معركة أولي البأس

لبنان

الشعب باقٍ في الشارع .. ولا ثقة بمقررات الحكومة 
22/10/2019

الشعب باقٍ في الشارع .. ولا ثقة بمقررات الحكومة 

سلطت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الضوء على ما حدث في مجلس الوزراء اليوم أمس الإثنين، من السجالات إلى المقررات وآلية تطبيقها. فيما اجتمعت الاراء حول رفض المتظاهرين لهذه المقررات مؤكدة أنها لا تلبي مطالبهم، ومشددة على استمرار التحركات في مختلف الساحات. 

ما الذي حصل في مجلس الوزراء امس؟

بداية مع جريدة "الأخبار" التي عنونت أن قرارات الحكومة يوم أمس كانت للقضاء على كل فرص النجاة، ووفقاً لهذه القرارات تم اقرار مشروع موازنة عام 2020، وفيه نسبة عجز متدنية تبلغ 0.63% من مجمل الناتج المحلي بالمقارنة مع 7.38% مقدّرة في مشروع الموازنة الوارد من وزارة المال، أي جرى خفض العجز من أكثر من 4 مليارات دولار الى اقل من 400 مليون دولار.

وكان خفض العجز بهذه المقدار الكبير هو ما أخّر اقرار المشروع في الجلسات السابقة، اذ لم يكن احد في وارد المس بالمصالح المالية والتجارية عبر فرض الضرائب العادلة على الثروة وارباح المصارف والفوائد والاحتكارات التجارية والصناعية وريوع الملك العام واستنزاف الموارد الطبيعية والبيئة. ولا المس بمصالح السياسيين عبر خفض الانفاق التوزيعي المخصص لشراء الولاءات وانتفاع الاتباع. ولا المس بالدائنين وكبار المودعين عبر شطب بعض الديون او قص بعض الودائع الضخمة. كذلك، لم يكن احد بوارد اعادة النظر بسعر صرف الليرة الثابت للتخلص من جزء من الدين بالليرة عبر التضخم او خفض اسعار الفائدة والتخلص من جزء مهم من كلفة الهندسات المالية التي يقوم بها البنك المركزي.

وأشارت إلى أن المباراة كانت بين الشركاء في الحكومة تدور حول تقديم الاقتراحات للتقشف في الانفاق الاجتماعي والاستثماري وجباية الضرائب والرسوم على الاستهلاك، الى ان تم الاتفاق في جلسة الخميس الماضي على سلسلة اجراءات مستفزة، ولا سيما فرض رسوم على الواتساب والبنزين وزيادة الحسومات التقاعدية وغيرها من الاجراءات المؤلمة اجتماعيا، ما ادى الى انتفاضة الناس في الشارع تعبيرا عن غضبها ونفاد صبرها. ونجحت الانتفاضة في دفع الحكومة الى التراجع عن هذه الاجراءات الضريبية، الا انها لم تدفعها الى الاستجابة لمصالح المنتفضين من الطبقات الوسطى والعاملة والفقراء وبعض فئات المنتجين ورواد الاعمال واصحاب المشاريع الصغيرة، بل عمدت الى اتخاذ اجراءات بديلة ظرفية ومؤقتة وغير بنيوية «تعطينا الوقت»، وفق تعبير الحريري نفسه.

وتساءلت "الأخبار" كيف تريد هذه الحكومة شراء الوقت الاضافي؟ وماذا تريد ان تفعل به؟
وأضافت باختصار، ومن دون ايلاء اي اهمية لبعض الاجراءات «الشعبوية» او «الرمزية» ذات الاثر المحدود او الطفيف جدا، مثل خفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة 50%، تقوم خطة الحكومة لشراء المزيد من الوقت على العناصر الاساسية التالية:

أولاً، تخفيض مدفوعات الفائدة على الدين الحكومي بالليرة من نحو 5500 مليار ليرة الى 1000 مليار ليرة، عبر نقل الكلفة من الموازنة العامة الى ميزانية مصرف لبنان، اذ سيقوم مصرف لبنان بطباعة نحو 4500 مليار ليرة لتسديد الفارق، وهو اجراء تضخمي.

ثانياً، رفع الضريبة على ارباح المصارف استثنائيا لسنة واحدة فقط (2020)، بما يؤمن ايرادات اضافية للموازنة بقيمة 600 مليار ليرة (ما يعادل 400 مليون دولار). علما ان اكثر من 70% من ارباح المصارف تأتي من الفوائد التي تسددها الحكومة ومصرف لبنان.

ثالثاً، الغاء نحو 1400 مليار ليرة من الانفاق الاستثماري (الضئيل اصلا) المخصص لتجهيز البنية التحتية والخدمات الاساسية والمرافق العامة وصيانتها. وتخفيض 70% من موازنات مجلس الانماء والاعمار وصندوق المهجرين ومجلس الجنوب، وبالتالي مواصلة تعليق البت بملفات المهجرين وتعليق تنفيذ الكثير من المشاريع.

رابعاً، خفض دعم اسعار الكهرباء من 2500 مليار ليرة العام الجاري الى 1500 مليار ليرة العام المقبل، مع ما يعنيه ذلك من زيادة التقنين او رفع الاسعار.

هذه العناصر ستخفّض العجز في الموازنة الى المستوى المذكور، وبالتالي لن تضطر الحكومة الى الاستدانة كثيرا، الا لتجديد سندات الخزينة بالليرة والدولار التي ستستحق في العام المقبل، وهذا سيخفف الضغوط التمويلية قليلا، ولكن لمدّة عام واحد فقط، وفي المقابل سيتعمّق الركود الاقتصادي وسينكمش الناتج المحلي (نمو سلبي) وسيرتفع التضخم. اي ان فئات الدخل الادنى والمتوسط سيعانون من اثار هذه الاجراءات على الاقتصاد، عبر ارتفاع الاسعار وتراجع القدرات الشرائية وارتفاع البطالة وتدني الاجور، بدلا من ان يعانوا من ارتفاع الضرائب والرسوم على الاستهلاك. وكل ذلك من دون افق، ما عدا المراهنة على تغييرات غير محددة او مفهومة او مؤكدة يمكن ان تحصل في هذا الوقت.

ووفق قرارات مجلس الوزراء امس، قالت "الأخبار" إنه سيتم بيع بعض الاصول العامة كليا او جزئيا، ولا سيما شركتي الخليوي، بورصة بيروت، شركة طيران الشرق الاوسط، شركة الشرق الاوسط لخدمة المطارات، مؤسسة ضمان الودائع، شركة سوديتيل، كازينو لبنان، شركة انترا، مرفأ بيروت، ادارة حصر التبغ والتنباك، ومنشآت النفط. كما سيتم بيع بعض عقارات الدولة، واطلاق مشروع «أليسار» وردم البحر «لينور» لاكتساب عقارات جديدة واستثمارها من قبل المحظيين، وتلزيم الشركات الخاصة مشاريع الكهرباء، ومعالجة مخالفات الاملاك والنهرية، وتسوية مخالفات البناء.

ووصفت الخصخصة بأنها سيئة في مطلق الاحوال، فكيف اذا تمت في ظروف ازمة حيث قيمة الاصول ادنى بكثير من قيمتها الفعلية، فما تعنيه هذه اللائحة من مشاريع الخصخصة ان الذين يرفضون دائما ان يسددوا الضرائب العادلة على ارباحهم الفاحشة ويراكمون ثروات خيالية على حساب بقية فئات المجتمع، وبالتالي يتسببون بزيادة العجز المالي للدولة، هم الذين يقرضونها المال بفوائد مرتفعة جدا، وبالتالي يزيدون عجزها مجددا، وهكذا دواليك، وهم الآن الذين يمتلكون القدرة على شراء اصول الدولة واملاكها ومؤسساتها ومرافقها بابخس الاسعار، وبالتالي سيفوزون بايراداتها وريوعها الاحتكارية، وبالتالي سيزيدون عجزها وديونها. وكل ذلك من اجل ماذا؟ من اجل الحصول على حفنة اضافية من الدولارات لشراء شهور اضافية وحماية مصالح الاوليغارشية المالية والتجارية والعقارية، لنعود بعد ذلك لمواجهة الحقيقة المرّة، ولكن هذه المرة ستكون الدولة قد خسرت ثروتها وصارت اكثر خضوعاً لمصالح تلك الطبقة السعيدة التي لا تشكّل الا اقل من 1% من سكان لبنان.

الحريري يحدّد نهاية العام موعداً لإنجاز سلة إصلاحية... وساحات الحراك تقرّر المواصلة 

بدورها أشادت "البناء" بالحركة الشعبية في لبنان التي يكتب لها أنها فرضت على الحكومة تغييراً جذرياً في نهجها في التعامل مع الوضعين الاقتصادي والمالي، ومع العناوين الإصلاحية المتصلة بمكافحة الفساد وحماية المال العام من الهدر والنهب، وإقرار مبدأ وجود مال منهوب كان الإنكار سمة التعامل مع كل إثارة أو إشارة لوجوده.

وبمعزل عن الإجماع الذي ساد ساحات الحراك على رفض التعامل الإيجابي مع المقرّرات الحكومية إلا أن بعض الذين أتيح لهم التعبير في ظل سيطرة قنوات إعلامية على احتكار النطق بلسان المتظاهرين وتحديد جدول أعمالهم، قالوا إن الثقة المفقودة بين الشعب والحكومة تجعل الشك بصدقية الحاكمين بتنفيذ وعودهم، لكن كثيراً من أصحاب منطق الثقة المفقودة اعتبروا عودة قروض الإسكان فرصة لتنشيط الحركة الاقتصادية آملين أن تترجم أفعالاً سريعة، وتمنوا أن يكون الحديث عن تسريع تنفيذ خطة الكهرباء صحيحاً ومثله عجز صفر في الموازنة وإجراءات التقشف التي أعلنها رئيس الحكومة سعد الحريري وحدّد لها نهاية العام كمهلة لوضعها قيد التطبيق.

وتابعت "البناء" حول إعلان الساحات مواصلة حراكها، حيث بدا أن الامتحان الأهم سيكون اليوم في رؤية مدى التناسب بين الطابع السلمي مع الحراك من جهة، والدعوة لإغلاق الطرق بالقوة بوجه المواطنين من جهة أخرى، ومدى قدرة الجيش والقوى الأمنية على تأمين الحماية لتجمّعات الحراك من جهة، والصمت والتفرّج على فرض الإغلاق للطرق بوجه المواطنين، وهو ما ترى مصادر متابعة أن الجواب عليه محدّد قانوناً، بتأمين الساحات الآمنة لتجمع الراغبين بالاعتصام، وتأمين الطرق السالكة والآمنة للراغبين بالتنقل بين المناطق والذهاب إلى أعمالهم، ولذلك لن يكون أمام الجيش والقوى الأمنية مشكلة قانونية في تحديد المهمة إلا إذا دخلت السياسة على الخط.

وعلى المستوى السياسي كان الامتحان الأهم هو اجتماع الحكومة، حيث في الخارج كانت قيادة حزب القوات اللبنانية تترقب موقف الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي راهنت على مشاركته لها بالاستقالة لوضع رئيس الحكومة سعد الحريري بين خيارَيْ ترؤس حكومة تخلو من حلفائه التقليديين ولا تضمّ إلا حزب الله وحلفاءه، أو الاستقالة، وهذا ما كان مرجواً عند القوات أن تؤول إليه الأمور ولأجله قررت استقالة وزرائها، لكن حسابات بيدر الحزب الاشتراكي ورئيسه وليد جنبلاط كانت مخالفة لحسابات حقل القوات ورئيسها سمير جعجع. فأزمة الثقة بين الحكومة والشارع تشبه أزمة الثقة بين جنبلاط والأميركيين الذين وعدوا بتبني خطة لإسقاط رئاسة الجمهورية ومحاصرة حزب الله إذا تمّت محاصرة رئيس الحكومة بالضغوط لدفعه نحو الاستقالة، وليست المرة الأولى التي يختبر فيها جنبلاط وعوداً أميركية ويدفع ثمن تصديقها كما قالت مصادر مطلعة على موقفه، في توصيفه لتجربة السابع من أيار عام 2008، ففضل أن يأخذ على محمل الجدّ كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله باعتبار أن الهروب من المسؤولية سيعني الذهاب إلى المحاكمة لكل الذين تولوا الحكم خلال السنوات الثلاثين الماضية ويريدون الهروب من مسؤوليتهم في مواجهة النتائج ومعالجتها.

وعلى المقلب الآخر، أوضحت "البناء" أن الشارع لم يتلقف قرارات الحكومة بل استمر تدفق المتظاهرين الى الساحات في مختلف المناطق اللبنانية لا سيما في بيروت، إذ احتشد الآلاف في ساحتي الشهداء ورياض الصلح في مشهد لم يختلف كثيراً عن الأيام الماضية، وأعلن المتظاهرون رفضهم لقرارات الحكومة وعدم ثقتهم بها مجددين مطلبهم بإسقاط الحكومة والنظام السياسي وتأليف حكومة جديدة. كما اعتصم عدد من المتظاهرين أمام مصرف لبنان وقد تمّ إقفال الطريق في شارع الحمرا.

وكان لافتاً الدور التحريضي المشبوه التي تقوم به بعض وسائل الإعلام المحلية والعربية لحرف التظاهرات عن أهدافها المطلبية باتجاه التصويب على قيادات المقاومة ورئيس الجمهورية، فضلاً عن الكم الهائل من المعلومات والإشاعات المغرضة وتحريض المتظاهرين على حزب الله، ومنها ما ذكرته قناة أم تي في ونسبته الى مصادر مقربة من الحزب بأنه إذا لم يتجاوب المتظاهرون مع الورقة الاقتصادية فيدرس الحزب التدخّل ودعم الحريري ورئيس الجمهورية، ونفت أوساط مطلعة لـ»البناء» هذه الأخبار، مشيرة الى أن «التظاهر حق للمتظاهرين ومكفول في الدستور ولا ضرر في استمراره طالما بقي في الإطار السلمي والقانوني»، واوضحت أن «الحزب يدعو الى منح فرصة لتطبيق الورقة الاقتصادية التي أقرتها الحكومة. وهذه الورقة تطرح معالجات جدية لتحقيق الإصلاح المنشود ومحاولة اولية يجب انتظار مفاعيلها والعمل على متابعة آليات تنفيذها». واستبعدت مصادر لـ «البناء» استقالة الحريري، مشيرة الى أن «رئيس الحكومة أعلن لمكونات الحكومة أنه لن يتهرب من المسؤولية والجميع في مركب واحد يعملون على احتواء الموقف وتلبية المطالب الشعبية»، إلا أن المصادر تخوفت من «خطوة يقدم عليها رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط بالانسحاب من الحكومة تؤدي الى تغيير الموازين الحكومية والسياسية».

"الثقة الغائبة" تُسقط ورقة الإصلاحات: الطبقة السياسية في مأزق

من جهتها ركزت "اللواء" حول رفض منظمي التظاهرات من بيروت إلى طرابلس وصيدا واقضية الجنوب وجبل لبنان والبقاع قرارات مجلس الوزراء، والتي وصفت بانها «قرارات إصلاحية تاريخية»، وباقرار مشروع موازنة 2020 من دون ضرائب إضافية وبعجز 0.63٪، وتخفيض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب 50٪. واعداد مشروع قانون استعادة الأموال المنهوبة وإنشاء الهيئة الوطنية لمحاربة الفساد قبل نهاية السنة، إلى آخر ما تضمنته الورقة الإصلاحية، والتي تكرست بكلام للرئيس سعد الحريري، والذي خاطب المتظاهرين من بعبدا بالقول: ان الإجراءات المتفق عليها قد لا تُلبّي المطالب، ولكنها «خطوة أولى لنبدأ بالحلول»، معتبراً ان الخطوات ليست لإخراج النّاس من الشارع ويجب على الحكومة ان تعمل لاستعادة ثقة النّاس.

وأشارت إلى أن الثقة المفقودة أسقطت ورقة الإصلاحات، ووضعت الطبقة السياسية امام المأزق.. في حين كانت الدوائر الإعلامية تنفي على لسان النائب السابق وليد جنبلاط استقالة وزرائه من الحكومة، وعلى لسان المكتب الإعلامي في الرئاسة الأولى، من ان صحة الرئيس ميشال عون في تدهور، فضلاً عن مسارعة الجهات الإعلامية بنفي ان تكون حركة «امل» أو حزب الله معنيين بالدراجات النارية، التي ذهبت إلى الوسط التجاري، حيث يعتصم المتظاهرون ومنعهم الجيش اللبناني من الاشتباك مع المتظاهرين.

وفي السياق أبلغت مصادر دبلوماسية «اللواء» أن سنوات طويلة من انعدام الثقة لا يُمكن كسبها بـ72 ساعة، أو أكثر، موضحة أن الطبقة السياسية امام المأزق الكبير، وانه لا يُمكن تجاهل حجم المشاركين في التظاهرات، ودورهم في أية خطة سياسية جديدة للإنقاذ، على الرغم من التلويح بالعصيان المدني أو إعلان حالة الطوارئ.

ميدانيا، لم يطرأ أي تحول على مسار الحراك المدني في يومه الخامس على التوالي، على الرغم من إصدار حكومة الرئيس سعد الحريري مجموعة قرارات وإجراءات ووعود، وصفت بالاصلاحية، بالتزامن مع إقرار الموازنة الجديدة للعام 2020 بنسبة عجز تبلغ صفر في المائة تقريباً، غير مسبوقة في تاريخ لبنان الحديث، غير ان اللافت ان المتظاهرين تضاعفت اعدادهم في أماكن تجمعاتهم في بيروت وطرابلس وجونيه وصيدا وصور وبعلبك والنبطية في ما يشبه الرد الواضح على رفضهم القرارات الحكومية، أو بالأحرى الوعود، لأن معظم بنود الورقة الإصلاحية تتخذ صفة المؤجل وليس المعجل الذي يطالب به المتظاهرون، معتبرين انها لا تتضمن أية أفعال، وسبق للوعود ان تكررت في بنود مؤتمر «سيدر» وخطة ماكينزي والبيان الوزاري.

"قرارات إنقاذية" لا توقف الانتفاضة

صحيفة "النهار" شددت على أن التطورات المتسارعة اتخذت منذ اشتعال "انتفاضة الغضب" أبعاداً ودلالات فاصلة في يومها الخامس وان لم تكن مفاجئة لكثيرين. ذلك ان المد التصاعدي والتصعيدي للتحركات الاحتجاجية في مختلف المناطق اللبنانية لم يتراجع ولم ينحسر أمام اول رد عملي للسلطة على هذه الانتفاضة والذي تمثل في تبني مجلس الوزراء الخطة الاصلاحية "الانقاذية" التي وضعها رئيس الوزراء سعد الحريري وأجرى في شأنها مشاورات سياسية واسعة قبل أن يتبناها مجلس الوزراء أمس.

وأوضحت أنه لعل العامل الاهم الذي طرأ على مشهد "لبنان الانتفاضة" الذي عاد يستقطب اهتمام الاعلام العالمي للمرة الاولى منذ مدة طويلة، برز في القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء والتي تعتبر الاولى من نوعها لجهة الخطوات الاقتصادية والمالية التي تضمنتها الخطة الاصلاحية مقترنة بانجاز موازنة 2020 الامر الذي كانت الدول المنخرطة في مؤتمر "سيدر" ووكالات التصنيف الدولية عجزت سابقاً عن حمل السلطة ومكوناتها على تحقيقه وعلى التزام السقوف الاصلاحية الصارمة التي تطلبها عملية تأمين الدعم الدولي للبنان، فاذا بخمسة أيام فقط من الحراك الاحتجاجي الواسع الذي عم لبنان يدفع الحكومة الى تبني احدى أكثر الخطط المتقدمة نسبياً ونوعياً على الصعيد الاصلاحي قياساً بالسياسات الحكومية السابقة المتعاقبة. ومع ذلك لم يبدل هذا التطور شيئاً في مسار التحركات الاحتجاجية التي تواصلت بزخم تصاعدي في رد مباشر على الخطوة الحكومية وتمسكاً بالمطلب المركزي للمحتجين والمتمثلة في استقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة مستقلة تحصر مهمتها باجراء انتخابات نيابية مبكرة.

كما لفتت إلى أن ثمة اعتقاداً أن مسار الاحتجاجات لن يتوقف ما لم يبدأ حوار مباشر أو غير مباشر بين ممثلين عن الحراك والسلطة، واذا كان مبدأ الحوار سيسقط بدوره فان المرحلة التالية للتحرك الشعبي ستكون محفوفة بالغموض الكبير فيما لا يخفى ان السلطة تبدو مربكة للغاية في التعامل مع يوميات الاحتجاجات التي قلبت المقاييس السياسية رأسا على عقب. وتشير الاوساط المعنية بمواكبة هذه التطورات الى ان الانتفاضة باتت تتطلب برمجة وتأطيراً وتحديداً لاهدافها في اسرع وقت وان رفضها الخطة الاصلاحية التي اعلنتها الحكومة لا يعني اسقاط الحاجة الى قناة حوارية مباشرة أو غير مباشرة بين الفريقين، خصوصاً في ظل الحرص اللافت الذي اظهره الرئيس الحريري على تبني الكثير من توجهات واهداف هذه الحركة بلوغاً الى اعلانه بجرأة تبنيه مطلب الانتخابات النيابية المبكرة وسواه من اهداف المحتجين.


 

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل