لبنان
على وقع الاستشارات النيابية اليوم.. حسان دياب مكلفًا تأليف الحكومة
ركّزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على موقف رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري من الإعتذار عن عدم ترؤس الحكومة المقبلة وتسميته اليوم من قبل الكتل النيابية خلال الإستشارات النيابية التي ستجري ظهرًا في قصر بعبدا، ومع أن الأخير دعا الى عدم تأجيل الاستشارات، إندفع تحالف 8 آذار - التيار الوطني الحر إلى ترشيح الاستاذ في الجامعة الاميركية في بيروت الوزير السابق حسان دياب.
"الأخبار": حسان دياب رئيسًا للحكومة بـ70 صوتاً اليوم؟ واشنطن تُخرج الحريري من السباق
صحيفة "الأخبار" رأت أنه بعد يوم واحد من اتفاقه مع الرئيس نبيه بري على خريطة طريق تكليفه لرئاسة الحكومة، تراجع سعد الحريري عن الاتفاق، في خطوة إضافية من الخطوات الأميركية الرامية إلى الانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية، والتي بدأت باستقالة وزراء القوات من الحكومة. كان متوقّعاً أن يُسمى الحريري لترؤّس الحكومة بعد الاستشارات اليوم، إلا أن تراجعه دفع بتحالف 8 آذار - التيار الوطني الحر إلى ترشيح الوزير السابق حسان دياب
لم يعد السيناريو الأميركي سرّاً. فقد خرجت به الولايات المتحدة يوم أمس إلى العلن. فالانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية، الذي بدأ باستقالة وزراء حزب القوات اللبنانية، وهم الأداة الأسهل والأكثر التزاماً بالأوامر الأميركية - السعودية، وتلته استقالة مفاجئة لرئيس الحكومة سعد الحريري لشلّ البلد ومؤسساته؛ استكمل بحرق الحريري عبر تجريده من الصوت القواتي وإجباره على عدم الترشح مجدداً إلى رئاسة الحكومة. والمصادفة هنا أن رئيس الحكومة المستقيل كان قد تفرّغ خلال الشهر الماضي لحرق كل مرشح غيره بمساعدة دار الإفتاء، ولما أتمّ مهمته لدى الأميركيين، أحرقوا حظوظه هو الآخر. لم يعد سرّاً أيضاً أن الولايات المتحدة الأميركية، بسلوكها الحالي، تدفع نحو المواجهة الداخلية والفوضى، وتجهد لتغيير المشهد السياسي اللبناني والانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية التي حدّدت القوى السياسية وأحجامها وتشكلت الحكومة بناءً عليها.
خط التوتر الأكثر خطورة في البلاد هو خط التوتر السني - الشيعي، لذلك، سعى حزب الله وحركة امل، بحسب مسؤولين في 8 آذار، منذ لحظة استقالة الحريري للتمسك بالتفاهم مع الأخير، "لا لسبب سوى لأنه الأكثر تمثيلاً للطائفة السنية ولا تندرج المحاولات الحثيثة للتفاهم معه أو مع من يسميه إلا لحماية البلد من فتنة طائفية يخطط لها أعداء لبنان"، إذ يندرج "إحراق" اسم الحريري يوم أمس ودفعه إلى التنحي في خانة الأهداف الأميركية لمنع أي تنسيق بين الطرفين الأكثر تمثيلا ًللطائفتين السنية والشيعية.
القرار الأميركي ليس جديداً بل أعلن عنه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عبر الطلب من الشعب اللبناني رفض وجود حزب الله. اتضحت معالمه أكثر يوم أمس. ففي اليوم السابق، زار الحريري عين التينة، حيث أكّد لرئيس مجلس النواب نبيه بري أنه "ماشي" بخيار رئاسة الحكومة. لاقاه بري "في منتصف الطريق" عبر اقتراح حكومة من 18 وزيراً، 14 من التكنوقراط و4 من الأحزاب السياسية، بحسب مصادر مطلعة على الزيارة. واقتضى الاتفاق أن يبذل الحريري جهداً باتجاه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والقوات اللبنانية، لمحاولة الحصول على أصواتهم للتسمية، في موازاة سعي بري لتأمين نحو 60 صوتاً للحريري، عبر إقناع حزبي الطاشناق والسوري القومي الاجتماعي والنائب إيلي الفرزلي وغيرهم بالتصويت لمصلحته… كان الرئيسان متوافقين، إلا أن رئيس الحكومة المستقيل "أبلغ وزير المال علي حسن خليل والحاج حسين الخليل، أمس، بقراره عدم الترشح لرئاسة الحكومة، قبيل نحو نصف ساعة من إصدار بيانه". وعندما طُلِب من الحريري تسمية مرشّح من قبله، رد بالقول: "القصة عندكم. انتم حلّوا المشكلة".
لدى قوى 8 آذار والتيار الوطني الحر معلومات بأن الأميركيين يدفعون باتجاه تسمية السفير السابق نواف سلام لرئاسة الحكومة. القوات اللبنانية التي انتقلت من تأييد الحريري إلى رفض تسمية أحد، سعت لإقناع الحريري نفسه بالتصويت لسلام الذي يستحيل أن يقبل به تحالف 8 آذار - التيار الوطني الحر. أمام هذه الوقائع، قرر التحالف المذكور المضي في الخيارات البديلة. كان اسم الوزير السابق حسان دياب أحد تلك الخيارات. استقبله رئيس الجمهورية أول من أمس. وبعد التشاور بين الحلفاء أمس، عاد واستقبله مرة ثانية، ليؤكد دياب استعداده للقبول بالتكليف، "في حال كان ذلك سيؤدي إلى خفض التوتر في البلد".
وإذا لم تحصل مفاجآت صباحية، فإن دياب سيُكلَّف تأليف الحكومة بأكثرية ربما ستصل إلى نحو 70 نائباً. هل هذا الخيار هو حصراً لإحباط تسمية نواف سلام، ومنح الحريري فرصة إضافية للتفلّت من الضغوط الأميركية والقبول بـ"حكومة شراكة"؟ تنفي مصادر 8 آذار ذلك، مؤكدة أن خيار دياب جدّي، وهدفه "لمّ الأمور بالبلد". وتعوّل المصادر على عدم رفض دياب من قبَل الحريري، الذي رجّحت مصادره ألا يسمّي أحداً في الاستشارات اليوم.
وكان الحريري قد أعلن في بيان "سعيه منذ استقالته لتلبية مطلب الشعب بتأليف حكومة اختصاصيين"، لكن "المواقف التي ظهرت في الأيام الماضية من مسألة تسميتي غير قابلة للتبديل، فإنني أعلن بأنني لن أكون مرشحاً لتشكيل الحكومة المقبلة". وأعلن دعوته كتلة المستقبل للاجتماع صباح اليوم لتحديد موقفها من مسألة التسمية، وتوجهه "للمشاركة في الاستشارات النيابية على هذا الأساس، مع إصراري على عدم تأجيلها بأي ذريعة كانت". الجملة الأخيرة أثارت غضب رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر، فردّ مستشار الرئيس سليم جريصاتي بتغريدة متوجهاً إلى الحريري بالقول: "لا يعود لك أن تصر على إجراء الاستشارات وعلى عدم تأجيلها مهما كانت الذريعة، ذلك أن هذا الاختصاص، بحسب الدستور، هو حصراً لرئيس الجمهورية، وأنت تشكو دوماً من تجاوز مزعوم لصلاحيات رئيس الحكومة". بدوره، أصدر المكتب الإعلامي لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بياناً انتقد فيه "استنسابية" الحريري في التعامل مع الاستشارات النيابية كما حصل سابقاً عبر طلبه تأجيلها أو فرض إجرائها كما يريد "فيما هي صلاحية حصرية لرئيس الجمهورية يستعملها بحسب ائتمانه على المصلحة العامة والدستور". من جهة أخرى أشاد باسيل "بالموقف المسؤول الذي اتخذه سعد الحريري وأنه ذاهب إلى الاستشارات النيابية الملزمة". ورأى فيه "خطوة إيجابية نتمنى أن يستكملها بأن يقترح من موقعه الميثاقي شخصية موثوقة وقادرة ليعمل على التوافق عليها والتفاهم معها حول تشكيل حكومة، تحظى بثقة الناس وتأييد الكتل البرلمانية الوازنة فضلاً عن ثقة المجتمعين العربي والدولي".
النهار: حسان دياب رئيساً مكلفاً تأليف الحكومة
بدورها، صحيفة "النهار" اعبتبرت أنه قبيل منتصف الليل بقليل خرج دخان ابيض من قصر بعبدا ليعلن الاتفاق ما بين "تكتل لبنان القوي" و"حزب الله" و"امل" على الاستاذ في الجامعة الاميركية في بيروت الوزير السابق حسان دياب رئيسا مكلفا لتأليف الحكومة الجديدة بعد اعلان الرئيس سعد الحريري عزوفه عن المهمة في ظل حصار عليه ورفض لشرطه الاساس بحكومة تكنوقراط تكون مؤهلة للقيام بعملية انقاذ وترضي الشارع المنتفض. وفيما سربت مصادر ان الاتفاق على دياب شكل طبق غداء الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري الاحد، علمت "النهار" ان الاسم خرج من قصر بعبدا، وهو احد الاسماء التي كانت رفعت الى الرئيس ميشال عون اثناء لقائه رئيسي الجامعتين الاميركية واليسوعية فضلو خوري والاب سليم دكاش من ضمن لائحة مقترحة لرئيس ووزراء من اصحاب الكفايات ضمت 48 اسما. وفي المعلومات المقدمة عن دياب انه يشبه الرئيس سليم الحص في مسيرته، استاذ في الاميركية وله تقديره من الادارة الاميركية من دون ان يكون مستتبعا او ملحقا بسياسات معينة. يمكن ان يعطي ارتياحا لدى المجتمع الدولي واطمئنانا للشارع المطالب بوجوه من خارج الطبقة السياسية المستهلكة.
وكان الرئيس سعد الحريري اعتذر عن ترؤس الحكومة المقبلة، داعياً الى عدم تأجيل الاستشارات، ورحب الوزير جبران باسيل بمبادرته داعياً اياه الى استكمالها "بأن يقترح من موقعه الميثاقي شخصية موثوقة وقادرة ليعمل على التوافق عليها والتفاهم معها حول تشكيل حكومة تحظى بثقة الناس وتأييد الكتل البرلمانية الوازنة فضلاً عن ثقة المجتمعين العربي والدولي، من دون ان يضع البلد والناس أمام المجهول، كما حدث باستقالته الأخيرة".
وكانت الأمور بدت كانها سلكت طريق الحل بخروج الحريري وافساحه في المجال لآخر لتكليفه تأليف حكومة جديدة، لكن الوقائع الى ما قبل منتصف الليل ظلت ترسم شكوكا في ظل احتمالات عدة كانت مطروحة: فاذا سمت كتلة "المستقبل" الدكتور نواف سلام فانه سيجبه برفض مطلق من الثنائي الشيعي الذي يعتبر سلام "مرشحا أميركياً"، أو سمت النائبة بهية الحريري فانها ستلقى رفضا باعتبار انها "واجهة لسعد الحريري" وهي لن تتنازل عن مطلبه حكومة تكنوقراط. واذا مضى "تكتل لبنان القوي" في تسمية النائب فؤاد مخزومي فانه سيجبه بالرفض الشيعي نفسه باعتباره مرشح الوزير جبران باسيل في اتفاق اجراه مع دولة قطر من دون تنسيق مسبق واطلاع كامل على مجمل الاتفاق في ظل رفض ظاهر مرده الى عدم مباركة الحريري هذا الخيار. واذا رفض الحريري تسمية أي شخصية سيعتبر غير متجاوب لتوفير الحل الانقاذي، فيما يرفض الرئيس تمام سلام حتى الساعة العودة الى السرايا لانه عاش "تجربة مريرة" مع وجوه العهد، ولا يرى ان في امكانه تقديم حلول خارقة لأزمة استثنائية وبالغة الخطورة.
وبقي خيار اخير في اتفاق مكونات 8 اذار مع "التيار الوطني الحر" على اسم مرشح لا يحظى بموافقة الحريري، أي حكومة مواجهة تذهب بالبلاد الى المجهول، وهو ما يصر "حزب الله" على تجنبه لئلا يحمّل نتيجة الفوضى والانهيار.
واذا كان رئيس الجمهورية صاحب الصلاحية في ابقاء الاستشارات أو تأجيلها، فانه لم يبدو حتى ساعة متقدمة من الليل رغبة في التأجيل بل ابقى الموعد، وسط حركة ارتباك واضحة بين الحلفاء، واتصالات مكثفة وغياب لمعظم الطبقة السياسية عن السمع في انتظار جلاء المواقف ونتائج الاتصالات قبل الصباح، ذلك انه حتى الساعة العاشرة والنصف قبل ظهر اليوم موعد البدء بالاستشارات النيابية الملزمة باجرائها وليس بنتائجها كما يسرب بعض فريق العهد، يخلق السياسيون في لبنان ما لا يعلمه المواطنون الذين يفاجأون اسبوعا بعد آخر بتأجيلات تحت عناوين وشعارات مختلفة تؤكد الحاجة الى اعادة مأسسة مجلس الوزراء كما حدد اتفاق الطائف من طريق تحديد مهل واوقات للتكليف والتأليف وغيرها من الامور المتروكة للتوقيت المفتوح.
لكن المؤشر الذي بدا أكثر خطورة أمس، فتمثل في اقامة "جدران عزل" في محيط ساحة رياض الصلح واللعازارية واقفال المسارب المؤدية الى المكان منعاً لتسلل مفتعلي الشغب ليلة بعد أخرى، لضبط المداخل، وعزل الساحات، في ظل "تعب" القوى الامنية من التصدي الليلي لهم، وخوفا من مزيد من التدهور. ويذكر أن الجيش اللبناني والاجهزة الامنية رفعت جهوزيتها الى مئة في المئة منذ ليل أمس، وابلغ الجيش المعنيين قرار منع اقفال الطرق الرئيسية، واقامت حواجز تفتيش في كل المناطق التي شهدت تطورات من بيروت الى طرابلس وصيدا.
واعتبر ان "المشهد في وسط بيروت استفزّنا كثيرًا فإقامة البلوكات الاسمنتية والحواجز الحديدية مهين بحق بلدنا وسمعته في العالم وفي الداخل".
من جهة أخرى، يصل الى بيروت مساء اليوم نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل موفداً من وزير الخارجية مايك بومبيو للاطلاع على الأوضاع منذ بدء الاحتجاجات في لبنان، والتباحث مع المسؤولين الذين سيلتقيهم في نتائجها وتداعياتها.
البناء: 68 صوتاً لحسان دياب رئيساً للحكومة وترجيح امتناع مستقبلي اشتراكي
كتبت صحيفة "البناء" تقول: ظنّ الأميركيون أن جعل سقف المطلوب لمشروعهم في لبنان في الربع الأخير من ساعة المواجهات في المنطقة، هو عزل لبنان عن سورية ومدّ سلطة اليونيفيل للبحر والجو والحدود السورية اللبنانية، فيتم ضمناً عزل حزب الله عن سورية تسليحاً وحضوراً ودوراً، كبديل عن التفكير بخطة مستحيلة لنزع سلاح المقاومة، ويتمّ تحت المظلة الأممية فرض خط أزرق على حقوق لبنان في النفط والغاز بدلاً من تورّط حكومة لبنانية بترسيم الحدود بتنازلات يصعب الدفاع عنها، ويصعب تمريرها. ولهذا ظنّوا أن أخذ لبنان نحو الانفجار المالي بتجفيف التحويلات بالعملات الأجنبيّة وفق خطة سنوات مضت وبلغت أهدافها، يتيح فتح ملفات الفساد والفشل ويفجّر غضب الشارع تحت تأثير الاختناق المعيشي، ويتيح لقيادات جرى إعدادها وتدريبها وتنظيمها وتمويلها وتجهيزها لمهمة قيادة الانتفاضة الشعبية، سيتيح طرح تشكيل حكومة جديدة تشكل نهاية لمرحلة القيادات التقليدية التي حكمت لبنان طائفياً وسياسياً منذ ثلاثة عقود، ومن بينها مَن اعتمدت عليهم واشنطن في سياساتها وما عاد بمقدورهم تخديم هذه السياسات، وصارت إطاحتهم شرطاً لإبعاد خصوم السياسات الأميركية. ولا مانع عندها أميركياً من معادلة بقاء الرئيس سعد الحريري خارج الحكم إذا كان هذا يضمن بقاء حزب الله والوزير جبران باسيل خارجه أيضاً. وجاء شعار "الحياد خيار استراتيجي للازدهار"، الذي أطلقته خيمة رئيس الجامعة الأميركية فضلو خوري في ساحة العازارية، مناسباً لتتويجه بترشيح شخصية تملك خبرة ونظرية تنفيذ هذا البرنامج وتأتي من الوسط الأكاديمي والقانوني والدبلوماسي، هي السفير السابق نواف سلام.
المفوّض السامي الذي سيحلّ مكان كل من رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري وحاكم المصرف المركزي، كمعتمَدٍ من واشنطن، كان في الحساب الأميركي سهل العبور، بالضغط على الحريري ليمنحه أصواته منذ استقالته، ويقدّمه كمرشح وحيد بديل لترؤس الحكومة، وعندما طرح الحريري الاسم ووجد الرفض عَدل عنه، ومضى يفاوض بأسماء بديلة تمهيداً لإعادة طرح اسمه، ليصيب الخطة الأميركية إصابة بالغة استدعت عقاباً مناسباً برفع الغطاء عن الحريري كمرشح ودفعه نحو الاعتكاف، بعدما قالت القوات اللبنانية تصريحاً وتلميحاً بأن الحريري لم يعُد يحظى بتغطية دولية وإقليمية لتسميته رئيساً للحكومة وأن هذه التغطية متاحة لنواف سلام.
الضغط متواصل على الحريري ليعلن تسمية سلام حتى صباح اليوم، رغم قرار الامتناع عن التسمية ليلاً، ويمكن أن يتغيّر الموقف صباحاً كما يمكن أن ينضمّ إليه موقف النائب السابق وليد جنبلاط، لضمان تسمية راجحة لسلام، والضغط على الحريري متواصل للإعلان أن أي تسمية لغير سلام ستشكل خرقاً للميثاقيّة لكونه موضوع تبنٍّ من الكتلة الأوسع تمثيلاً في طائفته، على أمل أن يشكل ذلك رادعاً للغالبية النيابية عن تسمية المرشح الذي حسمت منحه تصويتها، الوزير السابق حسان دياب الذي ينتمي لموقع قريب من الرئيس الحريري، وتربطه علاقة جيدة بالرئيس نجيب ميقاتي، ويشتغل الأميركيون مباشرة وبالواسطة على كل الكتل للتحذير من خطورة تسمية غير سلام، ملوّحين بعقوبات على أي حكومة يترأسها سواه أملاً بحشد أوسع تصويت لحساب اسمه؛ فيما تبدو الصورة بعد نجاح الغالبية بتفادي كسر الجرّة مع الحريري، عبر استمرار الحوار معه أملاً بتوفير فرص توليه رئاسة الحكومة، مقابل الخديعة التي توّجت بطعن القوات اللبنانية له في الصميم، كما ألمح تعليق مستشار الحريري الوزير السابق غطاس خوري على تصريح النائبة ستريدا جعجع الذي أشاد بالحريري بعد إعلان اعتكافه، حيث قال خوري، يبدو أن جعجع لم تقرأ جيداً كلام الحريري.
الحصيلة المتوقعة للاستشارات حتى ما بعد منتصف ليل أمس وفجر اليوم، تقول إن تسمية دياب ستنال على الأقل 68 صوتاً، وإن تسمية نواف سلام بدون الحريري وجنبلاط ستكون باهتة عند حدود الـ20 صوتاً ومعهما ستبلغ 48، فيما ستتوزّع أصوات المستقلين تباعاً بين الاسمين والامتناع وتسميات هامشية أخرى دون أن يغيّر تصويتها في حصيلة المشهد.
أعلن الرئيس سعد الحريري أنه لن يكون مرشحاً لتشكيل الحكومة المقبلة، وقال في بيان: "لما تبين لي أنه رغم التزامي القاطع بتشكيل حكومة اختصاصيين، فإن المواقف التي ظهرت في الأيام القليلة الماضية من مسألة تسميتي هي مواقف غير قابلة للتبديل، فإنني أعلن أنني لن أكون مرشحاً لتشكيل الحكومة المقبلة، وإنني متوجّه غداً للمشاركة في الاستشارات النيابية على هذا الأساس، مع إصراري على عدم تأجيلها بأي ذريعة كانت".
ويترأس الحريري صباح اليوم اجتماعاً لكتلة المستقبل النيابية لتحديد موقفها من مسألة التسمية. ورجّحت مصادر مستقبلية لـ"البناء" أن لا تسمّي الكتلة أحداً كما استبعدت أن يتم تكليف رئيس للحكومة في استشارات اليوم إلا إذا نجحت الاتصالات بالاتفاق على اسم بديل عن الحريري. وقد تمّ التداول بمجموعة أسماء منها الوزيران حسان دياب وخالد قباني. فيما أشارت مصادر المستقبل الى أن "التيار لن يسير بنواف سلام لأنه مرفوض من الرئيس ميشال عون وثنائي أمل وحزب الله".
وأكدت أوساط بعبدا أن "الاستشارات النيابية قائمة حتى الساعة ولا اتجاه لتأجيلها. وشدّدت على أن قرار التأجيل عند رئيس الجمهورية ميشال عون فقط، واليوم يقدّر عون الظروف وإذا كانت استثنائية تقتضي التأجيل فسيؤجل".