لبنان
حلّ جزئي لأزمة الدولار.. و"موديز" تبقي على نفس التصنيف الإئتماني للبنان
اهتمت الصحف الصادرة اليوم في بيروت بالخطوة التي أقدم عليها المصرف المركزي من خلال دعم استيراد المشتقات النفطية والدواء والقمح، وهو ما شكل عامل استقرار نسبي وتراجعا في سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأمريكي.
إلى ذلك استمرت جلسات الحكومة المتعلقة بمناقشة موازنة العام 2020، في وقت كانت شركة "موديز" تبقي على التصنيف الإئتماني الحالي للدولة اللبنانية وهو Caa1، وتعطيه مهلة ثلاثة أشهر للتخفيض وأبقت عليه قيد المراقبة.
"الأخبار": ترقيع أزمة النفط والدواء والقمح: أصل المشكلة لا يزال قائماً
بلع كارتيل النفط تعميم مصرف لبنان المتعلق بتمويل استيراد المشتقات النفطية والدواء والقمح، وقرّر أن يمضي بتنفيذ التعميم مع المصارف تجنباً لأي اشتباك مع حاكم مصرف لبنان الذي يعلم بأن المصارف والمستوردين تواطأوا في السابق على مخالفة التعاميم المتعلقة بفتح الاعتمادات… لكن إغلاق هذه الأزمة لا يمنع انفجار أزمات مماثلة مع باقي فئات المستوردين
أنهى مصرف لبنان ترقيع مشكلة استيراد المشتقات النفطية والدواء والقمح التي تشكّل 25% من مجمل قيمة الواردات إلى لبنان. إغلاق هذه المشكلة لا يعني أبداً أنه لن تكون هناك مشاكل مماثلة عندما يشتدّ الطلب على الدولار من باقي فئات المستوردين. فالسلع التي جرى تمويلها بالدولار عبر مصرف لبنان، بلغت قيمتها في السنة الماضية 5 مليارات دولار من أصل فاتورة استيراد إجمالية تبلغ 20 مليار دولار. ظاهر المشكلة أن مستوردي النفط والأدوية والقمح لم يكونوا يحصلون على الدولارات اللازمة لتسديد قيمة المستوردات من المصارف، فلجأوا إلى الصرافين لتبديل الناتج النقدي من مبيعاتهم بالليرة اللبنانية إلى الدولار الأميركي النقدي، ما أدى إلى ارتفاع الطلب على الدولارات النقدية في السوق وأطلق عملية مضاربة واسعة على الليرة من الصرافين ومن أفراد وشركات أيضاً. يوم أمس، أتى التعميم لينهي هذه المشكلة مع ما يسمى مستوردي السلع الاستراتيجية والأساسية، لكن هذا الأمر لا يعني أبداً معالجة مشاكل قد تنتج من باقي المستوردين، إذ برز أول من أمس مطلب الصناعيين بتمويل المواد الأساسية للصناعة بالدولار كونهم يعانون من المشكلة نفسها، أي يبيعون بالليرة ويستوردون بالدولار. مجمل هذا النوع من المشاكل وطريقة معالجة جزء منه عبر لجوء مصرف لبنان إلى هذا الشكل من التمويل بالدولار هو مؤشّر ”على أن النظام النقدي في لبنان بشكله القائم سابقاً انتهى إلى غير رجعة، وبتنا اليوم في مرحلة البحث عن البديل غير الواضح بعد»، كما يقول أحد الوزراء المطّلعين على تجارب دولية في هذا المجال. والثابت أن معالجة مشكلة مستوردي النفط والقمح والدواء قد تخفف الطلب على الدولار النقدي، إلا أنه لا يعالج مشكلة شحّ الدولارات في السوق، ولا يعالج مشكلة ميزان المدفوعات التي تعبّر عن نزف الدولارات من لبنان إلى الخارج. هو حلّ ترقيعي لما نتج من المشكلة الأساسية: تدني احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية وتراجع قدرته على تثبيت سعر صرف الليرة وسط خروج الدولارات من لبنان إلى الخارج.
على أي حال، أصدر أمس مصرف لبنان تعميماً وسيطاً رقمه 530 يعدّل فيه شروط فتح الاعتمادات والبوالص المستندية. التعميم حصر العلاقة بين المستوردين والمصارف مباشرة، على أن تكون العلاقة بين مصرف لبنان والمصارف حصراً. وهو يسمح للمصارف التي تفتح اعتمادات مستندية مخصصة حصراً لاستيراد المشتقات النفطية (مازوت، بنزين، غاز) والأدوية والقمح، بالطلب من مصرف لبنان تأمين قيمة هذه الاعتمادات بالدولار الأميركي، على أن تتقيد بما يأتي:
ـ أن تفتح كل عملية موضوع الاعتمادات المستندية حسابات خاصة لدى مصرف لبنان.
ـ أن تقدم المصارف لمصرف لبنان نسخة عن المستندات وبوالص الاعتمادات واتفاقية التمويل الموقعة…
ـ أن تودع في كل حساب خاص وكل اعتماد على حدة، بتاريخ فتحه، 15% من قيمته بالدولار، و100% من قيمته بالليرة اللبنانية، على أنه يمكن للمصارف أن تحوّل ما يوازي قيمة الإيداع بالليرة إلى دولار، على أن تبقى في الحساب الخاص المودعة فيه لفترة لا تقلّ عن 30 يوماً ولغاية تاريخ استحقاق الاعتمادات.
ـ أن تدفع المصارف عمولة لمصرف لبنان 0.5% عن كل عملية.
ـ أن تتأكّد على كامل مسؤوليتها من الاعتمادات التي تكون مخصصة للاستيراد بهدف الاستهلاك المحلي.
في المقابل، يدفع مصرف لبنان على الأموال المودعة لديه فائدة وفقاً لجدول الفوائد المعمول به لديه.
مصدر وزاري: انتهى النظام النقدي القائم سابقاً
التعميم واضح، وهو يفرض على المصارف أن تلزم زبائنها من الذين تنطبق عليهم المواصفات، أي أن يكونوا من مستوردي البنزين والمازوت والغاز والدواء والقمح، إثبات عمليات الاستيراد، وإيداع أموال بالدولار وبالليرة في حساب خاص منتج للفوائد وفق جدول الفوائد لدى مصرف لبنان، على أن يتم تحويل الليرات إلى دولارات في وقت سابق أو في وقت لاحق لغاية تاريخ استحقاق تسديد الاعتمادات المفتوحة التي قد تصل مدّتها إلى 180 يوماً.
بحسب مصدر في مصرف لبنان، فإن المشكلة تمكن في أن المصارف والمستوردين من هذه الفئات لم يكونوا ملتزمين أصلاً بالتعاميم السابقة المتعلقة بفتح الاعتمادات والبوالص المستندية والتي كانت تلزم المصارف بأن تفرض على زبائنها هامشاً نقدياً بنسبة 15% من قيمة الاعتمادات التي ستفتح للاستيراد. وبالتالي، فإن التحايل على هذا الأمر الآن لم يعد متاحاً طالما أن مصرف لبنان هو الذي سيقوم بالتمويل بالدولارات مباشرة، وإن كان سابقاً قد غض الطرف عن هذه الممارسات. ”مصرف لبنان أعطاهم أكثر مما يحتاجون»، يقول المصدر.
بالنسبة إلى المستوردين، فهم بلعوا ألسنتهم إزاء صدور التعميم الذي يقلّص أرباحهم الناتجة من التهرّب، بالتواطؤ مع المصارف، من تقديم ضمانات مالية لفتح الاعتمادات، ومن تجميع المبيعات في حسابات مجمّدة منتجة للفوائد وفق المستويات المتداولة في السوق. وبحسب مصادر مستوردي المشتقات النفطية، فإن اتصالات جرت في ما بينهم منذ صدور التعميم غالبيتها كانت بهدف منع أي ردّات فعل قد تفجّر إشكالات مع مصرف لبنان.
بالنسبة إلى الشركات المستوردة للنفط والغاز، فهي أصدرت بياناً مساء أمس تبدي فيه امتعاضها من التعميم لأنه لم يلحظ الاعتمادات المفتوحة سابقاً والتي استندت إليها الشركات لاستيراد الكميات (الاعتمادات تفتح لمدة تصل إلى 180 يوماً، فيما الاستيراد يتم خلال بضعة أيام من فتح الاعتمادات)، إلا أنها لم تشر إلى أنها ستقوم بأي موقف من هذا الأمر، فبدا الأمر مجرّد امتعاض لن تكون له تداعيات تصعيدية.
"الجمهورية": ساعة الحقيقة لليرة
وفي سياق متصل، نشرت وكالة «بلومبرغ» تحقيقاً شاملاً عن الوضع النقدي والمالي والاقتصادي في لبنان، إنطلاقاً من الأزمات الحادة التي ظهرت أخيراً. وركّزت على أزمة شح الدولار، وسعر الليرة، والتعميم الذي أصدره مصرف لبنان لتنظيم استيراد البنزين والدواء والقمح.
وذكرت «بلومبرغ» في تقريرها انه «بعد مرور أكثر من عقدين على تثبيت لبنان سعر صرف الليرة مقابل الدولار لتوفير «مرساة» لاستقرار الاقتصاد بعد الحرب الأهلية، يبدو انّ لحظة الحقيقة قد دقّت».
واضافت انّ صندوق النقد الدولي أعلن انّ العجز في الحساب الجاري في لبنان سيصل إلى ما يقارب 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في حلول نهاية السنة (...) فقط موزمبيق تعتبر في وضع أسوأ من لبنان».
وأضاف التقرير: «المغتربون اللبنانيون، أحد أعمدة الاقتصاد، باتوا يرسلون أموالاً أقل إلى الوطن. وتقدّر مجموعة «غولدمان ساكس» أنّ نمو الودائع أصبح سلبياً في أيار 2019 للمرة الأولى منذ عقود».
على أنّ وكالة «فيتش» التي تصنّف لبنان في مستوى زامبيا وجمهورية الكونغو الديموقراطية، تحذّر من أنّ احتياجات التمويل الخارجية الكبيرة للبلاد ستؤدي إلى مزيد من خفض احتياطات البنك المركزي الإجمالية.
ولوحِظ أمس، أنّ البلد عموماً بَدا وكأنه يعيش صدمة في كل مفاصله، وجموداً واضحاً في الحركة الإقتصادية، متواكبة مع حال ترقّب تسود المستويات الشعبية.
وإذا كانت خطوة الإدعاء القضائي على أحد الصيارفة المتلاعبين بالعملة الأجنبية، وكذلك على أحد أصحاب محلات تحويل الأموال، قد أحدثت شيئاً من الارتياح في مناخ الأزمة، إلّا أنّ أحد المراجع السياسية أكد أنه على رغم من أهمية هذه الخطوة، فإنّ المطلوب اتخاذ إجراءات فورية رادعة لكل من يحاول العبث بالسوق الماليّة، وإذا لزم الأمر الاقتداء ببعض الدول التي وصلت إجراءاتها في حق المتلاعبين الى حد الحكم عليهم بالإعدام.
"اللواء": هدوء نسبي في الأسواق بعد تدابير المصرف المركزي
من جهتها تحدثت صحيفة "اللواء" عن هدوء نسبي للشارع في بيروت مع هدوء نسبي للأسواق، التي تراجع فيها دولار الصرافين من 1630 إلى 1530 مقترباً من دولار مصرف لبنان كثيراً، بعدما أعلن مصرف لبنان التعميم الذي نشرت البناء قبل أيام مضمون الإجراءات الخاصة بالاعتمادات المخصّصة للاستيراد التي ينص عليها، وبقي الانتظار لما ستقرره الحكومة بصدد تسعير فواتير الخلوي والمولدات والبنزين ومنع دولرتها تخفيفاً للضغط على طلب الدولار عند الصرافين، حيث يقوم مئات آلاف اللبنانيين بشراء ما يقارب النصف مليار دولار شهرياً لتسديدها.
وقررت شركة موديز للتصنيف الإئتماني للدولة اللبنانية الإبقاء على التصنيف الحالي Caa1، ووضعت تصنيف لبنان قيد المراقبة وباتجاه التخفيض خلال ثلاثة أشهر إذا لم يتبلور مسار الأمور باتجاه إيجابي. وستقوم موديز خلال هذه الفترة بتقييم أداء الحكومة ومدى التزامها بإقرار موازنة العام 2020. وسوف يعزز هذا الالتزام الثقة ويؤمن الدعم الخارجي.
بالتوازي، ارتفعت سندات لبنان الحكومية المقوّمة بالدولار، بعد أن استحدث مصرف لبنان المركزي إجراءات لتوفير الدولار للبنوك التجارية لدعم واردات الوقود والقمح والأدوية. ورأت مصادر وزارية لـ البناء أن تعميم سلامة سيدفع نحو الحل وسيزيل القلق المتربص باللبنانيين، مشيرة الى ان الأمور على سكة المعالجة، وأن البلد ليس ذاهباً نحو الانهيار، مضيفة أن العمل الوزاري منكبّ على تنفيذ جملة من الإصلاحات المطلوبة لإنهاء الأزمة الاقتصادية.
الى ذلك، وفيما يعقد مجلس الوزراء جلسة الساعة 11:30 من قبل ظهر يوم الخميس المقبل في قصر بعبدا للبحث في جدول أعمال من 38 بنداً، التأم مجلس الوزراء أمس، في السراي الحكومي برئاسة الرئيس سعد الحريري لمناقشة مشروع موازنة 2020 وأنهى دراسة الجزء الثاني من معظم الوزرات، ما عدا وزارتي الخارجية والمغتربين والأشغال العامة والنقل، نتيجة غياب الوزيرين المعنيين، على أن يستكمل مناقشة الجزء الثاني من الأرقام في الجلسة المقبلة المتوقع أن تكون الأخيرة، بحسب مصادر وزارية.
"اللواء":تعميم مصرف لبنان يريح السوق المالية نسبياً
صحيفة "اللواء" تحدثت عن اشارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى التعميم الذي أصدره مصرف لبنان، والذي أتاح للمصارف فتح اعتمادات مستندية مخصّصة حصراً لاستيراد المشتقات النفطية أو القمح أو الأدوية، والطلب من مصرف لبنان تأمين قيمة هذه الاعتمادات بالدولار الأميركي»، على أن «تودع في كل حساب خاص ولكل اعتماد مستندي على حدة، بتاريخ فتح الاعتماد على الأقل، 15% من قيمة الاعتماد المستندي المطلوب بالدولار الأميركي، و100% من قيمة الاعتماد المستندي المطلوب بالليرة اللبنانية».
وقد اراح هذا التعميم السوق المالية نسبياً، فارتفعت سندات لبنان الدولارية، وأفادت ثلاثة مصادر مطلعة «رويترز» ان الخطوة دفعت الليرة للارتفاع امام الدولار في السوق السوداء، التي ظهرت في الآونة الأخيرة، فيما أعلنت وزارة المال ان وكالة «موديز» للتصنيفات الائتمانية، قررت الإبقاء على تصنيف لبنان الائتماني عند CAA1، لكنها في المقابل وضعت تصنيف لبنان قيد المراقبة وباتجاه التخفيض خلال ثلاثة أشهر إذا لم يتبلور مسار الأمور باتجاه إيجابي، وستقوم «موديز» خلال هذه الفترة بتقييم أداء الحكومة ومدى التزامها بإقرار موازنة العام 2020، مشيرة إلى ان هذا الالتزام يُعزّز الثقة ويؤمن الدعم الخارجي.
وفي هذا الوقت، لم تتمكن الجلسة الخامسة لمجلس الوزراء من الانتهاء من درس مشروع الموازنة، على الرغم من ان وزير المال علي حسن خليل جزم أن المشروع أصبح في خواتيمه، لكن اللافت هو إجماع عدد من الوزراء على القول بأن عمل لجنة الإصلاحات المخولة درس الإصلاحات الاقتصادية والمالية في الموازنة، بات أهم بكثير من عمل مجلس الوزراء الذي أصبحت جلساته، بحسب هؤلاء الوزراء، مملة وتقتصر على مناقشة بعض الأمور العادية جداً من قرطاسية ومفروشات مكتبية وحتى السندويتشات التي تدخل في موازنة بعض الوزارات.
ولم تستبعد مصادر وزارية احتمال ان يعود مجلس الوزراء إلى مناقشة الموازنة في الجلسة التي دعي إلى عقدها غداً الخميس في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون، خصوصاً وأن جدول أعمال هذه الجلسة والذي يتضمن 38 بنداً، معظمها عادي باستثناء اقتراح قانون السلطة القضائية، فيما خلا تماماً من أي إشارة إلى تعيينات أو إلى الموازنة أيضاً، علماً ان التعيينات ستستكمل في الأسبوع المقبل وليس غداً.