معركة أولي البأس

لبنان

الحراك في مواجهة رموز الفساد والمشاورات مكانك راوح
08/11/2019

الحراك في مواجهة رموز الفساد والمشاورات مكانك راوح

فيما تنقلت الاعتصامات التي ينفذها المتظاهرون أمام بيوت المسؤولين الحاليين والسابقين تحت عنوان مكافحة الفساد، لا تزال المشاورات لتأليف حكومة جديدة متعثرة عند عدة نقاط، في ظل بدء التساؤل عن جدية الرئيس سعد الحريري في قبوله بتأليف الحكومة المقبلة. 

"الأخبار": الحريري مصرّ على الرحيل؟

وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "الأخبار" أن "المشاورات الحكومية لا تزال عاجزة عن مجاراة نبض الشارع الذي يغلي تحت وطأة الأزمات المالية والاقتصادية المتلاحقة. وفيما استمر المشهد الحكومي على مراوحته، كانت الانتفاضة الشعبية تحافظ على الوتيرة التي بدأتها مطلع الأسبوع، حين انتقلت من قطع الطرقات إلى التظاهر والاعتصام أمام المرافق العامة ورموز الفساد. ويوم أمس، شهدت التحركات نصف «تكويعة» من التيار الوطني الحر الذي كان حاضرا، وإن بشكل غير رسمي، بين المعتصمين أمام منزل فؤاد السنيورة، فيما كان نائب الأمين العام لحزب الله يعيد تظهير موقف الحزب المؤمن بالحراك والداعي إلى بقاء الناس في الميدان، من أجل أن تبقى السلطات مستنفرة ومنتبهة إلى أنه يوجد رقابة وحساب".

ولفتت الصحيفة إلى أن "المشاورات الحكومية مستمرة، لكن التقدم الوحيد الذي سُجل أمس، تمثّل بزيارة قام بها الرئيس سعد الحريري إلى قصر بعبدا، هي الأولى بعد استقالته. الزيارة أتت بطلب من الرئيس ميشال عون، بعد ما تردد عن مراوحة في المشاورات التي يجريها الحريري مع الوزير جبران باسيل. وفي معلومات الصحيفة فإن الأزمة الاقتصادية استحوذت على المساحة الأكبر من اللقاء، الذي أشار فيه الحريري إلى ضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة وإجراء الاستشارات النيابية.

وأضافت "عدا ذلك، فإن كل الإشارات التي تخرج من المشاورات التي يجريها الحريري، تساهم في تأكيد المراوحة. إذ أن كل طرف لا يزال متمسّكاً برؤيته للحكومة المقبلة. الحريري يصر على حكومة اختصاصيين، وثلاثي عون والرئيس نبيه بري وحزب الله يتمسك بتكليف الحريري نفسه تشكيل حكومة من السياسيين مطعّمة باختصاصيين، وتضم ممثلين عن المجتمع المدني. لكن في المقابل، يبدو الحريري شديد التحفّظ في تقديم أجوبة نهائية، كما يؤخذ عليه أنه لا يملك خطاباً واحداً في تواصله مع الفرقاء الآخرين. لكنه مع ذلك يُسوق عدم رغبته بالعودة إلى رئاسة الحكومة. وحتى في ما يتعلق بتسميته شخصية أخرى لرئاسة الحكومة، يتضح أنه لا يملك طرحاً جدياً لذلك. أقصى ما يقدمه حتى الآن هو المساعدة في التشكيل".

وأشارت "الأخبار" إلى أن تلك معضلة تساهم في تأخير الحكومة، وتأخير أي إشارات إيجابية توقف الانحدار السريع للوضعين الاقتصادي والمالي، علماً أن خطوات الحريري تلقى صدى إيجابياً لدى وليد جنبلاط وسمير جعجع، غير الراغبين في تحمّل كلفة الدخول إلى الحكومة، مفضلين رمي الكرة عند عون وحزب الله.

"النهار": التكليف أمام جدار وتصريف أعمال يفاقم الاخطار

صحيفة "النهار" من ناحيتها قالت "يبدو ان العامل الاكثر وضوحاً واثارة للقلق والمخاوف المتعاظمة في آن واحد في مشهد الازمة السياسية والحكومية على وقع تصاعد الانتفاضة الشعبية المتدحرجة منذ 22 يوماً هو هاجس الانهيار المالي والاقتصادي الذي استلزم في الساعات الاخيرة استنفاراً غير معلن في الاتصالات بين المراجع والمسؤولين السياسيين والماليين للاتفاق على اجراءات اضافية من شأنها لجم الاتجاهات المتسارعة نحو الانهيار". ورأت أن "المفارقة الاشد غرابة في التطورات التي حصلت على خلفية المساعي لاستعجال تحقيق اختراق سياسي يفضي الى تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة الجديدة، فتمثلت في ان جميع المراجع والمسؤولين والقوى السياسية ايضا باتوا يتحدثون عن الانهيار باعتباره أمراً واقعاً وحاصلاً لا محالة، في حين ان الوصفة الناجعة الوحيدة التي يمتلكون ابتداعها والتي تقع على عاتقهم وضمن واجبهم للجم الاندفاعات الحادة للازمة والاسباب الدافعة الى الانهيار وهي التعجيل في المساعي لتشكيل حكومة انقاذية، فظلت محاصرة بالشروط والشروط المضادة والاجواء الغامضة والسلبية حتى الساعة".

ولفتت "النهار" إلى أنه "اذا كانت الساعات الاخيرة اتسمت بحركة سياسية ناشطة على طريق المساعي الحثيثة لاستعجال عملية الاستشارات للتكليف، فان المعلومات المتجمعة من مصادر مختلفة عكست اخفاق هذه المساعي في التوصل الى توافق سياسي يطلق عملية التكليف والتأليف، الامر الذي بات يخشى معه ان تكون البلاد عرضة لتجربة قاسية للغاية تديرها خلالها حكومة تصريف اعمال لا تملك الزخم ولا الصلاحيات لمواجهة احدى اخطر الازمات المالية والاقتصادية والاجتماعية التي عرفها لبنان بما يفاقم اخطار الانهيار المحدقة بالبلاد. ومع ذلك لم ينقطع حبل الرهانات والآمال المعقودة على مزيد من المساعي والجهود المبذولة، علما ان لا خيار أمام المعنيين سوى استعجال اطلاق الاستحقاق الحكومي كآخر فرصة متاحة ضمن وقت قصير جداً لتلافي الخطر الداهم".

واشارت إلى أنه "في سياق هذه الجهود، جاء اللقاء الذي ضمَّ بعد ظهر أمس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري بطلب من الرئيس عون وذلك في اطار التشاور الذي يقوم به رئيس الجمهورية مع جميع الافرقاء كما قالت الاوساط القريبة من قصر بعبدا. وأوضحت أنه تخلّل اللقاء عرض لكل النقاط المتعلقة بالحكومة وشكلها والاوضاع الاقتصادية والوضع المالي. وأضافت ان الرئيسين عون والحريري اتفقا على ان يبقيا على تشاور في المرحلة المقبلة وان اللقاء كان وديا وساده اتفاق على نقاط عدة. ولفتت هذه الاوساط الى ان مرحلة التشاور تحتاج الى وقتها لاننا امام تشكيل حكومة في ظرف استثنائي".
 
وذكرت "النهار" ان اللقاء لم يفض الى أي نتائج ايجابية بدليل عدم بروز أي مؤشر لتحديد موعد الاستشارات النيابية، كما ان الانطباعات السائدة لدى جهات اطلعت على اجواء اللقاء بدت سلبية استناداً الى معطيات تحدثت عن استبعاد قبول الحريري باعادة تكليفه سواء لرغبته في عدم تحمل مسؤولية رئاسة الحكومة في المرحلة المقبلة، او لوجود خلافات بينه وبين الافرقاء الذين يفاوضونه على تركيبة الحكومة ونوعية الوزراء الذين ستضمهم. وما عزز صدقية هذه الانطباعات برز من خلال اجواء تبلغها مساء رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لوحظ انه انبرى علناً أمس للتشديد على التمسك بالحريري رئيسا للحكومة من دون أي منازع. وتشير هذه الاجواء الى ان الرئيس عون اراد معرفة موقف الحريري من اعادة تكليفه وان الاخير افصح له انه لا يرغب بهذه العودة في هذه الظروف. 

"البناء": مراوحة في المشاورات رغم لقاء بعبدا 

أما صحيفة "البناء" فاعتبرت أن "كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري بإعلان التمسك بتسمية رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة، أوحى بأن المساعي السياسية التي بدأت بلقاء الحريري بوزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، وانتقلت إلى بعبدا بلقاء الحريري برئيس الجمهورية ميشال عون، لا تزال تراوح مكانها، حيث الحديث عن حكومة لا يترأسها الحريري ولا تضمّ باسيل، لا يلقى قبول الحريري، والحديث عن حكومة يترأسها الحريري ولا تضمّ باسيل لا تلقى قبول عون، وحيث الحكومة التي تضمّهما معاً يُخشى من رفضها سياسياً من القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، ما يستنهض الحراك للتصعيد، بعدما قال الحزبان إنهما سيعارضان مثل هذه الحكومة، ويعتقد الحريري وفقاً لأوساطه أن معارضتهما ستشكل فتيل إشعال للشارع الذي سبق ورفض تشكيلة حكومية سياسية، وأبدى تساهلاً مع تسمية الحريري".

ولفتت إلى أن المشاورات لا تزال تدور في هذه الزاوية، رغم لقاء بعبدا، ورغم لقاء سبقه بين الحريري والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، ما وضع كلام بري عن التمسك بالحريري في إطار أبعد من الانحياز لتسميته وترجيح كفة عودته إلى رئاسة الحكومة، لتقرأ فيه مصادر سياسية متابعة دعوة للحريري للامتناع عن سحب اسمه من التداول كمرشح لرئاسة الحكومة، بعد سماعه في بعبدا كلاماً يوحي بربط تسميته بشرط موافقته على حكومة لا يوافق على تشكيلتها خصوصاً لجهة التمثيل السياسي فيها وخصوصاً موقع باسيل فيها.

وأشارت الصحيفة إلى أن "التجاذب الحاد الجاري على حافة الهاوية، سياسياً، يوحي بوضع دولي ضاغط عبرت عنه المواقف التي صدرت عن الخارجية الأميركية والبنك الدولي، والتي تضغط لحكومة توحي بتحقيق نقاط على العهد وحلفائه، وتلغي بنظر الكثيرين نتائج الانتخابات النيابية، لكن هذا التجاذب على حافة الهاوية سياسياً يتم فيما الهاوية الاقتصادية لا تبدو بعيدة، مع شح السيولة الذي تظهره المصارف في تداولاتها مع زبائنها، حيث فتح اعتمادات بالدولار الأميركي مستحيل كما يقول المستوردون من الذين لديهم حسابات بالدولار، وحيث الدفع بالدولار نقداً لا يتخطى بضعة آلاف لمن لديهم حسابات بمئات ألوف الدولارات، والدفع النقدي بالليرة اللبنانية يخضع لمراجعات متلاحقة ويتم بالقطارة، وهي إجراءات يقول الخبراء الماليون والمصرفيون إنها تسبق الانهيار العام، وإن كان بعض المعنيين في العمل المصرفي العام أو الخاص يريدها وسيلة ضغط سياسية وشعبية لرفع أسهم خيار حكومي على حساب خيار آخر فهي كلحس المبرد، قد تبدو مفيدة مؤقتاً لمثل هذه الحسابات، لكنه قد يخرج عن السيطرة، ويؤدي لسقوط لا طريق خروج منه".

واضافت "البناء" أنه "في ظل الغموض السياسي والمالي كان الحراك الشعبي يسلّم رايته للطلاب الذين ملأوا شوارع المناطق، بينما تنقلت الاعتصامات أمام بيوت المسؤولين الحاليين والسابقين تحت عنوان مكافحة الفساد. وبقي ملف الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة في صدارة هذه الملفات، بعدما تمّ التظاهر أمام بيته في شارع بليس، وأمام مكتبه في الهلالية بصيدا، بينما كان المدّعي العام المالي قد استمع لإفادته وسط ترقب عام لطبيعة الاستماع، وما إذا كان يتيماً أم ضمن مسار قضائي لكشف مصير الأموال التي ضاعت في سراديب الهدر والفساد خلال ثلاثين عاماً مضت كان السنيورة خلال أكثر من ثلثيها رئيساً للحكومة أو وزيراً للمالية، ووفقاً لمصادر معنية بمكافحة الفساد ستشكل قضية الاستماع للسنيورة ومسارها فرصة للتعرف على حدود المسار القضائي الذي تحرّك بأكثر من اتجاه خلال اليومين الأخيرين، وما إذا كان تنفيساً لغضب الشارع أم مساراً جدياً لكشف المستور في ضياع المال العام والمخالفات القانونية المرتكبة في إنفاقه والتصرف به".

واشارت الصحيفة إلى أن "المشاورات الرئاسية لم تفضِ حتى الساعة الى أيّ اتفاق حول طبيعة المرحلة الحكومية المقبلة، فبعد لقاءين متتاليين بين رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري والوزير جبران باسيل، زار الحريري بعبدا والتقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بناء على طلب عون الذي اتصل بالحريري من اجل الاطلاع على ما لديه من معطيات حول تشكيل الحكومة".

في غضون ذلك، استمر الحراك الشعبي في الشارع إلا أنه سجل تراجعاً كبيراً في الحشد الشعبي في الساحات لا سيما في رياض الصلح والشهداء وصيدا، ما يفسر بحسب مراقبين اللجوء الى الحشود الطالبية لملء الساحات، وقد تجمّع عدد من طلاب الجامعات والمدارس أمام الإدارات الرسمية والعامة رافعين شعارات مكافحة الفساد ومطالبين بحكومة أكفاء إنقاذية، بعيداً من إقفال الطرق.

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل