معركة أولي البأس

لبنان

حكومة
14/11/2019

حكومة "تكنو ــ سياسية".. هل تُبصر النور؟

ركّزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على مسألة التباحث في مسألة تشكيل الحكومة، إذ انتشرت معلومات عن اتفاق بين رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل على تأليف حكومة لا يكونان فيها، بل أن تكون "تكنو ــ سياسية".

وكان اللافت أمس أن الحراك أخذ يتحوّل ويتضح جليًا أنه نسخة منقحة من 14 آذار في مواجهة رئيس الجمهورية ميشال عون ودعم الحريري. وأخذ الخوف يساور غالبية اللبنانيين من احتمال الانزلاق بعد سطوة الميليشيات.

"الأخبار": اتفاق الحريري ـ باسيل.. البحث عن رئيس لحكومة "تكنو ــ سياسية"

بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أنه للمرة الأولى، يخرج الدخان الأبيض من مدخنة أهل السلطة. أمس، انتشرت معلومات عن اتفاق بين رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل على تأليف حكومة لا يكونان فيها. باسيل سبق أن أبلغ حلفاءه وخصومه / شركاءه بأنه لن يشارك في الحكومة المقبلة، وأنه يوافق على حكومة تكنوقراط. وأمام تمسّك حلفائه بالتمثيل السياسي، وافق على أن يكون في الحكومة «سياسيون غير مستفزين». في المقابل، كان الحريري يصرّ على ترؤس «حكومة أؤلفها كما أريد، أو اختاروا غيري رئيساً لمجلس الوزراء». الجديد هو أن الحريري وافق على المشاركة في تسمية رئيس حكومة، على أن يكون مجلس الوزراء «مختلطاً» بين التكنوقراط والسياسيين. وبحسب المعلومات، اتفق الحريري وباسيل أول من أمس على لائحة أولية تضم ستة أسماء، سيعرضها رئيس التيار الوطني الحر على حلفائه لاختيار واحد منها لتسميته رئيساً للحكومة. حتى ليل أمس، كان عدد من شركاء الائتلاف الحكومي السابق لا يزالون متشكّكين في إمكان وصول هذه المبادرة إلى نتائج ملموسة. إذ لا يزال بعضهم يعتقد أن الحريري «سيغيّر رأيه»، ليعود مطالباً برئاسة الحكومة لنفسه. وقالت مصادر في فريق 8 آذار لـ«الأخبار» إنّ «لا مجال للانتظار أكثر قبل انطلاق المشاورات النيابية الملزمة، والمفترض أن يُحسم الموعد في الساعات المقبلة. صار موقف الحريري واضحاً ولا مجال للانتظار أكثر».

في الموازاة استمر مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية، كريستوف فارنو، بلقاءاته مع عدد من ممثلي القوى السياسية، ساعياً إلى مقابلة ممثلين عن الحراك. في المعلومات، لم يحمِل الزائِر الفرنسي أي طرح، بل أتى بحسب مصادر سياسية «لاستطلاع آراء من التقاهم عن مدى إمكانية تشكيل حكومة مقبولة من الجميع». ولمّح الزائر الفرنسي أمام من التقاهم إلى «أن لا خوف على سيدر وأمواله والمشاريع المرتبطة به، فهي ستكون مؤمّنة لأي حكومة مقبولة وتناسِب الأزمة اللبنانية»، من دون أي إشارة الى تمسّك فرنسا بأن يكون الحريري رئيساً للحكومة.

وأضافت الصحيفة أنه، «لا يطرح الفرنسيون مبادرة»، بحسب مصادر سياسية وصفت جولة فارنو «بالدعم والاستطلاع، يومان من الاجتماعات المُكثفة من أجل التوصّل في النهاية إلى التمكن من توصيف الوضع وتحديد الخطوات التي من الممكن القيام بها». وسيرفع الموفد الفرنسي تقريراً إلى الرئاسة الفرنسية، يتضمن خلاصة جولته. وتقول المصادر إن الموفد الفرنسي عبّر عن «تمنيات» لما يمكن أن يكون عليه الوضع. وتُختصر هذه «التمنيات» بـ«تأليف حكومة، بأسرع وقت، حتى تتمكن من القيام بالإصلاحات الضرورية ويتمكن البلد من الاستفادة من قروض سيدر». وبحسب المصادر، «لا يهم الفرنسيين شكلُ الحكومة أكانت تكنوقراط أم سياسية أم تكنو -سياسية»، لكن الموفد الفرنسي «تمنى أن يبقى الجو السلمي مُسيطراً، ناقلاً تحيات الرئيس إيمانويل ماكرون واتكاله على حكمة الرئيس ميشال عون».

وختمت الصحيفة: فارنو الذي التقى أمس الرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية وقائد الجيش العماد جوزف عون ومسؤول العلاقات الدولية في حزب الله النائب السابق عمار الموسوي، كان من المفترض أن يجتمِع برئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية، لكن قطع الطرقات حالَ دون ذلك، فاقتصر الأمر على اتصال هاتفي بينهما.

"النهار"

بدورها صحيفة "النهار" اعتبرت أنه لم يكن مشهد مواطن مسلح يطلق النار من سلاح رشاش في ساحة جل الديب أمس سوى عينة من التفلت المواكب للغليان الذي ساد البلاد غداة المقابلة التلفزيونية لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون مساء الثلثاء والتي اشعلت، بالمواقف السلبية التي اتخذها فيها من بعض جوانب الانتفاضة الشعبية، الاحتجاجات على نحو غير مسبوق. وبدت الانتفاضة في يومها الـ28 امس كأنها في ذروة انطلاقتها مع عودة قطع الطرق والاوتوسترادات على أوسع نطاق في كل المناطق اللبنانية وشل المدارس والجامعات والمؤسسات والقطاعات وتنفيذ اعتصامات حاشدة كان أبرزها الاعتصام المفتوح الذي بدأ أمس على طريق القصر الجمهوري في بعبدا حيث اتخذ دلالات مهمة لجهة توجيه دفة الاحتجاجات مباشرة الى الرئيس عون.

واذا كان هذا المشهد عكس عمق اعتمال الغضب والسخط اللذين اثارتهما بعض مواقف رئيس الجمهورية من الانتفاضة في يومها الـ 28، فان أبرز ما ميز هذا اليوم تمثل في تعاطف لبناني عارم مع "شهيد الانتفاضة " علاء أبو فخر الذي قتل ليل الثلثاء تحت جسر مثلث خلدة، فسجلت أوسع حركة تضامن مع ذكراه في كل المناطق ونقاط التجمعات الكبيرة للمحتجين، علماً أن تشييعه اليوم في الشويفات سيشهد حشداً ضخماً يتقدمه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي سارع فور حصول حادث قتل أبو فخر الى احتواء ردود الفعل الساخطة بالنزول بين المناصرين والمحازبين وابناء الشويفات ودعوتهم الى التعقل والتمسك بالدولة خياراً وحيداً. وأحضر نعش أبو فخر مساء أمس الى ساحة رياض الصلح ورفع فوق اكف المحتشدين. وتلقى جنبلاط أمس سيلاً من اتصالات التعزية أبرزها من الرؤساء عون ونبيه بري وسعد الحريري، الى القادة السياسيين والحزبيين والسفراء والديبلوماسيين.

ولم يمر يوم الغليان الشعبي من دون حوادث واحتكاكات أمنية، اذ سجلت احتكاكات بين مجموعات من الاهالي والمتظاهرين بسبب اقفال الاوتوستراد، وحصل تراشق بالحجارة أدى الى جرح أربعة اشخاص، ثم أطلق مسلح ينتمي الى "التيار الوطني الحر" زخات من الرصاص من رشاشه فوق رؤوس المعتصمين في البلدة، فقبض الجيش عليه فوراً. كما ان مجموعات من المتظاهرين عند نفق نهر الكلب عمدوا في خطوة مفاجئة أثارت استغراباً ليل أمس الى تشييد جدار من الاسمنت داخل النفق، لكنهم مع تصاعد الاحتجاجات على اقامته عملوا على ازالته.

وفتح المحتجون مسربًا على طريق جل الديب الداخلية منعاً للاستفزازات على ان يتوجهوا الى النقطة الأساسية على الاوتوستراد. ووصل أفراد من قوى الامن الداخلي الى الطريق الداخلية في محاولة لفتحها، لكن المحتجين رفضوا وعادوا الى قطعها من جديد. وسجّل انتشار كثيف للجيش اللبناني والمخابرات وفوج المغاوير والذين اوقفوا مجموعة من الشبان المنتمين الى "التيار الوطني الحر" كانوا على صلة بالاضطرابات التي حصلت.

"البناء"

أما صحيفة "البناء"، اعتبرت أن مشهد بناء الجدران الإسمنتية داخل نفق نهر الكلب وعلى طريق الناعمة سيطر على ما عداه من مشاهد سياسية، رغم إزالة الجدران في ساعات متأخرة من الليل بعد اتصالات أجرتها قيادة الجيش وإدارة المخابرات وأجراها قادة الأجهزة الأمنية بجهات حزبية معلوم أنها كانت تقف وراء إقامة هذه الجدران. وقد أعاد المشهد إلى الذاكرة اللبنانية ذكريات الحرب الأهلية وتقطيع أوصال المناطق اللبنانية، وليس من باب الصدفة أن نقاط إقامة الجدران جاء مطابقاً لنقاط إقامة حواجز الخطف على الهوية، أو لخطوط تماس بين كانتونات افتراضية تقبع في عقول قادة الميليشيات.

وأضافت الصحيفة أنه في ظل الخوف من الانزلاق نحو الأسوأ جاءت تعبيرات الحراك الشعبي يوم أمس، لتزيد منسوب القلق مع ظهور المزيد من المؤشرات على نجاح الفريق الممسك بتنظيم أنشطة الحراك ورفع شعاراته، بتحويله نسخة منقحة عن حركة 14 آذار، حيث سقط شعار كلن يعني كلن مع تحوّل الحراك إلى أداة ضغط علنية، بألسنة المتحدثين على هواء الشاشات المكرّسة لمواكبة الحراك، لتحسين الوضع التفاوضي لرئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري، عبر اعتبار قضية الحراك تحديد موعد عاجل للاستشارات النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة، من دون أي تفاهمات تسبق التسمية بين الكتل النيابية المعنية بالتسمية، وكتلة الرئيس الحريري، لا بد أن تطال شكل الحكومة وبرنامجها.

ولفتت الى أنه لم يكن كافياً لتقديم الصورة المنقحة لـ 14 آذار بلباس الحراك جعل الأولوية للاستشارات النيابية وتسمية الرئيس الحريري، بل تحوّل الحراك إلى استعادة مشهد 2005 وحملة فل التي نظمتها قوى 14 آذار واستهدفت رئيس الجمهورية الأسبق إميل لحود، فتعالت هتافات الساحات، بالدعوة لرحيل رئيس الجمهورية وانتقل بعضها إلى مدخل القصر الجمهوري، وخلافاً لكل معايير التوازن في المسؤولية عن الفساد، نال الحريري استثناء وأنزلت برئيس الجمهورية أشد العقوبات، ولم يبق ناقصاً ليكتمل المشهد سوى ظهور قادة 14 آذار يستعيدون خطبهم النارية في ساحة الشهداء.

واشارت الى أنه في المشهد السياسي بقيت المراوحة في الاتصالات رغم الأخبار المتناقضة عن التقدّم والتراجع والتفاؤل والتشاؤم، حيث كلام وزير الخارجية جبران باسيل عن قرب تشكيل الحكومة جاء بعكس الأنباء المنقولة عن بيت الوسط حول تمسّك الرئيس الحريري بشروطه، فيما أكدت مصادر متابعة أن الوضع لم يعُد يحتمل المزيد من الوقت، وتوقعت أن تتبلور الصورة مع رحيل الموفد الفرنسي كريستوف فارنو وإنهاء مهمته الاستكشافية التي لم تتحول إلى وساطة، وقالت المصادر إن نهاية الأسبوع ستكون نهاية المهل للتفاهمات قبل تبلور الخيارات الأخرى.

وتابعت: لا يزال المشهد الحكومي ضبابياً إن لجهة استعداد الرئيس سعد الحريري لتكليفه تأليف الحكومة الجديدة وإن لجهة تحديد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون موعد الاستشارات النيابية، وإذ لم تتوصل المشاورات القائمة على كافة الخطوط الرئاسية والسياسية الى نتائج واضحة حتى الآن يصر الحريري على حكومة تكنوقراط صرف تتولى معالجة الشؤون الاقتصادية والمالية والاجتماعية ولا تتلهى بالمناكفات السياسية التي كانت تعرقل عمل الحكومة المستقيلة.

وأكدت مصادر قناة المنار أن الحريري يتجه الى الاعتكاف ورفض تأليف حكومة جديدة، وبحسب معلومات «البناء» فإن الحريري «يرفض فرض شروط عليه قبل بدء الاستشارات التي هي تحدد من شخصية الرئيس المكلف، وهو بالتالي يفضل إعلان الاستشارات من ثم تحدد الكتل النيابية موقفها وعلى أساسها يقبل التكليف أم لا»، وأكدت اوساط بيت الوسط أنّ «ما يشاع عن أن الحريري ابلغ الوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل باعتذاره عن تشكيل الحكومة غير صحيح، إنما الدقيق أن الحريري أبلغ «الخليلين» بتمسّكه بحكومة اختصاصيين فقط وهو لم يُكلَّف بعد ليعتذر عن اي شيء، وفي حال التمسك برفض حكومة الاختصاصيين فإن الحريري مستعد لاختيار شخصية سنيّة لرئاسة الحكومة».

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل