معركة أولي البأس

لبنان

الحكومة وأزمات لبنان إلى العام الجديد
31/12/2018

الحكومة وأزمات لبنان إلى العام الجديد

يستقبل اللبنانيون اليوم عامًا جديدًا دون تشكيل حكومة وبكثير من الأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية، وسط حديث عن مبادرة جديدة للتشكيل قبل انعقاد القمة الاقتصادية العربية في الشهر الاول من 2019 في بيروت.


"الأخبار":  حل لـ«التشاوري» على طريقة الطاشناق؟
اعتبرت "الأخبار" ان الصراع اليوم على تشكيل الحكومة لا مبرّر منطقياً له، لا على المستوى الإقليمي الذي يشهد تحوّلات جذرية في العلاقات السورية ـــ العربية وانعكاساتها على لبنان، ولا على المستوى الداخلي الذي يفرض تشكيل حكومة، أي حكومة، علّها تسعى (وهو مستبعد) إلى وضع خطط لإنقاذ البلاد من الانهيار الاقتصادي، ريثما تؤجّل أمد الانفجار أو الانهيار الحتمي للنظام السياسي. ومع كل التبريرات التي تقدّمها القوى السياسية المختلفة حول حسن نيّتها في عمليّة التشكيل، إلّا أن الصراع اليوم يختصر باللهاث خلف الحقائب وعلى النفوذ داخل الحكومة، ذلك النفوذ الذي لا يمكن أن يُصرف إلّا إذا انفضّ توافق الحدّ الأدنى السائد اليوم، وباتت البلاد أمام افتراقات جذرية بين القوى السياسية المتحالفة، لا سيّما بين التيار الوطني الحرّ وحزب الله أو بين التيار الوطني الحرّ وتيار المستقبل، وهو ما يصعب تخيّل حدوثه.

منذ ما بعد الانتخابات النيابية، وعملية التشكيل الحكومي مرتهنة في كل مراحلها لتوزيع الحقائب والنفوذ والتمثيل داخل مجلس الوزراء. في الأشهر الأربع الأولى، احتلّت عقدة تمثيل حزب القوات اللبنانية الحيّز الأكبر من المفاوضات والمماطلة والتراشق الإعلامي مع التيار الوطني الحرّ، وسعي القوات للحصول على خمسة وزراء مع حقائب وازنة، من ضمنها حقيبة العدل، مع رفض الوزير جبران باسيل لهذه المطالب. وحين بدا الرئيس سعد الحريري على وشك السير بتأليف الحكومة من دون القوات إذا ما استمرت على عنادها، تراجعت القوات، وقبلت بأربعة وزراء والتخلي عن وزارة العدل. وكان سبق ذلك بقليل تراجع أوّلي من النائب السابق وليد جنبلاط عن مطلبه باحتكار تسمية الوزراء الدروز الثلاثة في الحكومة، بعد أن وصل التجاذب بين التيار والحزب التقدمي الاشتراكي إلى بوادر توتّر في قرى الشوف المختلطة، فما كان من جنبلاط إلا أن تراجع عن شرطه، وقَبِل بمبادرة بدأها النائب جميل السيد لمنح رئيس الجمهورية حقّ تسمية الوزير الدرزي الثالث من ضمن مجموعة أسماء يطرحها النائب طلال أرسلان. ومع انتهاء العقدتين المسيحية والدرزية، بقيت العقدة السنيّة، المرتبطة بتمثيل نواب اللقاء التشاوري، الذي أطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بخطاب ليقول إن الحزب يدعم مطالب هؤلاء بالتمثيل، وإنه يقبل بما يقبلون به ولا يودع أسماء وزرائه لدى الرئيس المكلف ما لم تُحلّ أزمة تمثيل اللقاء التشاوري مع اللقاء.
وفيما تصلّب الحريري في موقفه برفض التنازل عن أي وزير سنّي من حصته ورفضه توزير أي نائب من اللقاء وتمثيل «سنّة 8 آذار»، في مقابل تشدّد حزب الله في دعم مطلب التشاوري بالتمثيل، ورفض باسيل حلّ الأزمة عبر توزير اللقاء بوزير سنّي يطالب رئيس التيار الوطني الحرّ بأن يكون من حصتّه من ضمن 11 وزيراً هي حصّة التيار وعون مجتمعين، تقدّم رئيس الجمهورية خطوة إلى الوسط، معرباً عن قبوله تمثيل اللقاء التشاوري من حصّته. وعلى هذا الأساس، قاد المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم مبادرة لإيجاد مخرج للتسوية، إذ إن الحريري تراجع عن رفضه تمثيل «سنّة 8 آذار»، وتراجع اللقاء التشاوري عن مطلبه تمثيله بأحد النواب الستة، فيما تراجع باسيل عن رفضه تمثيل اللقاء من حصّة التيار والعهد. إلّا أن مبادرة ابراهيم اصطدمت بشياطين التفاصيل. وفيما كان من المفترض أن يختار عون اسماً من بين أسماء يقترحها النواب الستة ليكون وزيراً ممثلاً لهم في الحكومة، توقّفت المبادرة عند إصرار باسيل على أن يكون الوزير المختار، أي جواد عدره، ضمن تكتل «لبنان القوي»، وهو ما رفضه اللقاء التشاوري الذي أصرّ على أن يكون عدره ممثلاً حصرياً له. بالنتيجة، لم تراعَ المبادرة لا شكلاً ولا مضموناً، قبل أن تطلّ من جديد أزمة توزيع الحقائب، لا سيّما الخلاف على وزارة البيئة بين باسيل والرئيس نبيه برّي.

 

"البناء": التحضير للقمة الاقتصادية يسبق الحكومة
صحيفة "البناء" رأت أن السباق بين تشكيل الحكومة المتعثرة والتحضير للقمة الاقتصادية العربية التي يستضيفها لبنان منتصف الشهر الأول من العام الجديد، يبدو قد حسم لصالح التحضير للقمة، مع تراجع الآمال بفرص جدية لتشكيل الحكومة قبل انعقاد القمة، رغم كلام سفير دولة الإمارات العربية المتحدة بثقة عن تشكيل الحكومة قبل القمة، فيما قالت مصادر متابعة إن تساؤلات كثيرة ترتسم حول ما إذا كان هناك قرار مسبق لدى الرئيس المكلف بتعقيد كل فرص للحلحلة وابتكار اسباب جديدة للعرقلة، تجنباً لتشكيل الحكومة قبل القمة، مع وجود احتمال تبلور قرار عربي بدعوة سورية للمشاركة في القمة، وتفضيل الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة وترجيح وجود طلب سعودي منه بانتظار المصالحة السعودية السورية.

دعوة سورية للمشاركة في القمة بدأت تتحوّل موضوع تداول إعلامي عربي، لكنها تحوّلت أيضاً موضوعاً سياسياً لبنانياً جدياً، بعد كلام سابق لرئيس مجلس النواب نبيه بري عن استغرابه لعقد القمة الاقتصادية في بيروت دون دعوة سورية، وقد جاء كلام وزير المالية علي حسن خليل بالدعوة إلى إعادة النظر في قرار دعوة سورية إلى القمة العربية الاقتصادية التي تنعقد في بيروت الشهر المقبل لأن اي قمة بدون سورية لا معنى لها»، مشدداً على «ضرورة التعاطي بوعي مع ما يجري في سورية الشقيقة وأن يعيد لبنان تصويب وتصحيح موقفه الرسمي معها».

بين التفاؤل بحل العقد خلال عشرة أيام والتشاؤم بأن أمد التعطيل مستمرّ يتأرجح مسار تأليف الحكومة. بانتظار ان تعاود الاتصالات على خط الرابية وبيت الوسط وعين التينة واللقاء التشاوري، فإنّ لبنان يطوي اليوم عاماً، لم ينجح خلاله المعنيون بتشكيل حكومة خلال سبعة أشهر من عمر التكليف. فالمعلومات تشير الى ان لا حكومة قبل القمة الاقتصادية التي تستضيفها بيروت منتصف الشهر المقبل، هذا فضلاً عن انّ دعوة سورية الى هذه القمة لا تزال محلّ أخذ وردّ محليين، علماً أنّ وزير المال علي حسن خليل شدّد على ضرورة دعوة دمشق إلى القمة، لأنّ أيّ قمة من دونها لا معنى لها. في حين ترى أوساط اخرى لـ«البناء» ان عدم دعوة سورية من قبل الرئاسة الأولى مرده مراعاة الرئيس سعد الحريري، فالرئيس عون الذي لبّى دعوات عدد كبير من الدول الخليجية والعربية والغربية لم يلبّ حتى الساعة الدعوتين الرسميتين السورية والإيرانية، لافتة الى انّ لبنان يختلف عن الدول العربية الأخرى تجاه العلاقة والروابط الذي تجمعه بدمشق. وعلى هذا الاساس من المفترض دعوتها لا سيما أنّ العلاقات الدبلوماسية لم تنقطع بين البلدين هذا فضلاً عن الزيارات المتبادلة لعدد من الوزراء.

وعلى الصعيد الحكومي، تشير مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أن الترقب سيد الموقف لوساطة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، حيث من المتوقع ان يجتمع خلال الساعات المقبلة بالرئيس المكلف سعد الحريري ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، مع إشارة المصادر الى ان طرح توسيع الحكومة لتضم 32 وزيراً سقط نهائياً. وتلفت مصادر تيار المستقبل لـ«البناء» الى ان الرئيس المكلف قال كلمته في ما خص حكومة 32 وزيراً وهو أبدى رفضه المطلق لطرح كهذا، وعلى هذا الأساس جرى وضعه جانباً، مشيرة الى ان اعادة الحديث عن حكومة 32 وزيراً لا يتعدى الحراك الذي لن يوصل الى نتيجة.

أكد الرئيس الحريري ان « الرئيس ميشال عون وانا صبرنا كثيراً ونأمل أن تتشكل الحكومة من اجل الناس». وتابع الحريري في حديث الى قناة «المستقبل»: «مع الأسف الحكومة تأخرت بهذا الشكل وأنا على يقين أنّ جميع الأفرقاء يريدون حلاً».
وأكد وزير الخارجيّة جبران باسيل أنّ السُبل لتشكيل الحكومة ما زالت متاحة وممكنة، مشدّداً خلال رعايته العشاء السنوي الأول لهيئة قضاء بعلبك الهرمل في التيّار الوطني الحر على وجود حلول كبيرة وعديدة لتأليف حكومة تضمن عدالة التمثيل.


"الجمهورية": التأليف يتحرك مطلع السنة

يستقبل لبنان غداً السنة الجديدة بلا حكومة، وفي رأس جدول أعماله لهذه السنة القمة الاقتصادية العربية المقرر انعقادها في بيروت خلال 19 و20 من شهرها الاول، وعلى رغم المخاوف من احتمال تأجيل هذه القمة او إلغائها لعدم وجود حكومة دستورية تواكبها، فإنّ بعض الاوساط السياسية تتحدث عن احتمال ولادة مثل هذه الحكومة خلال الاسبوعين المقبلين لتلافي ذلك الاحتمال، لكنّ المناخ السياسي السائد يدل الى أنّ العقد والخلافات التي تعوقها ما تزال قائمة وليس هناك ما يشير الى إمكان التغلب عليها خلال ايام، نظراً لأنّ بعض العقد يرتبط عميقاً باستحقاقات داخلية وخارجية حالية ومستقبيلة يراهن البعض على أن تأتي لمصلحتهم غير عابئين بالأزمات التي تعيشها البلاد وتهدّدها بالانهيار.

قبل ساعات من حلول السنة الجديدة نشطت الاتصالات خلف الكواليس لمعالجة أزمة تأليف الحكومة على قاعدة إعادة صوغ المبادرة الرئاسية الأخيرة لحل عقدة تمثيل «اللقاء التشاوري» السني، وفق الأسس نفسها التي حددتها، ولكن بعد إزالة الالتباس أو سوء التفاهم حول تموضع الوزير السنّي الممثل لـ»اللقاء» والذي أطاح بتسمية جواد عدرا في المحاولة الاولى، لتفادي الوقوع في الاشكالية نفسها.

وتوقعت مصادر معنية بالتأليف أن تنشط الاتصالات أكثر بدءاً من بعد غد الاربعاء، خصوصاً مع إعلان الرئيس المكلف سعد الحريري من أن «لا بد لنا من أن نشكّل حكومة مع بداية السنة الجديدة». فيما تحدثت قناة «أو .تي. في» التابعة لـ«التيار الوطني الحر» عن أنّ المشاورات ستنشط في خلال اجازة العيد، وأنّ البحث العملي في التأليف سيبدأ بعدها «كما هو مأمول ومَرجو»، وأولى علاماته لقاء بين رجل العام والامن العام اللواء عباس ابراهيم و«اللقاء التشاوري» يكون مسك الختام وهدية العام بإذن الله». على حد ما ورد في مقدّمة نشرة هذه «القناة» الاخبارية المسائية.

ولن يغيب الوضع الحكومي عن اجتماع مقرر اليوم بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» في سنتر ميرنا الشالوحي، وسيتركز البحث خلاله على تذليل الشوائب التي اعترَت العلاقات بينهما على أثر فشل المبادرة الرئاسية في التوصّل الى تمثيل «اللقاء التشاوري» السني في الحكومة العتيدة.

إقرأ المزيد في: لبنان