لبنان
الأزمة الاقتصادية تستفحل..الدولار والبنزين شرارات إشعال
ركزت الصحف اللبنانية على الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها لبنان، والتي باتت تهدد بالوصول إلى الانهيار، وقد ترافق ذلك مع ارتفاع سعر صرف الدولار الذي وصل إلى 1700 ليرة عند بعض الصرافين، ليكتمل مشهد الأزمة مساءً مع اعلان نقابة أصحاب محطات الوقود الإضراب المفتوح، ما أدى إلى تسابق أصحاب السيارات إلى المحطات لملء خزاناتها بالوقود.
الاخبار: شبح الـ 1992
وفي هذا السياق ذكرت صحيفة الاخبار أن يوم "أمس كان يوماً صعباً على اللبنانيين. الشائعات ملأت البلد وأسفرت عن تهافت الناس على شراء الدولارات خوفاً من انهيار العملة الوطنية، وكذلك انتظارهم لساعات طويلة لتعبئة الوقود خوفاً من فقدان هذه المادة الحيوية". وقالت "بدت بيروت أمس تعيش تحت شبح العام 1992، عندما تهاوى سعر العملة الوطنية، وأطيح بحكومة الرئيس الراحل عمر كرامي، تمهيداً لوصول الرئيس رفيق الحريري إلى السلطة كأن الانهيار حلّ دفعة واحدة". واضافت "أمس كان يوماً هستيرياً تفجّر فيه كل الخوف من الأزمة المالية - الاقتصادية المتوقعة منذ زمن. بين ارتفاع سعر صرف الدولار الذي وصل إلى 1700 ليرة عند بعض الصرافين، والخوف من انقطاع المحروقات بعد إعلان نقابة أصحاب المحطات الإضراب المفتوح، ظهرت هشاشة البلد وهشاشة ثقة المواطنين بالسلطة وقدرتها على مواجهة الأزمة، فتهافتوا إلى المصارف والصرافين لجمع ما أمكن من العملة الصعبة، وعلى المحطات لملء خزانات سياراتهم بالوقود".
ولفتت الصحيفة إلى أنه "رغم كل هذا الهلع، ظلت السلطة غائبة عن تقديم أي تفسير لما يحصل، وسط معلومات وتحليلات حمّلت المسؤولية لكل الكوكب، باستثناء السلطة نفسها التي تقود البلاد إلى الهاوية منذ سنوات، إما بالفساد والمحاصصة أو بغياب الرؤية أو بالخضوع للإملاءات الخارجية، كما بالتمسّك بنموذج اقتصادي ثبت انه ليس سوى ازمة دخلت مرحلة الانحدار السريع في الأشهر الأخيرة. ولأن ليس هناك من مسؤول، انتشرت الشائعات عن أسباب الأزمة النقدية، فكان أبرزها تحميل سوريا، بشكل ممنهج، مسؤولية فقدان الدولارات من السوق. أما حاكم مصرف لبنان فظل حتى يوم أمس يجاهر بعدم وجود أزمة دولارات. وهو كرر ذلك لدى دخوله السرايا الحكومية للقاء الرئيس سعد الحريري. كل البلد ضجّ بالحديث عن عدم توفر الدولارات لدى المصارف أو رفض معظمها بيع العملة الصعبة بالسعر الرسمي، مقابل توفره بأسعار عالية لدى الصرّافين، وحده سلامة، مهندس السياسة النقدية والعالم بكل أمور النقد والمال، لم يتنبه إلى انتهاء مرحلة استمرت 25 عاماً صمد فيها الدولار عند 1507.5".
واشارت إلى أنه "على الجبهة السياسية، بدت الحكومة أيضاً غير معنية بكل ما يجري. ينعقد مجلس الوزراء كأن شيئاً لم يكن. لا أزمة دولارات ولا أزمة سيولة. يحار المرء من يصدّق: الحقائق التي تؤكدها حركة سوق القطع أم المسؤولين الذين يظنون أنهم إذا أنكروا الأزمة انتهت. عندما كان المجلس يناقش موازنات الوزارات كان النهم لتحصيل أعلى قدر من الأموال هاجس الجميع، رغم أن تلك الموازنات تراجعت بشكل عام، لكي «نعطي إشارة إيجابية عن جديتنا في موضوع الإنفاق»، على ما جاهر وزير الإعلام جمال الجراح بعد انتهاء مجلس الوزراء".
وتابعت صحيفة الاخبار "بالنتيجة، لم يتم التطرق في الجلسة إلى كل ما يجري في البلد. لم يشعر الوزراء بأن هناك أزمة لا بد من السعي إلى حلّها. وعلى المنوال نفسه سارت اللجنة الوزارية المكلفة درس الاصلاحات المالية والاقتصادية على المدى القصير والمتوسط والبعيد، في اجتماعها الأول. فعند طرح عدد من الوزراء ضرورة التطرق إلى الوضع الاقتصادي العام ليكون بالإمكان وضع الأهداف المناسبة، انبرى وزير المالية علي حسن خليل إلى إقفال النقاش بالقول إن الموضوع نقدي ونحن نبحثه مع المصرف المركزي. كلام خليل، وصمت زملائه، يؤكدان أن الحكومة مستقيلة، وترفض القيام بواجباتها المعنوية والقانونية".
ورأت أن "هذه الازمة تهدد مستقبل البلاد وحاضرها، وليس رياض سلامة المؤهل لحلها وحده، ولا هو المسؤول الوحيد عن حلها. وقانون النقد والتسليف، وفي المادة 72 منه، واضح في ما ينص عليه: «تستشير الحكومة المصرف (المركزي) في القضايا المتعلقة بالنقد وتدعو حاكم المصرف للاشتراك في مذكراتها حول هذه القضايا». تجاهلت الحكومة ذلك، وعاد الوزراء إلى الموضوع الأسهل، أي زيادة الضرائب والرسوم.
البناء: أزمة المحروقات وغياب الدولار يفجّران موجة غضب
من جهتها صحيفة البناء قالت إن "المشكلات الضاغطة في الشارع طغت على المشهد السياسي، حيث إقفال محطات البنزين من جهة ونفاد الدولار من شبابيك المصارف وحضوره في شبابيك الصرافين من جهة ثانية، ورفض شركات الخلوي اعتماد الليرة اللبنانية في فواتيرها، شكلت مناخاً كافياً مع التطمينات الكلامية الصادرة عن مسؤولي الدولة لتكون سبباً لموجات غضب شعبي بدأت تعبر عن ذاتها بإحراق الإطارات والتجمعات، وبات يخشى انفجارها بثورة غضب تسيطر عليها الفوضى، وتأخذ البلاد إلى حيث يخطط لها خصومها. فالفوضى تشكل جوهر مشروع تحويل لبنان إلى ساحة قابلة للعبث، بالتزامن مع الرهانات الخارجية على تفكيك الساحة السياسية من بوابة الضغوط الاقتصادية، ودفع الناس إلى الشارع لاستعمالها كما استعملت في الربيع العربي، الذي شهد تدحرج رؤوس حكام موثوقين ومقرّبين من والغرب وعلى رأسه واشنطن، لكن ثبت أن تعميم الفوضى أغلى من هذه الرؤوس".
واشارت إلى أنه "فيما تشهد السرايا الحكومية نشاطاً مكثفاً لمتابعة الملفات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، لا سيما مناقشة مشروع موازنة 2020 ومقرّرات اجتماع بعبدا الاقتصادي ودراسة الأوراق الاقتصادية المقدمة من بعض الأحزاب السياسية، تفاقمت أزمة الدولار والمحروقات بعد انتهاء مهلة الـ48 ساعة التي حدّدها أصحاب محطات الوقود من دون التوصل الى حلول عملية رغم الاجتماعات المتكرّرة بين رئيس الحكومة سعد الحريري وحاكم البنك المركزي رياض سلامة، الذي أعلن من السرايا الحكومي في ردّه على سؤال لـ"البناء" أن لا أزمة دولار في البلد والأوضاع مستقرة ولا داعي للقلق، واضعاً كل المعلومات المتداولة عن أزمة وانهيار وإفلاس مالي في إطار الإشاعات. علماً أن سلامة أعلن في وقت سابق عن عزمه إصدار تعميم الثلاثاء المقبل حول تنظيم شراء المواد الأولية بالدولار".
ولفتت الصحيفة إلى أنه عقب إعلان محطات البنزين الإضراب المفتوح، بدأت محطات المحروقات بالإقفال، فيما توقفت أرتال من السيارات أمامها وتهافت المواطنون إلى المحطات للتعبئة وقد سُجّلت زحمة كثيفة أمام المحطات في كل المناطق اللبنانية. كما تداعى حشد من المواطنين الى الشارع في صيدا للاحتجاج على تردي الأوضاع الاقتصادية.
وفي سياق نفي حاكم مصرف لبنان وجود أزمة دولار، قالت مصادر وزارية معنية بالشأن الاقتصادي لـ"البناء" إن "أزمة المواد المدولرة ستحل الثلاثاء المقبل عبر إجراءات يتخذها مصرف لبنان". وفي وقت تحذر مصادر سياسية من خطة أميركية ممنهجة ومتدرجة عن طريق العقوبات المالية الأميركية وصولاً لخنق لبنان وتعميم الفوضى المالية والاجتماعية حتى الانهيار، استبعد أكثر من مصدر وزاري لـ"البناء" تفاقم الأزمة الى حد الإفلاس او الانهيار المالي او ارتفاع سعر صرف العملة الوطنية الى الفي ليرة لبنانية كما يُشاع في الاسواق، مشيرين الى أن «عامل الثقة لدى المودعين والمستثمرين الأجانب والتجار والسياح وحتى المواطنين العاديين هو الحاسم في ثبات العملة وتوافرها في الأسواق»، وعزت المصادر أسباب الأزمة الى تأثر هذه الفئات بالإشاعات ما يدفعهم للحصول على الدولار ما يرفع الطلب عليه، وبالتالي ارتفاع سعره، فضلاً عن السياسة النقدية لدى البنك المركزي التي تحتفظ بالدولار لتعزيز الاحتياط النقدي».
وإذ عمدت بعض الجهات المحلية الى استغلال أزمة الدولار لتصويب الاتهام الى سورية وإيران بسحب الدولار من السوق اللبناني، نفت مصادر وزارية مقربة من الحريري ذلك، مشيرة لـ"البناء" الى «أن لا وقائع تثبت ذلك فيما هناك أدلة تثبت تهريب المازوت والبنزين ومواد أخرى من سورية الى لبنان». وقالت مصادر «البناء» إن «شبكات مؤلفة من لبنانيين وسوريين وفلسطينيين يستغلون أزمة الدولار عبر شراء الدولار بسعره المرتفع من الاسواق اللبنانية ونقله الى سورية ودول أخرى لبيعه بسعر أعلى لتحقيق أرباح».
اللواء: موازنة الأزمات: البنزين يهدِّد بحرق الإستقرار!
بدورها صحيفة "اللواء" قالت انه "في الوقت الذي كان فيه مجلس الوزراء يتقدّم في اجراء تخفيضات على أرقام موازنات الوزراء ويهدد رواتب موظفي القطاع العام بالتخفيض مجدداً، وتعلن وزيرة الطاقة والمياه ندى البستاني الاقتراب من دخول لبنان نادي الدول المنتجة للنفط في كانون أوّل المقبل، كانت الأنباء تتطاير عن عودة نقابات اصحاب الصهاريج واستيراد المحروقات إلى الإضراب، بين مفتوح أو تريث بانتظار الاجتماع الذي يعقد عند الثالثة من بعد ظهر اليوم مع رئيس الحكومة سعد الحريري، بالتزامن مع إنتهاء زيارة الرئيس ميشال عون إلى نيويورك، حيث ترأس وفد لبنان اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة".
واضافت "كل ذلك على وقع، طفرة في وضعية الدولار الأميركي في الأسواق اللبنانية، بين سعر وسطي، يحدده مصرف لبنان، وسعر على غاربه لدى الصيارفة ومؤسسات النشاط المالي والاقتصادي، وسط انقسام، عبرت عنه نقابات المحطات والمستوردين والموزعين للمحروقات، يجري ضغط بدءاً من اليوم على المحطات الخاصة بتوزيع البنزين والمازوت وسائر المشتقات النفطية".
واشارت الصحيفة إلى أنه على إيقاع تهافت غير مسبوق على محطات البنزين مما تسبب بازدحام خانق في الشوارع والطرقات في العاصمة والمناطق ترافق مع حالات احتجاج شعبية على خلفية أزمة شح السيولة بالدولار، مما جعل سعره في الأسواق الموازية يقفز عن السعر المحدد رسمياً، اقترب مجلس الوزراء في جلسته أمس من الانتهاء من مناقشة مشروع موازنة العام 2020، بعدما أنجز تخفيض النفقات في 15 وزارة، باستثناء وزارة الصحة، وبقي منها فقط 5 وزارات، علىان تكون الجلسة الأخيرة يوم الاثنين المقبل، بحسب ما توقع وزير المال علي حسن خليل. لكن الحكومة باشرت عبر اللجنة الوزارية الفرعية البحث على خط مواز في أوراق الإصلاحات التي قدمها الفرقاء السياسيون. وتركز البحث في اجتماع اللجنة، وهو الأوّل لها، على جملة مقترحات لم يتقرر فيها شيء تتعلق بزيادة الواردات وخفض النفقات.
وذكرت اللواء ان بعض البنود الاصلاحية سيتم دمجها في الموازنة اذا تم التوافق حولها، وبعضها الاخر سيحال كمشاريع قوانين الى المجلس النيابي. وسيتم البت بهذه المقترحات في جلسة الاثنين، وقد كان من ضمن المقترحات:زيادة رسم الضريبة على القيمة المضافة على الدخان وبعض السلع الكمالية والفاخرة، تنفيذ خطة الكهرباء بما يؤدي الى خفض العجز،زيادة رسم الحد الادنى على صفيحة البنزين بما يرفع سعرها الى 750 ليرة فقط، تجميد زيادة الاجورمدة زمنية او الغاؤها، ورفع الحسومات التقاعدية من 6 الى 8 في المائة.
لكن المصادر الوزارية شددت على ان هذه المقترحات لا زالت قيد الدرس ولم يُتخذ اي قرار بها لا سيما زيادة سعر البنزين لوجود اكثرمن رأي، حيث يرى بعض الوزراء ضرورة وضع ضوابط لسعر الصفيحة ويرى اخرون رفع السعر لكن بالحد الادنى الممكن. ويُفترض ان يتم اتخاذ القرارت بهذه المقترحات خلال جلسة الاثنين المقبل.
ووصفت مصادر وزارية جلسة مجلس الوزراء بالهادئة والمنتجة، حيث اقتصر النقاش على موازنات الوزارات التي تمت مناقشتها منذ اشهر قليلة ضمن موازنة 2019، واشارت المصادر ان لا شيء جديداً سوى بعض التخفيضات على أغلب الموازنات فبعضها بقيت كما كانت في موازنة 2019 والبعض الاخر تم تخفيضها باستثناء وزارة الصحة التي زادت موازنة الدواء 10مليارات كذلك 10 مليارات على موازنة الاستشفتاء مع العلم ان اخر مرسوم صدر لتوزيع مبلغ الاستشفاء كان في العام 2016.
وتابعت الصحيفة أنه "فيما لم تتوافر معلومات دقيقة عن محصلة اجتماع اللجنة الوزارية الخاصة بدفاتر شروط إنشاء معامل إنتاج الكهرباء، باستثناء تأكيد وزيرة الطاقة ندى البستاني بأنه تحقق تقدّم في وضع دفاتر الشروط، متوقعة ان تكون جلسة اليوم للجنة نهائية قبل الذهاب إلى مجلس الوزراء، كان لافتاً للانتباه الاجتماع الذي جمع الرئيس الحريري بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، حيث تركز البحث على موضوع شح الدولار، والذي وصل، بحسب المعلومات إلى مستوى قياسي في الأسواق خارج المصارف، لكن سلامة نفى وجود أزمة دولار، عازياً ما يجري إلى عمليات المضاربة التي تتم نتيجة عدم وجود ثقة بين النّاس الذين تحدث بعضهم ان سعر ما هو متوافر في السوق، غير ما هو مدون على الورق سواء لدى مصرف لبنان أو المصارف وهو 1507 ليرة للدولار، في حين ان بعض الصيارفة تداول بسعر يفوق 1600 ليرة بالدولار، وهو أعلى مستوى وصل إليه حتى الآن".