لبنان
دوكان دون مواربة او مهادنة: إما «سيدر» وإما تتحمّلوا المسؤولية
سلطت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الضوء على الوضع الاقتصادي في لبنان وتحديداً الإجراءات الاصلاحية، وتوقفت في هذا السياق عند تصريح المبعوث الفرنسي المكلّف متابعة مؤتمر «سيدر» بيار دوكان والذي تحدث بلهجة أقرب إلى أوامر صادرة عن «مندوب سامٍ».
تحذير من "سيدر" وأميركا تمنع إدانة إسرائيل
بدايةً مع صحيفة "النهار" التي كتبت انه "على طريقة الصدمات الكهربائية المتدرجة والمتعاقبة يكاد لا يمر يوم من غير ان يتلقى لبنان تحذيراً أو تنبيهاً أو تقريراً يثير واقعه المالي والاقتصادي المتعثر، ويشدد على الطابع الملح والعاجل للإجراءات الاصلاحية سواء التي قررتها الحكومة أو تلك التي تقررت في مؤتمر "سيدر" أو سواه من المناسبات تجنباً لبلوغ المراحل الأشد سوءاً".
واضافت "إذا كان الواقع الاقتصادي والمالي لا ينفصل عن الواقع الاستراتيجي للبنان الذي وحد نفسه في الفترة الأخيرة في مواجهة المخاوف من تدهور حدودي يؤدي الى اشتباك بين اسرائيل و"حزب الله"، فإن هذا الارتباط بين الواقعين يتضح مما تعبر عنه بعثات ديبلوماسية غربية في بيروت لا تخفي أن ما حصل على الحدود الجنوبية أخيراً كان مقلقاً الى حد كبير، وهو يبقى كذلك في المدى المنظور لأن عوامل التوتر لا تزال قائمة وتتصل بالصواريخ الذي لم يخف "حزب الله" وجودها لديه، فيما تحذر اسرائيل من اجراءات تنوي اتخاذها في هذا الاطار".
وتقول مصادر ديبلوماسية غربية أن عوامل التوتر القائمة يمكن أن تتطور بسرعة على نحو دراماتيكي كما أظهرت الامور أخيراً، خصوصاً في ظل اعتقاد ديبلوماسي ان الوضع كان يمكن ان يكون خطيراً جداً وينزلق الى أمر غير محسوب لو ان الصاروخ الذي أطلقه الحزب على آلية اسرائيلية أوقع قتلى. وتخشى هذه المصادر ان يؤثر ما حصل أخيراً، سلباً وبقوة على وضع اقتصادي صعب جدا في لبنان، بحيث أن ما حصل على صعيد التطورات العسكرية لم يساعد لبنان بل جعله أكثر هشاشة، علما أن الوضع الاقتصادي يشكل بدوره مصدر قلق كبير أيضاً على رغم عمل دول عدة مع الحكومة اللبنانية من أجل مساعدة لبنان.
ناظر «سيدر» للحكومة: الإصلاحات وإلا!
بدورها، اعتبرت صحيفة "الاخبار" انه "لم يشأ المبعوث الفرنسي المكلّف متابعة مؤتمر «سيدر» بيار دوكان أن يوارب أو أن يهادن. قال الأمور كما هي، وبلهجة أقرب إلى أوامر صادرة عن «مندوب سامٍ»: هذه هي خريطة الطريق الواجب اتباعها لخفض العجز والخروج من النفق المظلم، إما أن تلتزموا بها أو تتحمّلوا المسؤولية".
وتابعت الصحيفة "كان المبعوث الفرنسي المكلّف متابعة مؤتمر «سيدر» بيار دوكان قاسياً على المسؤولين اللبنانيين المنتظرين المعجزات. واجههم بحقيقة أن «لا حلَّ سحرياً قد يحلّ كل المشاكل، لا اكتشاف النفط ولا غيره». ولأن «بعض الأشخاص لا يزالون يعتقدون بأن هناك حلاً يأتي على شكل معجزة»، فقد رفع من مستوى تحذيره من أن الوضع لم يعد يحتمل المزيد من التأخير، ولا بد من البدء بالإجراءات المطلوبة «لأن الوقت يداهمنا ولا يمكن أن نستمر بالجدالات اللامتناهية هذه»".
واشارت الصحيفة الى انه "هذه المرة لم يضطر دوكان إلى «إجبار المسؤولين اللبنانيين على التوقيع على أي ضمانات أو التزامات جديدة غير التي وقّعوا عليها في سيدر»، لكنه أمل أن يعي الجميع أن الوضع الاقتصادي لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه. وفي الوقت الذي يرى فيه بعض المحللين أن زيارة المبعوث الفرنسي إنما جاءت لتعبّر عن الاعتراض على نتائج حوار بعبدا الاقتصادي وعدم حسمه مسألة زيادة بعض الرسوم والضرائب، ومنها وضع رسم على البنزين وزيادة الضريبة على القيمة المضافة والإسراع في زيادة تعرفة الكهرباء، بالإضافة إلى العمل على تقليص القطاع العام، ذهب دوكان ليعلن اعتراضه على مهلة الستة أشهر التي وضعها رئيس الجمهورية ليتحسّن الوضع. وأشار إلى أن «هناك مؤشرات لم تكن سيئة منذ ستة أشهر كما هي سيئة الآن»، لذلك «كلما سرّعتم أكثر، أدى ذلك إلى صرف الأموال»".
دوكان يتصرف كـ مفوّض سامٍ ... ووزير المال: تخطينا تصنيفات أصعب
من جهتها، قالت صحيفة "البناء" انه "فشلت حملات التطاول على الموقف الرسمي من الذين طعنوا رئيس الحكومة سعد الحريري خلال محنته السعودية ذاتهم، من صفوف تياره والمحسوبين عليه أو من بعض الحلفاء. وفي اجتماع الحكومة أعاد الحريري الرد على وزير القوات اللبنانية ريشار قيومجيان حول ثبات القرار 1701، لولا الانتهاكات الإسرائيلية، وواكبه كلام للوزير محمد فنيش باعتبار الخطوط الحمراء ستسقط عندما يتعرّض لبنان للعدوان، وقال فنيش لـ البناء إن المقاومة تنظر بإيجابية لمواقف الحريري، وتعتبر كلامه عن القرار 1701 وردوده على المنتقدين كافية، بينما واصل الحريري حملته على الذين يستعملون اسم الرئيس رفيق الحريري للنيل منه بقوله إن الرئيس رفيق الحريري كان صادقاً ووفياً لكنني لا أرى الصدق ولا الوفاء".
وتابعت "الخط البديل الذي يبدو رهاناً للضغط على لبنان بدأ يظهر من تسريبات وتصريحات المبعوث الفرنسي بيار دوكان، الذي يتابع العلاقة مع الحكومة اللبنانية حول مقررات مؤتمر سيدر، والذي سجلت مصادر وزارية تقييمها لسلوك خارج الأصول واللياقات بات يختصر تحرّكاته، فهو يتحدّث بتعجرف وتعالٍ وبلغة التهديد واضعاً سلة إجراءات قاتلة للبنان وفئاته الشعبية إذا أخذ بها، بصفتها شروطاً لا رجعة عنها لاعتبار الحكومة قد أدت ما عليها لتستحق المبالغ المقررة، وأبرز شروط دوكان رفع تعرفة الكهرباء قبل عودة التزويد بالطاقة إلى 24 ساعة، وهو ما رفضته وزيرة الطاقة ندى بستاني، ورفع عدد من الضرائب بينها صفيحة البنزين والقيمة المضافة. وقد وصفت مصادر معنية بملف سيدر دوكان بالمفوض السامي الذي يصدر الأوامر والتهديدات، بينما كان وزير المال علي حسن خليل يتحدّث عن أهمية مقررات لقاء بعبدا الاقتصادي، داعياً لعدم المبالغة بالحديث عن مخاطر التصنيفات الائتمانية وقد سبق للبنان أن عرف تصنيفات أشدّ قسوة ونجح بتخطيها، لكن الوزن الإعلامي هذه المرة هو الذي يختلف، وتساءلت مصادر مالية عما إذا كانت ضغوط وتهديدات دوكان بديلاً عن الفشل الإسرائيلي، ما إذا كانت هناك مؤسسات وأقلام لبنانية تعمل بأمر عمليات يستخدم النفخ بالتصنيفات ويعتمد التهويل بالإفلاس للغرض السياسي ذاته الذي تظهره القوى والشخصيات والمؤسسات الإعلامية التي فتحت النار على موقف الدولة لتقديم الغطاء لرد المقاومة على العدوان".
وتابعت الصحيفة "في وقت تدهم الاستحقاقات المالية والاقتصادية الحكومة اللبنانية التي تتعرّض لضغوط خارجية تحديداً فرنسية وصفتها مصادر سياسية بالأوامر والتعليمات المفروضة على لبنان مقابل الاستحصال على أموال مؤتمر سيدر، وبموازاة خروج لبنان منتصراً عسكرياً وبوحدته الداخلية في جولة الحرب الأخيرة مع العدو الاسرائيلي، برز تهديد أميركي لافت شكلاً ومضموناً، بضربة عسكرية اسرائيلية مدعومة أميركياً إن لم يسعَ لتفكيك مصانع الصواريخ الدقيقة التي يمتلكها حزب الله".