لبنان
الرئيس عون في الذكرى الـ76 للإستقلال: لتكن السنة المقبلة سنة استقلال اقتصادي فعلي
دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في رسالته بالذكرى الـ76 للاستقلال إلى أن تكون السنة المقبلة سنة استقلال اقتصادي فعلي، من خلال تغيير النمط الاقتصادي الريعي إلى اقتصاد منتج في ظل الأزمة الإقتصادية الحادّة، والناتجة من سياسات اقتصاديّة خاطئة ومن فساد وهدر في الإدارة على مدى عقود من الزمن.
وشدد عون على دعم الزراعة والصناعة وتبنّي سياسات تحفيزية ليصبح الإنتاج اللبناني تنافسياً في الأسواق الخارجية، وكذلك تخصيص كلّ الاهتمام بالقطاع التكنولوجي واقتصاد المعرفة الذي يمكن للبنان أن يكون منافساً جديّاً فيه. وكذلك دعا إلى بدء حفر أوّل بئر للنفط في البحر من خلال إقرار قانون الصندوق السيادي الذي سوف يدير عائدات البترول على أن يلتزم أعلى معايير الشفافية العالمية.
وفي السياق شدد الرئيس عون على أنه حان وقت العمل الجدي الدؤوب، وأنه كان من المفترض أن تكون قد ولدت الحكومة وباشرت عملها، إلا أن التناقضات التي تتحكم بالسياسة اللبنانية فرضت التأنّي لتلافي الأخطر، وكذلك للتوصل الى حكومة تلبي ما أمكن من طموحات اللبنانيين تكون على قدر كبير من الفعالية والانتاجية والانتظام، لأن التحديات التي تنتظر لبنان ضخمة.
وأوضح رئيس الجمهورية أن الاستقلال هو القرار الوطني الحر والمستقل، غير الخاضع لأي شكل من أشكال الوصاية، صريحة كانت أو مقنّعة، وهذا ما نتشبث به اليوم ودائماً، مشيراً إلى أن الصفقات والتسويات التي تُعدّ لمنطقتنا، ومحاولات فرضها، تهدّد ليس فقط استقلال الدول المعنية بل أيضاً كيانها ووجودها.
وتابع القول "ليست التسويات الدولية وحدها ما يهدد استقرار الدول، ففي الداخل اللبناني خطر محدق يتهدّد مجتمعنا ومؤسساتنا واقتصادنا هو الفساد، ومكافحة الفساد أضحت شعاراً استهلاكياً يُستحضر كلما دعت الحاجة، وعند أبسط إجراءات التنفيذ، تبدأ الخطوط الحمر المذهبية والطائفية بالظهور".
وكرر عون نداءه إلى المتظاهرين للإطّلاع عن كثب على المطالب الفعلية لهم وسبل تنفيذها، لأن الحوار وحده هو الطريق الصحيح لحلّ الأزمات، لافتاً إلى أن التحركات الشعبية التي حصلت مؤخّراً كسرت بعض المحرمات السابقة وأسقطت إلى حدّ ما المحميات، ودفعت بالقضاء إلى التحرك، وحفّزت السلطة التشريعية على إعطاء الأولوية لعدد من اقتراحات القوانين الخاصة بمكافحة الفساد.
وطالب عون بتسليط الضوء على مكامن الفساد عبر الإعلام وفي الساحات، واصفاً إياه بالصحيّ والمساعد، مشدداً في الوقت نفسه على تقديم المعلومات والوثائق المتوافرة إلى القضاء، دون أن يتحول الإعلام والشارع والجدل السياسي الى مدّعٍ، ومدّعٍ عام، وقاضٍ، وسجّان في آن، لأنه يسيء إلى مسيرة مكافحة الفساد.
وكان للقضاة نصيب في كلمة الرئيس عون إذ توجه لهم بأن يلتزموا قسمهم والقيام بواجبهم "بأمانة"، وأن يكونوا "القاضي الشريف الصادق"، موضحاً أنه منذ العام 2017 أحال إلى القضاء ما يزيد عن 18 ملفاً تتعلق بقضايا فساد ورشاوى في إدارات الدولة، وإلى اليوم لم يصدر أي حكم بأي منها، وأن التأخر في بتّ قضايا الفساد هو تشجيع غير مقصود للفساد.
ويعول عون على التعيينات القضائية الأخيرة من أجل تفعيل دور القضاء وتحصين استقلاليته للوصول إلى سلطة قضائية مستقلة وشجاعة ومنزهة، تكون السيف القاطع في معركة القضاء على الفساد، معلناً أنه سيكون سدّاً منيعاً وسقفاً فولاذياً لحماية القضاء وسيمنع كلّ تدخل فيه انطلاقاً من قسمه المحافظة على الدستور والقوانين.
وللعسكريين توجه عون "كنتم ولا زلتم وستبقون درع الوطن، وحماة استقلاله وسياج وحدته، وأصعب المهمات التي قد تواجه عسكرياً هي المهمات الداخلية"، داعيا اياهم إلى حماية حرية المواطن الذي يريد التعبير عن رأيه بالتظاهر، وكذلك حماية حرية التنقل للمواطن الذي يريد أن يذهب الى عمله أو الى منزله.
وفي الختام خصص عون خطابه للشباب قائلاً "إنّ تفلّت الخطاب في الشارع هو من أكبر الأخطار التي تتهدد الوطن والمجتمع"، مضيفاً "لا تسترسلوا في خطاب الكراهية والتحريض لأن الهدم سهل ولكنّ البناء شاق، ولا تهدموا أسس مجتمعنا الذي يقوم على احترام الآخر وعلى حرية المعتقد والرأي والتعبير".