لبنان
فضل الله: كلما لاحت في الأفق بوادر للمعالجة نرى من يصعّد في الشارع
رأى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور حسن فضل الله أن ما يجري اليوم في لبنان هو حرب مالية اقتصادية، بُعدها الأساسي خارجي، وذلك من خلال ما رأيناه من محاولات للضغط والحصار والتهويل والتخويف، ولكن عندما تتوفر الإرادة والجدية، يمكن لنا جميعا أن نتغلب عليها.
وخلال احتفال تأبيني أقيم للفقيد الحاج محمود حسن عيسى والد الشهيد القائد حسن عيسى في حسينية بلدة حداثا الجنوبية، لفت النائب فضل الله إلى أننا في مواجهة العدوين التكفيري والإسرائيلي ذهبنا وواجهنا وقاتلنا وانتصرنا من دون أن نستأذن أحداً، فالأمر كان يتعلق بوجود بلدنا ومصيره وقد بذلنا أغلى التضحيات دفاعا عن لبنان، ولكن الموضوع في المعركة المالية والاقتصادية مختلف تماماً، فلا يمكن المقايسة، لأن الطريقة والأسلوب مختلفان، ففي الموضوع الداخلي نحتاج إلى آليات أخرى، وتعاون مع قوى أخرى، لأن الجميع يعرف التركيبة في لبنان، والبلد لا يقوم على أحادية أو فردية أو شخصانية، ولا يمكن أن ينهض عن طريق فريق أو جهة، فمهما كانت قوتها لا تستطيع أن تقوم بهذه المهمة لوحدها.
وقال النائب فضل الله إننا نرى اليوم أن هناك محاولات لتهديد الأمن والاستقرار، وكما نلاحظ في الدعوات والممارسات أن هناك من يدعو إلى الانتقال إلى مرحلة العنف بما يستهدف الاستقرار، إنما هو جزء من السعي إلى التعطيل، لأنه كلما لاحت في الأفق بوادر معينة للمعالجة، نرى أن هناك من يصعد في الشارع من خلال قطع الطرقات والتخريب والاستهدافات المختلفة فضلاً عن الاستفزازات.
واعتبر النائب فضل الله أنه لو التزم الآخرون بما اتفقنا عليه من إصلاحات في هذه الحكومة التي استقالت، لما وصلنا إلى ما نحن عليه من تدهور، لأنه كان هناك جهة مسؤولة ستذهب إلى معالجة الأمور.
ورأى النائب فضل الله أن هناك فراغ اليوم في المسؤولية في معالجة الأوضاع القائمة، وهناك أيضاً من يصر على إبقاء هذا الفراغ من خلال الممارسات في الشارع، ونحن دعونا وعملنا بالأمس طيلة الوقت على منع الانزلاق إلى أي مواجهة، وسعى إخواننا جاهدين في المناطق التي كانت تشهد بعض الإشكالات لمنع أي صدام وتفلت، ونحن نجدد الدعوة لجميع أهلنا وكل من يسمعنا إلى التنبّه، لأن هناك من يريد أن يجر البلد إلى فتن وتوترات، وأن يعطل الحلول، وأن يبقي الأمور على ما هي عليه، حتى يستنزف البلد إلى الحد الذي يمكن أن يسقط بيد أولئك الذين يرسمون لنا مشاريع مشبوهة.
وتوجه النائب فضل الله بدعوة الى الجميع إلى الصبر والتحمّل وعدم الانجرار وراء أي استفزاز، وكذلك توجه بدعوة الآخرين أيضاً إلى عدم استهداف هذا السلم الأهلي والاستقرار، وإلى الابتعاد عن الممارسات التي تهدد كل البلد، فهناك أناس اليوم لا يبالون إلى أين ستصل الأمور، ويأخذون بلدنا إلى الفوضى، ونحن لا نريد لبلدنا أن يغرق في الفوضى، وسنعمل بجد وجهد ونشاط وإخلاص ومسؤولية كي نحمي بلدنا، فقد دفعنا من أجله دماء الشهداء كي نحرره ونحميه، ولا نقبل أن يأتي البعض ليخربه.
وأوضح النائب فضل الله أن هذا الاهتزاز الذي نراه هو لممارسة مزيد من الضغوط، تماماً كما نرى تهويلاً على صعيد لقمة عيش الناس، ففي هذا البلد لا يمكن أن يصبح هناك مجاعة، وبالتالي كفى للبعض تخويفاً وتهويلاً على الناس، وممارسة كل هذا الضغط النفسي على المواطنين، وفي الوقت نفسه ندعو دائماً إلى التكافل والتضامن الاجتماعي وإلى أن يساعد الناس بعضهم بعضاً، ونحن دائماً على مستوى هذه المقاومة، نسعى ونعمل لأن نقوم بواجبنا تجاه الناس.
وشدد النائب فضل الله على أننا بحاجة إلى تحمّل المسؤوليات من قبل كل من هو في موقع المسؤولية، وغداً هناك استشارات نيابية، ومن المفترض أن يسمى الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة، والبلد يحتاج فعلاً إلى حكومة، لأن كل ما نسمعه في الإعلام من خطابات وكلمات وشروط، لها ممر واحد، ألا وهو الآليات الدستورية التي تكمن أولاً في الاستشارات النيابية لتسمية رئيس مكلف، والخطوة الثانية تكمن في أن تأليف حكومة تتخذ الإجراءات لمعالجة المشاكل القائمة.
وأضاف النائب فضل الله هناك بعد التكليف مشاورات غير ملزمة مع الكتل النيابية لتأليف حكومة، وطبعاً المرحلة المقبلة تحتاج إلى نقاش من نوع جديد في البلد، له علاقة بمهمات الحكومة التي ستأتي، بحيث تكون قادرة ومنتجة ومنسجمة ويشارك فيها من عليه أن يشارك من كل الأطراف الفاعلة والأساسية، وعليه، فلا يفكرن أحد في لبنان أنه يمكن لحكومة من قوى محددة ولا تمثل أوسع شريحة أن تنجح في البلد.
وشدد النائب فضل الله على أن البلد اليوم بأمس الحاجة إلى شراكة وطنية حقيقية، ونحن سنسعى من خلال المشاورات والاتصالات ليكون هناك أوسع مشاركة، ونحن سندعو الرئيس المكلف أياً يكن لحوار عميق وجاد وتفاهم مع فخامة الرئيس والكتل الأساسية لتكون لدينا حكومة قادرة، تأخذ إجراءات عملية، وتقوم بأدوار أساسية، وبالأخص في الموضوع المالي والاقتصادي، وفي ما يتعلق بأموال الناس المودعة في المصارف.
وأشار النائب فضل الله إلى أن الذي نراه من تصرفات لأصحاب المصارف ليس فقط خلافاً للقانون، وإنما هم بذلك يرتكبون خيانة بحق الأمانة التي أمّنهم عليها الناس، وعليه، فإن الذي يأخذ الإجراءات بهذا الخصوص هو إما الحكومة وإما المجلس النيابي وإما حاكم مصرف لبنان، ولكن المعبر الضروري والأساسي هو أن يكون لدينا حكومة تلزم أصحاب المصارف بالقيام بإجراءات حيال هذا الموضوع، فالسلطة التنفيذية هي السلطة الأساسية التي تدير البلد، وحتى في ما يتعلق بحماية الأمن الداخلي والسلم الأهلي وغيرهما، فإن الحكومة هي التي تأخذ قرارات تقوم بإجرائها.
وتساءل النائب فضل الله هل تتشكل الحكومة في الشارع، أم أنها تتشكل من خلال اعتماد آليات دستورية معبرها الأساسي المجلس النيابي والغالبية النيابية التي ستمنحها الثقة، وبالتالي، على من يشكل الحكومة أثناء عملية التشكيل، أن يرى ما هي المطالب الأساسية المحقة للناس، ويضعها ضمن برنامجه، ونحن نطالب الحكومة الآتية أن يكون في برنامجها المطالب الشعبية المحقة وهي واضحة، وأغلبها يتعلق بالحياة الكريمة والعزيزة، وبوقف هذا الهدر والفساد، وبحماية أموال اللبنانيين وودائعهم.
وختم النائب فضل الله بالقول إننا نود أن نؤكد على مجموعة مسلمات، أبرزها الحفاظ على السلم الأهلي، وحماية الاستقرار الداخلي، والحفاظ على الأمن، وأن تقوم الجهات الأمنية المعنية بحفظ الأمن في كل المناطق اللبنانية، وبمنع إقفال الطرق، وأن يعي الناس جميعاً أن الانجرار وراء محاولات هز الاستقرار، إنما هي محاولات مشبوهة لتخريب بلدنا، ونريد أن نؤكد أيضاً أننا ذاهبون إلى الاستشارات، وموقفنا يعلنه رئيس الكتلة لحظة خروجنا من عند فخامة الرئيس، ومن ثم سنسعى مع كل المخلصين لتكون لدينا حكومة جديدة تعمل وتساهم في بلسمة الجراح ومعالجة المشكلات، ولا نريد أن يُعزل أو أن يستثنى أي أحد، ونصر على حلفائنا وبالتحديد التيار الوطني الحر أن يكون شريكاً أساسياً يسهم من خلال موقعه وتمثيله في النهوض بالبلد، وأن نعالج كل هذه الاشكالات التي حصلت، ونفتح صفحة جديدة في البلد، لأنه من دون ذلك نحن ذاهبون إلى مزيد من التوترات والصعوبات والمشاكل.