لبنان
حلول بسيطة لازمة سعر صرف الدولار .. المواطن اول ضحايا قرارات الاضراب
سلطت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الضوء على مجريات التعامل الرسمي مع الأزمات المتعاقبة، خصوصاً ازمة المحروقات وسعر تصريف الدولار. ولفتت الصحف الى ان المواطن اللبناني وقع ضحية قرار متسرّع، سرعان ما تراجع المسؤولون عنه بالإعلان عن تعليق إضراب محطات بيع الوقود.
العهد يتبرّأ من الأزمة... ويتّهم "شركاء"!
بدايةً مع صحيفة "النهار" التي كتبت انه "مع أن الحل الذي وضع حداً لأزمة المحروقات أمس يفترض ان يشكل نموذجاً لمعالجات لاحقة تتصل بكل التداعيات التي نشأت عن أزمة السيولة بالدولار الاميركي، فإن المشهد السياسي أرخى بمزيد من الانطباعات السلبية على مجمل الواقع الداخلي بحيث ترتسم شكوك واسعة حول قدرة أركان الحكم والحكومة وشركاء السلطة على التماسك تحت سقف الحد الأدنى من الانسجام ووحدة الرؤية لمنع انزلاق البلاد نحو مزيد من التأزم".
واضافت "بل أن مجريات التعامل الرسمي مع الأزمات المتعاقبة التي تشهدها البلاد دفعت كثيراً من المراقبين الداخليين كما أوساطاً ديبلوماسية الى التساؤل باستغراب أين أصبحت مقررات الاجتماع الاقتصادي الرئاسي النيابي الموسع الذي انعقد في قصر بعبدا منتصف الصيف والذي كان من أبرز مقرراته إنشاء لجنة لحالة طوارئ اقتصادية؟".
وتابعت "ما دام ذاك الاجتماع اعتبر توحيداً مبدئياً وعملياً للرؤية الرسمية والحكومية والسياسية لمعظم القوى، فما معنى العودة المباغتة الى التباينات العلنية والسافرة حيال مسارب معالجة الأزمات المتراكمة اذا كانت السلطة عاجزة عن تنفيذ ما التزمته والاسراع في منع انزلاق البلاد نحو أخطار الانهيار؟ بل ان الغرابة التي طبعت المشهد الداخلي أمس والتي واكبت عودة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى بيروت من نيويورك تمثلت في ملامح تبادل رمي كرة الأزمة بين ملاعب مختلفة، علماً ان العامل الاكثر تعبيراً عن الازمة الصامتة التي تعتمل بين أركان السلطة أفصحت عنها حملة دفاعية عن العهد بعدما كان رئيس الجمهورية ومحيطه المباشر تعرضاً في الايام السابقة لحملات حادة اعلامية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي على خلفية حجم الوفد الذي رافقه في زيارته لنيويورك. حتى أن كلام الرئيس عون للوفد الاعلامي في الطائرة التي نقلته الى بيروت تضمن نقاطاً مثيرة للجدل استبطنت غمزاً ضمنياً من قناة وزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة في ملف أزمة السيولة، وقت كان وزير الخارجية جبران باسيل ونواب في "تكتل التغيير والاصلاح" يهاجمون على نحو مباشر شركاء للعهد أو أفرقاء سياسيين لم يحددوهم".
شكوك عونيّة في تعمّد افتعال مشكلة المحروقات
الى ذلك، قالت صحيفة "الاخبار" إنه "بعدَ افتعال أزمة المحروقات، تبيّن أن المواطن اللبناني وقع ضحية قرار متسرّع، سرعان ما تراجع المسؤولون عنه بالإعلان عن تعليق إضراب محطات بيع الوقود، إثر اجتماعات عقدت في السرايا الحكومية مع الرئيس سعد الحريري. فيما لا تزال القوى السياسية تفضّل تقاذف المسؤولية بدلاً من القيام بواجباتها".
واضافت "تعيش البلاد واقع أزمة شحّ الدولار، التي وصلت إلى ذروتها نتيجة افتعال أزمة محروقات اختبرها المواطن اللبناني الذي حرق من وقته وأعصابه للحصول على صفيحة بنزين، قبلَ أن يتبيّن في اليوم التالي أنه وقع ضحية قرار «متسرّع»، يعكس خفة تعامل السلطة مع الأزمة. طوابير المواطنين الذين تجمعوا أمام محطات الوقود بشكل أوحى كأننا على شفير انفجار اجتماعي، لم تشكّل بالنسبة إلى القوى السياسية جرس إنذار على أن البلاد باتت في قلب الأزمة، ولا تزال حتى الآن تفضّل تقاذف المسؤولية بدلاً من القيام بواجباتها. ففيما يتصرّف حاكم مصرف لبنان على قاعدة أن المشكلة الحالية هي بين التجار وأصحاب محالّ الصيرفة، رغم أن القانون واضح لجهة أن المصرف المركزي هو المسؤول عن سعر صرف الدولار لدى الصرافين كما لدى غيرهم، كان لافتاً تصريح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد عودته من نيويورك، حيث ترأس وفد لبنان إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ قال رداً على سؤال عن الوضع المالي: «اسألوا المعنيين. هناك مسؤول عن النقد هو حاكم مصرف لبنان ومسؤول عن المال هو وزير المال، وأنا لست على علم بما حصل خلال غيابي»".
وتابعت الصحيفة "تحميل المسؤولية لسلامة ووزير المال علي حسن خليل يدخل في سياق قراءة عونية للمشهد في البلد تختصرها مصادر التيار الوطني الحر بربط أداء سلامة بما حصل في الجلسة التشريعية الأخيرة حين أصر رئيس الحكومة سعد الحريري على سحب مشروع قانون يتعلق بتنفيذ مشاريع بنى تحتية في جبل لبنان، إضافة الى اختلاق أزمة حول صلاحيات رئيس الحكومة والتناغم الذي حصل مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، معطوفاً على تضامن كل من بري والحريري مع رئيس الحزب الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بعد حادثة «قبرشمون». وترى المصادر أن هناك «ترويكا جديدة في البلاد لديها قوة إسناد يمثلها حاكم مصرف لبنان»، وأن «سياق الأحداث من سحب المشاريع، مروراً بشح الدولار وانفلات سعره في السوق السوداء كلها أمور تهدف الى ضرب صورة العهد وصورة الوزير جبران باسيل»".
الحكومة ومصرف لبنان لآليّة استيراد المحروقات والقمح والدواء لتخفيف الطلب على الدولار
من جهتها، اعتبرت صحيفة "البناء" أن "الوضع الاقتصادي والمالي الذي بات حديث الساعة مع فقدان سلع وخدمات من الأسواق بالتزامن مع أزمة المحروقات وأزمة وجود الدولار الأميركي في الأسواق، حضر في أولويات الاجتماعات الحكومية، حيث وضعت الحكومة وفقاً لمصدر حكومي بارز، مجموعة إجراءات بالتنسيق مع مصرف لبنان، سيبدأ العمل بها من يوم الاثنين لضمان استيراد جميع السلع الرئيسية كالمحروقات والأدوية والقمح، بحيث تؤمن الشركات المستوردة عبر مصارفها نسبة 15 من قيمة الاعتمادات بالدولار، وتسدد الباقي بالليرة اللبنانية ليقوم مصرف لبنان بفتح الاعتمادات وتسديد قيمتها بالدولار عند اكتمال معاملاتها القانونية والمالية".
وتابعت الصحيفة "بعد هذه الترتيبات وإقرارها بدا أن أغلب التساؤلات التي شغلت الوسطين المالي والتجاري قد هدأت، ما يعيد الوضع إلى نسبة من الاستقرار تواصل خلالها الحكومة مناقشة الأوراق الاقتصادية التي تجمعت لديها من الأطراف المشاركة في الحكومة، لجوجلتها ومناقشتها ومحاولة الجمع بين ما يمكن التوافق عليه منها، وتحويله رؤية اقتصادية ترافق الموازنة من دون أن تدخل في أرقامها، التي تؤكد مصادر وزارة المالية أنها صيغة تشريعيّة حصريّة لسنة مالية لا تستطيع تحمّل ما يتخطّى إطارها القانوني لتوقعات الواردات وحجم النفقات المقدرة، حيث المسؤولية عن تخفيض نسبة العجز فيها المهمة الأولى لوزارة المالية".