كذلك في الشمال حيث احرقت اطارات وحصل اطلاق نار ورمي قنابل صوتية في طرابلس، وقطعت طرق العبودية والكورة وكفرحزير، مع دعوات الى اعلان اضراب عام في طرابلس والشمال واقفال جميع المدارس والجامعات الرسمية والخاصة اليوم. كذلك اقفلت الطرق في الجية والناعمة وصيدا".