ابناؤك الاشداء

لبنان

الأزمة تدفع الناس إلى الشارع.. وعون يلتقي سلامة اليوم
30/09/2019

الأزمة تدفع الناس إلى الشارع.. وعون يلتقي سلامة اليوم

في وقت كانت الأنظار تتجه إلى اليمن مع العملية النوعية والتاريخية غير المسبوقة تحت عنوان "نصر من الله"، كانت الأزمة في لبنان تدفع بالناس للنزول إلى الشارع في عدة مناطق، مترافقة مع احراق اطارات واقفال طرقات للتعبير عن غضبهم من الأزمات المتتالية التي تسقط على رؤوس المواطن اللبناني يوما بعد يوم.
وفي ظل أزمة سعر صرف الدولار، من المنتظر أن يعلن مصرف لبنان غدا قرارا حول السلع الرئيسية التي سيشملها دعمه وهي المحروقات والطحين والدواء، في حين تبقى باقي المواد الاستهلاكية في مهب ارتفاع الأسعار بتحكم من كبار التجار.
ومن المقرر أن يلتقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم حاكم مصرف لبنان للوقوف على الأزمة التي يمر بها البلد.


"الأخبار": السلطة عاجزة أمام الغضب الشعبي: عون «يحاكم» سلامة اليوم

حتى ساعة متأخرة من الليلة الماضية، كان أركان الطبقة الحاكمة، كما قادة الأجهزة الأمنية، عاجزين عن تحديد الهوية السياسية للمحتجين الذين نزلوا إلى الشوارع في العاصمة والمدن الكبرى، احتجاجاً على سوء الأوضاع الاقتصادية. ما جرى أمس، فاجأ الطبقة الحاكمة، العاجزة عن إيجاد حل للأزمة. أما اليوم، فمن المنتظر أن يشهد قصر بعبدا «محاكمة» لحاكم مصرف لبنان من قبل رئيس الجمهورية

يعكس سلوك السلطة السياسية في الأيام الماضية، الإفلاس الكامل الذي بات يمسك بمفاصل نظام المحاصصة اللبناني. وجوم على وجوه المسؤولين يرسمه القلق الذي ينتاب الأمنيين أيضاً. إنها المرحلة التي يقف فيها الجميع عاجزين عن تقديم أي حلول أمام الانحدار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي المتزايد، وعدم القدرة على تحديد المصير، من الاقتصاد إلى الشارع.

الشارع، أمس، تحرّك من الجنوب إلى الشمال، محدثاً إرباكاً عاماً، على رغم محدودية أعداد المشاركين. ومع ذلك، لا تملك القوى السياسية والأجهزة الأمنية جواباً واضحاً عمّن حرّك الشارع. المصيبة، أن بعض الطبقة الحاكمة يفاجأ بالتحركات الشعبية، ولا يسأل عمّا حرّض المتظاهرين من خلفية المعرفة، بل من خلفية الاتهام، وكأن كل شيء سليم في البلاد، ولا داعي للتظاهر. بالأمس، اختبرت البلاد عيّنةً هجينة من الاعتراض على الحضيض الذي وصل إليه الواقع القائم.
ماذا ينتظر هذا الصنف من السياسيين؟ فالجائعون والعاطلون عن العمل والغارقون في الديون والمرميون على نواصي الطرق بلا ضمانات، شباباً وشيوخاً، لم يعد بإمكانهم الصمت، و«الطائفية اليوم، هي وحدها التي تمنع الانفجار الشعبي الكبير» على حدّ قول الرئيس نبيه بري.
ولا يكفي الطبقة الحاكمة عجزها عن إيقاف التدهور الاقتصادي وفشلها في تقديم أي أمل، على الأقل في العام الأخير، ولا غياب نيتها وقدرتها على اتخاذ خيارات مصيرية لمنع البلاد من الانهيار، بل يغرق السياسيون في الصراعات والتكتلات، وتزداد الأزمة عمقاً. فالرئيس سعد الحريري يخاصم رئيس الجمهورية ميشال عون والوزير جبران باسيل متهماً إياهما بتحريض الفرنسيين عليه بسبب فشله في تحقيق الإصلاحات المطلوبة لـ«سيدر». بينما يتّهم الرئيس عون الرئيسين بري والحريري والنائب السابق وليد جنبلاط وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بالتآمر لإفشال العهد. هكذا، يتلهّى آباء الطبقة الحاكمة بالصراعات الجانبية، والبلاد تغرق وتغرق.
أما الأميركيون، فالاسطوانة القديمة الجديدة ذاتها: استخدام الضغط لحصار المقاومة، عبر إفقار اللبنانيين، بهدف تحميل مسؤولية الانهيار الاقتصادي لحزب الله، وتدفيعه ثمن مواقفه وإصراره على المقاومة. وهذه الدعاية، باتت تدور على ألسن كثيرين في البلاد، كما دارت قبل أسبوع، بكبسة زرّ، كذبة تحميل سوريا أزمة الدولار، عبر عشرات وسائل الإعلام. لكن، كما أثبتت التجارب خلال الـ 15 عاماً الماضية، فإن كل معركة يخوضها الأميركيون ضد المقاومة في لبنان، تقع الخسارة فيها على حلفائهم، كما قد يحصل كلما ازدادت الأزمة حدة.


مصادر أمنية لـ«البناء» جهات حرفت مسار التظاهرات بأعمال شغب في بيروت

وانتقلت أزمة الدولار والمحروقات الى الشارع بعدما عانى المواطنون على مدى أسبوع من شح الدولار ومادة البنزين ومواد أخرى وسط غياب حكومي تام وانكفاء أولياء الشأن النقدي والاقتصادي والمالي عن معالجة هذه الأزمات التي تؤثر على حياة المواطنين اليومية، ولم يبق للمواطنين سبيلٌ سوى خيار التظاهر. فعمّت الاحتجاجات الجوالة في مناطق لبنانية متعددة، لكنها تركزت في العاصمة بيروت وتحديداً أمام السرايا الحكومية وفي ساحة النور في طرابلس. إلا أنها انتهت بخروج المواطنين من الشارع وفتح الطرقات وعودة الأمور الى طبيعتها.

وتحوّلت جادة بشارة الخوري الى ساحة عراك وكر وفر بين المتظاهرين والقوى الأمنية، كما قطعت طرقات عدة في بيروت بالإطارات المشتعلة والحجارة كجسر الرينغ، طريق الحمرا، عين المريسة وطريق المطار ومستديرة الكولا قبل أن تعمد القوى الأمنية الى فتحها بالقوة.

كما أقفل محتجون طريق المصنع احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية السيئة، وما لبثوا أن أعادوا فتحه، كما اعتصم العشرات أمام سرايا الهرمل الحكومية احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية والمعيشيّة المتردّية، رافعين شعارات تندّد بالفساد والأهمال، وألقيت كلمات عدّة وقطع السير لبعض الوقت، وسط إجراءات لقوى الأمن الداخلي التي عملت على تحويل السيارات إلى شوارع فرعية. ونفّذ أهالي بريتال اعتصاماً على الطريق الدولية عند مدخل البلدة احتجاجاً على سياسة الهدر والفساد من دون أي محاسبة، ورفع المحتجّون شعارات طالبت بمحاسبة الفاسدين.

والبارز هو إقدام عدد من المحتجّين على إزالة صورة رئيس الحكومة سعد الحريري وإحراقها في ساحة النور في طرابلس، كما وتم إحراق صورة أخرى وإزالة لافتات لتيار المستقبل في المدينة كما وهتف المعتصمون ضد الرئيس نجيب ميقاتي في منطقة المعرض في طرابلس.

وإن كان اللجوء إلى الشارع خيار طبيعي وحق مصون في الدستور للتعبير عن سخط المواطنين ورفضهم للواقع الصعب على مختلف المستويات الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية والبيئية والسياسية، فإن اللافت هو قدرة جهات وأطراف على خرق التظاهرات وحرفها عن مسارها باتجاه الفوضى والشغب خدمة لأهداف سياسية مبيّتة تتلاقى مع مخططات خارجيّة وتتزامن مع حملة عقوبات أميركية على حزب الله!

مصادر أمنية أشارت لـ»البناء» الى أن القوى الأمنية المولجة مواكبة التظاهرات رصدت مجموعة كبيرة من المواطنين يقومون بأعمال شغب واعتداء على القوى الأمنية وقطع الطرقات وإحراق الإطارات»، ولفتت المصادر الى «جهات دخلت على الخط واندسّت داخل التجمّعات وعملت على حرف التظاهرة عن أهدافها ومسارها، عبر أعمال الشغب».

ولم تُعرَف هوية الجهات التي دعت الى التظاهرة التي افتقدت الى التنظيم والشعارات الموحدة والواضحة، وكان لافتاً التصويب على العهد ورئيس الجمهورية ميشال عون بالتزامن مع تعرّض مراسل قناة أو تي في الزميل جورج عبود لمحاولة اعتداء وإطلاق شعارات نابية في حقه وحق القناة، ما دفع بمراقبين الى رسم علامات استفهام حول اهداف هذه الاحتجاجات.

وقالت مصادر مطلعة «البناء» إن «ما يحصل في الشارع لا يبشر بالخير. وهذه الاحتجاجات استنساخ عن نماذج سابقة، ولا يمكن حل القضايا الوطنية الكبرى بهذه الطريقة وبالمواجهة مع القوى الامنية وقطع الطرقات أمام المواطنين». وتساءلت المصادر «عن توقيت هذه التحرّكات وتزامنها بين سلسلة أحداث متلاحقة من أزمة الدولار والفوضى في الشارع جراء ازمة البنزين كما تساءلت عن الجهة التي تقف خلف هذا الحراك بعد فشل العقوبات على حزب الله، وهل يُراد تطويق حزب الله عبر تجويع الناس وتحريضهم في الشارع لإحداث فوضى أمنية واجتماعية تلامس حدود المسّ بالاستقرار الحكومي؟ وما علاقة ذلك بإشاعة أجواء منذ حوالي أسبوع عن تغيير حكومي أو استقالة الحكومة؟». وكانت لافتة دعوة نائب رئيس حزب القوات اللبنانية جورج عدوان أمس الى تغيير حكومي «لأنّ بعض الوزراء غير فعّال وإن لم يحصل هذا الأمر فلنذهب إلى إجراءات أخرى».


"الجمهورية": الأزمة تزداد اشتعالاً.. والشارع يتحرّك
رأت "الجمهورية" أن الايام الآتية لا تبدو انها قد تحمل ما يُطمئِن، بل ثمة إجماع لدى الخبراء الاقتصاديين على انّ الصورة قاتمة، ويُخشى ان تحمل ما قد يكون موجعاً أكثر للمواطنين. خصوصاً انّ ارتفاع سعر الدولار سيؤدّي حتماً الى ارتفاعات متتالية في أسعار الاستهلاك. ومن خلال القرار الذي سيتخذه مصرف لبنان غداً، وما قد يقرّره لاحقاً، تشير التقديرات الى انّ المواد التي سيشملها المركزي برعايته (المحروقات والطحين والدواء حتى الآن)، هي المواد التي سيصبح سعرها ثابتاً، في حين انّ كل المواد الاستهلاكية الاخرى سوف ترتفع اسعارها تماهياً مع سعر الدولار في السوق الرديفة، وهذا يعني انّ القدرة الشرائية للمواطن سوف تبدأ بالتآكل، بالنسبة نفسها التي سيرتفع فيها الدولار. وعندها، سيشعر المواطن بثِقل الأزمة، وماذا يعني القول انه سيدفع ثمناً باهظاً لاستمرار الأزمة يفوق بأضعاف الثمن الذي قد يدفعه في حال تمّ اتخاذ اجراءات موجِعة وواكبتها إجراءات إصلاحية لخفض منسوب الفساد.

الى ذلك، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزني مسؤولية الحكومة في معالجة ما بَلغه الوضع المالي والاقتصادي.
وقال لـ»الجمهورية»: الدولار متوافر في المصارف وفي مصرف لبنان لحماية الاستقرار النقدي، ولكن لبنان يواجه أزمة نقص سيولة بالدولار النقدي، وهذه الأزمة تفاقمت بشكل غير طبيعي وأسبابها غير واضحة حتى لا نقول مشكوكاً بأسبابها، منها:

السبب الاول، الارباك الذي حصل الاسبوع الماضي لدى المواطنين وأدّى الى الطلب الكثيف على الدولار النقدي، والذي يقدّر بين مليار و800 مليون دولار وبين ملياري دولار موجودة لدى المواطنين في منازلهم.

السبب الثاني، وهو أساسي، إرتفاع سعر الدولار الاسبوع الماضي هو جرّاء دخول المستوردين الى سوق الصيرفة طلباً للدولار النقدي، وخاصة الذين يستوردون المشتقات النفطية، والذين يحتاجون سنوياً لأكثر من ملياري دولار، ولديهم الاستعداد الكامل لدفع سعر أعلى من اجل الحصول على الدولار.

السبب الثالث، المضاربات التي جرت في سوق الصيرفة، ومحاولة استغلالها والاستفادة منها، وهذه مسألة طبيعية تحصل أينما كان.

السبب الرابع، البعد السياسي الداخلي والخارجي الذي أدّى دوراً كبيراً في الضغوط على سوق الصيرفة، والى زيادة الارباك في الموضوع. ولكن، تجدر الاشارة هنا الى انّ اجمالي العمليات في سوق الصيرفة لا تتجاوز 2 في المئة من إجمالي العمليات المالية، بينما 98 في المئة من العمليات المالية تتم عبر القطاع المصرفي.

ورداً على سؤال عن كيفية العلاج، قال: الخطوة الاساسية هي معالجة السبب الرئيسي الذي ساهَم في البلبلة وارتفاع الاسعار ومسألة استيراد المشتقات النفطية، واجتماع الثلثاء سيركّز على مساهمة مصرف لبنان أو دخوله في تأمين الدولارات للمستوردين. أولاً للمحروقات والمشتقّات النفطية التي تبلغ ملياري دولار تقريباً، وثانياً للطحين الذي تبلغ كلفته مليار دولار تقريباً، وثالثاً من أجل الدواء الذي تبلغ كلفته ملياراً و300 مليون دولار تقريباً. وبالتالي، مصرف لبنان لن يتمكن من تأمين كل هذه الاموال لأنها تستنزف بشكل كبير جداً احتياطاته بالعملات الاجنبية، لكنه سيؤمّن جزءاً منها.


"اللواء": الراعي يدعم سلامة

وكان البطريرك الراعي، قد دعا السياسيين في عظة الأحد، إلى الكف عن التراشق بالتهم، والعمل بروح المسؤولية على إيجاد السبل السريعة والناجحة للخروج من الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية، مشيرا إلى ان المقلق في هذه الأزمة هو محاولة التنصل من المسؤولية ورميها على رجل واحد أو مؤسسة واحدة، فيما الدولة بكل اركانها ومؤسساتها هي المسؤولة، ولم تقم بأي خطوة إصلاحية أو مبادرة عملية لالتزامها بوقف الهدر والفساد أو حتى لمجرد التقشف في المظاهر».

وفي جريمة دعم قوية، قال البطريرك الراعي: «ليس من المقبول التصويب على مصرف لبنان برئاسة حاكمه الذي حاز على التقدير الدولي، ونجح في الحفاظ على الاستقرار النقدي في هذه الظروف الضاغطة اليوم كما الامس»، لافتاً إلى ان البحث عن كبش محرقة لن يؤدي الا إلى زعزعة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والمالي والنقدي، وبدلا من الهروب من المسؤولية ورميها على الغير يجب على السلطة القائمة تحمل مسؤولياتها».

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل