لبنان
ترقب لنتائج زيارة الحريري لفرنسا.. وبيلنغسيلي في بيروت
في الوقت الذي توجه فيه رئيس الجمهورية إلى نيويورك للمشاركة في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، بقيت عدة ملفات محلية تستحوذ على الاهتمام، وفي مقدمتها مسألة موازنة العام 2020 التي سيقوم مجلس الوزراء بمناقشتها بشكل مكثف بدءا من اليوم، مع ما يحمله رئيس الحكومة سعد الحريري في جعبته بعد زيارته لفرنسا.
ووسط مخاوف من عقوبات أمريكية جديدة على بعض المصارف، وصل إلى بيروت مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال مارشال بيلنغسلي، حيث سيلقي عددا من المسؤولين.
"البناء": شروط سيدر
تترقب الأوساط السياسية والاقتصادية نتائج زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الفرنسية، وأشارت مصادر مطلعة على الزيارة لـ البناء الى أن الايجابيات التي تظهرت خلال لقاء الرئيس الحريري مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والمسؤولين الفرنسيين تعبّر عن حقيقة الأمر، لكنها مشروطة بجملة من الالتزامات التي على لبنان أن يبدأ تنفيذها وتحديداً في ما يتعلق بملف الكهرباء . ولفتت المصادر الى أن ماكرون كرّر على مسامع الحريري الشروط التي استعرضها المسؤول الفرنسي بيار دوكان خلال زيارته الاخيرة الى لبنان .
وكشفت المصادر أن اللجنة الاستراتيجية اللبنانية الفرنسية ستجتمع خلال الأسابيع القليلة المقبلة لوضع خريطة طريق للمشاريع الاستثمارية الذي يتضمنها سيدر وآلية تمويلها للشروع في تنفيذها، لكن حتى ذلك الحين وقبل الانتقال الى مرحلة التنفيذ، على لبنان ان يظهر الإيجابية بقرارات جدية . ولفتت معلومات البناء الى ان الفرنسيين أبلغوا الحريري استعدادهم للبدء بتوقيع العقود والاتفاقيات وتأمين دفعة أولى تبلغ قيمتها ملياري دولار خلال شهرين اذا بدأ لبنان بتنفيذ التزاماته والإصلاحات المطلوبة ، وركز المسؤولون الفرنسيون على ضرورة إنجاز خطة الكهرباء كخطوة أولى لوقف النزيف في الموازنة لا سيما أن الفرنسيين بحسب المعلومات غير راضين عن ادارة ملف الكهرباء .
ولم تقتصر الشروط الفرنسية على لبنان على الجانب الاقتصادي والمالي بل أبلغ المسؤولون الفرنسيون الرئيس الحريري بحسب معلومات البناء ضرورة ان تعمل الحكومة الى ضبط حزب الله في أي ضربة اميركية على إيران، وتضيف المصادر: من المحتمل أن تعمد واشنطن الى توجيه ضربة محدودة الى إيران لتصعيد التوتر في الخليج لتعمد بعدها الى ابتزاز دول الخليج مجدداً على قاعدة الحماية الأمنية مقابل المال، لذلك نقل الفرنسيون للحريري مطالب أميركية واضحة لضرورة التحرك لمنع أي دخول لحزب الله على خط المواجهة للدفاع عن إيران .
وعبرت مصادر نيابية في هذا الإطار عن خشيتها من ربط اموال سيدر بشروط سياسية خارجية على لبنان في ظل التصعيد في المنطقة ودعت كل القوى السياسية والحكومة والمجلس النيابي الى اتخاذ خطوات جدية استباقية على المستويين المالي والاقنصادي قبل حصول أي تصعيد عسكري كبير في الخليج، وأضافت المصادر النيابية لـ البناء الى أن الوضع الاقتصادي في لبنان بلغ مراحل خطيرة جداً لكن من الممكن الخروج من الأزمة اذا اتخذت الحكومة بعض الإجراءات الضرورية وصولاً الى تطبيق سيدر ووضع مقررات بعبدا على سكة التنفيذ .
"الأخبار": "سفّاح المصارف" في بيروت
ووصل مساء أمس الى بيروت مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال مارشال بيلنغسلي، في زيارة تستغرق 24 ساعة، يلتقي خلالها رئيس مجلس النواب نبيه بري و حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف. ومن المعروف أن بيلنغسيلي يشغل الموقع الذي يتولى شاغله «قطع رؤوس» المصارف وكل الذين تقرر الإدارة الأميركية معاقبتهم، لسبب أو لآخر، قد يكون بينها رفض تحوّلهم إلى مخبرين لدى الاستخبارات الأميركية. زيارة بيلنغسلي وُضعت في سياق الضغط الأميركي على لبنان، والذي تمثل أخيراً في فرض عقوبات على «جمال ترست بنك» أدّت إلى إعدام المصرف، بعد رضوخ مصرف لبنان لقرار الإدارة الأميركية منع شراء «جمّال بنك» من قبل أي مصرف لبنان آخر. وتحمل الزيارة في طياتها المزيد من التهديدات للبنان، بحجة منع «تسهيل أنشطة مالية لحزب الله». وجرى التداول بمعلومات عن أن زيارة الموفد الأميركي تأتي في إطار التأكد من «مسار تصفية جمال ترست بنك والتثبت من أنه أصبح خارج المنظومة المصرفية»، وخاصة لجهة ضمان تجميد الحسابات التي صنّفتها بلاده «غير شرعية» في البنك المذكور. ومن غير المعروف كيف سيتصرّف مصرف لبنان مع الطلبات الأميركية الإضافية، بعدما امتثل سابقاً لجميع الأوامر الصادرة عن واشنطن.
وفي سياق متصل، أكدت مصادر رئاسية لبنانية أن «لا معلومات أو مؤشرات بشأن فرض عقوبات إضافية على مصارف جديدة».
وتجدر الإشارة إلى أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، عيّن نائبه السابق، محمد بعاصيري، للإشراف على تصفية «جمّال ترست بنك»، علماً بأن بعاصيري يُعدُّ «وديعة أميركية» في مصرف لبنان.
من جهة أخرى، ينتظر أن يتلقّى لبنان في غضون أسبوعين إجابة بشأن مفاوضات ترسيم الحدود البرية والبحرية مع فلسطين المحتلة. وبحسب مصادر مطلعة «ليس معلوماً ما إذا كان المبعوث الأميركي ديفيد شينكر سيزور لبنان عمّا قريب لاستئناف البحث في هذا الملف»، لكن الأكيد أن «لا جديد سلباً ولا إيجاباً، والأمور لا تزال كما هي حيث انتهت مع سلفه، المساعد السابق لوزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد». ومن المنتظر أن ينقل الموفد الأميركي رأي العدو بشأن شروط لبنان المتمسّك بعدم الفصل بين الحدود البرية والبحرية في الترسيم، وبأن تكون المفاوضات برعاية الامم المتحدة. وسبق لساترفيلد أن نقل إلى بيروت موافقة العدو على الشروط اللبنانية، قبل أن ينقلب على تعهّداته في هذا الصدد، لتعود المفاوضات إلى النقطة الصفر.
"الجمهورية": قلق المصارف
وفي ذات السياق، علمت «الجمهورية» انّ جهات مصرفية واقتصادية لبنانية، سَعت في الفترة الاخيرة الى الحصول على توضيحات من الجانب الاميركي، حيال بعض الاجراءات التي تردّد انّ الادارة الاميركية قرّرتها، وتطال بعض المصارف في لبنان، في سياق الاجراءات التي اتخذت بحق «جمّال تراست بنك».
وبحسب المعلومات، فإنّ الجانب الاميركي امتنع عن تقديم هذه التوضيحات، بل على العكس إنّ الأجوبة التي تلقّاها المصرفيون والاقتصاديون تَحمل على القلق. وكشفت مصادر مصرفية لـ«الجمهورية» انّ الجانب الاميركي لم يقدّم تطمينات، بل على العكس، أكد على ما مفاده «يجب الّا يكون أحد مطمئناً على الاطلاق. فالقرار المتعلق بالعقوبات هو في واشنطن، وليس في لبنان. ومن هنا، فإنّ أي قرار أميركي يتّخذ في هذا الشأن، سيتبيّن مضمونه لحظة صدوره، وليس قبل ذلك».
وبحسب المصادر المصرفية فإنّ هناك قلقاً كبيراً يسود القطاع المصرفي، منذ صدور القرارات العقابية الاميركية بحق «جمّال تراست بنك»، وما زادَ القلق موجة الشائعات التي ما زالت تطلق حول استهدافات تطال هذا القطاع.
وأوضحت المصادر انّ هذه الأجواء، بقدر ما أربَكت القطاع المصرفي، فهي أربَكت المودعين الذين لوحِظ تَزايُد حضورهم الى المصارف، إمّا للاستفسار وإمّا لسحب ودائعهم. وقالت: بصرف النظر عن صدور اي قرار بعقوبات او عدم صدور مثل هذا القرار بحق اي مصرف لبناني، فإنّ الضرر قد وقع فعلاً على المصارف، وهو ضرر يكاد يكون أكبر حتى من صدور القرار نفسه، لأنه كما يُقال: الخوف من الموت هو أقسى من الموت نفسه.
وسألت «الجمهورية» الرئيس بري عن الجديد في هذا الموضوع، وما اذا كانت الدولة اللبنانية قد تلقّت إشارات سلبية حول استهداف اميركي لبعض المصارف؟ فقال: لا علم لي بوجود مثل هذه الاشارات، وفي أي حال سألتقي بيللينغسلي (اليوم) وسأرى ما سيحمله.
وكان الحريري أجرى قبل ظهر السبت اتصالاً من مقر اقامته في باريس بوزير المالية السعودي محمّد الجدعان، تمّ خلاله التشاور في التحضيرات لعقد الاجتماع الأوّل للجنة المشتركة اللبنانية - السعودية، ومناقشة جدول الأعمال الذي يتضمن التوقيع على 19 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين الدولتين والسبل الآيلة لدعم الاقتصاد اللبناني ومشاركة القطاع الخاص السعودي في المشاريع المندرجة ضمن مؤتمر «سيدر».
"اللواء": مجلس الوزراء يناقش تفاصيل مشروع موازنة
إلى ذلك، يستأنف مجلس الوزراء اليوم مناقشة تفاصيل مشروع موازنة الـ2020، في جلسة يعقدها في السراي الحكومي، بعد عودة الرئيس الحريري من زيارة باريس، حيث تصدر موضوع الإصلاحات كأحد الشروط الأساسية لاطلاق مسار قروض «سيدر»، عناوين المحادثات التي أجراها مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ومع كبار المسؤولين الفرنسيين.
ورجحت مصادر وزارية ان يطلع الرئيس الحريري الوزراء على تفاصيل محادثاته في العاصمة الفرنسية، ويضعهم في أجواء الالتزامات التي تعهد القيام بها بالنسبة للاصلاحات التي يفترض ان تتضمنها الموازنة، سواء على صعيد وضع خطة الكهرباء موضع التنفيذ، كجزء من سلسلة خطوات أخرى يجب القيام بها لخفض العجز، مثل مكافحة التهريب والتهرب الضريبي، وتشكيل الهيئات الناظمة، في قطاعي الطاقة والاتصالات، لافتاً نظر الوزراء إلى ضرورة ان تكون هذه الخطوات وضعت على سكة القرار، قبل موعد اجتماع لجنة المتابعة الاستراتيجية لمقررات «سيدر» في تشرين الثاني المقبل، لكي تكون هناك مصداقية لما تعهد الالتزام به، في مقابل الحصول على قروض «سيدر»، وهو ما ألمح إليه الرئيس الفرنسي، حيث أبقى فتح أبواب «خزنة سيدر» واموالها رهن تنفيذ الإصلاحات المطلوبة دولياً بشكل ملموس وسريع وفاعل.
وبحسب هذه المصادر فإن الرئيس الحريري سيعتبر امام الوزراء، ان الفرصة ما تزال متاحة للنهوض بالاقتصاد الوطني والخروج من الأزمة الراهنة، وانه يجب على لبنان ان يحسن التقاطها لإظهار جدية في تنفيذ الإصلاحات، خاصة وان مجلس الوزراء منكب حالياً على درس مشروع موازنة 2020، ومن المفترض الإسراع في إقراره وفق المواعيد الدستورية في مجلس النواب.
وفي تقديره ان اجتماع اللجنة الاستراتيجية في باريس في تشرين الثاني، يفترض ان يكون المؤشر العملي لمواكبة عملية تنفيذ الإصلاحات، خصوصاً وان مجلس الوزراء يفترض ان يكون قد انتهى من إقرار الموازنة، وباتت في عهدة المجلس النيابي، الذي عليه ان يتعاون مع الحكومة على الالتزام بالوعود المقطوعة للمجتمع الدولي.